حوار: محمود شعبان رئيس تحرير زاد إيران
قال عماد أبشناص مدير الإعلام الإيراني السابق والخبير السياسي المعروف، إن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لم يقدم أي وعود للشارع الإيراني في الانتخابات الرئاسية، لكن بعض مستشاريه هم الذين ورطوه في وعود مع الإيرانيين، وبات غير قادر على الوفاء بها.
أشار كذلك في حواره مع “زاد إيران” إلى أن بزشكيان استلم وضعا اقتصاديا معقدا وليس من السهولة التعامل معه، موضحا أنه يحتاج إلى تضافر الجهود لإنجاز نجاح اقتصادي يرضى عنه الشارع الإيراني.
وإلى نص الحوار:
كيف ترى تجربة بزشكيان بعد مئة يوم من الحكم؟
في الواقع، التوقعات كانت أكبر بكثير من الواقع العملي الآن، السيد بزشكيان لم يعطِ أي وعود في حملته الانتخابية؛ لأنه كان يعلم صعوبات منصب رئاسة الجمهورية، والبعض ربما لم يلتفتوا إلى هذا الموضوع، ولكنهم كان لديهم توقعات كثيرة من السيد بزشكيان.
في المرحلة الأولى حاول السيد بزشكيان لملمة الشارع السياسي الإيراني، هو دخل الرئاسة في ظروف كان الشارع السياسي الإيراني منقسما بشدة، كانت هناك تجاذبات قوية جدا ومتعارضة بشكل كبير مع بعضها البعض، وصلت التجاذبات إلى حدود التصادم بين الجهات السياسية، ولهذا فإن سياسة السيد بزشكيان كانت لمّ الشمل، وإذا نظرنا إلى حكومته، حاول أن لا تكون هذه الحكومة حكومة منسوبة إلى جهة أخرى، بل سعى لتكون حكومة توافقية، حاول جمع الجميع، وحتى في بعض الأحيان نقول جمع الأضداد بعضهم البعض في هذه الحكومة.
منذ البداية، العديد من أنصاره كانوا ينادون بألا يقوم بهذا العمل؛ نظرا إلى أنه عندما تجمع الأضداد في الحكومة عمليا يُعرقلون عمل بعضهم البعض، ولكن السيد بزشكيان أصر على ذلك، نحن ننتظر لنرى النتيجة.
لكن خلال الـ100 يوم الأولى لم تكن هناك فرصة لتغيير عمل الحكومة، حكومة السيد بزشكيان منذ اليوم الأول من تنصيبه واجهت مشاكل، مثل عملية اغتيال إسماعيل هنية، ليلة تنصيب السيد بزشكيان وبالتالي دخلت إيران في صراع مباشر مع إسرائيل والولايات المتحدة، بالطبع، منذ اللحظة الأولى، هذه المشاكل بالتأكيد أيضا تواجه من قبل خصم يعارضون سياساته ويريدون عرقلة عمله.
إضافة إلى ذلك، فإن بعض المشاكل الاقتصادية التي كانت موجودة من قبل انتقلت إلى حكومته، وهو مضطر إلى أن يتخذ مثل هذه القرارات بالنسبة لهذا الموضوع، مثل موضوع أسعار البنزين، مثل موضوع زيادة الضرائب، مثل موضوع زيادة التكاليف الحكومية أو الخدمات الحكومية، وزيادة التكاليف، وهناك العديد من العوامل التي بدأت تُثير إذا أردت أن أقول نوعا ما، حتى استياء أنصاره ومؤيديه، بسبب أنه مضطر إلى أن يقوم بهذا العمل.
هم كانوا يعوّلون عليه بشكل آخر، هناك قرارات كانوا يأملون أن يتخذها، لكنه لم يقم لحد الآن باتخاذها، مثل موضوع قانون الحجاب، فكانوا يتوقعون أن يقوم السيد بزشكيان بسحب هذا القانون، البعض في حين أن السيد بزشكيان اليوم لم يسحب هذا القانون، تفاديا لمواجهة للمتطرفين في البلاد، ولكنه من من جهة أخرى لم يقم بإصدار قرار بتنفيذ القانون، لم يوقّع عليه، وعمليا بقي هذا القانون في الوسط.
