ترجمة: يارا حلمي
أجرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الإيرانية المحافظة، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، الأحد 13 أبريل/نيسان 2025، حوارا مع مصطفى إسلامي الخبير التربوي والأستاذ بجامعة طهران، ناقشت فيه التخبط في قرارات المجلس الأعلى للثورة الثقافية (هيئة حكومية إيرانية تتمتع بصلاحيات واسعة في مجال التعليم)، بخصوص فوضى القبول الجامعي في إيران، وتأثيرها السلبي على الطلاب.
قرارات جديدة تثير القلق لدى الطلاب
ذكرت الوكالة أن المجالس العليا لا تكف عن إصدار قرارات جديدة حول الامتحانات، مما يزيد من القلق لدى الطلاب المتقدمين للجامعة، تتسبب هذه القرارات المتتالية في عدم تمكن الطلاب من دراسة المواد المقررة للاختبار بشكل مريح، حيث إن جميع هذه التطورات بدأت خلال فترة عطلة النوروز.
وتابعت أنه بعد العديد من المناقشات، تم أخيرا تعديل التأثير النهائي لمعدل النقاط التراكمي على النتائج النهائية للدخول إلى الجامعة، وتم إلغاء تأثير المعدل في الصف العاشر، ليقتصر على الصفين الحادي عشر والثاني عشر بنسبة 60% في القرارات النهائية.
وأضافت أن المجلس الأعلى للتعليم أصدر قرارا بتقليص امتحانات الصف الحادي عشر إلى ست مواد فقط، مع جعل امتحانات الصف الثاني عشر شاملة لجميع المواد، وفي خلال عطلة نوروز، أصدر المجلس قرارا آخر.
كتب حسين صادقي، رئيس مركز الإعلام والعلاقات العامة في وزارة التربية والتعليم، في منشور له على “إكس” (تويتر سابقا)، قائلا: “تم إلغاء قرار الذي يفرض على المتقدمين لامتحانات القبول تقديم السجلات الأكاديمية للصف الحادي عشر بعد مفاوضات مستمرة، وقد تم إلغاء القرار بعد جهود مكثفة من وزير التربية والتعليم خلال جلسة طارئة للمجلس الأعلى للقبول والاختبارات”.
وأوضحت أن العديد من الأشخاص فهموا من منشور حسين صادقي أن تأثير المعدل التراكمي للصف الحادي عشر سيبقى إيجابيا بشكل دائم (ظنوا أن المعدل التراكمي سيُضاف بشكل إيجابي إلى نتائجهم النهائية، مما قد يحسن فرصهم في القبول الجامعي)، إلا أن تغريدة إبراهيم سوزنجي، عضو المجلس الأعلى للثورة الثقافية، نفت هذا الفهم وأوضحت الأمر..
كتب سوزنجي في صفحته على وسائل التواصل الاجتماعي: “القرارات الصادرة عن المجلس في هذا الشأن لن تتغير حتى إشعار آخر (على الأقل لمدة ستة أشهر)، ولن يكون تأثير المعدل في الصف الحادي عشر إيجابيا، فلا تنخدعوا بالضجة، بعض الأشخاص يحاولون إرباك الوضع النفسي، وهو ما يتناقض مع الأمن الوطني”.
الخلافات تؤدي إلى قرارات جديدة
ذكرت الوكالة أن هذا الخلاف بين صادقي وسوزنجي انتقل إلى اجتماع عقده مؤخرا المجلس الأعلى للثورة الثقافية، حيث أصدر المجلس قرارا جديدا بشأن تأثير المعدل في الصف الحادي عشر.
وتابعت أن حسين خسروپناه، أمين المجلس الأعلى للثورة الثقافية، بعد انتهاء الجلسة أشار إلى أنه “لامتحانات القبول للعام 2024، سيتم اعتبار المواد الدراسية النهائية في الصف الثاني عشر فقط بتأثير قطعي بنسبة 60%، أما ابتداء من العام 2025، فسيتم تطبيق تأثير المعدل لجميع المواد الدراسية في الصفين الحادي عشر والثاني عشر، ولن يكون هناك أي فرق بين الطلاب الجدد وطلاب الصفوف العليا”.
نص الحوار:
ما سبب هذا القدر من عدم الاستقرار والتغييرات المستمرة في قرار امتحانات القبول؟
إن السبب يعود إلى العناد ووجهات النظر المتضاربة داخل المجلس، فقد وصل المجلس الأعلى للثورة الثقافية إلى قناعة بأن تنفيذ هذا القرار في ظل الظروف الحالية، بما في ذلك ضعف البنية التحتية، ليس خطوة صائبة.
ولكن لماذا يصر المجلس على تنفيذ هذا القرار رغم ذلك؟
المجلس الأعلى للثورة الثقافية الآن في موقف يصعب عليه فيه التراجع، فإذا ألغى القرار، سيتعرض مصداقيته وهيبته التي بناها طوال أربع إلى خمس سنوات لخطر كبير.
أما إذا لم يلغه، فسيضطر إلى إصدار تعديلات مستمرة، وهو ما سيؤدي إلى إرباك وضغط نفسي على الطلاب، ومن المؤسف أن بعض الحاضرين في المجلس قد ضحوا بالقضايا من أجل المصالح الشخصية أو الحزبية.
المجلس الأعلى للثورة الثقافية يدعي أن القرار بشأن تأثير المعدل تمت دراسته بشكل دقيق، فما رأيكم في ذلك؟
إذا كان هذا القرار قد تم دراسته بشكل دقيق بالفعل، فكيف تم تعديله عدة مرات حتى الآن؟ في البداية، كان القرار يشمل فقط معدل الصف الثاني عشر، ولكن مع مرور الوقت تمت إضافة الصفين العاشر والحادي عشر، ثم تم إلغاء الصف العاشر وتضمين الصف الحادي عشر.
