كتبت: ميرنا محمود
قُتلت عائشة نور أزجي أيجي، المواطنة الأمريكية من أصل تركي وعمرها 26 عاماً، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية. كانت عائشة نور قد توجهت إلى بلدة بيتا لدعم الفلسطينيين الذين يؤدون صلاة الجمعة، وذلك احتجاجاً على محاولات المستوطنين الاستيلاء على أراضيهم الزراعية. ولتضيف إلى مأساة الحادثة، فارقت الحياة تحت ظلال أشجار الزيتون التي جاءت للدفاع عنها.
ووفقاً للتقرير الصادر عن الموقع الإخباري التركي “سربستيات” Serbestiyet، بتاريخ 8 سبتمبر/أيلول 2024، تعود جذور الصراع في بيتا إلى عام 2013، عندما تعرَّض مستوطن إسرائيلي للهجوم بسكين. ورداً على ذلك، أقام المستوطنون بؤرة استيطانية غير قانونية على أراضي الفلسطينيين، سمّوها “إفياتار”، وذلك انتقاماً من الفلسطيني الذي هاجم المستوطن. وقد حظيت هذه البؤرة الاستيطانية بدعم الحكومة الإسرائيلية، رغم أنها تقع على أراضٍ خاصة بالفلسطينيين وتُعتبر مخالفة للقانون الدولي.
منذ ذلك الحين، خاض أهالي بيتا صراعاً مريراً للدفاع عن أراضيهم وأشجارهم. نظموا اعتصامات ووقفات احتجاجية، وتعرضوا لقمع وحشي من قبل قوات الاحتلال، مما أدى إلى استشهاد العديد منهم، بينهم أطفال. ورغم كل هذه التضحيات، لم تستسلم روح المقاومة في بيتا. فقد استمرت المظاهرات والاحتجاجات، وشارك فيها متضامنون من مختلف أنحاء العالم، من بينهم عائشة نور.
دور النشطاء الدوليين ودوافعهم
توجَّه العديد من النشطاء، مثل عائشة نور، إلى فلسطين للتضامن مع الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقوقهم. وقد دفعتهم إلى ذلك عدة دوافع:
· كشف الحقيقة: يهدف النشطاء إلى فضح انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان والقانون الدولي، وتسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين.
· التضامن: يشعر النشطاء بالتضامن مع الشعب الفلسطيني، ويريدون أن يظهروا للعالم أنهم ليسوا وحدهم في نضالهم.
· المقاومة السلمية: يؤمن النشطاء بأن المقاومة السلمية هي وسيلة فعالة لمواجهة الظلم، وأن وجودهم في فلسطين يمكن أن يساهم في حماية المدنيين الفلسطينيين.
وعلى الرغم من المخاطر التي يتعرضون لها، يستمر النشطاء في التوافد إلى فلسطين، مستوحين من قصص الشهداء مثل ريتشل كوري، التي قُتلت وهي تحاول حماية منزل فلسطيني من الهدم.
ردود الفعل الدولية على مقتل عائشة نور
لم تلقَ جريمة قتل عائشة نور الاهتمام الدولي الكافي الذي تستحقه. فبينما أصدرت بعض الجهات الحكومية والمنظمات الحقوقية بيانات إدانة، إلا أن ردود الفعل الدولية كانت خجولة وغير كافية.
– الولايات المتحدة: على الرغم من أن عائشة نور تحمل الجنسية الأمريكية، فإن الحكومة الأمريكية لم تتخذ موقفاً حازماً تجاه هذه الجريمة. وقد اقتصرت ردود الفعل على بيانات دبلوماسية روتينية، تدعو إلى التحقيق في الحادثة.
– تركيا: لكونها بلد المنشأ لعائشة نور، كان من المتوقع أن تتخذ تركيا موقفاً أكثر حزماً. ومع ذلك، اقتصرت ردود الفعل التركية على بيانات إدانة وتعازٍ لعائلة الضحية.
– المجتمع الدولي: أدان عدد من المنظمات الحقوقية الدولية، مثل منظمة العفو الدولية، جريمة قتل عائشة نور، وطالبوا بمحاسبة المسؤولين. كما نظم نشطاء ومتضامنون حول العالم وقفات احتجاجية للتعبير عن تضامنهم مع عائلة عائشة نور والشعب الفلسطيني.
الدور التركي في القضية
لطالما كانت العلاقات التركية الإسرائيلية تشهد تقلبات، حيث تأثرت بالأحداث الإقليمية. وبعد مقتل عائشة نور، زادت التوترات بين البلدين.
