أصبحت مسألة اختيار الحكومة الإيرانية معادلة خطيرة إذ أنها سوف يكون لها دلالات كبيرة على الاقتصاد الإيراني، ويثير الأشخاص والفئات المختلفة شكوكهم واحتمالاتهم، بخصوص برنامج الحكومة. إذ إن مكافحة الفساد مطلب أساسي لتحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي الكلي، وبطبيعة الحال يمكن اعتبار عملية اختيار الحكومة نهجا إيجابيًا بالنظر إلى النهج الشفاف الذي اتبعته الحكومة الرابعة عشرة وذلك وفق ما قالت صحيفة “اعتماد” الإيرانية يوم الأحد 11 أغسطس/آب 2024.
قال النائب السابق في البرلمان محمد جواد حق شناس: إنّ مسألة اختيار الحكومة أصبحت معادلة خطيرة في الاقتصاد الإيراني هذه الأيام، كما أضاف في مقال له في صحيفة «اعتماد» الإصلاحية: رغم أن النهج التشاوري الذي اتبعه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في اختيار الوزراء هو نهج مرغوب ويمكن الدفاع عنه، لكنه لا يعني إنكار مسؤولية الرئيس في الاختيار، مشدّدًا على ضرورة إيلاء اهتمام خاص للعوامل الثقافية والاجتماعية.
معالجة الفساد
دعا حق شناس إلى معالجة الفساد على مختلف المستويات التنفيذية، التي رأى أنها تزايدت في السنوات الأخيرة مقارنة بالسنوات الأولى للثورة، داعيًا الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للتعامل مع هذا الشأن.
في النهاية تجدر الإشارة إلى أن مجلس الوزراء يقع ضمن مسؤوليات الرئيس، والحقيقة أن الرئيس هو الذي يختار الوزراء، ويختار التشكيلة التي يريدها، فقد تؤدي بعض جلسات الاستماع المتعلقة بالمشاورات مع المؤسسات غير القانونية لاختيار مجلس الوزراء إلى الإضرار بثقة الناس في الحكومة.
على أية حال، لقد صوت الشعب لصالح الرئيس والحكومة ويتوقعون تشكيل الحكومة بناء ً على مطالبهم، بعد اختيار مجلس الوزراء، ينبغي إيلاء اهتمام خاص للجوانب الثقافية والاجتماعية.
والقضية المهمة التالية تتمثل في ضرورة التعامل مع الفساد في مختلف المستويات التنفيذية، وهي فئة توسعت في السنوات الأخيرة مقارنة بالسنوات الأولى للثورة، ومن الضروري أن تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة للتعامل معها، وللأسف تعقدت الأمور في الحكومة السابقة لدرجة أن بعض وزراء الحكومة الـ13 تعرضوا أيضًا لقضايا فساد، وصدر على بعضهم أحكام قضائية نهائية، فلابد أن لا نشهد مثل هذه الانتهاكات والفساد في الهيكل التنفيذي لـ البلاد.
ضرورة الاستقرار الإداري
إن تغيير الحكومات يصاحبه دائمًا نقل المديرين، وهو ما له في مجال الصحة شروط خاصة يجب الاهتمام بها، كما أفاد مراسل وكالة أنباء مهر أن المجال الصحي حساس للغاية نظرًا لأنه يتعلق بحياة الناس والمرضى، وبالتالي يجب على المرء أن يكون حذرًا للغاية في التغييرات الإدارية التي تحدث دائمًا بعد تغير الحكومات.
قطاع الصحة يعد مجال ا استراتيجي ًا يضم قطاعين مهمين للغاية، وهما الأدوية والمعدات الطبية، كلا الأمرين مرتبطان بشكل مباشر بحياة المرضى، وإذا حدث اضطراب في هذه الأقسام فإنه بالتأكيد سيضر بصحة الناس والمرضى.
