ترجمة: يارا حلمي
نشرت صحيفة “فرهيختكان” الإيرانية الأصولية، الأربعاء 9 أبريل/نيسان 2025، تقريرا تناولت فيه إلقاء الشرطة الإسرائيلية القبض علي شبكة تجسس يقودها مواطن من أذربيجان يدعى عزيز نيسانوف قالت إنها تعمل لصالح الاستخبارات الإيرانية.
قضية تجسس جديدة
ذكرت الصحيفة أنه في واحدة من أكثر قضايا التجسس شمولا وإثارة للجدل التي واجهتها إسرائيل منذ عقود، تم اعتقال عزيز نيسانوف، وهو مهاجر من أذربيجان يبلغ من العمر 43 عاما، باعتباره قائدا لشبكة من سبعة أعضاء من الجواسيس المحليين العاملين لصالح إيران ووجهت إليه تهمة ارتكاب جرائم أمنية خطيرة.
وتابعت أنه وفقا لمسؤولين إسرائيليين، نفذت الجماعة أكثر من 600 مهمة على مدى العامين الماضيين لجمع معلومات حساسة وتقديمها إلى السلطات الإيرانية.
وأضافت أنه وفقا للمعلومات التي نشرها جهاز الأمن الإسرائيلي والشرطة الإسرائيلية، تم تجنيد عزيز نيسانوف من قبل شخص في جمهورية أذربيجان في أواخر عام 2022.
كما أوضحت أن هذا الشخص قام بربط نيسانوف بمسؤول اتصال تركي يدعى “الخصان”، الذي عمل كوسيط بين الشبكة وعميلين إيرانيين، “الخان” و”أورخان”.
ونقلت الصحيفة الإيرانية عن وسائل إعلام إسرائيلية، أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي المعروف باسم “شاباك” وجهاز الشرطة في الاحتلال الإسرائيلي يحققان في واحدة من أوسع وأخطر قضايا التجسس التي واجهتها إسرائيل خلال العقود الأخيرة، والتي وُصفت بأنها غير مسبوقة من حيث الحجم والتأثير.
وأشارت الصحيفة إلى أن نيسانوف، الذي كان يعاني من ظروف مالية صعبة، أبلغ المحققين أن الدافع الرئيسي لانخراطه في أنشطة التجسس لصالح إيران كان ماديا بحتا.
ونقلت الصحيفة عن نيسانوف قوله خلال التحقيقات: “أنا لا أكنّ أي عداوة للشعب الإسرائيلي، بل العكس، أنا أحبهم ولا أريد أن أسبب لهم أي أذى، لكني لا أهتم بالحكومة الإسرائيلية، وكنت أعيش حياة قاسية بلا عمل، والحكومة لم تقدم لي أي مساعدة، لقد كنت في أسوأ الظروف، ولهذا السبب أردت الحصول على أموال كثيرة”.
الطريق إلى النفوذ الإسرائيلي
ذكرت الصحيفة أن أعضاء الشبكة التي قادها نيسانوف، كانوا ينتمون إلى مختلف الطبقات الاجتماعية المهمشة وهم: ألكسندر ساديكوف (58 عاما)، نائب نيسانوف في الشبكة، وييغال (20 عاما)، وهو نجل نيسانوف الذي فر من الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال، إضافة إلى فياتشيسلاف غوششين (46 عاما)، ويوغيني يوفه (47 عاما)، فضلا عن مراهقين اثنين يبلغان من العمر 16 و17 عاما لم يتم الكشف عن هويتهما؛ نظرا إلى صغر سنهما.
وأفادت الشرطة الإسرائيلية بأن المراهقين كانا يتوليان مهمة تصوير المواقع ونقل المعلومات إلى عناصر الاستخبارات الإيرانية، حيث لم يكونا يثيران الشبهات بسبب صغر سنهما.