أنت تقول إن بزشكيان لم يقدم وعودا في فترة الانتخابات، هل هذا مبرر من جانبك للرجل لكي يتهرب من أي التزامات سياسية؟
خلال الانتخابات الرئاسية، قام بالإعلان الرسمي أنه لم يعطِ وعودا، وهو فقط سوف ينفذ القوانين الموجودة، ولكن أنصاره أعطوا الوعود، الأشخاص الذين كانوا حول السيد بزشكيان أعطوا وعودا.
مثل من، ظريف؟
مثل السيد ظريف مثل السيد آذر جهرمي، اللذين كانا من أكثر المقربين من السيد بزشكيان في الانتخابات، وكانا يعتبران صوت السيد بزشكيان، هؤلاء أعطوا الوعود الكثيرة، إضافة إلى جهات سياسية مثلت السيد بزشكيان في الحملات الانتخابية، مثل مثلا الاتجاهات الإصلاحية التي أقامت مناسبات انتخابية، وقام بعض أعضاء هذه المجموعات بتلاوة الخطابات وإعطاء الوعود للناس للشارع الإيراني. ولكن، عموما، أستطيع أن أقول لك: أكبر سبب لنجاحه كان تخوف الشارع الإيراني من خطاب السيد سعيد جليلي.
يعني عمليا هم لم يصوّتوا لبزشكيان حبا فيه ودعما له، لكنهم خافوا من أن يأتي سعيد جليلي الذي كان لديه خطاب متطرف جدا، ولهذا، فهم رفضوا خطاب جليلي، ولم يؤيدوا خطاب بزشكيان.
لم يعطِ وعودا، سمح لمن حوله بأن يقدموا وعودا للشارع الإيراني، ألا يقدح ذلك في قدرات بزشكيان وأهليته ليكون رئيسا لإيران؟
يمكن القول إن كلها كانت موجودة، عمليا بعض أعضاء هذه الحاشية حتى لم يستطيعوا أن يدخلوا الحكومة، صحيح، يعني السيد آذر جهرمي الذي كان المتحدث الأول للحملة الانتخابية، والسيد محمد جواد ظريف، الذي هو الآن نائب رئيس الجمهورية، ولكن للشؤون الاستراتيجية، وهو منصب مستحدث، إذا ما أردنا أن نقول، في حين أنه كان متوقعا من قبل أنصار الذين صوتوا لبزشكيان أن يكون ظريف على الأقل نائب رئيس الجمهورية، النائب الأول لرئيس الجمهورية، مكان رضا عارف.
في الواقع، أولا، البرلمان لا يجب أن ننسى أنه يسيطر عليه الأصوليون، الأصوليون أكدوا أنهم لم يصوتوا لحكومته إذا كان ظريف موجودا ، واليوم نرى أنه على الرغم من أن الرئيس أعاد ظريف، ولكن البرلمان يضغط لإزاحة ظريف.
كما أن السيد آذرجهرمي لم يحصل على أي منصب في الحكومة. يعني عمليا هؤلاء الذين أعطوا الوعود للناس معظمهم لم يحصلوا على مناصب في الحكومة.
الجدل بخصوص قانون الحجاب، لماذا في هذه الفترة؟
لو كان السيد بزشكيان يريد التوقيع على هذا القانون، لكن قد وقع عليه، عمليا أنا أتصور أنه لم يقم بذلك، حتى كان هذا الأمر منسقا مع جهات متعددة في النظام، يعني الأمر لم يكن قرارا شخصيا أو فرديا من قبل بزشكيان كي لا يوقع على هذا القانون.
ممكنٌ أن يكون قد استشار المرشد، ممكنٌ أن يستشير شخصيات عالية أخرى في النظام لديها قرار .
