ترجمة: نوريهان محمد البهي
نشرت صحيفة فرهيختگان الإيرانية في 13 يناير/كانون الثاني 2025 تقريرًا حول تصريحات علي عبد العلي زاده، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاقتصادية، التي أكد فيها أن إيران لا خيار لها سوى التفاوض، معتبرا أن الحلول الأخرى غير ممكنة.
وذكرت الصحيفة أن تصريحاته تزامنت مع مؤتمر باريس لما وصفته بمنظمة منافقي المعارضة الإيرانية (مجاهدي خلق)، والذي حضره كيث كيلوغ، المبعوث الأمريكي لقضية أوكرانيا.
وأوضحت الصحيفة أنه عقب المؤتمر، نشر كيلوغ تغريدة دعا فيها إلى تطبيق سياسة ترامب تجاه إيران.
كما اعتبرت الصحيفة أن هذا الحضور الأمريكي وتزامنه مع الاتهامات ضد إيران يعكسان محاولات دعم المعارضة الإيرانية.
وأضافت الصحيفة أن تقديم التفاوض مع الولايات المتحدة كخيار وحيد يمثل رسالة ضعف، في وقت تواصل فيه الولايات المتحدة التخطيط لمواجهة إيران.
تكرارٌ مملوء بالمخاطر
أشارت الصحيفة إلى أنه بعد تأكيد نتائج الانتخابات الأمريكية، بدأ السياسيون الذين كانوا يجهزون أنفسهم لرئاسة الديمقراطيين وكانوا ينتقدون طاولة المفاوضات والتوافق، في التحول عن مواقفهم إلى الاتجاه الذي يمكن فيه ترامب من الحوار والتفاوض إذا لزم الأمر.
وأوضحت الصحيفة أن هذه التصريحات جاءت في وقت لم يكن فيه ترامب قد حدد تشكيلته الحكومية أو فريق السياسة الخارجية، مما يجعل من الصعب الجزم بوجود فارق كبير بين موقفه في 2016 وموقفه المحتمل في 2024 تجاه إيران.
وأضافت الصحيفة أن هذه التصريحات، بدلا من تمهيد الطريق للتفاوض، وضعت إيران في موقع ضعف من خلال كشف أوراقها.
وفي المقابل، اكتفى المسؤولون الإيرانيون بالإشارة إلى أن إيران لم تبتعد عن طاولة المفاوضات في أي وقت.
وفي هذا السياق، تناولت الصحيفة تصريحات علي عبد العلي زاده، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاقتصادية، حيث صرح لوكالة إيلنا قائلاً: “يجب أن نتفاوض مع ترامب، ولا يمكن تعليق قضايا البلاد”. وأضاف أيضا أن “النظام بأسره توصل إلى قناعة بضرورة التفاوض المباشر”.
واعتبرت الصحيفة أن ما ذكره عبد العلي زاده يعد تكرارا لنهج حكومة الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، حيث تم ربط حل مشاكل البلاد بالتفاوض مع الغرب.
وأفادت الصحيفة أن توقيت هذه التصريحات يثير تساؤلات، خاصة في ظل التطورات العالمية المتعلقة بإيران، مما يشير إلى أن نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاقتصادية لم يكن على دراية كافية بهذه التطورات.
مؤتمر “مجاهدي خلق”: حضور أمريكي يُشعل الجدل
في تطور لافت في الساحة السياسية، أشارت الصحيفة إلى المؤتمر المعاد لإيران الذي عُقد في باريس حيث قامت بتنظيمه منظمة مجاهدي خلق ، والتي لم تقتصر علاقاتها السابقة على لقاءات مع أعضاء في البرلمان الأوروبي، بل شملت أيضًا مسؤولين من حكومة ترامب.
وأوضحت الصحيفة أن المؤتمر جاء تحت عنوان “السياسة الجديدة تجاه النظام الإيراني”، حيث شهد حضور عدد من الشخصيات السياسية البارزة؛ من بينهم ليز تراس، رئيسة وزراء المملكة المتحدة السابقة، التي لم تدم فترة حكومتها أكثر من أربعين يومًا، بالإضافة إلى الجنرال تود وولتزر القائد السابق للقوات الأمريكية في الناتو، وجون بولتون مستشار الأمن القومي السابق في البيت الأبيض، وروبرت غلوب رئيس وزراء سلوفينيا.
كما أشارت الصحيفة إلى حضور كيث كيلوغ، المبعوث الأمريكي في قضية أوكرانيا، وأنه المسؤول الأمريكي الوحيد من حكومة ترامب الذي شارك في هذا المؤتمر المناهض لإيران.
