ترجمة: يارا حلمي
نشرت صحيفة “هم ميهن” الإيرانية الإصلاحية، الأحد 16 مارس/آذار 2025، تقريرا تناولت فيه انتهاء قضية ولي الله سيف، محافظ البنك المركزي الإيراني السابق، وأحمد عراقجي نائب محافظ البنك المركزي السابق لشؤون النقد الأجنبي.
خلفية عن ولي الله سيف
ولي الله سيف هو محافظ البنك المركزي الإيراني السابق، حيث شغل هذا المنصب من عام 2018 حتى عام 2021. تم تعيينه من قبل الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، خلفا لمحمود بهمني.
ولي الله سيف لديه خلفية أكاديمية ومهنية قوية في مجال الاقتصاد والمالية، حيث عمل أستاذا للاقتصاد في عدة جامعات إيرانية قبل توليه منصب محافظ البنك المركزي.
خلال فترة ولايته، واجه سيف العديد من التحديات الاقتصادية، وضمن ذلك العقوبات الأمريكية على إيران، والتي أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الإيراني وسعر صرف العملة المحلية.
حاول سيف تنفيذ سياسات لتحسين استقرار السوق المالية وإدارة التضخم، لكنه واجه انتقادات بسبب عدم قدرته على تحقيق نتائج ملموسة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
وفي عام 2021، تم استبداله بعلي صالحي آبادي كجزء من التغييرات التي أجراها الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي.
انتهاء القضية
قالت صحيفة “هم ميهن” إن حسام الدين آشنا، المستشار السابق للرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، أعلن صباح السبت 15 مارس/آذار 2025، على “إكس”، عن انتهاء قضية ولي الله سيف وأحمد عراقجي (حيث وجهت إليهما اتهامات تتعلق بسوء الإدارة والتدخل في سوق الصرف الأجنبي).
وكتب آشنا في تغريدة له: “بعد سنوات من توجيه الاتهامات من جهة، والاستئناف والمتابعة المظلومة من جهة أخرى، صدر قرار بمنع الملاحقة بحق الدكتور ولي الله سيف والدكتور أحمد عراقجي، ويا لخيبة من سارعوا إلى مواكبة مُطلقي الاتهامات، لكن بعد ثبوت البراءة لم يعودوا حتى يتذكرون كيف لعبوا بسمعة المؤمنين!”.
في حين قالت الصحيفة الإيرانية إن أحمد عراقجي أُقيل من منصبه كنائب محافظ البنك المركزي لشؤون النقد الأجنبي في 4 أغسطس/آب 2018، بقرار من عبد الناصر همتي، رئيس البنك المركزي الإيراني آنذاك، وتم اعتقاله بعد يوم واحد بأمر من النيابة العامة.
وتابعت كذلك أنه في 30 سبتمبر/أيلول 2018، أعلن غلام حسين محسني إجئي، المتحدث باسم السلطة القضائية آنذاك، عن الإفراج عنه بكفالة، حيث بدأت محاكمة هذه القضية في صيف عام 2019، وصدر الحكم الابتدائي بحق سيف وعراقجي في أكتوبر/تشرين الأول 2021، بالسجن 10 و8 سنوات على التوالي.
التهم الموجهة
أفادت الصحيفة بأنه وُجّهت إليهما تهم الإخلال بالنظام والاستقرار في سوق الصرف الأجنبي في البلاد، والتسهيل لعمليات بيع وشراء غير قانونية للعملات بقيمة 159 مليونا و800 ألف دولار و20 مليونا و500 ألف يورو، إضافة إلى الإهمال وسوء الإدارة خلال فترة مسؤوليتهما. شمل هذا الملف في المجمل 10 متهمين.
وقالت الصحيفة إنه في 21 ديسمبر/كانون الأول 2021، أعلن ديوان عالي کشور (المحكمة العليا) موافقته على إعادة النظر في قضية سيف وعراقجي، وبموجب هذا القرار، أُحيلت القضية إلى محكمة مماثلة لإعادة دراستها.
وتابعت كذلك أنه في عام 2022، مثل المتهمون في القضية المعروفة باسم “قضية الفساد المالي في سوق الصرف” مجددا أمام المحكمة، وفي النهاية صدر حكم جديد في 6 مايو/أيار 2023، وفي يوليو/تموز من العام نفسه، ألغت المحكمة العليا الأحكام الصادرة في هذه القضية.
