كتبت: لمياء شرف
أغلقت إدارة العمليات العسكرية بسوريا، المتمثلة في هيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة السورية، معسكرات الفصائل الفلسطينية المقربة من النظام السوري المخلوع، وعلى رأسها الجبهة الشعبية-القيادة العامة.
وكشف مسؤول فلسطيني، رفض الكشف عن اسمه، أنه عُقد اجتماع ضم فصائل فلسطينية وإدارة العمليات العسكرية بسوريا في مخيم اليرموك بالعاصمة دمشق.
وتطرّق الاجتماع إلى عدد من المواضيع، حيث ناقشا خلاله وضع الفصائل الفلسطينية في المرحلة القادمة بسوريا.
ضمّ الاجتماع كلا من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وحركة الجهاد الإسلامي، وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني-القيادة العامّة، والصاعقة، ولم يحضر الاجتماع كل من حركة فتح وحركة حماس.
وحسب صحيفة المدن اللبنانية، تم الاتفاق على تسليم القواعد العسكرية للفصائل خارج المخيمات الفلسطينية في سوريا، على أن تبقى المكاتب داخل المخيمات مفتوحة بوجود أسلحة فردية فقط، إلى حين تنظيم أوضاعها القانونية.
وأشار القيادي في إدارة العمليات إلى أن هذا الاتفاق مؤقت، في إشارة ضمنية إلى أنه لن يكون في المرحلة المقبلة فصائل لها خصوصية لدى الدولة السورية، وأن الجرائم التي حدثت سابقا في نظام بشار، سيجري التعامل مع مرتكبيها بعيدا عن الفصائل التي ينتمون إليها.
وأكد أن موقفهم تجاه فلسطين ثابت، فهو موقف تاريخي لا يتغير بغض النظر عن متاجرة النظام السوري القديم بالقضية الفلسطينية.
وشدد على أن حقوق الفلسطينيين المدنية ليست منّة من النظام السابق، بل هي قوانين ثابتة سبقت وجوده بسنوات طويلة، وهذا نابع من شعور إنساني لدى الشعب السوري تجاه ضيوفه وأهله من الفلسطينيين.
الفلسطينيون في سوريا
بعد تهجير نحو مليون فلسطيني عام 1948، عبَروا إلى حدود الدول المجاورة لهم، الأردن وسوريا ولبنان، ولم يجد اللاجئون في بادئ الأمر ما يلجأون إليه سوى المغارات والكهوف والمدارس والمساجد والكنائس والثكنات العسكرية القديمة، حتى أنشأت لهم منظمة الأونروا ملجأ داخل هذه الدول.
تأسس مخيم اليرموك عام 1957، حيث يضم آلافا من الأسر الفلسطينية النازحة إلى سوريا، فوق مساحة من الأرض تبلغ 2.1 كيلومتر مربع.
قبل اندلاع النزاع في 2011، كان اليرموك مسكنا لنحو 160.000 لاجئ من فلسطين، ما يجعله أكبر مجتمع للاجئي فلسطين في سوريا، ويبعد 8 كيلومترات عن دمشق.
وفي يناير/كانون الثاني 2012، اندلعت اشتباكات عنيفة في اليرموك، الأمر الذي تسبب بوقوع العديد من الإصابات بين المدنيين وحدوث أضرار جسيمة بالممتلكات ونزوح الآلاف من لاجئي فلسطين ومن السوريين.
وبقي المخيم تحت الحصار منذ 2013، الأمر الذي حدَّ بشكل كبير، من دخول البضائع التجارية والإنسانية. وفي 2014، أتيح لـ”الأونروا” المجال للدخول إلى اليرموك وعملت على توزيع مباشر للاجئي فلسطين المحاصرين.
استولت المعارضة المسلحة على أكثر من 60% من المخيم عام 2015، إلى أن هاجمت حكومة بشار المعارضة واستولت عليه بمساعدة الفصائل في 2018.
ويعتبر اجتماع الفصائل مع إدارة العمليات العسكرية خطوة نحو اتفاق أوّلي، حيث لم يتورط المنتسبون إلى الفصائل الفلسطينية في أي عملية ثأر برغم قتالهم بصفوف نظام بشار الأسد.
وذكرت “المدن” أنها أجرت حوارا مع أحد الناشطين في مخيم اليرموك، وهو معتقل سابق عام 2018 لتسعة أشهر دون أية تهمة، حيث أكد أن مزاولة غير المتورطين في الجرائم أعمالهم، رغم انتسابهم إلى فصائل قاتلت مع النظام “لا يعني التساهل معهم، وعدم ملاحقتهم في المحاكم”.
وأشار إلى أن الوضع العام الآن لا يقبل المصالحات دون عدالة، فقد حدثت مجاعة مرعبة في مخيم اليرموك، وهناك أكثر من 600 فلسطيني في سوريا قُتلوا تحت التعذيب، ومن حقهم أن ينال قاتلوهم العقاب.
اختفاء الفصائل من “اليرموك”
ولوحظ خلال جولة قامت بها صحيفة الشرق الأوسط، إغلاق الفصائل الفلسطينية التي اصطفَّت مع نظام الأسد وقاتلت معه ضد شعبه، مكاتبها واختفاء عناصرها، ووضحت عدة مصادر أهلية، أنهم هربوا منذ ليلة سقوط النظام.
وأكدت المصادر الأهلية أن الوضع الآن “أفضلُ بكثير” مما كان عليه، مطالبين الحكومة الجديدة بالإسراع بإعادة الخدمات الأساسية للمخيم، وإعادة إعماره؛ لكي يكون كما كان منطقة حيوية.
ويذكر أن نظام بشار الأسد اعتقل مئات الفلسطينيين من داخل مخيم اليرموك منذ 13 عاما ولا يُعلم عنهم شيء حتى الآن، كما قال أحد المعتقلين المفرج عنهم من سجن صيدنايا، إنه رأى عشرات الشباب من حي اليرموك داخل سجن صيدنايا.
ولا تتوافر معلومات دقيقة عن عدد الفلسطينيين المعتقلين أو الذين قُتلوا وفُقدوا في سوريا على مدى عقود، لكن “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا”، وهي منظمة حقوقية إعلامية تمارس أعمالها من لندن، توثق منذ عام 2011 تحديثات لأعداد القتلى والمفقودين والمعتقلين.
ووفق توثيق المنظمة، فقد قُتل 4294 فلسطينيا، وكان يعتقل حتى سقوط بشار الأسد 3085، إضافة إلى فقدان 333، منذ 2011.