ترجمة: شروق السيد
تجددت التساؤلات حول كفاءة منظومة الدفاع الجوي الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2024، وبينما أظهر النظام المحلي باور-373 أداء جيدا في التصدي للصواريخ، لم تحقق منظومة إس-300 الروسية المستوى المطلوب من الفعالية ضد التهديدات الحديثة، يستعرض هذا التقرير الذي كتبه الموقع الإيراني “خبر فوري” تفاصيل المواجهة، وقدرات كل من النظامين الدفاعيين، والتحديات التقنية التي تواجهها إيران أمام تزايد تطور أساليب الهجوم الجوي، وإليكم نص التقرير:
نشر الموقع الإيراني “خبر فوري“: في صباح يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول 2024، شنت دولة الاحتلال الإسرائيلي هجوما عدائيا على إيران، ورغم أن هذه الهجمات تسببت في بعض الأضرار، فإنها واجهت دفاعا بطوليا من قبل نظام الدفاع الجوي في إيران.
وتابع: أدى الهجوم الذي شنته القوات الجوية الإسرائيلية على إيران إلى إعادة طرح موضوع الدفاع الجوي في دائرة اهتمام المحللين العسكريين، ومن بين الأسئلة الرئيسية كان “لماذا لم تُستخدم المنظومة الدفاعية الثقيلة والطويلة المدى الإيرانية مثل إس-300 بالقدر نفسه الذي تم استخدام فيه منظومة باور 373 محلية الصنع في هذه المواجهة؟”.
وأضاف: وفقا لما أعلنته هيئة الدفاع المركزي “خاتم الأنبياء”، تم تدمير ورصد 90% من الصواريخ الإسرائيلية، والآن، حان الوقت للقيام بتحليل فني للمنظومة الدفاعية.
وتابع: لفهم أفضل لهذا الموضوع، يجب الانتباه إلى الخصائص الفنية للمنظومة الدفاعية والتحديات الموجودة في مواجهة التهديدات الحديثة، تعتبر المنظومة الدفاعية مثل إس-300 وصياد، ذات قدرات محدودة بسبب تصميمها وتكنولوجياتها الخاصة.
وأضاف قائلا: على سبيل المثال، الطائرات بدون طيار التي استخدمت في هذا الهجوم، والتي تزن نحو 2 كيلوغرام، مزودة بمحركات كاتمة وهيكل مصنوع من مواد مركبة، مما يجعل التعرف عليها ورصدها صعبا، وتمثل هذه المشكلة تحديا خاصا عندما يتعين على هذه المنظومة مواجهة التكنولوجيا المتقدمة اليوم.
وتابع: تتضح هذه القضية بشكل أكبر عندما نعلم أن إسرائيل، حتى مع صواريخها وأنظمتها الدفاعية “بيكان”، لم تتمكن من الدفاع عن نفسها بشكل كامل خلال عملية “الوعد الصادق 2” أمام الصواريخ الباليستية التي أطلقت من إيران.
واستدرك: لكن ما أبرز تحديات التعرف والرصد للمنظومة الدفاعية؟ تحتاج المنظومة الدفاعية إلى التعرف الدقيق على الأهداف، لتحقيق ذلك، يجب أن تكون الرادارات القادرة على الكشف قادرة على تحديد الأهداف من خلال إرسال ترددات مختلفة، نظرا إلى أن نظام إس-300 صُمم في عام 1979، ويواجه تقنيات جديدة تتطور اليوم، فإن هذا الأمر يتحول إلى تحدٍّ، خاصة في ما يتعلق بالصواريخ الكروز فائقة السرعة.
صواريخ مثل AGM-158 JASSM، التي تتمتع بمدى يصل إلى 1000 كيلومتر وصُممت خصوصا لمواجهة المنظومة الدفاعية، تحتاج إلى التعرف السريع والدقيق، إذا لم يتم التعرف على الهدف بشكل صحيح، فلن تتمكن المنظومة الدفاعية من العمل بفعالية.
مميزات نظام إس-300
يعتبر نظام إس-300 نظاما روسيّا بالكامل، لديه القدرة على رصد وتدمير الأهداف على ارتفاع يصل إلى 27 كيلومترا، ويمكنه الاشتباك في الوقت نفسه مع 12 هدفا، ومع ذلك، فإن لهذا النظام قدرات محدودة، فتقل كفاءته خاصة عند مواجهة الأهداف الصغيرة وفائقة السرعة، إضافة إلى ذلك، فإن المنظومة الدفاعية القديمة مثل “هاج” والموجودة في إيران منذ الخمسينيات لم تتلقَّ التحديثات اللازمة لمواجهة التهديدات الحديثة.
