كتب: ربيع السعدني
أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، الخميس 13 مارس/آذار 2025، فرض عقوبات جديدة على محسن باك نجاد، وزير النفط الإيراني، الذي تزعم أنه يشرف على تصدير ملايين من براميل النفط، ويخصص مليارات الدولارات من هذه الموارد للقوات المسلحة الإيرانية، وبعض السفن التي تزعم أيضا مشاركتها في “أسطول ظل يساعد إيران على إخفاء شحناتها من النفط بعيدا عن عقوبات واشنطن”. وبحسب وكالة تسنيم للأنباء، التابعة للحرس الثوري، فقد فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على 17 كيانا و13 سفينة في ما يتعلق بإيران.
وقالت الوزارة في بيان رسمي: “يشرف باك نجاد على عشرات المليارات من الدولارات من صادرات النفط الإيرانية، وخصص مليارات الدولارات من النفط للقوات المسلحة الإيرانية للتصدير”، وتزعم وزارة الخزانة أيضا أنها فرضت عقوبات على مالكي أو مشغلي السفن التي سلمت أو نقلت النفط الإيراني من المخازن إلى الصين وكانوا موجودين في عدة ولايات قضائية، وضمن ذلك الهند والصين، وذكر البيان أن العقوبات الجديدة تفرض ضغطا أكبر على “أسطول الظل” وسفن النفط الأخرى التي يعتمد عليها النظام الإيراني لتصدير النفط إلى الصين، وذلك في إطار التزام الولايات المتحدة بخفض صادرات النفط الإيراني إلى الصفر، كما فرضت وزارة الخزانة عقوبات على عدة كيانات في مجالات قضائية متنوعة، وضمن ذلك الصين والهند، بسبب ملكيتها أو استخدامها لسفن تقوم بنقل النفط الإيراني إلى بكين أو تحميله من خزانات داليان في الصين.
أنشطة تهدد الاستقرار
في السياق نفسه، صرح سكوت باسيك، وزير الخزانة الأمريكي، بأن “حكومة إيران لا تزال تستخدم إيرادات النفط الضخمة لتمويل مصالحها المحدودة والمقلقة على حساب الشعب الإيراني”، وأضاف: “وزارة الخزانة ستوقف أي محاولة من هذه الحكومة لتمويل الأنشطة المزعزعة للاستقرار ودفع برامجها الخطيرة”. ووفقا لوزارة الخزانة، فإن هذه الإجراءات تأتي استنادا إلى أمر تنفيذي يستهدف قطاعات النفط والبتروكيماويات في إيران.
وهي تعتبر الجولة الثالثة من العقوبات المفروضة على مبيعات النفط الإيراني منذ إصدار مذكرة الرئاسة الأمريكية في 4 فبراير/شباط 2025 التي أطلقت حملة “الضغط القصوى” على إيران، بسبب مزاعم عن محاولة طهران تطوير أسلحة نووية، وفي الوقت نفسه، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على ثلاثة كيانات، ووضعت ثلاث سفن مرتبطة بهذه الكيانات المرتبطة بإيران ضمن الممتلكات المجمدة.
وزير النفط “المُعاقَب”
ووفقا لبيان وزارة الخزانة يُعتبر محسن باك نجاد المسؤول عن جميع شؤون صناعة النفط في إيران، التي تدر عشرات المليارات من الدولارات سنويا للحكومة الإيرانية، وذكر البيان أنه تحت إدارة باكنجاد، خصصت وزارة النفط الإيرانية مليارات الدولارات من النفط للقوات المسلحة الإيرانية، وضمن ذلك الحرس الثوري وقوات الأمن الداخلي، وهما يُعتبران أدوات الحكومة الرئيسة للقمع، وورد في البيان أنه يتم تخصيص نحو 200 ألف برميل من النفط الخام الإيراني يوميا لتمويل ميزانية القوات المسلحة الإيرانية، لكن هذا الرقم في تزايد، ووفقا للتقديرات التي أوردتها وزارة الخزانة، فإن تخصيص النفط للقوات المسلحة سيزداد أربعة أضعاف ليصل إلى أكثر من 10 مليارات دولار سنويا، وهو ما يشمل أكثر من 500 ألف برميل يوميا، وبناء على هذه التقديرات، فإن أكثر من نصف إجمالي إيرادات النفط الإيرانية سيتم تخصيصه للقوات المسلحة الإيرانية بحلول نهاية عام 2025.
