كتب: ربيع السعدني
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مقابلة حصرية مع ماريا بارتيرومو عبر قناة “فوكس بيزنس”، إنه أرسل رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، وزعمت بعض وسائل الإعلام أن ترامب أكد في هذه الرسالة، أنه يفضل التوصل إلى اتفاق مع طهران بشأن برنامجها النووي، وفي الوقت نفسه، كرر في هذه المقابلة مرة أخرى الادعاءات بشأن البرنامج النووي، قائلا: “إيران لا يمكن أن تمتلك أسلحة نووية”، ثم هدد بوجه مكشوف: “أبرموا صفقة أو واجهوا الجيش الأمريكي”.
وقد خصص ترامب، وفقا للممارسة المعتادة في بلاده باستخدام عرض المفاوضات كأداة للضغط والتهديد، جزءا آخر من رسالته لتكرار التهديدات، وقال: “إذا لم تتفاوض إيران فإن الأمور ستصبح قبيحة بالنسبة لهم، لا يمكن لإيران أن تمتلك أسلحة نووية”، وزعمت NRAMP أيضا أو (National Regulatory Agenda and Management Plan) والذي هو إطار استخدمته الإدارة الأمريكية الحالي لإدارة سياسات تنظيمية معينة، حسبما نقلت وكالة تسنيم للأنباء، التابعة للحرس الثوري: “الخيار الآخر هو أن تفعل شيئا ما، لأن إيران لا تستطيع امتلاك الأسلحة النووية”، ومن خلال كلامه واستنادا إلى جميع الأدلة، يبدو أن خلاصة الرسالة هي: “عليكم قبول شروطنا، والخيار لكم في قبول هذه الشروط، إما مع أو من دون عمل عسكري”.
تفاوض أو حل عسكري!
وأكد الرئيس الأمريكي في الرسالة التي يزعم ترامب أنه أرسلها يوم الأربعاء 5 مارس/آذار 2025 إلى المرشد الإيراني، أنه يفضل التفاوض على اتفاق مع النظام الإيراني بدلا من اللجوء إلى العمل العسكري، وقد أوضح مسبقا نتيجة الرفض المحتمل لهذا العرض لخامنئي: “الخيار الآخر هو العمل العسكري، لأن إيران لا يجب أن تمتلك أسلحة نووية”، كما قال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض، يوم الجمعة 7 مارس/آذار 2025، إن شيئا ما سيحدث “قريبًا جد،ا” بشأن إيران، شيء يأمل أن يتحقق من خلال اتفاق على الورق وليس عبر القصف والهجوم العسكري.
نفت طهران مرارا وتكرارا، ادعاءات الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي بأنها تحاول امتلاك الأسلحة النووية، وبحسب وكالة “إيسنا” الإيرانية، أعرب ترامب في تصريحاته عن أمله في التوصل إلى اتفاق سلام مع إيران، وأضاف أن “أياما مثيرة للاهتمام تنتظرنا” في ما يتعلق بإيران، مدعيا أنه “سيتعين علينا أن نرى ما سيحدث، نحن نقترب من اللحظات الأخيرة، أعتقد أنه كان من الممكن أن نتوصل إلى اتفاق خلال شهر من الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2020 “كانوا مستعدين للموافقة”.
على صعيد آخر، زعمت قناة “الجزيرة” القطرية نقلا عن شخص وصفته بأنه مسؤول أمريكي، أن رسالة الرئيس الأمريكي إلى المرشد الإيراني لم تُرسل بعد، وقدم الجمعة 7 مارس/آذار 2025، توضيحا بشأن رسالة دونالد ترامب إلى خامنئي بحسب وكالة “تسنيم” للأنباء، وقال: “إن ترامب كتب الرسالة لكنها لم ترسل بعد”.
إيران تنفي ادعاء ترامب
ونفت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة مثل هذا الادعاء، ردا على سؤال من وسائل الإعلام الأمريكية بشأن الرسالة المزعومة من رئيس النظام الأمريكي. وبحسب وكالة تسنيم للأنباء، قالت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، ردا على سؤال من وسائل إعلام أمريكية بشأن الرسالة المزعومة من رئيس النظام الأمريكي: “لم نتلق مثل هذه الرسالة حتى الآن”.