عمليا نعلم أنّ هذا ليس قانونا، يعني المجلس لم يصوت على هذا القانون، بل هناك اللجنة الحقوقية في المجلس وهي اللجنة الصغيرة من نحو 10 نواب، هؤلاء قاموا بطرح مشروع القانون القادم على المجلس.
هؤلاء قاموا بطرح مشروع القانون في مجلس الشورى السابق، رأوا أنه لن يحصل على أصوات في المجلس، استفادوا من بند في الدستور يسمح للجان بأن تقوم بإقرار قانون مؤقت.
يعني يقومون باتخاذ قرار أو تجربة قانون بشكل محدود، في مدة محدودة، في مكان محدود، ثم إذا ما نجح تنفيذ هذا القانون يتم طرحه أمام مجلس الشورى الإسلامي للتصويت عليه ليصبح قانونا في البلاد.
هذه اللجنة استفادت من هذا البند وقام تسعة نواب، أتصور تسعة، بالتصويت على هذا المشروع، يعني حتى في هذه اللجنة كان هناك صوت معارض للتصويت على هذا القانون، حيث إن اللجنة تتكون من عشرة أعضاء.
القضية الثانية هي رفع الحظر عن المواقع، وهو طرح هذا في الدعاية الانتخابية، والآن هو أمام مأزق لأنه لم يوفِ بهذا الوعد؟
نعم السيد آذر جهرمي، وهو كان سابقا وزيرا للاتصالات في إيران، لكن لديه شعبية فيما بين الشباب، قام بطرح هذا الموضوع، قام بإعطاء الوعود حوله، أنه بمجرد أن يتم انتخاب بزشكيان سوف يتم إلغاء هذا الحظر على وسائل التواصل الاجتماعي.
عمليا، هناك مجلس أعلى للاتصالات في إيران هو الذي يتولى إقرار قانون أو مشاريع لحجب وسائل التواصل الاجتماعي، وعمليا الرئيس الإيراني، أي رئيس، يكون رئيسا أيضا لهذه اللجنة أوتوماتيكيا.
نعم هو المنوط به إقرار القانون لكن هناك أعضاء في لجنة الفضاء الإلكتروني، يعارضون القرار
هل ينفرج هذا الملف، أم يظل مثل باقي الملفات؟
في الواقع، أنا أتصور أن الرئيس سوف يحاول أن يخرج بحل وسط في هذا السياق، يعني لن يتم وقف الحجب بالكامل، لكنه سوف يكون حجبا محدودا حسب تصوري، لأنه شخصيا أيضا يعتقد أنه لا يجب وقف الحجب بالكامل.
أزمة البنزين وكيفية حلها وفق قناعتك؟
أولا، دعني أوضح الموضوع، حسب القانون الذي أقره مجلس الشورى الإسلامي منذ نحو 20 عاما، فإنّ سعر البنزين، سعر الوقود في إيران، يجب أن يكون على السعر نفسه في الخليج.
وحين نفذ أحمدي نجاد القانون، نفذه ولكن بشرط أن يعطي الفرق في السعر بشكل نقدي للناس، حينها قام أحمدي نجاد بدفع ما يعادل 45 دولارا لكل شخص، كفرق لسعر البنزين، ولهذا، أحمدي نجاد ما زالت لديه شعبية في هذه المناطق اليوم.
أما في فترة روحاني، فهو ربط سعر البنزين بالاتفاق النووي، حيث كانت هناك وعود كبيرة جدا، أعطاها روحاني وظريف للشارع الإيراني، كانت وعود يعني لا تعد ولا يحصى. يعني وصل الأمر إلى الشارع الإيراني، وحتى بعض الصحف الإصلاحية بدأت تتكلم عن أنه بعد التوقيع على الاتفاق النووي، سوف يسافر الإيراني بدون تأشيرة إلى الولايات المتحدة وأوروبا.
