كتب: محمد بركات
انتشرت في الآونة الأخير شائعات عن تعيين على رضا زاكاني، رئيس بلدية طهران، نائبا للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، لإدارة شؤون الأضرار الاجتماعية، والتي أثارت تساؤلات عديدة عقب انتشارها، مفادها أنه كيف للرئيس الإيراني أن يعين شخصا كزاكاني وهو يواجه قضايا فساد في بلدية طهران، فما أصل القصة، وهل عيَّنه بزشكيان بالفعل؟
أصل القصة:
إن طهران، ولكونها العاصمة ومدينة كبيرة من حيث الحجم وعدد السكان، تواجه مجموعة من المشاكل والأزمات الخاصة تتضمن الأضرار الاجتماعية، مثل الفقر، والإدمان، والأطفال العاملين وغيرها من هذه القضايا، ولهذا السبب، يقوم رؤساء الجمهورية بإيران في بعض الأحيان بتعيين مساعد خاص لهم للتعامل مع هذه الأضرار تكون له بعض الصلاحيات الخاصة، وهو ما حدث في أغسطس/آب من العام 2023، حيث كلّف إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني الراحل، عليرضا زاكاني، رئيس بلدية طهران، بإدارة شؤون الأضرار الاجتماعية في مدينة طهران، وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء، وفقا لتقرير موقع خبر أونلاين الصادر في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني.
وقد جاء في نص قرار تعيين زاكاني: “بناءً على هذا القرار، ولتعزيز التنسيق بين الأجهزة التنفيذية التابعة للسلطة التنفيذية، والتعاون مع المؤسسات الشعبية والجهات الأخرى المرتبطة بإدارة الأضرار الاجتماعية (مثل المناطق العشوائية، والمشكلات الأخلاقية، والمدمنين، خاصةً المدمنين الظاهرين، وأطفال الشوارع، والمتسولين وأسرهم)، يتم تعيين السيد عليرضا زاكاني خلال فترة توليه منصب رئاسة بلدية طهران كممثل بموجب المادة (127) من الدستور الإيراني”.
(نسخة من قرار تعيين زاكاني)
ومع تغيير الحكومة وتولي الحكومة الرابعة عشرة، حكومة بزشكيان، ظنّ البعض أن مسؤولية زاكاني في إدارة شؤون الأضرار الاجتماعية بمدينة طهران قد انتهت، إلا أن عبد المجيد رحماني، أمين مركز رصد ومتابعة الأضرار الاجتماعية في مدينة طهران، أعلن الخميس 31 أكتوبر/تشرين الأول، استمرار تفويض رئيس بلدية طهران بصفته ممثلا لرئيس الجمهورية في إدارة الأضرار الاجتماعية بمدينة طهران، وذلك وفقا لتقرير وكالة إيسنا بتاريخ 1 نوفمبر/تشرين الثاني.
ووفقا للتقرير، فقد صرح رحماني بخصوص استمرار صلاحيات الحكومة لزاكاني في منصبه بإدارة الأضرار الاجتماعية في طهران، بأنه “في ظل تولي الحكومة الجديدة، ولأن القرار السابق لم يتم إلغاؤه، فقد أجرى زاكاني محادثات مع الحكومة ورئيس الجمهورية، وما زالت الصلاحيات تحت تصرف الدكتور زاكاني. كما أن الحكومة الجديدة وافقت على استمرار القرار السابق، ولا يوجد ما يمنع من متابعة هذه المهام، وستستمر الأنشطة وفقا للإجراءات السابقة”، مؤكدا أنه لم يتم منح أي تفويض جديد، وأن القرار السابق لا يزال ساريا، وقال: “إلى أن يُلغى قرار مجلس الوزراء، يظل القرار قائما؛ لكن تم استشارة الحكومة الجديدة التي أكدت متابعة العمل”.
بعدها مباشرة، وفي نفي لتلك التصريحات، كتب علي تاجرنيا، الذي شغل منصب رئيس حملة مسعود بزشكيان الانتخابية في طهران خلال الانتخابات الرئاسية، بحسابه على منصة إكس، قائلا: “لقد تواصلت شخصيا مع مكتب رئيس الجمهورية، ولم يتم إصدار أي قرار خاص للسيد زاكاني كممثل خاص لرئيس الجمهورية في مجال الأضرار الاجتماعية، كما أن استمرار مسؤوليته في هذا المجال أمر غير صحيح”.
بعدها أيضا نفى علي أحمد نيا، مدير العلاقات العامة للحكومة، هذا الادعاء، حيث كتب بحسابه على منصة إكس: “ادعاء تعيين السيد زاكاني ممثلا لمتابعة وإدارة الأضرار الاجتماعية غير صحيح. انتهى”.
هذا وقد علق موقع فرارو على ذلك الخبر بنشر كاركاتير يظهر زاكاني ومسعود بزشكيان، رئيس الجمهورية، وهو يسأله لماذا لم يُعيّنه:
“لماذا لم تقبل؟ ماذا عن التوافق؟
فكرت مليّا ووجدت أنني بحاجة لجلب أربعة أشخاص آخرين ليعتنوا بك!”.
