ترجمة: دنيا ياسر نور الدين
أجرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إيسنا“، الجمعة 4 أبريل/نيسان 2025، حوارا خاصا مع منصور علي مرداني، عضو لجنة الصحة والعلاج في البرلمان الإيراني وممثل محافظة زنجان. تناول الحوار قضايا الصحة والعلاج وتفعيل شعار الوفاق الوطني وأهمية مشاركة الشعب في الإنتاج والدور المحوري الذي تضطلع به وسائل الإعلام في مواجهة التهديدات الناعمة.
أشار النائب عن مدن أبهر خرم دره وسلطانية في البرلمان الإيراني إلى أن تراجع القدرة الشرائية للأطباء بشكل كبير يعد أحد الأسباب الرئيسية وراء لجوئهم إلى تقاضي مبالغ تفوق التعريفات الرسمية.
وأضاف أن الخلل في نظام التعريفات الطبية وعدم قدرة المجلس الأعلى للتأمين على تحديد نقطة توازن مثالية، ساهما في تفشي ظاهرة الدفعات غير الرسمية “الرشاوى الطبية” بين بعض الأطباء.
وزارة الصحة مديونة بما يعادل 2.55 مليار دولار أمريكي فهل تم تضمين سداد هذه الديون في ميزانية العام المقبل؟
تبلغ ديون مستشفيات وزارة الصحة الإيرانية نحو 2.55 مليار دولار أمريكي ويشكل الجزء الأكبر منها مستحقات الكوادر الطبية. وقد تم توفير جزء من التمويل اللازم لهذه المستحقات وسدادها بحيث لم يتبق حاليا أكثر من عشرة أشهر من الرواتب المتأخرة.
ويعود جزء من مستحقات وزارة الصحة إلى شركات التأمين، وإذا تم تسديد هذه المستحقات في الوقت المناسب فستتمكن الوزارة من تسوية جزء من ديونها.
ومن جهة أخرى فإن انخفاض التعريفات الطبية مقارنة بالتكلفة الحقيقية للخدمات الصحية في البلاد أدى إلى تراكم كبير للديون على الوزارة وقد يؤدي رفع التعريفات بنسبة 46% إلى تقليل الفجوة بينها وبين الواقع ويحد من تفاقم الديون. كذلك فإن توفير 1.9 مليار دولار أمريكي من خلال بيع أسهم الدولة وتخصيصها لسداد ديون المستشفيات في ميزانية عام 2024 سيؤدي إلى تسديد هذه الديون بالكامل.
صناعة الأدوية في البلاد تشكو من عدم تسديد مستحقاتها فما الاعتمادات المالية المخصصة لسداد مستحقات شركات الأدوية في ميزانية العام المقبل؟
نظرا إلى التضخم وغلاء أسعار السلع اضطرت شركات إنتاج الأدوية والمستوردين للمواد الخام إلى رفع أسعار الأدوية، حيث لم تعد السيولة النقدية المتوافرة لديهم تكفي للمحافظة على الإنتاج؛ مما قد يدفع بعضهم إلى خفض الإنتاج أو إيقافه، وهو أمر لا يتماشى مع احتياجات البلاد، لذلك يتعين على الحكومة أن تلتزم بدعم هذه الشركات ماليا.
وقد تم تخصيص مليار دولار في ميزانية عام 2024 لوزارة الصحة بهدف تمويل شركات الأدوية وسداد ديون المستشفيات، وذلك بعد الحصول على إذن خاص من قائد الثورة لاستخدام جزء من صندوق التنمية الوطنية، ونأمل أن نلمس قريبا الآثار الإيجابية لهذا الدعم.
ومن الجدير بالذكر أن استهلاك الأدوية في إيران يتجاوز بمقدار كبير، المعدل العالمي. وعلى وزارة الصحة أن تعمل على ضبط استهلاك الأدوية والمستلزمات الطبية ومن أبرز الحلول المقترحة هو التحول الإلكتروني للملفات الصحية وعمليات كتابة الوصفات الطبية، حيث بدأ فعليا تنفيذ الجزء المتعلق بالوصفات الطبية، مما يضمن صرف الدواء حسب وصفة الطبيب ويمنع تخزين الأدوية في المنازل حتى تنتهي صلاحيتها.
كما تم تخصيص نحو 714.286 دولارا أمريكيا في ميزانية عام 2025 لتوفير مخزون دوائي استراتيجي يكفي لستة أشهر، ما يشكل دعما مهما لشركات الأدوية، ومن خلال زيادة التعريفات الطبية سيتحسن دخل وزارة الصحة، وبالتالي تحسين عمليات الدفع للمستفيدين النهائيين، وهو ما تم أخذه بعين الاعتبار في ميزانية هذا العام، حيث تم إنشاء بند خاص في الخزانة العامة يتيح لشركات التأمين سداد ديونها إلى جامعات العلوم الطبية على أن تقوم منظمة التخطيط والميزانية بدفع المستحقات مباشرة إلى الجهات الدائنة.