وتابعت الشرطة أن من بين المهام التي نفذها المراهقان تصوير قاعة الطعام التابعة لقاعدة لواء الجولاني العسكرية، وهي القاعدة نفسها التي استهدفها حزب الله اللبناني بطائرات مسيرة؛ مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من الجنود الإسرائيليين.
وتابعت أنه وفقا للائحة الاتهام التي نشرتها النيابة العامة الإسرائيلية وتقع في 20 صفحة، كان أفراد الشبكة مطالبين بالتقاط صور لقواعد سلاح الجو الإسرائيلي، ومن أبرزها قاعدة نيفاتيم الجوية، وقاعدة رامات ديفيد الجوية، وقاعدة تل نوف الجوية، إضافة إلى معسكرات القوات البرية وعلى رأسها معسكر لواء جولاني.
وأوردت الصحيفة أن مهام التجسس لم تقتصر على المنشآت العسكرية فقط، بل شملت أيضا جمع معلومات عن نظام القبة الحديدية الدفاعي، والمنشآت الحيوية مثل محطة الطاقة في هديرا، والموانئ الكبرى مثل ميناء حيفا، وأشدود، وإيلات، إلى جانب مجمع جليلية شمال تل أبيب، والمباني الحكومية، وحتى مناطيد المراقبة التابعة للجيش الإسرائيلي.
وأشارت المعلومات الأمنية إلى أن الشبكة قامت في إحدى العمليات بتحديد الموقع الدقيق لمنطاد مراقبة تابع لسلاح الجو الإسرائيلي في منطقة الجليل شمال فلسطين المحتلة، وأرسلت هذه الإحداثيات إلى ضباط الاستخبارات الإيرانية، ليتم بعد نحو شهرٍ استهداف هذا الموقع بشكل مباشر.
واعتبر محللو جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي أن هذا التزامن يعزز من احتمالية وجود دور مباشر لهذه الشبكة في تسهيل الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة التي تنفذها إيران وحزب الله اللبناني.
وذكرت التحقيقات أن من بين المهام الموكلة إلى هذه الشبكة أيضا، تصوير مواقع سقوط الصواريخ الإيرانية بعد عملية “الوعد الصادق 1″، وهو الاسم الذي أطلقته إيران على إحدى عملياتها العسكرية، وذلك بهدف تحسين دقة هذه الصواريخ في الهجمات المستقبلية.
مهام متنوعة
ذكرت الصحيفة أن نيسانوف تلقى تعليمات بجمع معلومات عن شخصيات معينة، من بينهم أستاذ جامعي في جامعة حيفا متخصص بهندسة النفط والغاز في منطقة القوقاز.
وتابعت أن نيسانوف كُلف كذلك بإرسال صور من حفل افتتاح سفارة جمهورية أذربيجان في تل أبيب، وذلك مستغلا وجود والدته في الحفل، حيث قامت والدته بالتقاط الصور المطلوبة وإرسالها إليه ليقوم بدوره بتسليمها للجانب الإيراني.
وأضافت أنه في شهر سبتمبر/أيلول 2024، طلب من أفراد الشبكة استئجار قارب والتوجه إلى قبرص بهدف تصوير ميناء ومسار بحري تابع لميناء حيفا، إلا أن هذه الرحلة ألغيت لاحقا.
وأوضحت أن نيسانوف أبلغ عناصره أنه تلقى دعوة للمشاركة في حفل تكريم الجالية البخارية (هي مجموعة من اليهود الذين كانوا يعيشون تاريخيا في منطقة بخاري)، وهو الحفل الذي حضره رئيس الاحتلال الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، وعدد من كبار المسؤولين، حيث كان مطلوبا منه إعداد قائمة بأسماء المدعوين ووصفهم وتصويرهم، غير أنه اعتقل قبل إقامة الحفل.
