كتبت: زاد إيران
رغم إعلان تركيا رسميا عن ضرورة وقف الصراع القائم في سوريا بين نظام بشار الأسد وفصائل المعارضة السورية، فإن صحفا تركية اتهمت أجهزة الأمن والمخابرات التركية بتقديم الدعم لتنظيم تحرير الشام المسلح، مما يساعده في مواصلة هجماته ومن ثم استمرار الصراع الدائر .
تركيا تطالب رسميا بوقف الصراع
أصدر المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، أنجو كيجيلي، بيانا في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أبدى فيه القلق إزاء التطورات الأخيرة في محافظة إدلب والمناطق المجاورة.
وجاء في البيان: “إن الحفاظ على الهدوء والاستقرار في محافظة إدلب والمناطق المجاورة، والتي تقع على الحدود التركية، مسألة ذات أهمية قصوى، وقد تم التوصل إلى بعض الاتفاقات بشأن منطقة تخفيف التوتر في إدلب منذ عام 2017، وتعمل تركيا على تنفيذ هذه الاتفاقات بجدية وحس المسؤولية”، بحسب نص البيان.
وأضاف البيان أن “الهجمات الأخيرة على إدلب قد وصلت إلى مستوى يضر بروح وآلية اتفاقات أستانا، وتسبب في خسائر كبيرة بالأرواح بين المدنيين. ولقد حذرت تركيا مرارا وتكرارا في المحافل الدولية من هذه الهجمات وطالبت بوقفها”.
وأشار إلى أن “الاشتباكات الأخيرة قد أدت إلى تفاقم التوتر في المنطقة، مما قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار بشكل أكبر وإلحاق مزيد من الأذى بالمدنيين الأبرياء، وهو ما تعتبره تركيا أمرًا غير مقبول”.
وشدد البيان على أن “تركيا تتابع عن كثب، التطورات في المنطقة، وتعمل على حماية المصالح التركية والأمن القومي، مع تأكيد أهمية وحدة سوريا وسلامة أراضيها ومكافحة الإرهاب”.
هل تدعم تركيا تنظيم “تحرير الشام” ؟
رغم الموقف الرسمي التركي المعلن الذي يدعو إلى وقف هجمات الفصائل المسلحة في سوريا، فإن صحفا تركية اتهمت النظام التركي وأجهزته الأمنية باتخاذ موقف مخالف في الواقع لما صرح به المتحدث باسم الخارجية التركية.
فتحتَ عنوان “لعبة خطيرة بين أنقرة وموسكو”، نشر الموقع الإخباري التركي Gazete Duvar في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، تقريرا حول تطورات الأوضاع على الاراضي السورية جاء فيه:
لا يبدو أن تركيا تشارك بشكل مباشر في تزويد الجيش الذي تقوده هيئة تحرير الشام بالطائرات المسيرة، حيث يُقال إن هذه الطائرات من أصل أوكراني. ولكن، من الواضح أن تركيا تقدم دعما سياسيا ومعنويا لهذه الهجمات، فقد صرح أحد المحللين بأن الدعم التركي غير المباشر عامل حاسم في نجاح الجماعات المسلحة بإدلب.
ويضيف التقرير أن التصريحات الرسمية التركية تدعم هذا التفسير، حيث أشارت وزارة الخارجية التركية في بيانها، إلى أن الهجمات على إدلب هي السبب الرئيسي للتصعيد الحالي، وحملت النظام السوري المسؤولية عن هذه الهجمات. وهذا يعني أن تركيا تدعم الجماعات المسلحة في إدلب باعتبار ما تقوم به رد فعل.
وتابع التقرير: “رغم تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، بأن تركيا تدعم الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها ومكافحة الإرهاب، فإنه يبدو أن ممثلي الخارجية التركية عندما يتحدثون عن “مكافحة الإرهاب”، فإنهم يقصدون الجماعات الكردية في مناطق مثل تل رفعت ومنبج، وليس فصائل المعارضة في إدلب، ويبررون ذلك بوجود اتفاقيات سابقة لم تنفذ بشأن طرد هذه الجماعات الكردية.