ارتفاع أسعار بعض الأدوية لم يؤخذ في الحسبان ضمن تغطيات التأمين.. هل تدخلت لجنة الصحة البرلمانية الإيرانية في هذا الشأن؟
شهدت أسعار الأدوية، خاصةً الحقن التي كان سعرها في الأصل أقل 0.12 دولار أمريكي، ارتفاعا ملحوظا. لم يكن إنتاج هذه الأدوية مجديا اقتصاديا للمصانع المحلية، مما أدى إلى استيرادها من الخارج، وبالتالي خروج العملة الأجنبية من البلاد.
من ناحية أخرى، على الرغم من أن نسبة التغطية التي توفرها شركات التأمين لم تتغير، فإن ارتفاع تكاليف العلاج والأدوية أثقل كاهل المرضى بشكل كبير بسبب التضخم.
في الوقت الحالي تعمل لجنة الصحة والعلاج في البرلمان الإيراني على إيجاد حلول لتخفيف العبء المالي لأسعار الأدوية على المواطنين، خاصة بعد إلغاء سعر الصرف التفضيلي عشر سنتات وارتفاع قيمة الدولار المستخدم في قطاع الصحة.
ما الإجراءات الواجب اتخاذها حيال بعض الأطباء الذين لا يستخدمون أجهزة الدفع الإلكتروني أو يفرضون أجور معاينة أعلى من التعريفات الرسمية؟
صمم نظام المكلفين الضريبيين خصوصا لاستهداف الأطباء الذين يتقاضون مبالغ نقدية تتجاوز الحد المسموح به أو لا يلتزمون باستخدام أجهزة الدفع الإلكتروني. بمرور الوقت سيلزم الجميع بوصف الأدوية من خلال نظام التأمين الصحي، مما يستلزم تسجيل الرقم الوطني لكل من الطبيب والمريض في النظام. علاوة على ذلك ستخضع أي زيادة في رأس مال الفرد للمراقبة والتدقيق وستفرض عليها الضرائب وفقا لذلك.
يعد انخفاض القدرة الشرائية للأطباء أحد الأسباب الرئيسية التي تدفعهم إلى تجاوز التعريفات الرسمية. يضاف إلى ذلك عدم كفاءة المجلس الأعلى للتأمين في تحقيق التوازن في تحديد التعريفات، مما ساهم في ظهور ظاهرة الدفعات غير الرسمية من المرضى.
تكمن المشكلة الأساسية في أن معظم أعضاء المجلس الأعلى للتأمين يمثلون الجهات التي تمول الخدمات الصحية ويضعون مصالحهم فوق مصلحة المجتمع. للأسف لا يوجد تمثيل حقيقي للشعب داخل هذا المجلس باستثناء ممثل وحيد من وزارة الصحة ونقابة الأطباء.
ما السبب الرئيسي لهجرة الأطباء من إيران؟
يؤدي الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد إلى تدني الأجور، مما يؤثر سلبا على دخل الأطباء ويدفعهم إلى الهجرة. تعتمد مؤسسة الضمان الاجتماعي المسؤولة عن علاج المؤمنين، على اقتطاع ثلث رواتب العاملين والموظفين لتوفير مواردها. ولذلك فإن انخفاض الرواتب يؤدي إلى انخفاض المخصصات للقطاع الطبي؛ مما يتسبب في تدني التعريفات الطبية وبالتالي انخفاض دخل الأطباء وتدهور أوضاعهم المعيشية.
وقد حددت وزارة الصحة بعض التعريفات المنخفضة جدا لبعض العمليات الجراحية؛ مما أدى إلى رفض الأطباء إجراء هذه العمليات وفقا لهذه التعريفات. وعلى الرغم من ذلك، فإن 95% من الأطباء يلتزمون بأخلاقيات المهنة ويركزون على علاج المرضى وتحسين صحتهم.
ومع ذلك فإن محدودية موارد التأمين الصحي تجبر وزارة الصحة على خفض التعريفات الطبية. ويعتمد كتاب التعريفات الطبية في إيران على دليل التعريفات المستخدم في ولاية كاليفورنيا الأمريكية. ولكن بسبب التضخم وانخفاض قيمة العملة، فإن المضاعف المستخدم في حساب هذه التعريفات لا يعكس الواقع الاقتصادي للبلاد.