نظرا إلى التقدم السريع في التكنولوجيا العسكرية والتحديات الموجودة في رصد وتحديد الأهداف، لا يُتوقع أن تكون المنظومة الدفاعية الإيرانية قادرة تماما على مواجهة التهديدات الحديثة، هذا الأمر يتطلب إعادة نظر في الاستراتيجيات الدفاعية واستثمارا في تقنيات جديدة من أجل الدفاع بفعالية عن المجال الجوي للبلاد.
في النهاية، يُظهر هذا الهجوم وفشل المنظومة الدفاعية ضرورة الاهتمام أكثر بتطوير وتحديث المنظومة الدفاعية في البلاد، من أجل الاستعداد بشكل أفضل لمواجهة التهديدات المستقبلية المحتملة.
باور-373
وتابع: أما باور-373 فهو نظام الدفاع الجوي بعيد المدى الأكثر تطورا في القوات المسلحة الإيرانية، ويعتبر إنجازا استراتيجيا ومهما للغاية في مجال منظومة الدفاع الجوي لدينا، وقد عمل بكفاءة ممتازة في هجوم 26 أكتوبر/تشرين الأول.
وأضاف: باور-373 هو نظام دفاع جوي إيراني بعيد المدى مصمم للاشتباك مع الأهداف الجوية المعادية على مدى يزيد على 300 كيلومتر، يمكن إعداد نظام صواريخ باور-373 بسهولة للإطلاق، كما أن له القدرة على التصدي للأهداف المخفية بفضل ميزته المضادة للتهرب الراداري، مما يمكنه من التعرف على الأهداف ذات التردد الراداري المنخفض جدا. تم الكشف عن هذا النظام لأول مرة في عام 2016 وتمت إضافته لاحقا إلى قوات الدفاع الجوي للجيش الإيراني في عام 2019، كما كشفت وزارة الدفاع الإيرانية عن صاروخ متطور من نظام باور-373 تحت اسم صیاد-4، مما زاد من مدى النظام الدفاعي باور-373 إلى أكثر من 300 كيلومتر.
ما هي رادارات باور ذات الموجة المتصلة والموجة المتقطعة؟
وتابع: يتضمن أيضا رادار حافظ متعدد الاستخدامات والمزود بتقنية “المصفوفة الطورية”، والذي يُستخدم للبحث والرصد على ارتفاعات منخفضة، يتميز هذا الرادار بقدرة التتبع في أثناء البحث (TWS) ويصل مداه الأقصى إلى 300 كيلومتر، حيث يمكنه رصد ما يصل إلى 100 هدف في الوقت نفسه.
وأضاف: وهناك رادار آخر ضمن نظام باور-373 هو رادار “علیم” وهو رادار سلبي، تستخدم الرادارات السلبية لمقاومة الحرب الإلكترونية وزيادة نطاق كشف الأهداف الرادارية، تعمل هذه المنظومة على تتبع الإشارات ثلاثية الأبعاد للطائرات، مثل إشارات التواصل Link 16، وإشارات التمييز بين الصديق والعدو (IFF)، وإشارات نظم الملاحة الجوية (GPS)، في حالة حدوث تداخل في رصد الرادارات، تتيح المنظومة السلبية القدرة على تتبع دقيق للطائرة المعادية أو تحديد مصدر التداخل، مما يمكّن من مهاجمة الطائرة المعادية وتدميرها.
وتابع: يعتبر AGM-158 JSS نموذجا من صواريخ الكروز بعيدة المدى والثقيلة التي تُثبّت داخل الحاويات الداخلية لطائرة F-35 الأمريكية.
واختتم قائلا: يمثل هذا النظام الدفاعي نتاج الهندسة العكسية من قبل المهندسين الإيرانيين وإبداعهم، وبعد تجربة 26 أكتوبر/تشرين الأول 2024، من المتوقع أن يتم تحسين أي مشكلات محتملة ليكون النظام جاهزا بشكل أفضل للدفاع عن المجال الجوي، يمكن التنبؤ بأن نظام باور-373 سيتحول تدريجيا إلى نظام دفاعي حصري وسري بالكامل، على غرار نظام باتريوت والقبة الحديدية.