كتبت- رضوى أحمد
مع تأخر الرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية، وممارسة إيران حرب نفسية ضد إسرائيل وحلفائها، قام المجتمع الأوروبي والأمريكي بمحاولات إعلامية ودبلوماسية للضغط على إيران للتراجع عن الرد، واللجوء لطاولة المفاوضات، والتأكيد على خطورة الرد الإيراني على أمن المنطقة.
نرصد لكم في هذا التقرير محاولات الضغط الغربي على إيران، وموقف إيران من تلك الضغوطات:
وفقًا لما جاء في وكالة الشرق للأنباء، فإنه ورغم مرور أسبوعين على اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران، فإنه لا توجد حتى الآن أنباء عن رد هجوم إيران المحتوم على إسرائيل.
لكن منذ ظهر يوم الاثنين من هذا الأسبوع، نشأ جو سياسي وإعلامي جدي ضد طهران، يهدف إلى منع إيران من الرد على اغتيال هنية.
ووفقًا لفوكس نيوز الإخبارية نقلاً عن مسؤولين غربيين: أن إيران تريد مهاجمة إسرائيل خلال الـ 24 ساعة القادمة وخلال يوم “تيشا بآف” (وهو اليوم التاسع من شهر تيشريه العبري، ويعتبر يوم خراب الهيكل كما يزعمون، حيث يقوم عدد كبير من اليهود باقتحام المسجد الأقصى)، لكن في النهاية لم يحدث هذا.
كما زعم دونالد ترامب، مرشح الانتخابات الأمريكية، في بيان له أن الجميع ينتظرون هجومًا من إيران على إسرائيل، لكن الإيرانيين لم يهاجموا.
وخلافًا لما قاله ترامب، أكد عميد أصغر عباس قلي زاده، قائد فيلق عاشوراء التابع للحرس الثوري، يوم الاثنين 12 أغسطس/ آب في اجتماع مع وسائل الإعلام على حتمية الهجوم وقال: “رغم أنه يبدو أن الوقت قد فات للرد والانتقام لكن العدو يتحمل الكثير من الضغوط بالانتظار، ونحن ننتظر أمر المرشد الأعلى سواء بالصبر والثبات أو الرد.”
بالطبع، في وقت سابق، فإن البيان المشترك بين ثلاث دول، قطر ومصر والولايات المتحدة، بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، قد عزز التكهنات حول تراجع طهران عن مهاجمة إسرائيل في حال انتهاء الحرب في غزة، وانسحاب إسرائيل من هذه المنطقة. وفي النهاية، قالت حماس “لا” للمفاوضات، بعد الهجمات التي شنتها تل أبيب على المدارس وقتل المدنيين.
وفي هذا السياق، ترى حماس أن جهود واشنطن والدوحة والقاهرة لوقف إطلاق النار في حرب غزة وعودة الجانبين إلى طاولة المفاوضات، أنها بالتنسيق مع إسرائيل لمنع هجوم إيران على إسرائيل.
وأعلنت حماس أخيرًا يوم الأحد من هذا الأسبوع 11 أغسطس/ آب أنها لن تنضم إلى المفاوضات المقبلة يوم الخميس من هذا الأسبوع، إلا إذا استندت المفاوضات إلى أطر الجولة السابقة، وليس الأطر المعدلة.
وقد نقلت وكالة “دويجه فيله” للأنباء قول مسؤول فلسطيني مقرب حول المفاوضات: إن قرار حماس حول عدم المشاركة في المفاوضات قد يتغير، وتعتقد حماس حاليًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليس جادًا في التوصل إلى اتفاق،
وعلى الرغم من تصريحات حماس، قال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض في اجتماع: “إن اجتماع الخميس لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة لا يزال قائمًا ويجب أن تستمر المفاوضات، وأن وقت الرد الإيراني قد يؤثر على محادثات وقف إطلاق النار.”
لأنه وفقًا له: “قد يكون هجوم إيران على إسرائيل واسع النطاق ولهذا السبب أجرينا تغييرات في وضع قواتنا.”
بجانب تلك النقطة هناك أيضًا فرضية مفادها أنه في ظل الضغوط السياسية والدبلوماسية خلال الـ 48 ساعة الماضية وخلق الشائعات حول هجوم إيران واحتمالية الرد القريب من طهران، قد تكون هناك نوع من اللعبة النفسية لإدخال طهران في مسار تل أبيب.
في الوقت نفسه، ووفقًا لما كتبته “انتخاب”، أعرب مسؤولو وزارة الخارجية الأمريكية عن أملهم في أن تحد إيران من نطاق ردها على إسرائيل.