التوقعات التركية: كان من المتوقع أن تلعب تركيا دوراً أكثر فعالية في الدفاع عن حقوق عائشة نور ومحاسبة المسؤولين عن مقتلها؛ وذلك نظراً إلى جنسيتها التركية ولتاريخ العلاقات المتوترة بين تركيا وإسرائيل.
ردود الفعل التركية: على الرغم من التوقعات، اقتصرت ردود الفعل التركية على بيانات إدانة وتعازٍ لعائلة الضحية. ولم تتخذ تركيا أي إجراءات عملية لمحاسبة المسؤولين عن الجريمة.
دوافع عائشة نور للسفر إلى فلسطين
سافرت عائشة نور إلى فلسطين بدافع قوي هو التضامن مع الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقوقه. وقد تأثرت عائشة نور بالقضية الفلسطينية منذ صغرها، وقررت أن تساهم في دعم نضال الشعب الفلسطيني.
· الوعي السياسي: كانت عائشة نور على دراية عميقة بالقضية الفلسطينية، وكانت تتابع الأحداث الجارية في المنطقة عن كثب.
· الإحساس بالعدالة: شعرت عائشة نور بضرورة الوقوف إلى جانب المظلومين، واعتبرت أن دعم القضية الفلسطينية واجب إنساني.
· الرغبة في التغيير: كانت عائشة نور تؤمن بأنها تستطيع إحداث تغيير إيجابي من خلال مشاركتها في النشاطات التضامنية.
أهمية قضية فلسطين في النقاش العام
أثار مقتل عائشة نور جدلاً واسعاً حول القضية الفلسطينية، وأعاد تسليط الضوء على انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان.
– كشف الوجه القبيح للاحتلال: أظهر مقتل عائشة نور للعالم الوجه القبيح للاحتلال الإسرائيلي، وكيف أن قوات الاحتلال لا تتردد في قتل المدنيين العزل، حتى لو كانوا أجانب.
– تضامن دولي متزايد: ساهم مقتل عائشة نور في زيادة التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، ودفع المزيد من النشطاء إلى التوجه إلى فلسطين للتضامن معهم.
– ضرورة الضغط على إسرائيل: أظهرت هذه الحادثة ضرورة زيادة الضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها لحقوق الإنسان، والالتزام بالقانون الدولي.
ماذا يمكن لتركيا أن تفعل من أجل عائشة نور؟
تركيا لديها الكثير لتفعله من أجل عائشة نور:
1- يمكن للجمعيات التركية الأمريكية، التي تنظم حفلات باهظة الثمن سنوياً لحضور الأتراك فقط، أن تطلق حملات لدعم عائشة نور، وأن تنظم حملات تبرعات لجذب انتباه السياسيين الأمريكيين، وأن تشعِل فتيل حملة إعلامية واسعة النطاق وطويلة الأمد.
2- يمكن للمؤثرين الأتراك البارزين في أمريكا، والفنانين والأكاديميين، أن يخلدوا ذكرى عائشة نور في أعمالهم، وأن يسعوا لتحويل قصتها إلى فيلم. سيكون من السذاجة انتظار هوليوود، التي لم تهتم بفلسطين من قبل، لتخليد ذكرى عائشة نور.
3- يمكن للمحامين الأتراك التعاون مع منظمات حقوق الإنسان مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية للدفاع عن حقوق عائشة نور، ويمكن للأثرياء الأتراك ذوي العلاقات الأمريكية دعم هذه المبادرات. ويمكن تشكيل لجنة مستقلة تضم خبراء وقانونيين ودبلوماسيين متقاعدين وشخصيات مرموقة من مختلف الآراء لتنفيذ حملات دبلوماسية عامة في الولايات المتحدة.
4- يمكن رفع دعاوى قضائية مختلفة باستخدام القوانين الأمريكية، ويمكن تأسيس مجموعة ضغط خاصة للضغط على الولايات المتحدة لتطبيق عقوبات على الجنود الإسرائيليين المسؤولين عن مقتل عائشة نور. ويمكن إجراء تحقيق خاص لتحديد هويات جميع أفراد العصابة الفاشية الذين قتلوا عائشة نور، بدءاً من مَن أمر بالقتل وصولاً إلى من أطلق النار.
5- يمكن للصحفيين الأمريكيين طرح أسئلة حول عائشة نور، ويمكن نشر إعلانات كاملة الصفحة ومقالات رأي، خاصة في صحف مثل نيويورك تايمز.
6- يمكن عرض أفلام وثائقية قصيرة عن عائشة نور على الصحفيين والممثلين الأمريكيين في فعاليات خاصة، ويمكن عقد حوارات خاصة مع السياسيين للتأثير عليهم.
باختصار، هناك الكثير مما يمكن عمله. فمن أجل إحياء إرث عائشة نور ونضالها، لا يوجد خيار آخر سوى تركيا.