وأضافت الصحيفة أن كيلوغ عقب المؤتمر قد نشر رسالة عبر منصته الاجتماعية “إكس”، حيث أكد قائلا: أشعر بالفخر لتأكيد وتعزيز قوة وقيادة الرئيس ترامب خلال فترته الأولى فيما يتعلق بإيران.
وأفادت الصحيفة بأنه قبل يوم واحد من انعقاد المؤتمر، حضر مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي السابق، اجتماعا في مقر منظمة “مجاهدي خلق” في باريس.
وأشارت الصحيفة إلى أن بومبيو أكد أيضا على منصة إكس قائلا: إن الاعتراف بالمعارضة المنظمة في داخل إيران، التي تقاتل منذ عقود لإقامة جمهورية حرة، يجب أن يكون جزءاً من استئناف سياسة الضغط الأقصى التي اتبعتها أمريكا.
وفي سياق متصل، أشارت الصحيفة أيضا، إلى أن مسعود رجوي، زعيم منظمة “مجاهدي خلق”، نشر رسالةً ادعى فيها أن المنظمة يمكن أن تكون خيارا مناسبا لمرحلة انتقالية في إيران. هذه الرسالة، إلى جانب التصريحات المناهضة لإيران من قبل شخصيات أمريكية بارزة، تُظهر أن الجهود لتوحيد صفوف المعارضة الإيرانية لا تزال مستمرة وبقوة.
وبناء على ذلك، فإن هذه التطورات تُظهر أن سياسة الضغط الأقصى التي اتبعتها حكومة ترامب تجاه إيران لم تتغير، بل إنها قد تعود بقوة في حال عودة ترامب إلى السلطة.
وأضافت الصحيفة أن المؤتمر والتصريحات الأخيرة تشير إلى أن المعركة السياسية والدبلوماسية بين إيران والغرب ستشهد تصعيدا في الفترة المقبلة.
كما أشارت الصحيفة إلى حضور كيث كلوغ، إلى المؤتمر الذي نظمته منظمة “مجاهدي خلق”، معتبرة إياه بمثابة إشارة قوية على أن حكومة ترامب تُعطي أولوية قصوى لقضية أوكرانيا وتستغلها لتعزيز الضغط على إيران.
وأضافت الصحيفة أن ترامب كان قد أعلن بوضوح، حتى قبل دخوله البيت الأبيض، أن إنهاء الحرب في أوكرانيا يعد أولويته الرئيسية؛ ومع ذلك، يُلاحظ أن الضغط على إيران كان جزءًا من استراتيجية ترامب منذ بداية الحرب الأوكرانية، حيث تم استخدام القضية كذريعة لفرض مزيد من العقوبات على إيران.
كما أفادت الصحيفة بأن حضور كيلوغ يعكس تركيز ترامب على استخدام المعارضة الإيرانية والقوى الخارجية كأدوات لزيادة الضغط على إيران، فإن هذا التحرك يعزز الفرضية القائلة بأن ترامب قد يستخدم تعزيز المعارضة الإيرانية كأداة تفاوضية في أي مفاوضات مستقبلية محتملة مع إيران.
وأشارت الصحيفة أيضا إلى أنه في ظل هذه التطورات، يُطرح تساؤل حول إمكانية تحقيق نتائج إيجابية لإيران من خلال التفاوض. وبناء عليه، إذا كان ترامب يعتزم استخدام المعارضة الإيرانية كأداة ضغط، فهل يمكن لإيران التفاوض من موقع قوة؟
كما أشارت الصحيفة إلى أن مثل هذه الظروف تجعل التفاوض محفوفا بالمخاطر، خاصة إذا كانت الأهداف الأمريكية تتركز على إضعاف النظام الإيراني بدلا من إيجاد حلول دبلوماسية.
وفي سياق متصل، أشارت الصحيفة إلى أن الاجتماع المناهض لإيران قد انعقد في وقت حساس، حيث من المتوقع أن تبدأ الجولة الثالثة من المحادثات بين إيران والأطراف الأوروبية يومي الإثنين والثلاثاء في جنيف.
وأوضحت الصحيفة أن قضايا الملف النووي الإيراني، وإمكانية إحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن الدولي وحل آلية “سناب باك”، قد شكلا النقاط الرئيسية التي تركزت عليها هذه المحادثات، وهو ما تم طرحه في الجولات السابقة.
