كتبت: لمياء شرف
دعا نائب رئيس الجمهورية للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف، في مقال له، إلى تشكيل رابطة الحوار بين الدول الاسلامية في غرب آسيا بغرض إحلال الاستقرار في المنطقة، وذلك ضمن نهج إيران الجديد تجاه الأمن والازدهار في غرب آسيا.
نُشر المقال في مجلة الإيكونوميست، حسب وكالة “إيرنا” الإيرانية مساء الاثنين 23 ديسمبر/كانون الأول 2024، تحت عنوان “المودة بدل العداوة: نهج جديد من إيران لأمن وازدهار المنطقة”.
اعتبر ظريف نفسه طالبا في العلاقات الدولية ولديه عقود من الخبرة في الخطوط الأمامية للدبلوماسية العالمية، مقترحا أن يتم إنشاء “جمعية الحوار الإسلامي لغرب آسيا” (مودة) وسيلة لتحقيق الاستقرار في غرب آسيا، خاصة في منطقة الخليج “الفارسي”، على حد تعبيره.
كتب ظريف المقال بصفته الشخصية لا الرسمية، كما يقول، داعيا الدول الإسلامية المؤثرة في غرب آسيا “البحرين، ومصر، وإيران، والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، وعمان، وقطر، والمملكة العربية السعودية، والحكومة المستقبلية في سوريا، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة، واليمن” إلى المشاركة في مفاوضات شاملة، داعيا ممثلي الأمم المتحدة أيضا إلى المشاركة في هذه العملية.
جاء هذا الطرح على غرار موقف الرئيس مسعود بزشكيان، حسب صحيفة إيران، الذي يتبنى الفكرة نفسها، بتنحية المنافسات والخلافات المدمرة جانبا، وأن الحل الإقليمي في سياسة الربح للجميع، وأن كل دولة عليها أن تعتقد أنها قادرة على ذلك دون الإضرار بمصالحها.
الوضع في سوريا
وأكد جواد ظريف أن إصلاح الحكم في سوريا ضرورة وشرط أساسي لتلقي المساعدات الاقتصادية، لتعزيز مبدأ المساءلة ووضع الأساس لدولة آمنة ومستقرة، حيث يمكن للنساء والأقليات أن تزدهر.
وأشار إلى أن سوريا بعد الأسد تمثل تحديا كبيرا، نظرا إلى تجاهل العدوان الإسرائيلي الجامح للسيادة السورية، إضافة إلى التدخلات الأجنبية التي تهدد سلامة الأراضي السورية.
وندد بالعنف العرقي والديني الذي قد يؤدي إلى حرب أهلية واسعة النطاق في سوريا، مستشهدا بمشاهد العنف والفظائع المروعة التي تذكرنا بوحشية ما سماه في مقالته بـ”تنظيم الدولة” المعروف بـ”داعش”.
أوضح ظريف أنه يجب أن يكون من الأولويات الرئيسية لمشروع “المودة” التوصل إلى وقف فوري ومستقر ودائم لإطلاق النار في غزة ولبنان وسوريا واليمن، إضافة إلى إبرام اتفاقية عدم الاعتداء بين الدول الأعضاء، إلى جانب المراقبة الجماعية الإقليمية.
ولفت إلى ضرورة التكامل الاقتصادي من خلال مشروع “المودة”، وأنه نظرا إلى شبكات التجارة المتناثرة، والإهمال في تطوير الأعمال المصرفية وآليات الدفع بين بلدان المنطقة، تواجه منطقة غرب آسيا نقصا في الاعتماد المتبادل.
ودعا إلى إنشاء “صندوق المودة للتنمية” لتمويل مشاريع البنية التحتية الأساسية، خاصة في المناطق المتضررة من الصراعات.
