كتبت-إيمان مجدي
رغم ما يثار في الأوساط الإيرانية حول احتمالية اختيار رئيس البرلمان الإيراني السابق علي لاريجاني، في حكومة الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، إلا أن السياسي الإيراني المعروف، يكتنف نشاطه الغموض، ولا يعرف أحد ما إذا كان سيعود للأضواء مرة أخرى من خلال حكومة بزشكيان أم سيكتفي بالتواجد على منصات التواصل الاجتماعي فقط.
في تقرير له أشار موقع تابناك الإيراني الخميس 29 يوليو/ تموز 2024، إلى أنه خلال الفترة الأخيرة التفتت الأنظار إلى علي لاريجاني وخاصة بسبب التكهنات المتعلقة باحتمالية تواجده في حكومة الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان. وفي السطور التالية نظرة على نشاطه على منصة إكس.
فتح علي لاريجاني حسابين على تويتر في مايو/آيار 2021، عرّف الحساب الأول على أنه “الحساب الرسمي لمكتب الدكتور علي لاريجاني/مستشار المرشد الأعلى”. والحساب الثاني حسابه الشخصي الوحيد الموثق (يحتوي على العلامة الزرقاء)، وكتب في النبذة التعريفية عبارة “العبدلله”. وجود العلامة الزرقاء تؤكد صحة الحساب من قِبل تويتر وإمكانية اتصاله المباشر مع لاريجاني.
نشر لاريجاني 197 تغريدة حتى الآن، ما يشير إلى قلة تفاعله في استخدام تويتر. وكان مفاد أول تغريدة له على هذه الحسابات: “الظروف الصعبة تتطلب قرارات شجاعة. بسم الله الرحمن الرحيم… لا مفتاح ولا مطرقة (كتبها بصورة وسم -هاشتاج)”. وتشير هذه التغريدة بشكل غير مباشر إلى السياسات الداخلية والمنافسة بين مرشحي رئاسة الجمهورية؛ بحيث كلمة مفتاح تشير إلى حكومة حسن روحاني، وكلمة مطرقة كناية عن السلطة القضائية التي كان يترأسها إبراهيم رئيسي آنذاك كما مرشحًا للرئاسة حينها.
وفي اليوم نفسه نشر تغريدة أخرى أشار فيها إلى التعامل الذكي مع الغرب، والتعاون البناء مع الشرق وتوطيد أواصر الأخوة مع دول المنطقة. وأكد على أن تطور الاقتصاد الإيراني وقفزة الإنتاج بحاجة إلى سياسات خارجية مناسبة. وانتقد عهد الأحاديث العامة والهروب من الرد على الأسئلة الصعبة. كما ذكر: “على أي شخص يعارض هذه النقاط يوضح بصراحة كيف يريد حل مشاكل الاقتصاد الإيراني؟”. توضح هذه التغريدات أن لاريجاني يستخدم حسابه على تويتر بمثابة أداة لنقل الرسائل السياسية، وخاصةً المرتبطة بالانتخابات الرئاسية عام 2021.
وضمن التغريدات التي حصلت على العديد من تسجيلات الإعجاب رسالة تهنئته للدكتور مسعود بزشكيان باعتباره الرئيس المنتخب، وحصلت على 5177 تسجيل إعجاب. استخدم لاريجاني في رسالة تهنئته لبزشكيان عبارة “الصديق العزيز، دام عزه” والتي تبرز الود والاحترام العميق. بالتالي، فعند استخدم كل من الدكتور سعيد جليلي وعلي رضا زاكاني في رسالتيّ تهنئتهما اللقب الرسمي “سعادة الأستاذ بزشكيان”. وهذا الكم من تسجيلات الإعجاب يوضح اهتمام ودعم المستخدمين لرسائل لاريجاني.
بالإضافة إلى تغريدة أخرى كتب فيها: “بدونكم لن نصل إلى الهدف” وكانت جزءًا من حملته الإعلانية للانتخابات، وحصلت على أعلى معدلات وصول حيث بلغت ٣ مليون و٥٦٢ ألف و٧٨٣ مشاهدة. عُرضت هذه التغريدة بطريقة مبتكرة باستخدام خريطة طريق تاكسي الإنترنت، ولفتت الأنظار نحوها.
هذا التحليل يوضح أن حسابات تويتر الخاصة بعلي لاريجاني مُستخدمة بشكل مؤثر للتواصل مع الناس ونقل رسائله السياسية المفتاحية. ويمكن تقسيم تغريدات حساب الدكتور لاريجاني إلى عدة مجموعات من حيث الموضوع.
الانتخابات والمنافسة السياسية
أعرب الدكتور علي لاريجاني عن رد فعله في بيان حول رفض أهليته للترشح من قِبل مجلس صيانة الدستور وأعلن أنه لم يتلقَ سبب رفض صلاحيته حتى حينها. وكذلك استخدم هاشتاج “اليوم الوطني للمصير” للتأكيد على أهمية المشاركة في الانتخابات. دعا الشباب إلى التفكير في تقدم إيران حتى بعد رفض أهليته للترشح.
