كتب: ربيع السعدني
تعرضت العاصمة اليمنية صنعاء لقصف جوي أمريكي، وأثار الهجوم الذي أمر به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، موجة من الغضب والقلق في المنطقة.
وفي رسالة قصيرة لكنها تهديدية على موقع التواصل الاجتماعي “Truth Social“، يوم السبت 15 مارس/آذار 2025، كتب ترامب: “اليوم، أمرت الجيش الأمريكي ببدء عمل عسكري حاسم وقوي ضد الحوثيين في اليمن، لقد شنوا حملة لا هوادة فيها من القرصنة والعنف والإرهاب ضد السفن والطائرات والطائرات بدون طيار الأمريكية وغيرها من الدول”.
ولكن هذه لم تكن نهاية رسالة ترامب، ففي نبرة تهديدية، حذّر إيران من أن “دعمها للإرهابيين الحوثيين يجب أن يتوقف فورا”.
وأضاف الرئيس الأمريكي في منشوره، أن “الشعب الأمريكي لا يُهدَّد رئيسه الذي حصل على أحد أكبر الأصوات الشعبية في تاريخ الانتخابات الرئاسية، ولا تهددوا طرق الشحن العالمية، وإذا فعلتم ذلك، فاحذروا، لأن الولايات المتحدة ستحملكم المسؤولية الكاملة، وهذه المرة لن نكون متسامحين!”.
ترامب للحوثيين: لقد انتهى وقتكم
كما وجَّه ترامب رسالة إلى الحوثيين قائلا: “لقد انتهى وقتكم، ويجب أن تتوقف هجماتهم اعتبارا من اليوم، وإلا فستواجهون جحيما لم تروا له مثيلا من قبل”.
تأتي هذه التصريحات في وقت كرر فيه وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، الخطاب نفسه المعادي لإيران بعد الهجوم على صنعاء، زاعما أن “طهران التي تدعم الحوثيين تم تحذيرها”، وفقا لصحيفة الغارديان.
ومن جهة أخرى، يأتي غضب ترامب بشأن استهداف الطائرات المسيرة والمقاتلات الأمريكية في وقت كانت فيه هذه المعدات العسكرية هدفا للقوات المسلحة في البلاد خلال الهجوم على اليمن، لكن ترامب أضاف في تصريحه المزعوم: “لقد مر أكثر من عام منذ أن مرت سفينة تجارية تحمل العلم الأمريكي بسلام عبر قناة السويس أو البحر الأحمر أو خليج عدن”.
وكانت آخر سفينة حربية أمريكية تمر عبر البحر الأحمر قد تعرضت لاستهداف من قبل الحوثيين أكثر من 12 مرة قبل 4 أشهر، “أطلقت ميليشيات الحوثي، بدعم مالي من إيران، صواريخ على طائرات أمريكية واستهدفت قواتنا وحلفاءنا”.
وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، السبت 15 مارس/آذار 2025، حسبما نشر موقع “تابناك” الإيراني، أن الولايات المتحدة شنت ضربات جوية مكثفة على عشرات الأهداف التابعة للحوثيين في اليمن، وصرّح مسؤولون أمريكيون بأن هذه العملية تعد الخطوة الأولى في حملة جديدة ضد الحوثيين، وتهدف إلى إرسال رسالة تحذير إليهم وإلى النظام الإيراني.
وأضافت “نيويورك تايمز” أن الضربات الجوية والبحرية، التي أمر بها ترامب، استهدفت أنظمة الرادار والدفاعات الجوية والصواريخ والطائرات المُسيّرة التابعة للحوثيين.
وتابعت أن “إدارة بايدن حاولت، في محاولة فاشلة، القضاء على جماعة أنصار الله في اليمن وتهديدها للشحن التجاري والعسكري دون قتل أعداد كبيرة من مقاتليها وقادتها، ولكن فشلت حملة القصف المتجددة ضد اليمن”.
رصاصة في الظلام
في ظل الأجواء المضطربة والمتوترة التي تسود المنطقة، فإن تحرك دونالد ترامب غير المتوقع بمهاجمة الحوثيين في اليمن وربط هذا الهجوم بإيران يشكّل بحسب وصف صحيفة “شرق” اليومية، “رصاصة في الظلام” تزيد من تعقيد المعادلات في المنطقة.