ولكن الشارع فوجئ بشيء مخالف، وهذا أدى إلى غضب شعبي في الشارع الإيراني.
وموضوع رفع سعر البنزين كان، إذا ما أردنا أن نقول، شرارة الانفجار، لم يكن الأساس، الأساس كان أن الشارع كان يتعرض لضغوط خاصة، بعد قرار حكومة روحاني إغلاق كل المشاريع الحكومية وربطها بالاتفاق النووي.
وهذا ما أدى إلى تذمر في الشارع، الناس انتظروا الاتفاق، وبعدها لم يحصل شيء، الشارع كان ينتظر نتيجة الاتفاق النووي، فلم يحصل أي شيء، لهذا انفجر الشعب.
ما هو شكل الأزمة الحالية لدى بزشكيان؟ والمقارنة بينها وبين روحاني؟
في الواقع عدد كبير من مجموعة روحاني موجودون في حكومة بزشكيان، إحدى أكبر المشاكل الموجودة اليوم في إيران هي موضوع تعدد سعر العملة، وهذا ما يؤدي إلى فساد كبير جدا في إيران، ما يتسبب في حدوث اختلاسات ضخمة.
وكان التوقع أن يقوم بزشكيان بوقف هذا الموضوع، ولكن عمليا نرى أنه أعاد رئيس المصرف المركزي لروحاني كوزير للاقتصاد وثبت رئيس المصرف المركزي لرئيسي، يعني عمليا شخصيتان في حكومتين، واحد منهم صار وزير الاقتصاد والثاني تم تثبيته رئيسل للمصرف المركزي، وهما شخصيتان من حكومتين مختلفتين. عمليا، هذا يؤدي إلى تضارب في العمل، هذا نموذج لما يحصل اليوم.
سيؤدي الأمر إلى مظاهرات إذا لم يتحقق شرط رفع الدعم متزامنا مع سعر البنزين؟
يعني عمليا، الحكومة بدأت الدعاية لذلك بأنها تريد رفع سعر البنزين، هم بدأوا رفع سعر الكهرباء، الغاز، الماء، الأسعار الأخرى، هم رفعوا أسعار البضائع.
أتصور في النهاية، هو رويدا رويدا سوف يرفع سعر البنزين، أحد الطرق المتوقعة، يعني أنا لا أعرف ما هي الخطة، أحد الطرق المتوقعة أنه في إيران اليوم، تقوم الحكومة الإيرانية بإعطاء كوبون أو حصة معينة للسيارات والتي تعادل 60 لترا في الشهر.
وإذا ما أردت البنزين أكثر، أنت تشتريه، اليوم، البنزين تشتريه بـ1500 تومان للتر الحكومي بالتسعير الحكومي، إذا أردت أكثر من 60 لترا، فعليك أن تقوم بشراء البنزين.
لذلك فعمليا موضوع استيراد البنزين السوبر، هو نوع من جس نبض الشارع. هل سوف يستعد لشراء البنزين بأسعار أعلى أو لا؟ وأنا أتصور في الخطوة التالية سوف يرفعون سعر البنزين الحر، وليس الحصة الأولية للناس.
يعني ممكن أن يرفع سعر البنزين الحر، ثم رويدا رويدا يخفضون الحصة التي يعطونها للناس، يعني بعد 60 لترا تصبح 50، تصبح 40، 30 خلال سنتين لا شيء.
هل هذه الحالة تغذي ذهاب الجمهور للمواصلات العامة؟ والتخلي عن السيارات؟
المشكلة تكمن في أن المواصلات العامة غير موجودة، يعني أنت صحيح، هذا موضوع جيد، لكن المشكلة حاليا تكمن في أن المواصلات العامة أو البنية التحتية للمواصلات العامة غير موجودة.
يعني أنت تحتاج إلى باصات، تحتاج إلى قطارات، خطوط مترو، أكبر باصات، أكثر ، لا تنتاسب مع الحاجة.