كما سيتبنى مشروع “المودة” التعاون الإقليمي لحرية حركة الملاحة في المنطقة من خلال إنشاء دوريات أمنية بحرية مشتركة، حيث تحظى إيران بحكم موقعها وخبرتها في المجال الأمني، بمكانة فريدة للمشاركة البناءة في تأمين الممرات المائية الحيوية مثل مضيق هرمز، حسب قوله.
وطالب بإحياء خطة هرمز للسلام التي اقترحتها إيران قبل أكثر من 5 سنوات، لتعزيز الاستقرار بين دول منطقة هرمز، خاصة بعد تقدم العلاقات بين إيران والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
كما دعا إلى إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة الإيرانية؛ لتعزيز السلام في المنطقة.
تحقيقه صعب
وحسب صحيفة إيران، علق على المقال، الخبير في القضايا الإقليمية على جعفر حق بناه، بأن نهج إيران السياسي ثابت ومستدام عكس دول الشرق الأوسط، حيث إن البيئة الأمنية في الشرق الأوسط لديها تعقيدات ومتغيرات تتبعها حسب المشهد، تجعل من الصعب اتباع سياسة إيران نفسها.
واستشهد حق بناه بدولة تركيا، التي تجاوزت العديد من التحديات عبر تعميق استراتيجياتها الإقليمية، ما مكنها من فرض نفوذها في مواجهة منافسين إقليميين وعالميين مثل روسيا.
وأشار إلى أن علاقتها مع الغرب، خاصة في الملف السوري، لا تخلو من التحديات، موضحا أنها تعتمد على سياسة “التوازن الشامل”. هذا المشهد المعقد يجعل من الصعب تحقيق تعاون شامل بين مختلف الأطراف الإقليمية، بما في ذلك إيران وحلفاؤها.
واعتبر حق بناه أن الطريق طويل أمام فكرة التعاون الإقليمى الشامل، حتى يتم توفير البنية اللازمة لإرساء قواعد تنافس بنّاء ومثمر بين دول المنطقة.
واعتبر قاسم محب عبلي، الخبير في القضايا الإقليمية، أن السعي إلى فكرة التعاون داخل المنطقة يعتمد بالدرجة الأولى على التوافق الداخلي في مواجهة الأزمات بإيران، متسائلا: هل فكرة التعاون ناشئة عن إرادة الحكومة بأكملها أم جزء منها؟
واعتبر محب علي أن الشرق الأوسط يمر بواحدة من أكثر فتراته التاريخية توترا، حيث نشأ تضارب خطير في المصالح حتى بين الجهات الفاعلة الموحدة، خاصةً أن إسرائيل تقف على تحقيق مصالحها القصوى في المنطقة بدعم أمريكي كامل، وذلك يجعل الحديث عن تعاون مشترك في المنطقة مبكرا وأمرا بعيدا عن المتوقع.
وأوضح أن مشكلة إيران والغرب وأزمة العقوبات ما زالت دون حل، وأصبحت عائقا في طريق استعادة علاقات إيران الإقليمية، ولذلك لا يمكننا أن نأمل أن تتجاوز الأفكار المتقاربة الورقة البحثية.
وفي سياق متصل، ثمنت صحيفة فرهيختكان الإيرانية في تقرير نشر الاثنين 23 ديسمبر/كانون الأول 2024، مقال جواد ظريف الذي نشر في صحيفة الإيكونوميست، دون التطرق إلى محتوى المقال، معتبرةً أنه يبدأ مرحلة جديدة بتقديم نفسه كشخصية إعلامية في الفضاء الدولي؛ خاصة لتمتعه بقدرة إعلامية ستجلب تأثيرات دولية إيجابية لإيران.
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ قبول ظريف مسؤولية منصبه كنائب استراتيجي للرئاسة حتى الآن، لم ينشر سوى مرتيين مقالات لوسائل الإعلام الأجنبية، حيث كانت الأولى نشره لمقال في “فورين أفيرز” في ديسمبر/كانون الأول 2023، والتي أثارت ردود فعل وتعليقات كثيرة.