ولا تشير هذه الخطوة وفقا للتقرير، إلى عدم الاستقرار في سياسات البيت الأبيض فحسب، بل تحمل أيضا تحذيرا من أن واشنطن قد تتخذ قرارا غير متوقع وخطير في أي لحظة، ليثبت ترامب مرة أخرى أن سياساته لا تستند إلى حسابات دبلوماسية تقليدية، بل هي أقرب إلى لعبة خطيرة بالنار، يحاول ترامب من خلالها وضع إيران في موقف دفاعي واتهامها بدعم الحوثيين.
هذا الإجراء، بدلا من أن يكون تكتيكا ذكيا، يعكس افتقار ترامب إلى التخطيط ورغبته في خلق أزمات جديدة.
الحرس الثوري: سنردُّ بقوة مدمرة
ومن جانبه حذَّر قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، من أن طهران سترد “بحزم وبقوة مدمرة” على أي عدو يلجأ إلى التهديدات، مؤكدا أن “الحوثيين في اليمن يتخذون قراراتهم الاستراتيجية والعملياتية بأنفسهم”.
وأضاف سلامي، الأحد 16 مارس/آذار 2025، لوكالة تسنيم للأنباء التابعة للحرس الثوري، أن “العدو لن يكف عن تهديد الأمة الإيرانية، ومهما هُزم الأعداء، فإنهم لا يتعلمون الدروس، بل اعتادوا التهديد لتحقيق أهدافهم، ودائما ما يفشلون في هذا المسار.
وأوضح: “لم تحل الحرب أيا من مشاكل الأعداء، بل أسفرت هذه الحروب عن خسائر سياسية فادحة، وهزائم مُذلة، وتكاليف عسكرية باهظة لأمريكا”.
ترامب: التعامل مع تهديدات طهران في “مراحله الأخيرة”
كان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد صرح، في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، وفقا لوكالة “رويترز“، في 7 مارس/آذار 2025، بأن “التعامل مع تهديدات إيران قد وصل إلى “مراحله الأخيرة، سوف يحدث شيء ما قريبا، لقد وصلنا إلى لحظة الضربات النهائية مع إيران”، مشيرا إلى أن هذه القضية ستُحل إما عن طريق المفاوضات وإما من خلال العمل العسكري.
دعم إيراني غير محدود للحوثيين
وفي 15 فبراير/شباط 2024، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) أن حكومة اليمن الشرعية تمكنت من ضبط شحنة أسلحة إيرانية كانت موجهة إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن في بحر العرب.
واكتشفت القيادة المركزية الأمريكية أكثر من 200 طرد تحتوي على مكونات صواريخ باليستية متوسطة المدى، ومتفجرات، ومكونات مركبات تحت الماء/سطحية بدون طيار (UUV/USV)، ومعدات اتصالات وشبكات عسكرية، ومجموعات إطلاق صواريخ موجهة مضادة للدبابات، ومكونات عسكرية أخرى.
كما صرح المتحدث باسم الجيش اليمني في محافظة تعز، عبد الباسط البحر، في 4 يناير/كانون الثاني 2025، بأن طهران كثّفت إرسال الأسلحة إلى الحوثيين، بعد تراجع قوة وكلائها ومليشياتها بالمنطقة.
وأضاف البحر في تصريحات لصحيفة “التلغراف” البريطانية، أن طهران زوّدت المليشيات اليمنية بإمدادات كافية لمواصلة هجماتها على إسرائيل وهجماتها على الملاحة العالمية “لسنوات قادمة”.
وقد بدأ الحوثيون في تنفيذ هجمات على السفن الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، بحسب تقرير صحيفة “الغارديان” البريطانية منذ بداية الصراع بين “حماس” وإسرائيل، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما أدى إلى تهديد الملاحة البحرية في الشرق الأوسط على مدى الأشهر الماضية، بل توسعت هجماتهم لتصل إلى المحيط الهندي.
تأتي هذه الغارات الأمريكية على العاصمة اليمنية صنعاء بعد أيام قليلة من إعلان الحوثيين استئناف هجماتهم على السفن الإسرائيلية المبحرة قبالة سواحل اليمن ردا على الحصار الإسرائيلي على غزة، ولم تُسجل أي هجمات حوثية منذ ذلك الحين.