كتبت- رضوى أحمد
وفق ما نشرت وكالة “مهر” الإيرانية يوم الخميس 15 أغسطس/آب 2024، فقد كانت أحداث تشكيل الحكومة سبب المعارك بين التيارات، وتمكن الرئيس من الوصول إلى قائمة من الشخصيات المتنوعة، والتي لم ترق الإصلاحيين، وقيام ظريف بلعب ورقته الأخيرة للضغط على بزشكيان، فهل أفلح؟
وبحسب وكالة مهر، فإن مسعود بزشكيان، بعد الفوز في الانتخابات الرئاسية، دخل إلى ساحة جديدة مليئة بالخلافات، واختيار الحكومة الجديدة وانتظار الأحزاب السياسية لبعض الشخصيات البارزة في هذا المجال، أوصل الأمور إلى حد أن الرئيس ذكر أن اختيار الحكومة كان “مشكلة”، وهو ما ظهر سريعًا، فبعد إرسال أسماء الوزراء المقترحين للحكومة الرابعة عشرة إلى البرلمان؛ ولم يكن هذا المزيج على ذوق بعض الإصلاحيين والمتشددين في هذا التيار، فقاموا بتهديد بزشكيان بانتقاده بشكل حاد، حيث بأنهم لم ينتخبوه ليأتي بمثل هذه القائمة.
وسرعان ما امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي، في أقل من يوم، بمحتوى يستهدف شخص بزشكيان للضغط عليه وإجباره ليعيد النظر في اختيار أعضاء الحكومة.
وأصدر حزب جماعة الشهداء (المحافظ الأصولي) إلى جانب العديد من الأحزاب والمنظمات والشخصيات السياسية الأخرى، بيانًا طالب فيه بزشكيان بتعديل القائمة المقترحة للحكومة الجديدة في أقرب وقت ممكن والامتناع عن ترشيح بعض الأفراد، بما في ذلك وزراء الإعلام والداخلية المقترحين.
وكتب مينو خالقي، الناشط السياسي الإصلاحي، بعد أن نشر ظريف مقالاً عن استقالته من منصب النائب الاستراتيجي: «حارب ظريف الليلة الماضية من أجل الخيار المقترح لوزارة الداخلية، ولم يفلح. وأعلن الليلة استقالته من الحكومة حتى لا يكون مسؤولاً عن الاختيارات التي لا علاقة له بها، ولا أعرف إذا كان الرئيس يصر على وجوده أم لا، لكن الجواب على هذا القدر من الجهد والوطنية لم يكن موجودًا!»
لكن لماذا تعتبر وزارة الإعلام ووزارة الداخلية في غاية الأهمية بالنسبة للإصلاحيين ولا يفكرون في تشكيل حكومة موافقة لشعارات بزشكيان (دولة الوفاق الوطني)؟
تعيين الأعضاء في المناصب
في هذا الصدد، قال محمد صادق كوشكي المحلل السياسي، لوكالة مهر للأنباء: «وزارة الداخلية، هي وجهة الساعين للسلطة، فمن خلالها يمكنهم تعيين معظم أعضائهم في المناصب، لأن هذه الوزارة تحتاج إلى 32 محافظًا وأكثر من 600 مسؤول محلي، وعدة آلاف من رؤساء الأقسام».
في حين قام بزشكيان، بتقديم نفسه على أنه شخص غير حزبي، وقد كان مدعومًا من التيار الإصلاحي خلال الانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة وهي قضية تم تسليط الضوء عليها في الدعاية الإصلاحية. والحقيقة أن العديد من الشخصيات السياسية المعتدلة والأصولية التي تلتزم بمبادئ الثورة الإسلامية وتسعى لتقدم إيران، قد دعمت بزشكيان وفق الشعارات التي استخدمها خلال الحملات الانتخابية، فأصبح رئيسًا لإيران ليتمكن من تشكيل (حكومة الوفاق الوطني).
والآن، أصبح نائبه الأول شخصية إصلاحية؛ والذي كان يمكن اختياره من فصيل سياسي آخر على أساس اختيار بزشكيان.
لكن من مطبخ الإصلاحيين أصبح “الحساء مالحًا” (لكن صعّب الإصلاحيون الأمر) لدرجة أن محمد خاتمي، الرئيس الإيراني السابق، رد على تطرف الإصلاحيين في مجموعة مستشاريه، قائلاً: “الإصلاحيون عاطفيون وغير عادلين ومتسرعين، وذلك بسبب الاعتماد على البيانات غير الصحيحة أو غير الكاملة وكذلك العقليات والأحكام التي لا تنتبه إلى تعقيدات الأمور والرؤية المستقبلية.”
أراد الإصلاحيون أن يشكل بزشكيان حكومة تحت ضغطهم، لكن قد فات الأوان، وقد استقال ظريف فورًا عندما لم يتمكن من التأثير على بزشكيان حول قائمة الوزراء المقدمة للبرلمان.
فقد أراد ظريف أن يتم انتخاب وزراء الحكومة والمحافظين من قبل المجلس التوجيهي، لكنه اصطدم بحقيقة أن بزشكيان مصمم على إشراك جميع الفصائل في حكومته؛ ونتيجة لذلك استقال.
وهذا أسلوب متكرر، كان يأخذ جوابًا منه في السابق؛ لكن بحسب حميد رضا ترقي، نائب مسؤول حزب مؤتلفة (تيار محافظ أصولي)، قال بأن هذه الاستقالة كانت تمثيلية وتم رفض صلاحياته من قِبل الأجهزة الأمنية.
وفي هذا الصدد، قال حميد رضا ترقي لوكالة أنباء مهر: “حاول الإصلاحيون أن يجعلوا الرئيس يقوم بالتعيينات دون مراعاة للقانون واستعلام الجهات الأمنية والاستخباراتية، وتوقعوا أن يصدر بزشكيان حكمًا دون مراعاة الأطر التي قالها المرشد الأعلى.
لم يأخذ السيد بزشكيان هذه الأمور بعين الاعتبار، وتبين أن بعض الأشخاص مثل السيد ظريف لا يمتلكون الشروط اللازمة لهذه المسؤولية. وقد استقال ظريف، وهذا التصرف بسبب رفض صلاحياته في الأجهزة الاستخباراتية.”
ظريف لم يقل الحقيقة حول استقالته
يرى الخبراء، أن سلوك ظريف لا يتماشى مع الفهم الصحيح والواقعي للساحة السياسية، وقد أصبحت نوبات غضبه متكررة على المجتمع. وقد سبق له أن حقق نتائج من خلال الاستقالة أو التهديد بالاستقالة، لكن لم يحقق نتيجة هذه المرة، وهكذا، انفتح المجال أمام بزشكيان لاتخاذ قرارات واقعية بعيدة عن الضغوط، وأن يكون رئيسًا للجميع؛ سواء أولئك الذين صوتوا له أو لم يصوتوا، وحتى الذين لم يشاركوا في الانتخابات.
وقد قدم وزراء إلى البرلمان يعتقد أنهم يمتلكون الكفاءة اللازمة، ومن المتوقع أنه بعد مراجعة نواب البرلمان، ستتمكن الحكومة من بدء نشاطها في خدمة جميع الإيرانيين.