ناقلات “أسطول الظل”
وفي بيان “الخزانة الأمريكية” تمت الإشارة إلى أن وزارة النفط الإيرانية، والقوات المسلحة تستخدم أسطولا من السفن الخفية “أسطول الظل” لنقل ملايين من براميل النفط إلى الصين بشكل سري، وذكر البيان أن 4 ناقلات نفط قد تم فرض العقوبات عليها، وهي:
- الناقلة (PEACE HILL) المسجلة في هونغ كونغ، ومالكتها شركة “هونغ كونغ هيشون ترانسبورتيشن تريدينغ ليمتد”، والتي قامت بنقل ملايين البراميل من النفط الإيراني لميناء تشانغشينغ في داليان الصيني.
- الناقلة (SEASKY) المسجلة في سان مارينو، التي نقلت عشرات الآلاف من الأطنان المترية من الوقود إلى الصين نيابة عن شركة النفط الوطنية الإيرانية منذ بداية عام 2024.
- الناقلة (CORONA FUN) المسجلة في بنما، التي كانت تنقل النفط الإيراني، وقامت بتعديل نظام التعرف التلقائي للسفن الخاصة بها لإخفاء نقل النفط الخام.
- سفينة “بولاريس 1” (EPXT5) وهي ناقلة مواد كيميائية/ نفطية تحمل علم إيران؛ مرتبطة بشركة فالون للشحن المحدودة.
رد طهران على العقوبات
ردًا على العقوبات الأمريكية على وزير النفط، كتبت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني: “لو كانت العقوبات السابقة مفيدة لهم، لما احتاجوا إلى عقوبات وتحديثات جديدة، لا يمكن وقف صادرات النفط، لن نساوم على حصة إيران في سوق النفط العالمية”.
وأضافت، أن العقوبات المفروضة على محسن باكنجاد، ومجموعة من المسؤولين التنفيذيين في قطاع النفط، وعدد من الشركات والأفراد المرتبطين بصناعة النفط الإيرانية تهدف إلى ممارسة أقصى قدر من الضغط على طهران التي أظهرت مراراً وتكراراً خلال السنوات الأخيرة أنها تمتلك القدرة على التحايل على العقوبات، وتستمر في بيع نفطها في الأسواق الدولية باستخدام أساليب مختلفة”.
كما أدانت الخارجية الإيرانية بشدةٍ فرض الولايات المتحدة عقوبات على شخصيات إيرانية بينها وزير النفط محسن باكنجاد، وناقلات نفط وشركات تجارية عدة، واعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، أن “خطوة واشنطن بفرض العقوبات دليل واضح آخر على الخداع وزيف ادعاءاتهم ومؤشر آخر على عدائهم لتنمية وتقدم ورفاهية الشعب الإيراني”.
وفي إشارة إلى ادعاءات المسؤولين الأمريكيين المتكررة حول استعدادهم للتفاوض، اعتبر بقائي أن الخطوة الأمريكية بفرض العقوبات على إيران دليل واضح آخر على الخداع وخرق القانون، ووصف إدمان الولايات المتحدة على سياسة العقوبات والضغط ضد الدول المستقلة بأنه انتهاك لسيادة القانون على المستوى الدولي وتهديد للسلم والأمن الدوليين.
وأكد أن “الإجراءات الشريرة التي اتخذتها الولايات المتحدة لتعطيل التبادلات الاقتصادية والتجارية بين إيران والدول الأخرى انتهاك واضح للمبادئ والقواعد الأساسية للقانون الدولي والتجارة الحرة، وأن طهران تحمّل الحكومة الأمريكية مسؤولية عواقب وآثار مثل هذه الإجراءات الأحادية الجانب وغير المشروعة”.
وأشاد بقائي بالجهود الدؤوبة التي يبذلها أبناء الشعب الإيراني في وزارة النفط والشركات التابعة لها في إنتاج وتوزيع وتجارة المنتجات النفطية، واعتبر أن إجراء وزارة الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات على وزير النفط “أمر سخيف ومخالف لجميع معايير وقواعد القانون الدولي”.
وأضاف: “أن مثل هذه الإجراءات غير اللائقة لا يمكن أن يكون لها أدنى تأثير على التصميم الوطني للإيرانيين للدفاع عن استقلال إيران وكرامتها والسعي من أجل تنمية وازدهار بلدنا”.
ولطالما صرحت طهران بأن برنامجها للطاقة النووية كان وسيظل سلميا بالكامل، وليس هناك أي توجه لتحويله إلى أغراض عسكرية، وفق بياناتها الرسمية.