وأضافت الصحيفة أن إسماعيل بقائي المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الإيرانية، قد شدد على أن ما يجري في جنيف هو مجرد محادثات وليس مفاوضات، مشيرًا إلى أن إيران تسعى من خلال هذه المحادثات إلى تسوية قضايا الملف النووي عبر هذا المسار.
كما أكدت الصحيفة على أنه في ظلِّ هذه التطورات فإن عقد المؤتمر المناهض لإيران قبل أيام قليلة من بدء المحادثات قد يُلقي بظلاله على الحوارات القادمة، خاصة إذا استمرت بعض الأطراف الأوروبية في دعم المعارضة الإيرانية. وأن مثل هذه الخطوات قد تُضعف الثقة بين الأطراف وتجعل تحقيق أي تقدمٍ دبلوماسي أكثر صعوبة.
لعبة التفاوض: خسارة مؤكدة
وفي ظل التطورات السياسية، أشارت الصحيفة إلى أن مجموعة من التطورات الحالية تظهر أن الولايات المتحدة، ومن بعدها الدول الأوروبية، تسير وفق خطة مدروسة ومنهجية في التعامل مع إيران.
وفي هذا السياق، أوضحت الصحيفة أنه إذا كانت المفاوضات جزءاً من استراتيجية أمريكا، فإنها لم تكن سوى وسيلة للضغط على إيران بهدف تحقيق مكاسب إضافية.
وأضافت الصحيفة أنه، حتى لو كان هناك مكان للمفاوضات ضمن مخططات ترامب، إلا أنها تظل مجرد وسيلة لانتزاع مزيد من الامتيازات من إيران، وهو ما يجعل فكرة التفاوض في هذه اللحظة بلا جدوى.
وأردفت الصحيفة أن طرح فكرة ضرورة التفاوض مع ترامب، أو القول إن الحكومة الإيرانية تدعم هذه الفكرة، لا يعدو كونه رسالة ضعف، وقد تم التأكيد مرارا وتكرارا أن الإعلان عن الرغبة في التفاوض في وقت يتجنب فيه ترامب أي تصريحات واضحة بشأن الملف الإيراني، يعزز من موقف الولايات المتحدة في المفاوضات ويجعل إيران في موقع ضعيف.
كما لفتت الصحيفة إلى أن تكرار هذه النقاط من قبل مسؤولين إيرانيين يشكل أثرا دوليا يضر بموقف إيران.
ففي الوقت الذي أكد فيه المرشد الإيراني علي خامنئي على ضرورة عدم الوقوع في فخ التفاوض الذي يصب في مصلحة الولايات المتحدة، فإن التصريحات المتناقضة مع هذه التوجيهات من قبل مسؤولين إيرانيين تثير تساؤلات حول نواياهم الحقيقية.
وفي ظل الأزمة الإقليمية الحالية، أشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل تسعى بدعم أمريكي إلى إنشاء نظام جديد في المنطقة، حيث إن إضعاف إيران يُعتبر جزءاً من هذا المشروع. وما يُتوقع من المسؤولين الحكوميين في هذه الظروف هو تجنب تقديم صورة ضعف عن إيران التي قد تؤدي إلى استكمال الصورة السلبية التي يسعى أعداء إيران إلى رسمها.
استراتيجية الضغط الأمريكي
وفي ظل التحركات المستمرة من الولايات المتحدة وإسرائيل، أشارت الصحيفة إلى أن حكومة ترامب تسعى للضغط على إيران من خلال آليات متعددة، بما في ذلك تحركات شخصيات قريبة منه في معسكر مجاهدي خلق .
وأضافت الصحيفة أن هذه التحركات تدل على أن المفاوضات ليست حلاً، بل سيلة للحصول على مزيد من الامتيازات من إيران.
وأوضحت الصحيفة أن وجود كيلوغ المبعوث الأمريكي في قضية أوكرانيا، وخصوصًا في المعسكر المذكور، يعكس سعي أمريكا لتعزيز الضغط على إيران.
وأشارت الصحيفة إلى أن المضي في هذا الطريق يعتبر مخاطرة مؤكدة، إذ إن حكومة ترامب تسير وفق خطة ممنهجة لضمان مكاسب إضافية، مما يجعل أي مفاوضات في هذا التوقيت غير مجدية.
جدير بالذكر أنه في ظل تصاعد الضغوط الدولية وتحديات التفاوض، تجد إيران نفسها أمام مفترق طرق حاسم. فهل ستتمكن من الحفاظ على توازنها الاستراتيجي أم ستُجبر على تقديم تنازلات جديدة؟