كتب: محمد بركات
مرة أخرى، تنتشر شائعات عن استقالة الرئيس الإيراني، فبعد التصريحات التي أدلى بها المرشد الأعلى، علي خامنئي، الجمعة 7 فبراير/شباط 2025، بشأن عدم جدوى التفاوض مع الولايات المتحدة، انتشرت شائعة- زُعم أن مصدرها مسؤول حكومي- باستقالة بزشكيان.
جدير بالذكر أن صحيفة جوان، المقربة من الحرس الثوري، كانت قد نشرت في عددها ليوم السبت 8 فبراير/شباط، تقريرا بهذا الشأن، حيث قالت: “تم الإعلان عن موقف قائد الثورة بشأن التفاوض مع الولايات المتحدة بأوضح العبارات والمضامين، بهدف إغلاق الباب أمام أي تأويلات أو تفسيرات متباينة. ومع ذلك، ورغم أن المنطق والعقلانية يقتضيان أن تتماشى الحكومة مع هذا الموقف دون إضاعة الوقت؛ حفاظا على الوحدة الداخلية، فمن المتوقع أن تبدأ معارضة ضمنية، وربما حتى علنية، ضد هذا التوجه، وربما يصل الأمر إلى حد مطالبة بزشكيان بالاستقالة!”.
ليخرج بعدها، علي أحمد علي أحمد نيا، رئيس شؤون الإعلام في الحكومة، وينفي على حسابه الشخصي بمنصة إكس، السبت 8 فبراير/شباط 2025، تلك الشائعة، حيث كتب تعليقا على صورة للخبر المتداول: “لم تمضِ سوى بضعة أيام على اجتماع القادة تحت شعار (متحدون من أجل شعب إيران)، وصباح اليوم، توجه رئيس الجمهورية إلى مدينة سيرجان لافتتاح ووضع حجر الأساس لمشاريع بقيمة 200 ألف مليار ريال، ما يعادل 228 مليون دولار، في حين أن بعض السذج لا يزالون غارقين في الأوهام!
إنّ الحكومة، برئاسة الدكتور بزشكيان وتحت توجيه قائد الثورة، لا تحمل سوى همّ حل مشكلات الشعب في المعيشة والاقتصاد”.
كذلك، فقد صرح إلياس حضرتي، رئيس مجلس الإعلام الحكومي، الأحد 9 فبراير/شباط 2025، معلقا على هذا الموضوع: “نحن في ظل الظروف الراهنة نواجه حربا شديدة التعقيد وغير متكافئة، حيث تبذل وسائل الإعلام الأجنبية، التي تتمثل مهمتها في التشويه، كل جهدها لتجاهل أي خطوة إيجابية تتخذها الحكومة والسخرية منها”.
وأضاف: “إن الهدف الرئيس من هذه التحركات هو إضعاف ثقة الشعب بنظام الجمهورية الإيرانية، لا سيما في الحكومة، إنهم، من خلال إثارة قضايا مثل استقالة رئيس الجمهورية أو توجيه الانتقادات إلى الوزراء، يسعون إلى زعزعة أركان الحكومة، وإشاعة أجواء اليأس في قلوب المواطنين والمسؤولين، ومنع تحقيق الاستقرار المطلوب”.
وبهذا الشأن، كتب مازيار بالائي، عضو المجلس المركزي لحزب “اعتماد ملي”، على حسابه بمنصة إكس السبت 8 فبراير/شباط 2025: “إن تحويل السياسة إلى مشهد شبيه بالملاعب أفرغ ساحة العمل السياسي من العقلانية ودفع الأجواء نحو الشعبوية والتحليلات الخاطئة، إن جعل التفاوض أو عدمه قضية شرفية يشكل خطرا جادا على المصالح الوطنية، ولا فرق بين من يقول: يجب أن يستقيل بزشكيان، ومن يردد شعار ظريف: اختفِ عن الأنظار”.
جدير بالذكر أن بالائي يشير إلى الهتافات التي رُفعت ضد محمد جواد ظريف خلال خطبة صلاة الجمعة الماضية في طهران، والتي بُثّت مباشرة على التلفزيون الإيراني.