ويضيف التقرير: “على الرغم من أن تركيا تدعي أنها ملتزمة باتفاقات وقف إطلاق النار في إدلب، فإن الهجمات المستمرة التي تشنها الجماعات المسلحة في هذه المنطقة تتعارض مع هذه الادعاءات. فوفقا لهذه الاتفاقات، يجب على تركيا كبح جماح هذه الجماعات ومنعها من شن هجمات”.
ويرى التقرير أن الهجوم الذي تقوده هيئة تحرير الشام على حلب يمثل مكسبا للنظام التركي، حيث يمكن أن يؤدي إلى تحول كبير في ميزان القوى بسوريا، مما قد يؤدي إلى تراجع نفوذ إيران وروسيا في المنطقة، فإذا نجحت هذه الهجمات، فإن النظام السوري سيضعف بشكل كبير، وستزداد قوة تركيا.
وأضاف: “في حال سيطرة المعارضة على حلب، فمن المحتمل أن تطالب تركيا النظام السوري بتقديم تنازلات كبيرة. وقد يضطر النظام السوري إلى القبول بشروط أكثر صرامة في أي مفاوضات مستقبلية. كما أن هذا النصر قد يعزز من موقف تركيا في المنطقة، ويمكّنها من فرض شروطها على الأطراف الأخرى”، بحسب نص التقرير.
تناقضات السياسة التركية
كما زعم الموقع الإخباري التركي Evrensel في تقرير نشره 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أن هناك دلائل على دعم تركيا لتنظيم تحرير الشام، حيث ذكر الموقع في تقريره: “رغم التصريحات الرسمية التركية التي تصنف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية، فإن هناك أدلة على وجود تعاون بين الاستخبارات التركية (الميت) وهذه الجماعة. كما أن وجود القوات التركية في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام في إدلب يوفر لها حماية ضمنية”.
وعن دلائل الدعم التركي لتنظيم تحرير الشام يقول الموقع الإخباري التركي: “تشير تقارير إلى تنسيق عمليات عسكرية مشتركة بين فصائل معارضة سورية مدعومة من تركيا وهيئة تحرير الشام، كذلك هناك أيضا أدلة على أن تركيا تقدم الدعم اللوجستي لهيئة تحرير الشام، وضمن ذلك الأسلحة والذخيرة. كما أن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حول هيئة تحرير الشام تتناقض مع التصنيف الرسمي لهذه الجماعة كمنظمة إرهابية.
وعن أسباب الدعم التركي لفصائل المعارضة في سوريا، يقول تقرير الموقع الإخباري: “تسعى تركيا إلى تقويض نفوذ حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي في شمال سوريا، وتعتبر هيئة تحرير الشام حليفا لها في هذه المعركة. كما أن أنقرة تسعى إلى منع سقوط محافظة إدلب في أيدي النظام السوري، وتعتبر هيئة تحرير الشام قوة عسكرية مهمة في هذه المنطقة”.
ويضيف التقرير: “تكشف الأحداث الأخيرة في سوريا، لا سيما الهجوم الذي شنته هيئة تحرير الشام على حلب، عن شبكة معقدة من التحالفات والمصالح المتضاربة بين القوى الإقليمية والدولية. وتكشف هذه الأحداث أيضا عن الحسابات التي يقوم عليها النظام التركي في التعامل مع الأزمة السورية”.
وتابع: “من الواضح أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يسعى إلى تحقيق عدة أهداف من خلال دعم الهجوم الذي شنته هيئة تحرير الشام على حلب، منها الضغط على روسيا، الحليف الرئيسي للنظام السوري، لدفعه إلى التفاوض معه بشأن الملف السوري”.
كما يسعى أردوغان إلى إضعاف النظام السوري، وفرض شروطه على بشار الأسد للدخول في مفاوضات سياسية، إضافة إلى هدف منع قيام دولة كردية في شمال سوريا.
وبحسب تقرير الموقع الإخباري التركي، فإن أردوغان يرى في هيئة تحرير الشام حليفا له في هذه المعركة حتى يحقق أهدافه.