ووفقًا لتقارير “إي بي سي” ونقلًا عن مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية، فقد ذُكر أنه “من المتوقع أن تهاجم إيران إسرائيل قبل يوم الخميس.”
الضغط الغربي على إيران:
النقاط التالية تؤكد ما جاء في النص بنمط واضح ومتكامل لضمان دقة اللغة العربية في المقال ووضوح الرسالة
بينما لا تزال تطرح قضية حق طهران في الرد على اغتيال إسماعيل هنية، فقد حدث في الأيام القليلة الماضية ضغط منسق من الأوروبيين لوقف أو تقليل شدة الهجمات الإيرانية المحتملة على إسرائيل.
وأفادت وكالة أنباء “مهر”، نقلاً عن “رويترز للأنباء”، أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في محادثة هاتفية (الثلاثاء) مع الرئيس الإيراني مسعود مزيكيان، أعرب عن قلقه العميق إزاء الوضع في الشرق الأوسط ودعا جميع الأطراف إلى تهدئة التوترات لتجنب التصعيد الإقليمي، وادّعى في المكالمة التزامه بوقف فوري لإطلاق النار وزيادة المساعدات الإنسانية لغزة، وزعم أن هناك خطرا جسيما يتمثل في سوء التقدير، وأن الآن هو وقت الهدوء والتفكير المتأني، وأنه ينبغي أن يكون التركيز على المفاوضات الدبلوماسية، وطلب منه “الامتناع عن مهاجمة إسرائيل”. وقال كذلك: “إن الحرب ليست في صالح أحد”.
وقد استغرقت هذه المحادثة 30 دقيقة بحسب وكالة أنباء “سكاي نيوز” التي نشرت خبر هذه المحادثة لأول مرة، وأنها تمت بعد محادثة ستارمر مع الرئيس الأمريكي جو بايدن وحلفائه الأوروبيين الآخرين.
وفقًا لرويترز، فإن ستارمر باعتباره حليفًا لأوروبا والولايات المتحدة، دعا إيران إلى وقف ما أسماه “أعمال زعزعة الاستقرار” في المنطقة. كما كرر مرة أخرى ادعاء الغرب الكاذب بشأن مساعدة طهران لموسكو في حرب أوكرانيا!
وفي مواقف مماثلة، في مكالمة هاتفية للمستشار الألماني مع بزشكيان يوم الاثنين، حيث أكد بزشكيان أن طهران دائما تمتثل للقوانين واللوائح الدولية وقال: “إن إيران ترحب بتطور العلاقات مع جميع الدول” و أكد أنه لن يستسلم للضغوط والعقوبات والظلم والعدوان وأنه بحسب المعايير الدولية فمن حقه الرد على المعتدين.
وفي نفس اليوم (الاثنين)، ذكرت وكالة أنباء “أنسا”، أن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني أجرى اتصالات لمدة نصف ساعة مع علي باقري، القائم بأعمال وزير خارجية إيران.
وأكد باقري على حق طهران في الرد على اغتيال إسماعيل هنية، وفؤاد شكر -أحد كبار قادة حزب الله اللبناني-.
كما كتب وزير خارجية إيطاليا على شبكة التواصل الاجتماعي X عن مكالمته الهاتفية مع باقري يوم الاثنين: “دعوت إلى الاعتدال واتباع نهج بنّاء، لقد حان الوقت لمنع ردود الفعل التي قد تضخم الصراع في المنطقة، وتعرض العمل على وقف إطلاق النار في غزة للخطر”.
وختم كلامه بقوله: “كفى تضحية بحياة المدنيين الأبرياء”.
-تصريحات أمريكية أوروبية معادية لإيران:
واستمراراً للمكالمات الهاتفية والرسائل الدبلوماسية الأوروبية، وفقا لوكالة (انتخاب) قام زعماء الولايات المتحدة والدول الأربع إنجلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا في بيان مشترك يطالبون فيه إيران بالتراجع عن الهجوم المحتمل على إسرائيل، وأعلنوا استعدادهم للدفاع عن إسرائيل ضد تهديدات إيران، وطالبوا إيران بوقف تهديدها المستمر بشن هجوم عسكري على إسرائيل”.
وقالت الدول الخمس المذكورة: “نحن ندعم الجهود المبذولة لتقليل التوتر في الشرق الأوسط، كما ندعم الجهود التي تهدف لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة، وضرورة توصيل المساعدات في غزة دون أي قيود؛ وأنه لا يوجد وقت نضيعه ويجب على جميع الأطراف تحمل مسؤولياتها”.
