كتب: ربيع السعدني
قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، في تدوينة عبر منصة “إكس”: “إن كل فلسطين، من النهر إلى البحر، ملك لشعب فلسطين“، بعدما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن الولايات المتحدة تخطط للسيطرة على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين إلى أماكن أخرى، وذكرت وكالة “تسنيم” للأنباء، التابعة للحرس الثوري، الخميس 6 فبراير/شباط 2025، أن حسابات (KHAMENEI.IR) على مواقع التواصل الاجتماعي نشرت بيانا للمرشد الأعلى بمختلف اللغات حول ملكية الشعب الفلسطيني للأراضي الفلسطينية كافة.
جاء ذلك ردا على الموقف الأخير للمسؤولين الأمريكيين بشأن الاستحواذ على غزة بعد اقتراح تهجير سكانها قسرا إلى مصر والأردن وفي وقت سابق، رفضت وزارة الخارجية الإيرانية، ما وصفته بخطة “صادمة” قدمها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب للسيطرة على غزة وتهجير الفلسطينيين قسرا من القطاع، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، الخميس 6 فبراير/شباط 2025: “إن خطة إخلاء غزة وتهجير الشعب الفلسطيني قسرا إلى دول مجاورة تُعد استمرارا لخطة الكيان الإسرائيلي الهادفة إلى إبادة الأمة الفلسطينية بالكامل، وهي مرفوضة ومدانة بشكل قاطع”، وفقا لما نشرته وكالة أنباء “تسنيم” التابعة للحرس الثوري.
واعتبر بقائي أن نية الرئيس الأمريكي ضم قطاع غزة “تعرّض غير مسبق للمبادئ والركائز الأساسية الراسخة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان”، وأكد: “لا شك في أن الشعب الذي قاوم بكل وجوده أشد الجرائم والاعتداءات التي ارتكبها كيان الاحتلال على مدى السنوات الـ76 الماضية ورفض مغادرة أرض أجداده لن يسمح لأمريكا وإسرائيل بتدمير هويته الوطنية والتاريخية بوسائل أخرى”.
خطة ترامب للتطهير العرقي
ويأتي هذا بعدما أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال مؤتمر صحفي، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، صباح الأربعاء 5 فبراير/شباط 2025، أن الولايات المتحدة تخطط للسيطرة على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين إلى أماكن أخرى، حسبما ذكر موقع “تابناك” الإصلاحي.
وقال ترامب خلال كلمة ألقاها في البيت الأبيض: “الفلسطينيون وشعب قطاع غزة ليس لديهم خيار سوى المغادرة، ويجب على الأردن ومصر استضافة الفلسطينيين في غزة”، وأعرب أيضا عن اهتمامه بالتوصل إلى اتفاق “تسوية دائمة” للفلسطينيين، قائلا: “أنا أتحدث عن انسحابهم من غزة إلى الأبد”.
صفقة القرن
وردا على سؤال حول معارضة الأردن ومصر لقبول الفلسطينيين في أراضيهم، قال ترامب: “نحن قادرون على فعل هذا”، كما زعم أنه “كما عارضت مصر مطالبنا في البداية واضطرت في النهاية إلى القبول، فإن الدول المعارضة ستقبل مطالبنا أيضا”، وأضاف: “لم يبق الكثير في قطاع غزة، وهذا المكان غير آمن وغير صحي، ولدينا ما يكفي من المال في الشرق الأوسط لإعادة البناء، غزة ليست مكانا للعيش فيه، وليس أمام الفلسطينيين أي بديل آخر، ولو كان لدى الفلسطينيين بديل آخر فلن يعودوا إلى هناك أبدا، لا يوجد في غزة إلا الدمار والموت”.