وأنا لا أقول إنها غير موجودة مطلقا، المترو موجود، ولكن اليوم المواصلات العامة تستطيع أن تؤمن لك نقلا لنحو المليون إلى مليون و500 ألف شخص يوميا، حسب الإحصاءات التي تصدر.
ولكن إذا ما أردت أن تغطي حاجة الشارع، يجب أن تكون لديك مواصلات عامة تكفي لـ4 ملايين شخص، يعني الضعفين ونصفا أو ثلاثة، وهذا غير موجود، أولا.
ثانيا المشكلة الأساسية حاليا تكمن في اكتظاظ الناس في نقاط مختلفة من المدن. يعني، عمليا، مدينة طهران تحتوي على نحو 8 إلى 10 ملايين نسمة رسميا، ولكن خلال النهار، عدد السكان الموجودين بحدود 18 إلى 20 مليونا، أي الضعف.
عدد السيارات، الشيء نفسه، يعني من خارج طهران يأتون إلى طهران للعمل والمصالح الحكومية، وهؤلاء ليست لديهم إمكانيات المواصلات، يعني هؤلاء يأتون من خارج طهران إلى طهران للعمل، معظمهم يأتون بالسيارات.
ليست هناك وسائل عامة تؤمن لهم التواصل، فطبعا، هذه المشكلة موجودة.
اللاجئون الأفغان، لماذا فُجرت هذه المشكلة؟ بعد وصول بزشكيان للسلطة، والقانون الذي ذهب إلى البرلمان، والإقامة، وتهجيرهم مرة أخرى؟
أولا هنا يجب أن ننتبه إلى موضوعين: موضوع اللاجئين الأفغان الذين دخلوا إيران بشكل غير قانوني، بالنسبة للاجئين، ليست هناك مشكلة، اللاجئ القانوني الذي هو مسجل ولديه بطاقة حتى الآن، ليست لديه المشكلة.
المشكلة الأساسية تكمن في الذين يدخلون إيران بشكل غير قانوني من الحدود، هؤلاء، لعدة أسباب، يدخلون بشكل غير قانوني، معظمهم يريدون العبور من إيران إلى تركيا أو إلى العراق، ومن هناك إلى أوروبا.
ولا يريدون أن يسجلوا أنفسهم في الأمم المتحدة كللاجئين، لأنه حسب القوانين الدولية، أول مكان يتم تسجيله يجب أن يبقى هناك، ولا يمكن أن ينتقل إلى مكان آخر. هؤلاء، عمليا، بعد أن يدخلوا إيران، عندما لا يجدون مكانا آخر، يبدأون العمل.
ومنافسة العامل الإيراني هذا في أحسن الأحوال، ولكن العديد من هؤلاء يقومون بأعمال غير قانونية مثل النهب والسرقة.
يعني 90% من سرقات الموبايلات في إيران هي من الأفغان، لأنهم عمليا غير مسجلين.
التحري والشرطة ليس لديها أي سجلات عنهم، يسرقون الموبايلات، يسرقون البيوت، يتعدون على الناس، ويهربون إلى أفغانستان، يعودون إلى أفغانستان، ثم يعودون ويقومون بهذا العمل أو تهريب المخدرات.
يعني أن عددا كبيرا من هؤلاء يعملون في هذا النوع من العمل غير القانوني، أو إذا ما أردنا أن نقول، يعني حتى الموضوع منافسة العمال الإيرانيين، نصفيا، لربما يكون مقبولا.
ولكن عندما ترى أنهم في الشارع يهجمون على الناس للسرقة، يعني أنت تسير في الشارع بالسيارات، يهجمون عليك عصابات.
