ترجمة: دنيا ياسر نورالدين
نشرت صحيفة “اعتماد” الإيرانية الإصلاحية تقريرًا يوم الثلاثاء الموافق 18 مارس/آذار 2025، تناولت فيه ردود فعل عدد من السياسيين والخبراء الإيرانيين حول قرار رفع الإقامة الجبرية عن السياسي الإيراني البارز مهدي كروبي.
كما ناقشت الصحيفة دور حكومة الرئيس الإيراني مسعود پزشكيان في تحقيق هذا القرار، وتأثيره على الوحدة الوطنية والمصالحة الداخلية، فضلًا عن مستقبل العلاقات السياسية في إيران.
الإقامة الجبرية
أفادت الصحيفة بأن مهدي كروبي، السياسي الإيراني الذي خضع للإقامة الجبرية منذ أواخر فبراير/شباط 2011 وحتى مارس/آذار 2025، تم الإفراج عنه أخيرًا دون محاكمة أو صدور أي حكم قضائي ضده.
وأشارت إلى أن كروبي، إلى جانب مير حسين موسوي وزهراء رهنورد، ظلوا قيد الإقامة الجبرية لمدة 14 عامًا، وسط جدل مستمر حول الأسس القانونية لهذه العقوبة.
وأكدت الصحيفة أن الحكومات المحافظة المتعاقبة ادعت أن قرار الإقامة الجبرية صدر بموجب قرار من المجلس الأعلى للأمن القومي.
ومع ذلك، صرح الرئيس الأسبق حسن روحاني سابقًا بأنه لم يتم توثيق أي قرار رسمي بشأن الإقامة الجبرية في هذا المجلس.
كما كشفت تصريحات متناقضة أن سعيد جليلي، الذي كان يشغل منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي آنذاك، لعب دورًا رئيسيًا في فرض الإقامة الجبرية، وفقًا لما نقله علي لاريجاني.
دور مير حسين موسوي
أضافت الصحيفة أن لاريجاني أوضح أنه لو تم السماح لمير حسين موسوي بإلقاء خطاب بعد انتخابات 2009، لما وقعت الأحداث اللاحقة. لكن جليلي منع ذلك، مما أدى إلى تفاقم الأزمة. وأشارت الصحيفة إلى أن الإقامة الجبرية، رغم كونها عبئًا على المجتمع والتيار الإصلاحي، كانت مفيدة للتيار المتشدد الذي استخدمها لتعزيز نفوذه السياسي وتشكيل حكومة موحدة.
إعلان إنهاء الإقامة الجبرية
جاء الإعلان عن إنهاء الإقامة الجبرية من قِبل حسين كروبي، نجل مهدي كروبي، الذي كشف أن هذا القرار كان أحد الوعود المهمة التي أطلقها مسعود پزشكيان، وقد تحقق دون ضجة إعلامية أو استغلال سياسي.
وأضافت الصحيفة أن السلطات الأمنية ستظل متمركزة بالقرب من منزل كروبي حتى 20 أبريل/نيسان 2025 كإجراء انتقالي لإنهاء القيود المفروضة عليه بشكل تدريجي، مع توقعات بأن هذا الإجراء سيمتد ليشمل قريبًا مير حسين موسوي وزهراء رهنورد.
تصريحات حسين كروبي
نقلت الصحيفة عن حسين كروبي قوله إن والده أُبلغ رسميًا برفع الإقامة الجبرية بقرار من رئيس السلطة القضائية، لكنه شدد على ضرورة الإفراج عن موسوي ورهنورد في أقرب وقت.
وقال كروبي: “لقد خضعنا لهذه الإقامة الجبرية بسبب اعتراضنا على نتائج انتخابات 2009، ولذلك ينبغي أن نُرفع عنها معًا. ومع ذلك، لا يمكنني منع رفع الإقامة عني، لكني أوصي بإنهائها فورًا عن موسوي ورهنورد”.
ترحيب بالقرار
رحب العديد من النشطاء السياسيين بالقرار فور الإعلان عنه، معربين عن أملهم في أن يكون ذلك مقدمة لإنهاء جميع الإقامات الجبرية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
وكتبت آذر منصوري، الأمين العام لحزب اتحاد ملت، في تغريدة لها: “خبر جيد؛ رفع الإقامة الجبرية عن الشيخ مهدي كروبي. نأمل أن يُرفع أيضًا عن مير حسين موسوي وزهراء رهنورد، وأن يُطلق سراح جميع السجناء السياسيين خلال عام 2025”.
من جانبه، وصف رحمتالله بيگدلي، عضو حزب اعتماد ملي، القرار بأنه “خطوة كبيرة من قِبل السلطة القضائية نحو المصالحة الوطنية”، مشددًا على أن مهدي كروبي لا يزال يحمل حبًا عميقًا لإيران وشعبها ومبادئ الثورة الإسلامية.
فيما اعتبر حسين نورانينژاد، نائب أمين عام حزب اتحاد ملت، أن رفع الإقامة الجبرية عن كروبي، رغم تأخره واستمراره جزئيًا بالنسبة لموسوي ورهنورد، كان “خبرًا سارًا مع نهاية العام”، متمنيًا أن يكون القرار نهائيًا دون تراجع.
تأثير القرار على المشهد السياسي
رأى نورانينژاد، نائب الأمين العام والمتحدث باسم حزب الوحدة الوطنية الإسلامية في إيران، أن الإقامة الجبرية لم تكن تحظى بتأييد شعبي، بل كانت “مجرد استعراض للقوة”.