وذكرت أنه في 19 سبتمبر/أيلول 2024، ألقي القبض على ثلاثة من عناصر الشبكة بالقرب من منزل قائد قاعدة نيفاتيم الجوية، وكانت مهمتهم مراقبة هذا القائد الذي كان يعتبر هدفا محتملا لعمليات اغتيال مستقبلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي قرر تنفيذ عملية رصد واعتقال موسعة بشكل عاجل؛ لمنع أي خطر على الأرواح، وتمكن في نهاية المطاف من إلقاء القبض على جميع أفراد الشبكة خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول 2024.
الدولار والعملات الرقمية
كشفت المحكمة الإسرائيلية، وفقا للتحقيقات، أن هذه الشبكة تلقت خلال عامين من نشاطها ما يقارب 300 ألف دولار أمريكي مقابل تنفيذ المهام التي كلفت بها.
وأوضحت الصحيفة الإيرانية أن جزءا من هذه المبالغ تم تحويله كعملات رقمية مشفرة، في حين تم تسليم الجزء الآخر نقدا عن طريق سياح روس كانوا يتولون نقل الأموال.
وتابعت أن النفقات الخاصة بشراء المعدات المتخصصة والمتطورة، مثل الكاميرات والهواتف المشفرة وأجهزة المراقبة، كانت تمول بالكامل من قبل ضباط الاستخبارات الإيرانية.
وأضافت أن أحد عناصر قوات الأمن التابعة للنظام قال: “خلال التحقيقات والتنصت على محادثاتهم أدركنا بوضوحٍ أنهم كانوا متعطشين إلى المهام؛ لأنهم متعطشون إلى المال، كانوا يتساءلون فيما بينهم: متى ستكون المهمة التالية؟ أحيانا كانوا ينفذون ثلاث أو أربع مهام في اليوم الواحد”.
مواطنون إسرائيليون أم متسللون؟
ذكرت الصحيفة أن قضية كشف شبكة تجسس واسعة النطاق مرتبطة بإيران، صدمة غير مسبوقة داخل المجتمع الإسرائيلي.
وتابعت أن ما يميز هذه القضية، أنها ضمت عددا من المواطنين الإسرائيليين ذوي الأصول اليهودية المهاجرة من جمهورية أذربيجان، والذين تعاونوا مع الاستخبارات الإيرانية لتنفيذ مهام حساسة داخل الأراضي المحتلة.
اللافت في هذه القضية، كما ذكرت مصادر في جهاز الأمن الإسرائيلي “الشاباك”، أن التواصل بين العملاء الإيرانيين وأعضاء الشبكة لم يكن عبر وسائل التواصل الاجتماعي كما هو شائع في قضايا سابقة، بل تم بشكل مباشر داخل الأراضي الإسرائيلية، في مشهد وصفه مسؤول أمني بأنه “جنوني وغير مسبوق”.
فيما أوضحت الصحيفة أن هذا الموقف انعكس على نطاق واسع في وسائل الإعلام الإسرائيلية اليمينية، ومن ناحية أخرى، دعت بعض الدوائر الحقوقية اليسارية إلى فحص دقيق للظروف الاجتماعية والاقتصادية والهوية لهؤلاء الأفراد، محذرة من أن نفوذ إيران المتزايد بين الأقليات المهاجرة والطبقات المهمشة أصبح تهديدا أمنيا هيكليا.
ذكرت أنه إذا تم تنفيذ قرار وزارة الداخلية بسحب الجنسية من أعضاء الشبكة، فسيتم مصادرة ممتلكاتهم، ومن المرجح أن يتم ترحيلهم من إسرائيل.
وتابعت أنه في الوقت نفسه، اقترح الشاباك أيضا تدابير وقائية أكثر صرامة للسيطرة على المكالمات الرقمية المشبوهة، وبشكل عام، لا يقتصر الأمر على فشل أمني لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في تحديد هذه الأنشطة في الوقت المناسب، بل هو أيضا جرس إنذار لمجتمع يواجه فجوات في السخط الاقتصادي، وتهميش المهاجرين.