البعض ربما يرد عليك ويقول إن الأمن في طهران أو في المدن الكبرى لا يردع هؤلاء؟
لكن نسبة الجريمة بينهم كبيرة جدا، عالية جدا بالنسبة للإيراني، إذا قام بأي جريمة، بسبب أن الأجهزة الأمنية والشرطة والتحري لديها سجلات عن الأشخاص، تستطيع أن تجدهم، ولكن الأفغان هؤلاء لا تجدهم، لأن هؤلاء لا، ليس لديهم بصمة عنهم، لا بصمة بصرية. أنا لا أتصور أن هناك أي مكان في العالم يقبل بوجود مثل هؤلاء الأشخاص بدون أي سجلات، يعني إذا قاموا بجريمة، لا تستطيع أن تكشفه.
طبعا هؤلاء يتم ترحيلهم. الذين، يعني، حتى هناك بعض الأفغان الذين يدخلون إيران، تسمح لهم السلطات الإيرانية بالإقامة في بعض الأماكن المحدودة، مثلا في الأرياف أو القرى النائية.
ولكن هؤلاء يهربون من الأرياف ويدخلون إلى المدن الكبرى، ويذوبون في هذه المدن، وعمليا، بسبب أنه في المدن الكبرى هناك فرص عمل أكبر، يستطيعون منافسة الإيراني.
بمناسبة ذلك ربما يقول البعض إن بزشكيان استخدمها كورقة؟
هو سمح لهم وقاموا بإقامة مناطق بشرية آمنة على الحدود القريبة من الحدود لهؤلاء، يعني بسبب الوضع في أفغانستان، ولكن هؤلاء تسللوا إلى الداخل الإيراني، واليوم، أتت هذه المشكلة.
المشكلة، لربما المخاطب لا يمكنه تصور ماهية المشكلة، نحن لدينا اليوم بحدود 10 ملايين أفغاني موجودين في إيران، بين اثنين وثلاثة ملايين بشكل قانوني موجودون بإيران، خمسة إلى سبعة ملايين غير موجودين بالشكل القانوني. هؤلاء بشكل تهريب موجودون، وطبعا، يكفي أن يكون بين هؤلاء الستة أو السبعة ملايين واحد بالألف، وأنا لا أقول 1% يعملون في عصابات أو يقومون بعمليات.
كل العمليات الإرهابية التي حدثت في الداخل الإيراني خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية حصلت عبر هؤلاء.
هناك ضجة كبيرة في إيران بسبب الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران أخذت إجراء، أنا أريد أن أسأل: لماذا فجر هذا الأمر في هذا التوقيت؟
عدة أسباب موجودة، أهمها الانتخابات الأمريكية، يعني هناك أخبار تنتشر كل يوم عن وجود اتصالات بين فريق ترامب والإيرانيين خلف الكواليس.
هناك تخوف من قبل الأوروبيين من أن تدخل إيران في صفقة مع الأمريكيين دون الأوروبيين، الموضوع هو أن هناك حصة اقتصادية كعكة اقتصادية كبيرة اسمها، كما ينظر الغرب إلى إيران.
ليس فقط صناعة النفط، لكن نحن لدينا حسب بعض مراكز الدراسات التي شاركت أنا فيها، هناك كعكة اقتصادية بما يعادل 25.000 مليار دولار اسمها إيران.
إذا ما أرادت اليوم البدء بالاستثمارات في إيران، قطاع النفط والغاز يحتاج إلى نحو 5000 مليار دولار استثمارات خلال السنوات الـ50 الماضية، لم تكن هناك استثمارات جديدة.
حتى اليوم، إذا ما رفعت الولايات المتحدة كل عقوباتها عن إيران، إيران لا تستطيع زيادة إنتاجها، لأنها لم تستثمر في الحقول، يعني ليس لها البنية التحتية لسحب النفط والغاز.
الشيء نفسه بالنسبة للطرق والمواصلات، قطاع النقل الجوي اليوم يحتاج إلى نحو 1500 طائرة مدنية، أسطول جديد.
هناك صفقات بمليارات الدولارات جاهزة ، والمشكلة الأساسية التي تسببت في خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، هي أنه في أثناء الاتفاق النووي، قامت إيران بإعطاء 90% من العقود الاقتصادية للأوروبيين وقسم 5 أو 6% للصينيين والروس.