تُعرف منظمة الغذاء والدواء بأنها الجهة الراعية لتوفير احتياجات الدولة من المعدات الصيدلانية والطبية، وهي المسؤولة عن الإشراف على عملية إنتاج واستيراد وتوزيع الأدوية والمعدات الطبية، إن أهمية المعدات الطبية لا تقل عن أهمية الدواء، والنقص في المعدات والمستلزمات الطبية؛ يمكن أن يسبب ضرر ًا لا يمكن إصلاحه لصحة الناس والمرضى.
لسوء الحظ، ارتبط مجال المعدات الطبية بالعديد من التحديات في السنوات الماضية، وفي الأشهر القليلة الماضية تمت إدارة هذه العملية بشكل كبير وتم تقليل تحديات المجال.
خلال هذه الفترة ومع تغيير الحكومة وانتخاب وزير الصحة، فإن إحدى المنظمات التي ستخضع لتغييرات إدارية هي منظمة الغذاء والدواء، ولذلك فإن آراء الخبراء تنطلق من مبدأ أن المجال الصحي لا ينبغي أن يخضع لتغييرات على مستوى المديرين المتوسطين دفعة واحدة.
تغيير المسؤولين في المجال الصحي
قال رئيس جمعية تجارة المعدات الطبية والصيدلانية وتوريدها وتوزيعها ومصدريها علي رضا شيزاري، ردا على تغيير المديرين المتوسطين في المجال الصحي: في رأيي فإن الأولوية الأهم لوزارة الصحة في البلاد الحكومة الرابعة عشرة تمنع تغيير المديرين؛ وذلك لعدم الإضرار بهيئة الخبراء.
وأضاف: في بداية العمل لا ينبغي إجراء تغييرات دفعة واحدة من شأنها أن تلحق الضرر بتلك المنطقة، كما يبدو أن مجال المعدات الطبية يحتاج إلى استقرار إداري لمواصلة مهامه.
في غضون ذلك، أعربت الجمعيات والنقابات العاملة في مجال المعدات الطبية في البلاد عن ارتياحها للأوضاع التي يعيشها قسم المعدات الطبية بمنظمة الغذاء والدواء خلال الأشهر القليلة الماضية، وترى أن الأمور تسير بشكل جيد في اتجاه التنفيذ والإشراف.
وقال مدير عام المعدات والمستلزمات الطبية بمنظمة الغذاء والدواء سعيد رضا شاه مورادي، في شرحه لأعمال إدارته العامة: إن السعر العادل الذي يراه المرضى مقابل الخدمات الطبية المقدمة هو أحد عناصر الثقة المهمة في منظمة الغذاء والدواء، كما أن المنظمات التي تقدم الخدمات الطبية لإنشاء نظام دفع عادل من الضروري أن يكون لها أداء أفضل في السوق الصحية، ودخل مستقر وزيادة أداء الإنتاج والموردين.
كما قال فيما يتعلق بتسعير المواد الخام المستوردة للإنتاج: من أجل حساب سعر السلع المنتجة محلياً على أساس أسعار العملات الأجنبية والريال، والمواد الخام المستخدمة وفقاً للصيغة القياسية وتكاليف الإنتاج، قمنا بإنشاء بنية تحتية مناسبة للنظام.
تحسين الوضع المعيشي
ووفقًا لوكالة الأنباء الإيرانية «مهر»، أن حجة الإسلام محمد براني أشار في خطبة الجمعة التي ألقاها هذا الأسبوع في مدينة مهدي شهر، إلى النقاط الاستراتيجية السبع للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية وأكد إذا اتبعت الحكومة الرابعة عشرة هذه النقاط السبع التي قالها، فسوف يكون لها نجاح كبير.
وذكر أن الحكومة الرابعة عشرة بدأت عملها وهي تواجه العديد من المشاكل الداخلية والخارجية، وأضاف: النقطة الأولى التي ذكرها المرشد الأعلى للثورة الإسلامية حول هذه الحكومة هي استخدام القدرات البشرية والفكرية.