قال شالوم بن حنان، المسؤول الكبير السابق في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، ردا علي اعتقال أكثر من 30 مواطنا إسرائيليا متهمين بالتجسس لصالح إيران: “نحن نواجه ظاهرة واسعة الانتشار، لقد وافق عدد من المواطنين عن قصد على التعاون مع إيران ضد إسرائيل في جمع المعلومات الاستخباراتية أو التخطيط للتخريب والهجمات”.
وأضاف بن حنان، أن قائمة الجواسيس الإسرائيليين تتضمن مجموعة متنوعة من الأشخاص والأهداف: من صور المواقع الحساسة والعسكرية إلى مؤامرات لقتل السياسيين وحتى نتنياهو نفسه، من رجل يبلغ من العمر 73 عاما إلى شاب في العشرينيات من عمره، يمكن العثور على كل شيء في تقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية.
من بين الشخصيات البارزة المتهمة بالتجسس لصالح إيران:
فيتشيسلاف جوشتشين:
رجل يبلغ من العمر 46 عاما، يقيم في مدينة حيفا وينتمي إلى المهاجرين من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق. أُلقي القبض عليه أثناء تصوير منشآت عسكرية واستراتيجية قرب منزل قائد قاعدة “نواتيم” الجوية.
دانييل كيتوف:
شاب يبلغ من العمر 26 عاما ويقيم في مدينة بتاح تكفا. تواصل مع عناصر الاستخبارات الإيرانية عبر تطبيق “تلغرام”، ونفذ مهام تضمنت كتابة شعارات معادية لإسرائيل وتصوير قواعد عسكرية مقابل الحصول على مبالغ مالية.
إدوارد يوسوبوف:
رجل يبلغ من العمر 65 عاما من مدينة نتيفوت، اتهم بالتجسس لصالح إيران بعد تواصله مع عنصر استخباراتي إيراني يُدعى “موسى”. كلّف بجمع معلومات عن منشآت حيوية، وصوّر قواعد عسكرية وميناء حيفا، وتلقى مقابل خدماته نحو 41 ألف دولار من العملات الرقمية.
رافائيل جولييف: أحد أبرز المتهمين، تعاون مع زوجته في جمع معلومات عن منشآت أمنية وعسكرية حساسة داخل إسرائيل على مدار عامين، وتلقى مبالغ مالية من الجانب الإيراني لقاء هذه المهام.
فلاديسلاف فيكتورسون:
شاب يبلغ من العمر 30 عاما ويقيم بمدينة رامات جان. تواصل مع الاستخبارات الإيرانية عبر تطبيق “تلغرام”، ونفّذ عدة عمليات منها طلاء جدران بعبارات معادية لإسرائيل، نقل أموال، توزيع منشورات تحريضية، وحتى إشعال حرائق في سيارات. كما قبل تنفيذ عمليات أكثر خطورة كالتخطيط لاغتيالات وتأمين أسلحة مقابل خمسة آلاف دولار.
يوري إلياسوف:
جندي احتياط يبلغ من العمر 21 عاما، في جيش الاحتلال الإسرائيلي، خدم سابقا في وحدة الدفاع الجوي المسؤولة عن تشغيل منظومة “القبة الحديدية”. اعتُقل بتهمة تسريب معلومات حساسة تتعلق بمنظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية إلى عملاء تابعين للاستخبارات الإيرانية.
جورجي أندرييف:
شاب يبلغ من العمر 21 عاما، وصديق مقرّب ليوري إلياسوف، كان يخدم في مقر القيادة العامة للجيش الإسرائيلي “الكرياه” وسط مدينة تل أبيب. أندرييف استُدرج في البداية للتعاون مع الإيرانيين عبر إلياسوف، ووافق على الدخول في هذا المسار مقابل حصوله على 50 دولارا أمريكيا.
موتي مامان:
رجل يبلغ من العمر 73 عاما ويقيم في مدينة عسقلان جنوب الأراضي المحتلة، ألقي القبض عليه بتهمة التواصل المباشر مع عملاء الاستخبارات الإيرانية.