وعندما جاء ترامب، رأى أن الولايات المتحدة لم تحصل على شيء، وقال: “لماذا؟ أنتم أخذتم حصة الأسد، وأنا لم أحصل على شيء، أريد حصة الأسد، أو تعطونني إياها، أو أخرج من الاتفاق”.
في الواقع، أنا أقولها بشكل عام، سبب خروج الولايات المتحدة، كان هذا الموضوع وهو الملف الاقتصادي.
واليوم، الولايات المتحدة تريد “حصة الأسد” في الاقتصاد الإيراني، كل المواضيع التي يتم بحثها خلف الكواليس مع فريق ترامب، أساسها أنه “أعطونا بعض الضمانات بأنكم لا تريدون أن تصنعوا القنبلة النووية، ونحن مستعدون للتعامل معكم”.
مفاوضات ترامب وإيران، هل هناك تواصلات بين الطرفين؟
أعطيك مثالا: مثلا السيد مسعد بولس، الذي هو صهر ترامب، استلم الملف الإيراني، وهناك بعض المفاوضات التي تجري مع الإيرانيين في السر تحت إشرافه أو بشكل مباشر أو غير مباشر.
وكل هذه الاتصالات، أستطيع أن أقول لك، تظهر أن الفريق الجديد لترامب يريد التعامل مع إيران وليس التصادم.
رغم ما يقال إنه أتى “بالصقور” ؟
لكن لا يهم، المهم أن ترامب هو الذي سيحكم، في الواقع، يعني فرق ترامب عن بايدن هو أن بايدن بسبب ضعفه ضعفت الحكومة، في حين أن ترامب مختلف جدا.
النظام الإيراني متمثلا في القائد والأصوليين، يدعمون هذا المسار أم يترقبون الفشل في هذا المسار؟
لا، أنا أتصور أنه إذا ما كانت هناك مصلحة لإيران فلم لا.
ربما الأصوليون يقولون “لا نريد أن ينجح الإصلاحيون وينسب إليهم”؟
هذا موجود، ولكن عمليا، إذا كانت هناك مصلحة عليا لإيران في هذا المساق فلم لا، هنا أستطيع أن أقول لك: نعم، هناك من يعارض، بالطبع، المعارضون السياسيون مشاكسون، ولكنهم ليسوا الوحيدين، يعني هناك من يستفيدون من العقوبات في إيران، وهؤلاء لديهم قدرات هائلة جدا، لأنهم يملكون المال لديهم الدعم السياسي، والدعم الإعلامي وكل شيء، لأنه لديه المال، يستطيع أن يؤمّن السياسيين في المجلس، وسائل الإعلام، يشتري وسائل الإعلام وغيرها. وهؤلاء، لأنهم يستفيدون من العقوبات، لا يريدون رفع العقوبات.
بالنسبة للملف النووي؟ البعض يقول إن إيران تضيع الوقت أو تستغل الوقت لكسبه حتى نهاية الاتفاق في 2025 ثم تقول للأمريكان والأوروبيين، نبدأ من جديد؟
هنا موضوعان مختلفان، أولا بالنسبة لما جاء في مجلس الحكام، سببه أن الأوروبيين يريدون أن يضغطوا على إيران، ويهددون بأنهم سوف يقومون بتنفيذ بند الزناد في الاتفاق النووي وإعادة العقوبات، حتى لو بقي يوم واحد من الاتفاق النووي.
عمليا، هذا بند الخروج الذي يسمح لهم بإعادة العقوبات على إيران، ينتهي في 25 أكتوبر/تشرين الأول من العام المقبل، ولكن الاتفاق يبقى ولا ينتهي، يعني بعد ذلك لا يمكنهم أن يقوموا بتنفيذ بند الزناد الذي يسمح بإعادة كل العقوبات الدولية علي إيران.