وأضاف أنه رغم الضغوط السياسية والاجتماعية المستمرة لإلغائها، لم تتم الاستجابة لهذا المطلب حتى الآن.
وتابعت الصحيفة أن رفع الإقامة الجبرية واجه عراقيل في عهد الرئيس الأسبق روحاني رغم أنه كان أحد وعوده الانتخابية، فيما تضاءلت الآمال مع تولي إبراهيم رئيسي السلطة.
لكن مع پزشكيان، عاد الحديث عن إنهاء الإقامة الجبرية بقوة، خاصة في ظل تغير الظروف السياسية والاجتماعية.
اختلاف المواقف والتعامل معها
أشارت الصحيفة إلى أن الاختلاف في مواقف كروبي وموسوي ساهم في تعامل السلطات معهما بطرق مختلفة. فبينما بقي كروبي متمسكًا بالإصلاح، دعا موسوي ورهنورد لاحقًا إلى “إعادة النظر في الدستور” وإحداث “تغيير جذري”، مما جعل موقفهما أكثر حساسية.
وأكدت الصحيفة أن الإقامة الجبرية لم تحقق أي فائدة، بل أضرت بالمجتمع وأثارت استياء النخب السياسية، وكان ينبغي إنهاؤها منذ وقت طويل.
آمال مستقبلية
لا تزال الآمال قائمة في أن يؤدي هذا القرار إلى الإفراج عن بقية المحاصرين، وكذلك السجناء السياسيين، من خلال التفاوض والتفاهم بين مختلف الأطراف السياسية.
ونقلت الصحيفة عن علي باقري، الناشط السياسي الإصلاحي، قوله إن رفع الحصار عن مهدي كروبي يمثل حلًا لعقدة سياسية داخلية استمرت 14 عامًا.
وأوضح أن الحصار كان عاملًا في زيادة التوترات داخل المجتمع الإيراني، مما أدى إلى تباعد بعض الأطراف السياسية وأضر بالوحدة الوطنية.
جهود حكومة پزشكيان
أعرب باقري عن سعادته بقرار حكومة مسعود پزشكيان، معتبرًا أن سياسته القائمة على “التوافق” نجحت في إنهاء الأزمة التي لم تستطع المواجهة الحادة أو المبادرات السابقة حلّها.
وأضاف أن كروبي لم يكن يستحق البقاء في الحصار كل هذه السنوات، وأن هذا القرار قد يفتح الباب أمام مزيد من الحلول السياسية التي تصب في مصلحة الشعب وتعزز التماسك الوطني.
دور المجتمع المدني والأحزاب
ونقلت الصحيفة عن محمود صادقي، الأمين العام لحزب “جمعية المدرسين الإسلامية”، وصفه رفع الحصار بالخبر السار الذي تزامن مع بداية العام الجديد، معتبرًا أنه جاء ضمن نهج التوافق الذي تتبعه حكومة پزشكيان.
وأكد صادقي أن محاولات سابقة لرفع الحصار لم تحقق نجاحًا، رغم الضغوط الإعلامية، لكن الجهود الحالية أثمرت عن هذه الخطوة المهمة.
وكشف صادقي عن تشكيل فريق عمل برئاسة بهزاد نبوي وبإشرافه الشخصي لمتابعة ملف الحصار، حيث جرت مشاورات مع پزشكيان وأعضاء الحكومة، قبل أن يتضح أن ملف كروبي أُحيل إلى رئيس السلطة القضائية، غلام حسين محسني أجئي، الذي أبدى رغبة في إيجاد حل.
وأعرب صادقي عن أمله في أن تمهد هذه الخطوة لرفع الحصار عن مير حسين موسوي وزهراء رهنورد، معتبرًا أن الظروف السياسية والأمنية الحالية تستدعي التماسك الداخلي أكثر من أي وقت مضى.
رأي الأحزاب الأخرى
وصف حسين كنعاني مقدم، الأمين العام لحزب “سبز”، رفع الحصار بالخبر الإيجابي، مشيرًا إلى وجود ثلاثة احتمالات لهذا القرار: انتهاء المدة القانونية للحصار، الظروف الخاصة مع اقتراب شهر رمضان ونهاية العام الإيراني، أو حدوث تغيير في موقف كروبي السياسي.
وتوقع أن يترك هذا القرار أثرًا ملموسًا على المشهد السياسي، حيث يسهم في تقليل التوترات ويوفر فرصةً للحوار الوطني.
فيما قالت فاطمة راكعي، الناشطة السياسية الإصلاحية، إن قرار رفع الإقامة الجبرية يمثل “عظمة عالقة في حلق الإيرانيين”، مؤكدةً أنها لم تتمالك نفسها من البكاء فور سماع الخبر.
وأكدت أن قرار رفع الحصار يجب أن ينسحب على باقي الشخصيات المحاصرة، مثل موسوي ورهنورد، وأنه يمثل خطوةً مهمةً في طريق المصالحة الوطنية.
اختتمت الصحيفة بالتأكيد على أن قرار رفع الإقامة الجبرية عن مهدي كروبي يمثل خطوة إيجابية نحو المصالحة الوطنية، مع التطلع إلى أن تمهد هذه الخطوة لإنهاء جميع الإقامات الجبرية والإفراج عن السجناء السياسيين، وتعزيز الوحدة الوطنية في إيران.