ترجمة دنيا ياسر نورالدين
تناولت صحيفة “فرهيختكان” الإيرانية الأصولية الأحد 20 أبريل /نيسان 2025، تصريحات الخبير في الشؤون الدولية حسن بهشتی بور حول التناقض بين الواقع الفعلي للمفاوضات النووية والفضاء الإعلامي المسيطر عليه من قِبل إسرائيل والغرب. وأهمية رفع الوعي الإعلامي لدى الجمهور ودور الأطراف الإقليمية والوكالة الدولية في دعم مسار المفاوضات.
أوضح حسن بهشتي بور أن ما يُنشر في وسائل الإعلام يختلف كثيرا عما يجري فعليا في طاولة المفاوضات، مؤكدًا أن هناك فرقا واضحا بين “السياسة الإعلانية” التي تُعرض في الإعلام، و”السياسة الفعلية” التي تُنفذ عمليا. وقال: “هذا التفاوت لا يخص إيران و الولايات المتحدة فقط، بل يشمل كل دول العالم، وإن كانت هناك بعض الحالات التي تقترب فيها السياستان من بعضهما”.
وأضاف أن الدول عادة ما تستخدم ما يسمى بـ”الدبلوماسية الإعلامية” لتشكيل الرأي العام وخلق تصورات محددة تخدم مصالحها على طاولة المفاوضات.
وتابع قائلا: “لكن الواقع على طاولة التفاوض يختلف تماما عن الصورة الإعلامية، لذلك من الضروري توعية الرأي العام حتى لا يقع في فخ التضليل الإعلامي الأمريكي ومواقف شخصيات مثل ترامب وغيره”.
وأشار إلى أن ما يجري تداوله حاليا بخصوص تحويل القضية إلى اجتماع على مستوى الخبراء يوم الأربعاء، يدل على أن الجانبين ربما توصلا إلى تفاهم مبدئي حول القضايا العامة، لكن لم يتم بعد الاتفاق على التفاصيل. وأكد أن “الجدول الزمني للمفاوضات هو المفتاح الرئيسي لتحليل مسارها، فمعرفة ما إذا كان هذا الجدول قد تم الاتفاق عليه أم لا، وما هي بنوده، سيمكننا من تقييم احتمالات نجاح المفاوضات أو تعثرها، ومدى تعقيدها”.
ضرورة رفع الوعي الإعلامي لمواجهة التضليل الإسرائيلي
وفي سياق متصل، شدد بهشتي بور على أن “الفضاء الإعلامي غالبا أنما يتم توجيهه من قبل الإسرائيليين وبعض الجهات المأجورة في ألبانيا عبر شبكات التواصل الاجتماعي”، مشيرًا إلى أن هذا الفضاء لا يخضع لسيطرة إيران.
وأضاف أن الوسيلة الوحيدة لمواجهة ذلك هي رفع مستوى الوعي الإعلامي بين الناس وتوعيتهم بأن ما يُنشر في الإعلام لا يعكس بالضرورة ما يدور في صلب المفاوضات.
وأشاد بتصرف الجانب الإيراني، مشيرا إلى أن “الوفد الإيراني يُعلن بسرعة عن النتائج التي يمكن إعلانها، وهو أمر إيجابي، لأن بعض القضايا لا يمكن الكشف عنها قبل التوصل إلى اتفاق نهائي حتى لا تتأثر بالتضليل الإعلامي”.
وتابع لقد بادر مسؤولون مثل عباس عراقجي وزير الخارجية الإيراني وحميد بقايي نائب الرئيس الإيراني للشئون التنفيذيه في حكومة محمود أحمدي إلى اتخاذ مواقف إعلامية سريعة، وهذا مهم جدا، لأنه يتيح للإعلام الإيراني أن يسبق الإعلام الأمريكي في صياغة الرواية، مما يُضعف تأثير النشاطات التخريبية الإسرائيلية التي تسعى بكل الطرق إلى إفشال المفاوضات”.
التنسيق مع دول المنطقة يعزز موقف إيران التفاوضي
نفى بهشتي بور بما تردد عن اقتراح سعودي بعقد لقاء بين رئيسي إيران والولايات المتحدة خلال زيارة ترامب إلى الرياض، صحة هذه الأنباء، قائلا: “لو كان هذا الاقتراح حقيقيا، لنقله وزير الخارجية السعودي وليس وزير الدفاع”.
وأوضح أن أي مفاوضات ناجحة تبدأ أولا على مستوى الخبراء لصياغة التفاصيل والتقارب بين وجهات النظر، ثم تُرفع إلى مستويات أعلى. وأضاف: “من غير المنطقي أن تُعقد لقاءات على مستوى رؤساء الدول قبل التوصل إلى جدول أعمال واضح ومحدد”.
وأكد أن زيارة وزير الدفاع السعودي كانت منسقة مسبقا، وتعكس سعي إيران إلى التواصل مع دول المنطقة وشرح موقفها التفاوضي، مضيفا أن “الأجواء الإقليمية اختلفت مقارنة بما كانت عليه خلال مفاوضات الاتفاق النووي السابق، حيث كانت دول كالإمارات والسعودية تعارض الاتفاق. أما الآن، فهي وصلت إلى قناعة بأن التسوية يمكن أن تخدم استقرار وأمن المنطقة، على عكس الموقف الإسرائيلي الذي لا يزال يعرقل أي تقدم”.
علّق بهشتي بور على مشاركة رافائيل كروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في مسار المفاوضات، موضحا أن “الوكالة هي الجهة الوحيدة المخوّلة دوليا بالإشراف على الأنشطة النووية للدول، وإذا تم التوصل إلى اتفاق، فسيكون من الطبيعي أن تتولى الوكالة الإشراف على تنفيذه”.
وأضاف أن إيران “بدأت مؤخرا تحركات ذكية مع الوكالة لحل الإشكالات التي تثيرها إسرائيل حول بعض التساؤلات، بهدف سحب الذرائع من يدها ومنعها من عرقلة المفاوضات”.
وتابع: “وجود كروسي يندرج ضمن إطار التحضيرات التي تسبق تنفيذ أي اتفاق محتمل، ومن المهم أن يكون على اطلاع منذ الآن على المسائل المطروحة بين الطرفين، خصوصًا فيما يتعلق بالنقطتين الخلافيتين اللتين أثارتهما الوكالة”.
وقال بهشتي بور ساخرا بشأن ما يُشاع عن ارتباط زيارة كروسي بطموحه في الترشح لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، : “كروسي بدأ لتوه فترة ولايته الثانية في الوكالة، ولا أعتقد أن (بذلة الأمين العام) تناسبه. من وجهة نظري كباحث ومراقب سياسي، لا أرى أن شخصية كروسي ملائمة لهذا المنصب، وإذا أردتم يمكنني لاحقًا توضيح أسبابي لذلك”.
وختم حديثه بالتأكيد على أن “نجاح كروسي أو فشله في المفاوضات الحالية لا علاقة له بترشحه لهذا المنصب، لأن آلية اختيار الأمين العام وفق ميثاق الأمم المتحدة تختلف كليا عن هذه الحسابات”.