وبالنسبة لموضوع تصنيع السلاح النووي من قبل إيران، اليوم إيران لديها الإمكانات التكنولوجية والكافية لصناعة القنبلة الذرية، حسب بعض الآراء، يقولون إن إيران تحتاج إلى أسبوعين فقط، آخرون يقولون 48 ساعة أو حتى أقل من ذلك.
يعني إذا كان هناك قرار في إيران لصناعة القنبلة، إيران لديها هذه القدرة، من بيديه القرار؟
المرشد فقط.
هل استطاعت إسرائيل ضرب المنشآت النووية في القصف الأاخير؟
أنا لا أنكر أن إسرائيل حاولت استهداف هذه المنشآت، ولكنها فشلت، مشروع الهجوم الإسرائيلي كان ضخما جدا على أربع مراحل.
المرحلة الأولى كانت عبر عملاء قاموا بمهاجمة القوات الإيرانية في شرق إيران، على الحدود الباكستانية، والاشتباك على الأرض كان بين القوات الإيرانية وعملاء إسرائيل.
والطريف في الموضوع أن الذين استشهدوا في العملية هذه أكثر مما استشهدوا في العملية الإسرائيلية.
تمت قبل ساعات من بدء العملية الإسرائيلية، وفي اليوم نفسه.
في اليوم نفسه قُتل على يد الجيش العدل؟
في اليوم نفسه، صحيح تم قتل 21 شخصا إيرانيا من الحرس الثوري على يد قوات جيش العدل. يعني عمليا، هجوم جيش العدل أدى إلى مقتل قوات عسكرية أكثر.
أنت تقصد هنا أن جيش العدل تابع لعوامل إسرائيلية؟
نعم، ويقبض مرتبه من CIA وإسرائيل. يعني هنا، هذا ليس سرا، جيش العدل والانفصاليون الأكراد يعملون لصالح إسرائيل. هم قاموا بهذه الهجمات وبالتوازي مع هذا الهجوم كان هناك هجوم سيبراني ضخم جدا على إيران، وبالتوازي مع الهجوم نفسه كان هناك هجوم بنحو خمسين مسيّرة، وانطلقت هذه المسيّرات، البعض يقول إنها انطلقت من خارج إيران، وآخرون يقولون من داخل إيران.
من غير المعلوم حتى الآن، والتقارير لم تكشف من أين دخلت هذه المسيّرات، ولكن الأهداف التي أُصيبت في مناطق مثل جنوب طهران تم استهدافها بهذه المسيّرات، وليس بالصواريخ الإسرائيلية.
كانت إسرائيل تخطط لاستهداف الأنظمة الدفاعية الإيرانية، دخول الأجواء الإيرانية بالطائرات، واستهداف المنشآت النووية الإيرانية.
ولكن ما حصل أن الدفاعات الجوية الإيرانية، الأنظمة المحلية الصنع، وهذه كانت المفاجأة، استطاعت التصدي. عمليا، الإسرائيليون فوجئوا بالأنظمة الإيرانية، لربما لم يكن لديهم هذا التوقع.
هذه الأنظمة الدفاعية الإيرانية استطاعت التصدي للهجوم الإسرائيلي بنجاح كبير جدا، وأقفلت على الطائرات الإسرائيلية.
ولكن من وجهة نظرك لماذا لم يقدم الأمريكيون دعما كبيرا لإسرائيل؟
فتحوا لهم المجال الجوي العراقي، حتى تزويد الطائرات بالوقود كان عبر طائرات الوقود الأمريكية.
لكن ما حصل أن هذه الطائرات لو اقتربت من الأجواء الإيرانية كان من الممكن أن يتم استهدافها، المشكلة لدى الإيرانيين كانت تكمن في أن أنظمة دفاعهم مداها كان أقصر من مدى الطائرات الإسرائيلية.
يعني، الطائرات الإسرائيلية كانت بعيدة بنحو 400 كيلومتر، لست خبيرا عسكريا، ولكن صواريخ الدفاع الجوي الإيرانية كانت قادرة على استهداف أهداف على بعد 300 كيلومتر فقط.