كتب رضا بهلوي ولي العهد السابق في إيران، مقالة له في صحيفة “تليغراف” البريطانية يوم السبت 13 يوليو/ تموز 2024 حول الأوضاع في إيران، ناقش فيها دور الحرس الثوري.
فإلى نص المقال:
بعد أسابيع فقط من وفاة إبراهيم رئيسي، آخر رئيس إيراني، في حادث تحطم مروحية، بدأ بعض الأفراد في المجتمع الدولي يشيدون بخليفته، مسعود بزشكيان، باعتباره إصلاحيًا أو معتدلًا. لكن السجل يُظهِر أنه ليس كذلك على الإطلاق؛ فهو مخلص بشكل لا يتزعزع للمرشد الأعلى والسياسات المتشددة للجمهورية الإسلامية.
ولنوضح لماذا يحدث هذا. إن النظام الإسلامي في حالة من الهياج والضعف واليأس. ولهذا السبب سمحوا لرجل “إصلاحي” مزعوم بالفوز بالرئاسة. إنه مجرد غطاء. ولا ينبغي للديمقراطيات الغربية أن تنخدع بهذه المناورة السياسية. إن الشعب الإيراني يريد الديمقراطية والحرية. ونحن في حاجة إلى الوقوف إلى جانبه وزيادة الضغوط عليه، وليس تخفيفها.
لقد قامت الجمهورية الإسلامية في إيران على مدى أكثر من أربعة عقود بتصدير ثورتها الراديكالية. ومن خلال احتجاز الرهائن ومحاولات الاغتيال والهجمات الإرهابية، فإن الشعب البريطاني ليس غريبًا على هذا. ولقد كان إدراج الحرس الثوري الإسلامي كمنظمة إرهابية من قبل الحكومة الكندية في الشهر الماضي أمرًا مرحبًا به. والآن أصبحت لدى بريطانيا فرصة للقيادة في أوروبا.
ومن خلال لقاءاتي مع المسؤولين المنتخبين في مختلف أنحاء القارة، أدركت أن هناك إدراكًا متزايدًا لضرورة محاسبة النظام على جرائمه. ونظرًا للقيادة المثيرة للإعجاب التي أظهرها ديفيد لامي في التعامل مع هذه القضية على مدى سنوات عديدة، والالتزام الواضح من جانب حزب العمال، فإن التحرك المبكر من جانب الحكومة الجديدة من شأنه أن يشكل رسالة قوية ــ سواء للنظام الذي يضعف باستمرار أو للشعب الإيراني الذي عانى طويلًا.
إن الأدلة ضد الحرس الثوري الإيراني لا لبس فيها. فهو يروج للإرهاب في الداخل والخارج. ويمول ويدعم الأعمال الإرهابية التي ترتكبها حماس وحزب الله والحوثيون وآخرون في المنطقة. ويدعم الغزو الروسي لأوكرانيا بالطائرات بدون طيار والأسلحة. وعلى الأراضي البريطانية، يتحمل الحرس الثوري الإيراني مسؤولية عشرات الهجمات ومحاولات الاختطاف ضد الصحفيين والمعارضين والمسؤولين. وينشر أيديولوجية إسلامية متطرفة من خلال شبكة من المدارس والجمعيات الخيرية والمساجد في المملكة المتحدة.
وفي بلدي إيران، قمع بوحشية وأعدمت وعذبت مواطناتي الشجعان في حركة المرأة والحياة والحرية.
كانت الحكومة البريطانية قد زعمت في السابق أنها بحاجة إلى إبقاء قناة مفتوحة مع طهران، وبإدراج الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية فإنها بذلك ستغلق هذا الحوار. وهذا غير صحيح على الإطلاق، حيث تحتفظ بريطانيا بسفارة نشطة في طهران.
ولكن على أية حال، ما الذي حققه هذا الحوار؟ إن عقودًا من الاسترضاء والاحتواء للنظام الإيراني لم تؤد إلا إلى تشجيعه والإضرار بالمصالح البريطانية.
إن النظام يقترب من امتلاك القنبلة النووية في وقت تصبح فيه الخيارات أكثر محدودية. ويقول آخرون إن فرض عقوبات على فرع من فروع الجيش في دولة أخرى من شأنه أن يشكل سابقة دبلوماسية لا رجعة فيها، وقد تستخدمها جهات سيئة مثل روسيا والصين ضد الغرب في وقت لاحق. وهذا يعكس سوء فهم أساسيًا للحرس الثوري الإيراني، الذي يتباهى مؤسسوه علناً بأن اسمه لا يتضمن كلمة “إيران” لأن مهمته ليست الدفاع عن إيران بل تصدير الثورة الإسلامية إلى مختلف أنحاء العالم.
وعلى الرغم من التحريض على الحرب والتهديدات التي أطلقها النظام مؤخراً، فإنه يتعين علينا أن ندرك أن النظام ضعيف ومنقسم. فقد انقلب الشعب عليه، كما نرى في مقاطعة الانتخابات الصورية التي نظمها. ونحن نشهد مؤشرات متزايدة على الانشقاقات داخل القوات المسلحة. والواقع أن التغيير أمر لا مفر منه في إيران. وسوف ينطلق التغيير من داخل البلاد، وقد يحدث في وقت أقرب مما نتصور.
إن هناك بديلاً لكل من الاسترضاء والعمل العسكري. وهناك طريق ثالث: دعم نضال الشعب الإيراني من أجل الديمقراطية. وهناك أشياء عملية تستطيع الديمقراطيات الغربية أن تفعلها لدعم الشعب الإيراني. لقد حان الوقت ليس فقط لممارسة أقصى قدر من الضغط، بل وأيضاً لسياسة تقديم أقصى قدر من الدعم. وهذه هي نفس مجموعة السياسات التي استخدمتها بريطانيا والغرب للمساعدة في إسقاط نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا والأنظمة الشيوعية في أوروبا الشرقية. والواقع أن الإيرانيين يستحقون نفس الدعم.
إن إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة الإرهاب لا بد أن يكون مجرد الخطوة الأولى، ولكن الحاسمة، في إطار هذا الجهد الأكثر تنسيقًا. إن مواطني بلدي يقاتلون من أجل إيران لا تتصف بالإرهاب والفوضى، بل بالتعاون السلمي والعلاقات البناءة مع العالم.
تخيلوا إيران ديمقراطية علمانية تعيش في سلام مع جيرانها. تخيلوا قوة اقتصادية جديدة تبني الرخاء والسلام في المنطقة. هذا ممكن الآن. الشعب الإيراني يكافح من أجل جعل هذا حقيقة واقعة، وبدعمكم سوف يحققون ذلك في وقت أقل وبتكلفة أقل.