كما ذكر أن بلادنا بها نخبة من الشباب الأذكياء الذين لهم فكر وآراء ينبغي الاستفادة منها، وقال: أي حكومة تأتي دون الاعتماد على التيار السياسي عليها أن تستفيد من تيار النخب والشباب.
وبين أن العمل الجهادي هو موضوع آخر يجب على الحكومة الرابعة عشرة التأكيد عليه، كما قال: العمل الجهادي يعني التواجد على الواقع، لذلك يجب أن يظهر الرئيس والوزراء بين الناس وعلى المنصات ويفحصوا المشاكل عن كثب.
وصرح الإمام أنه يجب على الحكومة إعطاء الأولوية للوضع المعيشي للشعب وأضاف: ارتفاع أسعار السلع والمساكن وإيجار المنازل ومشاكل الشباب وما إلى ذلك، هي قضايا يجب على المسؤولين الحكوميين ونوابنا الاهتمام بحلها.
ما يجب فعله وما لا يجب فعله في سياسات الحكومة الرابعة عشرة فيما يتعلق بالواردات:
قال فرشاد فصاحت الدبلوماسي السابق، في مقابلة مع وكالة أنباء الطلبة الإيرانية «إيسنا» عن أهم مطالب الناشطين الاقتصاديين من رئيس الحكومة الرابعة عشرة: أولا وقبل كل شيء، تجدر الإشارة إلى أن تنمية اقتصاد البلاد ستتحقق بالتأكيد بمشاركة الشعب من قبل القطاع الخاص، ويجب على الحكومة الرابعة عشرة أن تولي المزيد من الاهتمام لتحسين بيئة الأعمال والتنمية الاقتصادية وإعطاء الأولوية لتحسين العلاقات الدولية.
وأضاف: الاقتصاد الإيراني هو وارث هيكل عقيم وبالنظر إلى أن الأنشطة في جميع القطاعات الاقتصادية مرتبطة ببعضها البعض، فإن 60 عامًا من السياسات النقدية والمالية والصرف الأجنبي والصناعية والتدخلات الحكومية في التسعير أوصلت الاقتصاد إلى يومنا هذا، ورغم أنه من غير المتوقع أن يتغير هذا الهيكل خلال عام، إلا أن المتوقع هو أننا سنتحرك في اتجاه تغيير الخريطة.
وذكر هذا الخبير: أن الهيكل الاقتصادي في إيران تعرض لأضرار جسيمة بسبب العقوبات، معدل تمويل القطاع الخاص هو الأعلى منذ الحرب المفروضة وللأسف حلت الحكومة محل القطاع الخاص.
وأضاف: إن أهم العقبات التي تعترض بيئة الأعمال في إيران هي عدم القدرة على التنبؤ وعدم استقرار السياسات واللوائح والقوانين، وعدم عدالة تحصيل الضرائب وقوانين الضمان الاجتماعي، فضلاً عن تدخل المؤسسات المختلفة في الوضع الاقتصادي، لذا ينبغي اعتماد السياسات أيضًا قبل اتخاذ القرارات، وعدم اتخاذ قرارات لها عواقب اقتصادية على البلاد.
وأضاف: يجب على حكومة بيشكايان أن تضع تعزيز العلاقات الخارجية، وتحسين الدبلوماسية الاقتصادية على جدول الأعمال من أجل تمهيد الطريق لتميز الاقتصاد الإيراني.
وتابع: حاليًّا بعض الشركات المصنعة جديدة واستثمرت بشكل كبير في إنتاج المنتجات، لذلك يجب على الحكومة الـ14 ألا تضر بإنتاج هذه الشركات من خلال تحرير الواردات بحجة تلبية الاحتياجات المحلية؛ لأنه إذا تضررت الشركات، فسوف تتأثر العمالة في البلاد أيضا.