وذكرت وكالة أنباء “إيرنا” يوم الاثنين نقلاً عن وكالة “رويترز” للأنباء: “أنه في يوم الاثنين قالت إنجلترا في بيان مشترك مع فرنسا وألمانيا: أن رغبة إيران في مهاجمة إسرائيل، ستؤدي إلى زيادة التوترات وعدم إمكانية وقف إطلاق النار، ويجب إنهاء الحرب الآن، وإطلاق سراح جميع المحتجزين، كما أن سكان غزة يحتاجون إلى المساعدات بشكل فوري وغير مقيد”.
-جواب طهران
قال ناصر كنعاني المتحدث باسم وزارة الخارجية 13 أغسطس/آب، ردا على البيان الذي نشرته الدول الأوروبية الثلاث، بشأن التطورات في المنطقة: “بيان رؤساء الدول الأوروبية الثلاث تم نشره بسبب لامبالاة الدول الغربية وتأييدها للنظام الإسرائيلي الذي يرتكب كافة أنواع الجرائم الدولية، بما في ذلك جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وقد أدى إفلات السلطات الصهيونية من العقاب إلى زيادة وقاحتها في ارتكاب أبشع المجازر والجرائم الدولية”.
وأضاف: “في الوضع الذي لم تتمكن فيه الأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها من إيجاد ردع للنظام الصهيوني الإجرامي لأكثر من 10 أشهر، فإن الجرائم اللاإنسانية التي يقوم بها النظام الصهيوني ضد دولة فلسطين، واغتيالاته خارج الحدود الدولية في بلدان أخرى تأخذ أبعادًا جديدة كل يوم وبشكل عجيب، ولا يوجد أي إجراء عملي وفعال من الدول الغربية بما في ذلك ألمانيا وفرنسا وإنجلترا لوقف هذه الجرائم أو مواجهتها”.
وبحسب ما جاء في شبكة الشرق يوم الثلاثاء ١٣ أغسطس/ آب، فقد توجه محمد باقر قاليباف رئيس البرلمان الإيراني برسالة إلى رؤساء البرلمانات العالمية، مفادها: أنه بمرور عشرة أشهر على أزمة غزة واستمرار الجرائم المتعمدة، يدل على عدم رغبة إسرائيل في إنهاء هذه الحرب.
وأشار إلى مجزرة مدرسة التابعين، وأنه تطهير عرقي متعمد، وأن تكرار تلك الجرائم انتهاكات صارخة للقانون الدولي.
وأكد على أنه نتيجة صمت المجتمع الدولي أصبحت إسرائيل لا تعرف حدودًا لجرائمها، وأن منها اغتيال الشهيد إسماعيل هنية على أرض طهران.
وأكد على حق إيران الأصيل في الرد المشروع وفقا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وأنها سترد على هذا العمل العدواني ضد سيادتها وسلامة أراضيها بشكل مناسب، كما طلب من المجتمع الدولي اتخاذ التدابير لوقف هذه الانتهاكات لسيادة البلدان.
ودعا المجتمع الدولي للقيام بمسؤولياته الدولية والأخلاقية والإنسانية في دعم الشعب الفلسطيني ومحاسبة إسرائيل حسابًا رادعًا.
كما أدان جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد شعب فلسطين، وأعلن التضامن الكامل مع الشعب الفلسطيني، ودعا الدول الإسلامية، للسعي لوقف العدوان الصهيوني ودعم الشعب الفلسطيني الأعزل بحزم وفعالية.
-رحلة بلينكن التاسعة ذات المغزى إلى المنطقة
في خضم هذه الأخبار، أفادت وسائل الإعلام العبرية أن وزير الخارجية الأمريكي سيصل إلى الأراضي المحتلة مساء الثلاثاء خلال زيارته الإقليمية، والتي لم تحدث حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
ومع ذلك، زعمت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن أنتوني بلينكن سيصل إلى الأراضي المحتلة الليلة خلال زيارته للمنطقة التي تشمل قطر ومصر.
كما أفاد باراك رافيد، الصحفي الإسرائيلي في موقع “أكسيوس”، في وقت سابق أن بلينكن سيزور قطر ومصر والأراضي المحتلة، لكن هذه الزيارة لم تُؤكد بعد. وكتب في تقريره نقلاً عن مصادر مطلعة في أكسيوس أن وزير الخارجية الأمريكي من المقرر أن يسافر إلى غرب آسيا مساء الثلاثاء. وإذا تمت زيارة بلينكن إلى منطقة غرب آسيا، فستكون هذه الزيارة التاسعة له إلى الأراضي المحتلة منذ السابع من أكتوبر حتى الآن.