حملة مصرية ضد التهجير
كما ذكرت وكالة “أسوشيتد برس“، الخميس 6 فبراير/شباط 2025، أن مصر أطلقت حملة دبلوماسية خلف الكواليس ضد خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تستهدف تهجير سكان قطاع غزة، مشيرة إلى أن الحملة جاءت “في الوقت الذي بدأت فيه إسرائيل الاستعدادات لمغادرة الفلسطينيين من القطاع على الرغم من الرفض الدولي لخطة إفراغ المنطقة من سكانها”، ونقلت الوكالة عن مسؤولين مصريين قولهم: “إن مصر أطلقت حملة دبلوماسية خلف الكواليس ضد الاقتراح، محذرة من أنه سيُعرض اتفاقية السلام مع إسرائيل للخطر”.
خلال فترة ولايته الأولى كرئيس، شكك ترامب فعليا في حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني من خلال السعي إلى “صفقة القرن”، وفقا لما نشره موقع “تابناك” في 5 فبراير/شباط 2025، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعترف بالاحتلال الإسرائيلي لمرتفعات الجولان، ونظرا إلى الظروف الجديدة في المنطقة، أصبحت خطته أكثر تطرفا، ولاقت قبولا أكبر من جانب إسرائيل ونتنياهو شخصيا إلى درجة أنه عندما أثار ترامب قضية الوجود العسكري الأمريكي في غزة وتشريد أهل غزة، ظهرت الابتسامة على وجه نتنياهو.
6 دول عربية ترفض خطة ترامب للتهجير القسري
وتأتي ادعاءات ترامب بشأن غزة في الوقت الذي عقدت فيه ست دول عربية وهي: “السعودية والإمارات وقطر ومصر والأردن والسلطة الفلسطينية”، وجامعة الدول العربية اجتماعا يوم السبت 2 فبراير/شباط 2025؛ لمناقشة القضية مع خطة نقل سكان غزة، وبعد أن التقى وزراء خارجيتهم في القاهرة أصدروا بيانا مشتركا يرفض فكرة ترامب.
وجاء في البيان الذي نشرته وكالة أنباء الطلبة الإيرانية المستقلة “إيسنا” تأكيد المشاركين في الاجتماع أهمية تنسيق جهود المجتمع الدولي لتخطيط وتنفيذ عملية إعادة الإعمار الشاملة في قطاع غزة بما يضمن “وجود الفلسطينيين على أرضهم”، وأكد وزراء الخارجية العرب معارضتهم أي محاولة لانتهاك حقوق الفلسطينيين في غزة في أرضهم “من خلال إخلاء تلك الأرض عبر التهجير أو تشجيع تهجير أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بأي وسيلة وتحت أي ظرف”.
وأضافوا أن مثل هذه الخطوة من شأنها تعريض الاستقرار للخطر، وتؤدي إلى استمرار الصراع في المنطقة، وتقويض إمكانية تحقيق السلام.
رد جامعة الدول العربية
وفي سياق متصل، ردت جامعة الدول العربية في بيان على خطة الرئيس الأمريكي لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وجاء في البيان: “لا شك في أن كل الدول العربية تتفق على مبادئ القضية الفلسطينية، والتي من أهمها تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.
وجاء في البيان الذي نقله موقع “دنياي اقتصاد” الأربعاء 5 فبراير/ شباط 2025: “إن الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلتين تشكلان أراضي الدولة الفلسطينية المستقبلية في إطار حل الدولتين ولا يمكن فصلهما، وبالتالي فإن خطة ترامب وترويج سيناريو تهجير الفلسطينيين دوليا وفي الدول العربية مرفوضة وتخالف القانون الدولي، إن هذه الخطة لا تعكس إلا عدم الاستقرار ولا تفعل شيئا للمساعدة في تحقيق الحل المذكور، وهو السبيل الوحيد لإحلال السلام والأمن للفلسطينيين والإسرائيليين”.
إدانة دولية للتهجير العرقي
إن مطالبة ترامب بتهجير الفلسطينيين، والتي تعد أداة من أدوات اهتمامه المصطنع بهم، تأتي في وقت أدانت فيه دول المنطقة والمجتمع الدولي أي تهجير قسري للفلسطينيين وعارضته، وفقا لتقرير وكالة “رويترز”، حيث أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن أي نقل قسري أو ترحيل للسكان من أرض محتلة محظور تماما، مشددا على ضرورة الانتقال للمرحلة التالية لوقف إطلاق النار في غزة وإعادة الإعمار.