حكم المحكمة السابق
أفادت صحيفة “هم ميهن” بأنه في وقت سابق، قامت الشعبة الأولى في محكمة الثورة الإسلامية في طهران برفض حكم المحكمة السابقة، الذي اعتبر إجراءات البنك المركزي في سوق الصرف بمثابة إخلال بالنظام النقدي والاقتصادي، وقضت ببراءة المتهمين من تلك التهم.
وتابعت الصحيفة أن المحكمة قررت لاحقا أنَّ تدخُّل البنك المركزي في سوق العقود الآجلة للعملات، رغم عدم ضياع أي أموال أو وقوع أي استغلال، كان بلا سند قانوني، ويتطابق مع حالات تهريب العملة.
أضافت الصحيفة أنه وبناء على ذلك، ونظرا إلى أن حجم التدخل في سوق العقود الآجلة للعملات بلغ 159 مليون دولار و20 مليونا و500 ألف يورو، فحُكم على المحافظ السابق للبنك المركزي ونائبه لشؤون النقد الأجنبي، إلى جانب المسؤول عن العمليات النقدية في البنك، بدفع غرامة تعادل القيمة الريالية لـ318 مليون دولار و41 مليون يورو وفقا لسعر الصرف وقت التدخل.
تصريحات السلطة القضائية
وتابعت أن البحث في أرشيف أخبار وكالة “ميزان” يظهر أن آخر مرة تحدث فيها المتحدث باسم السلطة القضائية عن هذه القضية كانت في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2024.
حيث جاء في تقرير وكالة “ميزان” الوكالة الرسمية للسلطة القضائية في إيران، آنذاك، نقلا عن أصغر جهانغير، المتحدث باسم السلطة القضائية: “وُجّهت إلى ولي الله سيف وأحمد عراقجي، المحافظ ونائب المحافظ الأسبق للبنك المركزي، إلى جانب ثمانية متهمين آخرين، تهمة المشاركة في الإخلال بالنظام النقدي والمالي للبلاد، وصدر بحقهم حكم بالإدانة”.
وتابعت وكالة ميزان أنه وبعد قبول طلب إعادة محاكمتهم من قبل المحكمة العليا، أُحيلت القضية إلى محكمة موازية، وهي الشعبة الخامسة لمحكمة الثورة الإسلامية الخاصة بالجرائم الاقتصادية. حتى الآن، عُقدت جلسة محاكمة واحدة، ولا يزال النظر في القضية مستمرا.
حكومة حسن روحاني
في السياق ذاته، قالت صحيفة “هم ميهن” إن ولي الله سيف كان أول محافظ للبنك المركزي في حكومة حسن روحاني، حيث تم تعيينه في هذا المنصب عام 2013، وبقي فيه حتى عام 2018، وكان مقر عمله في مبنى “ميرداماد”.
أضافت الصحيفة أن التقلبات في سوق الصرف الأجنبي بدأت بشكل تدريجي منذ النصف الثاني من عام 2017، لكن عندما أعلن دونالد ترامب (الرئيس الأمريكي آنذاك)، وفقا لما وعد به، عن إنهاء الاتفاق النووي (برجام) وأطلق المرحلة الأولى من سياسة “الضغط الأقصى” وشدّد العقوبات، دخلت البلاد في أزمة اقتصادية مضطربة، كان أبرز مظاهرها الارتفاع اليومي في أسعار العملات الأجنبية.
وتابعت كذلك أنه وكحال جميع المسؤولين الحكوميين، ارتكب سيف بعض الأخطاء خلال فترة ولايته، لكنه حقق أيضا بعض الإنجازات، إلا أنه كان دائما تحت هجوم معارضي الحكومة بشكل شديد.
تهريب العملة
بالعودة إلى الأرشيف الصحفي في إيران، فقد سبق أن نشرت وكالة “إرنا” الوكالة الرسمية للأنباء في إيران، في تقريرها بتاريخ 9 مايو/أيار 2023: “يوم السبت 6 مايو/أيار 2023، وبعد الاستماع إلى تصريحات ممثل الادعاء، والمتهمين، ومحاميهم، ودراسة محتويات وأدلة القضية، قضت الشعبة الأولى لمحكمة الثورة في طهران، المختصة بالنظر في جرائم المخلّين بالنظام الاقتصادي، بأن الأفعال المرتكبة من قبل ولي الله سيف، وأحمد عراقجي، وسالار آقاخاني، والمتعلقة بالتدخل في سوق الصرف غير الرسمي، تنطبق على جريمة تهريب العملة، وأصدرت حكما بإدانتهم”.