وأعلن مصدر دبلوماسي أن طهران أبلغت وزير الخارجية الروسي أنها لن تدخل أبدا في مفاوضات نووية مع واشنطن بشروط الإدارة الأمريكية الحالية، وقال المصدر في حديث لـ “شبكة الميادين الإخبارية”، السبت 8 مارس/آذار 2025، بحسب وكالة أنباء الطلبة الإيرانية “إيسنا”: “إن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أعلن خلال زيارته لطهران استعداده لدفع المفاوضات النووية مع واشنطن عبر القنوات الدبلوماسية”، وأضاف: “رغم ترحيب طهران بمبادرة موسكو، فإنها أكدت لـ لافروف أنها لن تدخل أبدا في مفاوضات مع واشنطن بشروط إدارة ترامب”.
حتى في هذا السياق، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في مقابلة مع وكالة “فرانس برس” على هامش اجتماع وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي في جدة، أن “إيران لن تستأنف المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي حتى تمارس إدارة ترامب أقصى الضغوط”، وأضاف: “لا يمكن تدمير البرنامج النووي الإيراني عبر هجوم عسكري، هذه هي التكنولوجيا التي حققناها، والتكنولوجيا الراسخة في العقول لا يمكن قصفها، ولذلك، أعتقد أن الحديث عن إرسال ترامب رسالة إلى المرشد الأعلى أقرب إلى لفتة سياسية يود أن يُنظر إليها على هذا النحو”.
ترامب يحب أن يُرى
وفي مقابلة مع وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا)، قال علي سقائيان، السفير الإيراني الأسبق لدى أرمينيا، في تحليله تصريحات ترامب الأخيرة بشأن إيران: “في هذا السياق، يجب أن ننظر إلى تاريخ وسلوك الجانب الأمريكي السابق، سواء في عهد الجمهوريين أو الديمقراطيين، حيث بدأت العقوبات وسياسة الضغوط القصوى في تسعينيات القرن العشرين، باستثناء الاتفاق النووي الذي شهد انخفاضا في الضغوط القصوى لفترة قصيرة، بعد ذلك رأينا ترامب يمزق الاتفاق النووي الذي وافق عليه الكونغرس وصدق عليه مجلس الأمن أمام العالم، وبعد ذلك لم يكن سلوك الأمريكيين وديا وإضافة إلى ذلك، فإننا نشهد ممارسة أقصى قدر من الضغط على مبيعات النفط، وفي المقابل، لا نرى أي إجراء إيجابي من جانب الأمريكيين وترامب نفسه”.
ووصف سقائيان تصرف ترامب بـ”البروباغندا”؛ حتى يتمكن لاحقا من القول: “لقد قدمت عرضا لكن إيران رفضته، وهذا على الرغم من أن ترامب لم يُظهر أي سلوك يوحي بتغيير في وجهة نظر أمريكا أو أفعالها، مثل تخفيف الضغوط القصوى ثم الحديث عن المفاوضات، وحتى في عهد أوباما، كانت هناك رسائل مكتوبة، مثل رسالة ريغان الشهيرة إلى الخميني، لكن لم يتم الإعلان عن أي شيء منها على الإطلاق، بينما اعتمد ترامب أسلوبا جديدا وأعلنه علنا دون اتخاذ أي إجراء عملي”.
وأضاف أن “طهران أكدت مرارا وتكرارا، أنها بناءً على فتوى القيادة الإيرانية لم تسع إلى امتلاك الأسلحة النووية، ولا يوجد مثل هذه الخطة في سياستنا الدفاعية، وبالتالي فإن الرد على كلام ترامب قد تم تقديمه بالفعل، ولكن ما يقترحه بشأن السلام يبدو منسجما مع الشرق الأوسط الجديد لتحقيق العملية التي شرع فيها”.