ومن جهته قال المتحدث باسم الأمم المتحدة أيضا في تصريحات نقلتها وكالة أنباء “إيرنا” الرسمية: “إن البحث عن حل بشأن قطاع غزة لا ينبغي أن يؤدي إلى تفاقم المشكلة، وعاد نحو نصف مليون نازح إلى المناطق الشمالية من غزة، ونعمل على تلبية احتياجاتهم”، وأضاف: “هناك حاجة ملحة لتوفير المأوى لآلاف الفلسطينيين في قطاع غزة الذين يعانون من سوء التغذية”، وأكد أنه يجب أن نواصل الجهود لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح جميع الأسرى.
رد حاسم من الأمم المتحدة
وفي هذا الصدد، أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، ضرورة منع التطهير العرقي في غزة، ردا على خطة الرئيس الأمريكي لتهجير سكان غزة قسرا، قائلا: “أي تهجير قسري قد يرقى إلى مستوى التطهير العرقي”.
كما أدانت المملكة المتحدة “خطة ترامب” بشأن نقل السكان من غزة والسيطرة الأمريكية على المنطقة، وأي محاولة لتهجير الفلسطينيين قسرا من أرضهم، وقالت أناليز دودز، وزيرة شؤون التنمية الدولية البريطانية يوم الخميس 6 فبراير/شباط 2025 إن بريطانيا ستعارض أي محاولة لتهجير الفلسطينيين قسرا من قطاع غزة إلى بلدان عربية مجاورة.
وأضافت دودز أمام البرلمان في تصريحات لوكالة أنباء “رويترز”: “يتعين ألا يكون هناك تهجير قسري للفلسطينيين، ولا أي تقليص لأرض قطاع غزة”.
أوروبا ضد خطة ترامب
كما جددت فرنسا معارضتها أي تهجير قسري لسكان قطاع غزة، الأمر الذي من شأنه أن يمثل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي، وهجوما على التطلعات المشروعة للفلسطينيين، وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، كريستوف لوموان: “إن فرنسا تؤكد مجددا معارضتها أي تهجير قسري للسكان من قطاع غزة، ما من شأنه أن يمثل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي”.
وأضاف لوموان أن “فرنسا ستواصل الحشد من أجل تنفيذ حل الدولتين، الحل الوحيد الذي من شأنه أن يضمن السلام والأمن على المدى الطويل للإسرائيليين والفلسطينيين”، مؤكدا أن مستقبل غزة يجب ألا يكون في إطار سيطرة دولة ثالثة، بل في إطار دولة فلسطينية مستقبلية، تحت رعاية السلطة الفلسطينية، كما ستواصل فرنسا معارضتها للاستيطان، بما يتعارض مع القانون الدولي”.
ومن جانبه أعرب الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير عن رفضه القاطع لمبادرة ترامب، لإعادة توطين الفلسطينيين من قطاع غزة، وخلال زيارته للعاصمة التركية أنقرة، قال شتاينماير الأربعاء 5 فبراير/ شباط 2025، إن “أي حل يتجاهل أو حتى ينتهك القانون الدولي أمر غير مقبول”.
وفي سياق متصل أكدت الرئاسة الروسية “الكرملين”، الأربعاء 5 فبراير/شباط 2025، أن روسيا تستند إلى الموقف العربي الموحد الذي يرفض تهجير سكان قطاع غزة إلى البلدان المجاورة.
وفي مؤتمر صحفي، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: “ننطلق من موقف الدول العربية التي رفضت تهجير سكان قطاع غزة رفضا قاطعا، ونعتقد أن أي حل للقضية الفلسطينية يجب أن يستند إلى قرارات الشرعية الدولية”، وأضاف: “روسيا تؤكد أن حل الدولتين، وفقا لقرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية، هو الحل العادل والمستدام لتحقيق السلام في المنطقة”.