أضافت وكالة إرنا أن البنك المركزي شهد خلال فترة ولايته تطورات مهمة، وكان من أبرز الإجراءات المثيرة للجدل التي اتُّخذت في عهده تنظيم المؤسسات المالية والائتمانية غير المرخصة، وبيع العملات الذهبية مسبقا في السوق، وتحديد سعر الدولار بـ4200 تومان، وهي قرارات أدت كل واحدة منها إلى أزمات اقتصادية كبيرة في البلاد.
وتابعت الوكالة أنه في أكتوبر/تشرين الأول 2018، قال عادل آذر، رئيس ديوان المحاسبات آنذاك، في مقابلة تلفزيونية خاصة، إن هيئة المستشارين والمدعي العام في ديوان المحاسبات رأت في فبراير/شباط 2018، أن مخالفات البنك المركزي مثبتة، كما أشارت إلى أنه في عام 2018 تم ضخ 22 مليار دولار من العملة الصعبة في السوق كجزء من التدخل النقدي.
توضيحات أحمد عراقجي
فيما قالت صحيفة “هم ميهن” إنه في النهاية، تحدث أحمد عراقجي في مقابلة أجراها مع وكالة “فارس” الإيرانية المقربة من الحرس الثوري، عام 2021، حيث قدم توضيحات مفصلة حول هذه التدخلات في سوق الصرف.
قال عراقجي: “إحدى الأفكار التي كنا نعمل عليها في منصة نيما كانت إنشاء سوق صرف منظمة بشكل كامل، أي إطلاق (بورصة للعملات الأجنبية)، عملنا كثيرا على هذا المشروع، لكن نجاح مثل هذه الخطوات يتطلب المرور بعمليات طويلة من اتخاذ القرار على مستويات مختلفة، وهو أمر لم يكن ممكنا في ظل الظروف والقيود الزمنية التي كنا نواجهها آنذاك”.
وأوضح: “لذلك، كنا نفكر بالتأكيد في تصميم وإطلاق هذه الأسواق، ولكن كان يجب تنفيذ ذلك بشكل تدريجي ومدروس، ومن المؤكد أنك تتفق معي على أنه لم يكن من الممكن تنفيذ هذا الأمر خلال شهرين أو ثلاثة فقط، خاصة في ظل تصاعد التوترات والاضطرابات في السوق.”.
وأضاف: “لذلك، إلى حين إطلاق تلك الأنظمة والأسواق، كان لا بد من اتخاذ إجراءات مؤقتة، لم يكن من الممكن القول بأن سوق الصرف وأسعار العملات يجب أن تنتظر حتى نكمل هذه البنية التحتية.”
وتابع: “لهذا السبب، عندما كنا نطرح هذه القضايا منذ أوائل شهر (أغسطس/آب – سبتمبر/أيلول) في الاجتماعات المختلفة، كان أحد العوامل المدمرة لسوق الصرف، والذي لم نكن نحن فقط قلقين بشأنه، بل حتى الأجهزة الأمنية كانت تحذر منه، هو سوق فردايي، حيث كانت هناك نقاشات واسعة حوله”.
وأردف أنه “وبناءً على ذلك، خلصت الاجتماعات التي عُقدت في أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي إلى إرسال خطاب رسمي من السيد شمخاني، أمين المجلس، إلى الرئيس روحاني بشأن هذه المسألة”.
وأختتمت صحيفة “هم ميهن” تقريرها، بأنه مرّت ثلاث سنوات منذ أن طرح أحمد عراقجي هذه التصريحات، وخلال هذه الفترة، لم يدل ولي الله سيف بأي تصريحات بشأن الاتهامات المختلفة التي وُجّهت إليه.
وأضافت أنه خلال سنوات المحاكمة، كان هناك كثير من التصريحات التي تضمنت مصطلح “الخيانة”، لكن منذ عام (2023-2024) بدأت هذه التصريحات تتراجع تدريجيا، حتى أعلن حسام الدين آشنا هذا الخبر.