زاكاني وتهم الفساد الموجهة له:
هو رئيس مركز البحوث في البرلمان الإيراني ورئيس بلدية طهران الحالي، وُلد في الثالث من مارس/آذار للعام 1966 في أسرة متدينة بجنوب طهران. ينحدر زاكاني من أصول متفرقة، فجده لوالدته من تبريز، وجدته من كاشان، بينما أجداده من جهة والده كانوا من قرى في شمال طهران. والده، الذي وُلد في مدينة شهر ري، كان رياضيا بارزا وحكما دوليا في رياضة المصارعة، وذلك وفقا لتقرير موقع فرا ديد الإخباري بتاريخ 10 يوليو/حزيران 2024.
سياسيا، شارك زاكاني في تأسيس حركة “رواد الثورة الإسلامية” في عام 1999 مع مجموعة من التيار الأصولي، ويشغل حاليا منصب الأمين العام للحركة. ترشح لمجلس الشورى عدة مرات منذ الدورة السابعة حتى الحادية عشرة، كما خاض الانتخابات الرئاسية لعام 2017 ضمن جبهة “قوى الثورة “، لكنه انسحب لصالح مرشح آخر. وفي العام 2021، تقدم للترشح مجددا للانتخابات الرئاسية، غير أنه انسحب لصالح، إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني السابق، قبل يومين من التصويت. عُيّن زاكاني بمنصب رئيس بلدية طهران في أغسطس/آب 2021 بقرار من مجلس المدينة، ليحل مكان العمدة السابق بيروز حناجي.
وكانت قد لاحقت زاكاني تهم بالفساد واستغلال النفوذ طوال هذا العام، فكان من بين أبرز تلك التهم عقد نشر مجلة بنجره، حيث كشفت وسائل الإعلام عن عقد بين زاكاني ومؤسسة “الدعاية الإسلامية” في عام 2010، يقضي بدفع 5000 مليون ريال، ما يعادل 9500 دولار، بهدف تعزيز الوعي، الأمر الذي نفاه زاكاني نفى وقال إنه كان مجرد تفاهم وليس عقدا رسميا، وذلك وفقا لتقرير نشره موقع راديو فردا في 6 أغسطس/آب 2024.
ووفقا للتقرير، فقد أثيرت تساؤلات أيضا حول مصادر تمويل زاكاني، خصوصا بعد نشره قائمة ممتلكاته في عام 2019، حيث ادعى أنه لم يعمل في القطاع الخاص وخصص معظم دخله لأعمال “الثورة والخدمة العامة”. ورغم هذه الادعاءات، كانت هناك تأكيدات على مشاركته في مناصب متعددة بمؤسسات حكومية وخيرية، ما أثار الشكوك حول استغلاله هذه المناصب.
ويذكر التقرير أن هناك تهما أخرى تفيد باستغلال مؤسسات خيرية لأغراض تجارية، من ضمنها شركة “عمید رایانه شریف” التي يزعم أنها استفادت من رعاية سياسية. هذا بجانب أخبار حول فساد عائلته، وضمن ذلك تهم تتعلق بمؤسسات تعود لابنته وزوجها، اللذين تلقيا مشاريع حكومية ضخمة من خلال علاقات سياسية، أما في ما يتعلق بالتعيينات، كان هناك جدل بشأن تعيين مسعود فياضي، زوج ابنته، في مركز أبحاث البرلمان، ما أثار انتقادات داخل البرلمان ووسائل الإعلام بسبب نقص التخصص والخبرة في منصبه.
وكانت نرجس سليماني، عضو مجلس مدينة طهران وابنة قاسم سليماني قائد فيلق القدس السابق، قد تزعمت حملة هجوم شديدة على أداء زاكاني وفريقه الإداري، قائلةً إن المدينة بحاجة إلى قائد حكيم وهادئ، بعيد عن الشعارات الجوفاء، ويعمل دون ضجيج ودون أن يتطلع باستمرار إلى مناصب أخرى. وأشارت بقولها: “ليس كل من جلس على كرسي القيادة يمتلك الحكمة ويفهم قواعد الرئاسة”، وذلك وفقا لتقرير موقع تجارت نيوز في 13 يوليو/تموز 2024.
وفقا للتقرير، فخلال الجلسة رقم 249 لمجلس طهران، أكدت نرجس سليماني، التي تشغل منصب رئيس لجنة الإشراف والقانون بالمجلس، عدم حدوث تغيير ملحوظ في المدينة منذ انضمامها إلى المجلس، مشيرة إلى أن النقل العام، وجمع النفايات، وإدارة شؤون المدينة، والتواصل بين المواطنين وبلدية طهران لا تزال تعاني من مشاكل، كما انتقدت سوء توجيه البلدية في استخدام بعض اللجان، مثل لجنة المادة الخامسة، محذرة من اعتبارها كحصالة أموال للبلدية، وأضافت سليماني أن فقدان القبول الشعبي يسلب الشرعية عن منصب رئيس البلدية، مشيرة إلى أن الإصلاحات الحالية لن تحقق نتائج.