كذلك، فقد صرح علي أصغر شفيعيان، مدير موقع إنصاف نيوز الإخباري الإيراني، الأحد 9 فبراير/شباط 2025، في هذا الشأن، قائلا: “يطرحون مقترح الاستقالة يوما بعد يوم! في نهاية العام الماضي، قالوا للناس: لا تشاركوا في الانتخابات، فذلك تبييض للظلم. وفي يوليو/تموز من هذا العام، اعتبروا المشاركة واجبا لدعم أحد مرشحي البرلمان نفسه”.
من يقف وراء شائعات الاستقالة تلك؟
حول السبب ومن يقف وراء شائعات الاستقالة، ناقشت صحيفة جوان، في عددها الأحد 9 فبراير/شباط 2025، أبعاد ذلك الموضوع، حيث كتبت: “اقترح أحد المفاوضين الأمريكيين السابقين على ترامب إعطاء فرصة أخيرة للمسار الدبلوماسي مع طهران، وفي إيران، لقي هذا الاقتراح دعما من بعض الشخصيات، بينهم مستشار سابق لحكومة روحاني، الذي رأى أن الملف النووي يمكن بيعه لترامب بسعر مناسب، معتبرا أن بزشكيان وترامب مؤهلان للتفاوض أكثر من روحاني، كما ذهب هذا المستشار إلى حدّ المطالبة بانسحاب الرئيس من المشهد السياسي إذا فشلت المفاوضات قبل حلول الشتاء”.
ويكمل التقرير: “تسعى بعض التيارات السياسية المشبوهة، التي برزت بعد الانتخابات، إلى دفع بزشكيان نحو الفشل عبر منعه من التفاوض، ووضعه أمام خيار الاستقالة أو مواجهة إجراءات العزل في البرلمان. هذه الاستراتيجية تهدف إلى خلق أزمة سياسية عميقة قبل نهاية العام، تمهيدا لاستغلالها في موجات اضطرابات داخلية وعمليات تخريب خارجية، بدعم من جماعات معارضة كمجاهدي خلق”.
ويضيف: “إن المخطط يتكامل مع مشروع ترامب، حيث تراهن الاستخبارات المعادية على استياء الشارع وسوء الإدارة لإثارة احتجاجات أعنف من تلك التي شهدتها إيران في 2019 و2022، كما أن بعض الدوائر داخل الحكومة نفسها، مدفوعة بأمل إعادة فتح السفارة الأمريكية، تروّج لفكرة استقالة بزشكيان، وهو سيناريو سبق أن طُرح خلال حكومتي خاتمي وروحاني. لكن بزشكيان، بخلاف التوقعات، لم ينخرط في الاستقطابات المصطنعة حول التفاوض، مما مكّنه من الحفاظ على تماسك حكومته رغم الضغوط”.
ويختتم التقرير بقوله: “وبينما يحاول فريق ترامب زعزعة الاستقرار الداخلي، أظهر بزشكيان ووزير خارجيته وعيا سياسيا عميقا، ما سمح لهما ليس فقط بتجاوز الأزمة، بل بالاستعداد لجني ثمار الاستقرار في المستقبل، كما أشار قائد الثورة في لقائه مع قادة سلاح الجو”.
بزشكيان وشائعات الاستقالة
لم تكن تلك المرة الأولى التي تنتشر فيها أخبار عن استقالة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، فبعد زيارة بزشكيان، للعاصمة المصرية القاهرة للمشاركة في قمة مجموعة الدول الثماني النامية، والتي عقدت الخميس 19 ديسمبر/كانون الأول 2024، انتشرت أنباء على بعض مواقع التواصل الاجتماعي حول استقالته.
حينها، كتب علي ربيعي، مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الاجتماعية، على حسابه بمنصة إكس، في 22 ديسمبر/كانون الأول، حول مصدر هذه الشائعات، قائلا: “في حديث أجريته مع عدد من خبراء الإنترنت، ومن خلال تتبُّع أول تغريدة، توصلنا إلى أن المصدر الأول لشائعة استقالة الرئيس والحكومة قد نُشر من قبل مجموعات مقيمة خارج البلاد، وتم الترويج له كجزء من عملية نفسية تستهدف الداخل”.