هذه التغييرات المستمرة تشير إلى أن القرار لم يكن مستندا إلى دراسات متأنية ومراجعات شاملة، حيث أنه عندما يُقال إن هذا القرار تم دراسته من قبل خبراء، يجب أن نعرف مع من تم التشاور، والجدير بالذكر أن العديد من هؤلاء “الخبراء” هم في الأساس مديرو مؤسسات تعليمية تُعد الطلاب للامتحانات.
وهم لا يهتمون إذا كان التأثير إيجابيا أو نهائيا على المعدل، أو إذا كانت المواد النهائية ستشمل ستة أو ثمانية دروس، الأهم بالنسبة لهم هو الربح الاقتصادي الذي يتم جنيُه من هذا السوق التعليمي الجديد.
هل تحققت الأهداف الأساسية لهذا القرار، مثل تحقيق العدالة التعليمية ومكافحة مافيا امتحانات القبول؟
لا، لم تتحقق أي من الأهداف المزعومة، ففي الوقت الحالي، يجب على الطلاب شراء كتب تحضيرية للامتحانات الوطنية، إضافة إلى كتب خاصة بالامتحانات النهائية، بعبارة أخرى، أصبح السوق التعليمي مقسما إلى سوقين: سوق الامتحانات الوطنية الذي لا يزال نشطا.
وسوق جديد للامتحانات النهائية الذي نشأ مؤخرا، حيث يتم نشر وبيع كتب ودورات تدريبية وموارد تعليمية للتحضير للامتحانات النهائية، لقد دخلت المؤسسات التي كانت تقدم سابقا فقط موارد للتحضير للامتحانات القبول، الآن هذا السوق الجديد أيضا، وقد حققت مبيعات جيدة.
ما هي النتائج التي أسفرت عنها تطبيق هذه القرارات حتى الآن؟
إن أكبر نتيجة لهذا القرار إلى جانب الأضرار النفسية التي لحقت بالطلاب هي إضعاف مكانة البرلمان الإيراني كهيئة تشريعية في البلاد، فعندما يتم تطبيق قرار مخالف للقانون دون أن يتم التصديق عليه من قبل المجلس، فإن ذلك يعتبر إهانة للقانون.
ويُعتبر ذلك تناقضا مع تصريحات المرشد الأعلى التي أكد فيها على أهمية مكانة البرلمان الإيراني، كما أن المجلس الأعلى للثورة الثقافية يمضي قدما في قراراته بقوة، فهو لا يخشى من التشكيك في توقيع رئيس الجمهورية ولا من رد فعل أعضاء المجلس.
وعندما طلب الطلاب إلغاء القرار أو على الأقل تطبيقه بأثر رجعي، كتب أحد أعضاء المجلس الأعلى للثورة الثقافية في تغريدة أن من يطالب بذلك هم أعداء النظام.
إن هذا النهج لا يُعتبر فقط تجاهلا لآراء الشباب، بل هو إهانة مباشرة لهم، والمجلس الذي كان في يوم من الأيام في رأس الأمور أصبح اليوم هيئة تحت أمر الجهات الأخرى.
يبدو أن المجالس العليا مثل المجلس الأعلى للثورة الثقافية، والمجلس الأعلى للفضاء الرقمي، والمجلس الأعلى للأمن القومي… تتجاوز صلاحيات البرلمان الإيراني في اتخاذ القرارات، ولإسكات الرأي العام، فإنهم يعينون ممثلا أو اثنين في هذه المجالس لإظهار حضور تمثيلي فقط.
الطلاب في سن 14 إلى 17 عاما أصبحوا يدركون تماما أن البرلمان، كهيئة تشريعية، أصبح غير مؤثر في اتخاذ القرارات الكبرى، وهذا يمكن أن يؤدي في المستقبل إلى انخفاض في نسبة المشاركة في الانتخابات وإهمال القوانين.
عندما يرى المراهق أن قرار البرلمان يتم تجاهله من قبل مجلس صغير، فإنه يفقد الثقة بهيكل التشريع في البلاد، وهذه الخلافات لها جوانب شخصية وأحيانا مالية، وقد أدت إلى أن يصبح الطلاب ضحايا لهذه الأوضاع.
هل هناك اقتراح للخروج من هذا الوضع؟
للأسف، طالما استمر هذا التعنت، فهناك خطر كبير من حدوث أضرار خطيرة، قد يُقدم بعض المراهقين على تصرفات قاسية مثل الانتحار أو التظاهرات العنيفة بسبب الضغوط النفسية الناجمة عن هذه التقلبات.
وهذا النوع من الحوادث قد حدث سابقا وهو أمر مقلق للغاية، وهذا الوضع هو نتيجة لعناد بعض الأشخاص، وتعارض المصالح، والمصالح المالية، وتدخل من بعض الأفراد الذين يعملون في مجال التعليم والمدارس.
كما أن القضية التي كان ينبغي أن يتم اتخاذ القرار بشأنها بشكل وطني واحترافي ومحايد، قد تحولت إلى ساحة لمنافسات شخصية وجماعية، وفي الظروف الحالية، لا نتعامل مع اختلافات في الرأي على المستوى الوطني، بل قد تقلصت القضية لتصبح خلافات بين بعض أعضاء المجلس وعضو المجلس الأعلى للثورة الثقافية.
لهذا، الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو العودة إلى قانون البرلمان الإيراني الذي أُقر في عام 2013، والذي ينص على إجراء امتحانات موحدة تشمل المواد العامة والخاصة.