كتبت: نورة ناجي
(إيران مستعدة للتفاوض مع الولايات المتحدة)، هذه الفقرة كانت جزءا من مقالة كتبها نائب الرئيس الايراني للشؤون الاستراتيجية وزير الخارجية الأسبق جواد ظريف، ” مغازلا” إدارة دونالد ترامب الجديدة؛ من أجل الذهاب إلى التفاوض معها حول الاتفاق النووي.
جواد ظريف كتب مقالته في صحيفة فورين أفيرز المعروفة في أمريكا، وتناولتها وسائل الاعلام الإيراني بالترجمة، وبالاشتباك الإعلامي معها.
وقد تناولت وكالة خبر أونلاين الإيرانية المقالة بشيء من التفصيل وقالت في مقدمة اشتباكها مع مقالة ظريف، إن الصورة التي يقدمها ظريف بصفته نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية، هي صورة زعيم سياسي واقعي مستعد لحل خلافات إيران مع الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى من خلال “الدبلوماسية المرنة”.
وهي الصورة المغايرة التي يحاول ظريف تقديمها عن إيران للمجتمع الدولي، الذي سبق أن اتهم طهران بتجاهل الأعراف والقوانين الدولية ودعم الجماعات المسلحة في مختلف البلدان على أساس الأيديولوجية الدينية. وقد اعتبر المجتمع الدولي أن إيران تنتهك السيادة الوطنية لهذه البلدان وتعزز الاستقرار والاضطرابات في المنطقة.
وقد ترجمت وكالة خبر أونلاين مقال ظريف، الذي قال فيه: بزشكيان مستعد للتخلي عن “التقاليد القديمة” ويتطلع إلى التعاون مع دول الجوار وتعزيز علاقات إيران مع حلفائها، “لكنه يريد أيضا تفاعلا بنّاء مع الغرب”. وكتب أن الحكومة الإيرانية مستعدة لـ”إدارة التوتر” مع ترامب، ويأمل الرئيس الإيراني أن تتم المفاوضات حول الاتفاق النووي.
وتابع ظريف: بزشكيان على استعداد للانخراط بشكل بناء مع الغرب، لكن كما قال بزشكيان، فإن إيران لن تستسلم لمطالب غير معقولة، وستقف دائما ضد العدوان الإسرائيلي.
مقال ظريف أثار الجدل في الشارع الإيراني، وقد اشتبك معه باحثون ومسؤولون إيرانيون كثر، بالسلب والإيجاب، وقد نقل ذلك الإعلام الإيراني في تقاريره.
إذ قال أمير علي أبو الفتح، وهو خبير إيراني في الشؤون السياسية في تعليقه على مقال ظريف، بالقول: “أؤكد أن كلام ظريف لا يتعارض مع السياسات الكبرى للنظام الإايراني”.
كما أضاف أبو الفتح: “ظريف أعلن موقفه هذا في وسائل الإعلام بصفته نائبا للرئيس، وليس بصفته مسؤولا في الحكومة، في الوقت الذي لم يتم فيه بعد تشكيل إدارة ترامب، وفي الوقت نفسه، يجب أن ننظر إلى أداء ترامب في الفترة من 2018 إلى 2021 كيف كان؟ وبالتالي فإن إدراك سياسة ترامب ومضمونها هو الذي سيحدد وجهة إيران المقبلة في التعامل مع ترامب”.
وتابع: “يمكن تفسير تصريح ظريف على أنه إذا حدث تغير إيجابي في سلوك أمريكا، فإن النظام قد يدخل في حوار معها”.
وأخيرا، أشار أمير علي أبو الفتح إلى المفاوضات بين إيران والدول الأوروبية في جنيف، وأكد أن الحل يكمن لدى واشنطن، مضيفا: “كل القضايا مرهونة بالولايات المتحدة، فالمشكلة ليست من هو الرئيس؟ أو أن حكومتنا تأتي للقاء حكومتهم! سواء كانت ديمقراطية أم جمهورية! المشكلة في واشنطن فقط”.
آراء المسؤولين الإيرانيين حول مقال ظريف
جنبا إلى جنب، تفاعل مسؤولون إيرانيون مع مقال ظريف حول التفاوض الذي يرغب نظام بزشكيان في المضي فيه مع ترامب، حيث كتب علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى، علي خامنئي، على حسابه الخاص بموقع التواصل X: “الجانبان في وضع جديد. إذا قال المسؤولون الأمريكيون الجدد إنهم فقط ضد الأسلحة النووية، فعليهم قبول شروط إيران مقابل هذا، وليس إصدار أمر من جانب واحد”، وفقا لما نقلته صحيفة دنياي اقتصاد عن علي لاريجاني، الثلاثاء 3 ديسمبر/كانون الأول 2024.
بينما كتب إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، مؤكدا أنه لا يوجد شيء من هذا القبيل. وردا على سؤال حول توقيت الجولة الجديدة من المفاوضات بين إيران وأوروبا وما إذا كانت هذه المفاوضات ستعقد قبل تولي ترامب منصبه، قال بقائي: “يجب اتخاذ قرار بهذا الشأن، والآن لم يتم تحديد وقت محدد لجولة المفاوضات الجديدة”.
في الوقت نفسه انتقدت صحيفة فرهيختكان الأصولية الإيرانية مقال ظريف، واصفةً إياه بالنائب غير القانوني، وقالت في تقريرها: “من خلال معرفته بحالة نفسية المنتقدين، يعرف ظريف أن الهجمات عليه ستتكثف من خلال تسمية المفاوضات. وفي هذه الحالة فإن بقاءه أو تركه لمنصب نائب الرئيس يعطي معنى مختلفا لكل من هذه الاحتمالات؛ إذا غادر تحت ضغط المنتقدين فهذا يعني معارضة المفاوضات، وبهذا يريد الهروب من وصمة الفوضى”.
كذلك نقلت وكالة أنباء خبر أونلاين الثلاثاء 3 ديسمبر/كانون الأول 2024، عن البرلماني الإيراني سيد محمود نبويان، ممثل طهران في البرلمان، ما كتبه في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي X، ردا على مقال ظريف، وفق ما توضحه صورة التغريدة:
حيث قال البرلماني الإيراني: “سيد التسول الكبير، الذي كان لاهثا، أخذ نفسَا مرة أخرى وباحتلاله المركز غير القانوني، بدأ في تسول رضا الأعداء وطالب بمفاوضات التسول”.
أضاف في تغريدته: “إن هذه التوسلات هي لمصالح شخصية ولحماية أبنائه الأعزاء الذين يعيشون في أمريكا، وليس للدفاع عن شعب إيران العظيم الذي هو غريب عن التسول”.
جدير بالذكر أنه بالنظر إلى تغريدة البرلماني الإيراني سيد محمود نبويان، فإن أولاد جواد ظريف يتمتعون فعلا بالجنسية الأمريكية بسبب ولادتهم هناك حين كان يعمل ظريف بالسفارة الايرانية في نيويورك ما بعد الثورة الإيرانية، لكنهم عكس ما قال النائب الإيراني، يعيشون داخل إيران.
يشار إلى أن جواد ظريف حاول بمقاله الذي نشره في إحدى أشهر الصحف الأمريكية، أن يبعث برسالة كتمهيد لإدارة ترامب بأن إدارة بزشكيان “مستعدة وترحب” بأي شكل من أشكال التعاون في الملف النووي، وأنهم يسعون إلى ذلك بكل جدية.