وفي هذا الصدد ردَّ على كلام طحان نظيف حول رفض أهليته قائلًا: “أخي الفاضل سعادة الأستاذ طحان نظيف، منذ بداية الخدمة في النظام الإسلامي، اهتم ألا تظلم أحدًا من خلال كلامك وعملك، ولا حتى على سبيل التورية”.
كما انتقد بعض النُّهج السياسية الداخلية للدولة، ويؤكد على أهمية التحاور والتعامل البناء بين التيارات السياسية.
السياسة الخارجية والعلاقات الدولية
يوجد في صفحته لقاؤه مع وكالة أنباء “قناة الميادين” الذي تم باللغة العربية. كما يشير إلى دعم فلسطين والقضايا المرتبطة بها كتسميتها طوفان الأقصى.
وفيما يتعلق بنطاق السياسة الخارجية، يعرب لاريجاني عن آرائه بشأن علاقات إيران مع سائر الدول، وكذلك القضايا الإقليمية والدولية. كما يحلل موقع إيران الاستراتيجي في المنطقة والموضوعات المتعلقة بفلسطين وكيان الاحتلال على حسابه الشخصي.
الشؤون الاقتصادية
يتناول التحديات الاقتصادية ويقترح طرق لحلها المختلفة في وقت الانتخابات. يناقش الموضوعات المشهورة خلال حديثه مثل الضرائب، والتضخم، والنمو الاقتصادي. كما طرح لاريجاني انتقاداته تجاه سياسات الدولة الاقتصادية، وأكد على لزوم الإصلاحات الاقتصادية. اهتم الدكتور علي لاريجاني بفئات كالعمال، وأصحاب العمل، والمعلمين، والمتقاعدين، وساكني القرى خلال حملته الانتخابية لحل مشاكلهم.
الشؤون الاجتماعية والثقافية
نشر بعض وجهات النظر حول المشاكل الاجتماعية والثقافية للدولة، وعرض وسائل لحلها. كما نشر تغريدات خاصة بالمشاكل المعيشية للشعب، وشؤون البيئة كنقص المياه.
الرياضة والفرق الوطنية
شارك إنجازات الرياضيين الإيرانيين وفخر الفرق الرياضية الوطنية في تغريدات مختلفة، وتتضح أهمية الرياضة والانتماء الوطني في كلامه. بالإضافة إلى مشاركته بصورة تسلقه جبل دماوند.
القيم الدينية والثورية
أشار في حسابه الشخصي إلى المبادئ الإسلامية والثورية، كما قام بتعزيز المواقف والشخصيات الدينية. فهو يعتبر هذه القيم أساس الهوية القومية والثقافية للبلاد. ويتضح من تغريداته مشاركته في مراسم التعازي بأيّام عاشوراء ومحرم أيضًا.
انتقاد المنافسين السياسيين
لدى لاريجاني انتقادات خاصة للسياسات وتصريحات المنافسين السياسيين، ويشير إلى التناقضات الموجودة في مواقف المعارضين. هذه الانتقادات جزء من جهوده لتبيان مواقفه وتصحيح المواقف السياسية. خاطب الدكتور علي لاريجاني سعيد جليلي بـ “المساعد” في المنافسات الانتخابية لعام 2021، وأوضح أن جليلي ترشح “لإخفاء ضعف المرشحين الرئيسيين”. وأضاف: “بلا شك لو اعترفوا بـ مواقفك الخطيرة”. أعاد لاريجاني نشر تغريدات سعيد جليلي مرتين وخاطبه بصاحب “المواقف الخطيرة”.
اعترض على حرمان المجتمع من الأفكار وقدرات الشعب المتنوعة. كما انتقد “التنقية” في منصات التواصل الاجتماعي. استخدم في أحد تغريداته التي فاق فيها عدد التعليقات عدد تسجيلات الإعجاب هاشتاج “لنرتقي” حيث ظن المستخدمون أنها كناية عن حادثة سقوط مروحية الرئيس السابق إبراهيم رئيسي. في انتخابات عام 2024، استخدم لاريجاني ChatGPT للرد على انتقاد سعيد جليلي خلال فترة وجوده في السلطة التشريعية على عدم تقديمه لقانون محاربة الفساد، وهذه الخطوة لفتت أنظار المستخدمين. وبعد رفض أهليته للترشح، نشر صورًا لوجوده في صندوق الاقتراع ثم أعلن تهنئته للرئيس المنتخب في تغريدته.
توجهاته الشخصية وتعظيم الشخصيات القومية
رد لاريجاني على بعض تغريدات المستخدمين التي تتضمن أسئلة وانتقادات عامة، ونشر تصريحاته الشخصية وتكذيباته فيما يتعلق بمختلف الأمور.
عمل على تقدير واحترام الأبطال القوميين والشخصيات المهمة. وذكر اسم قاسم سليماني في عدة تغريدات باعتباره الحارس الحقيقي للأمن القومي الإيراني والمصالح القومية للبلاد.
الهاشتاجات
الهاشتاجات التي يستخدمها لاريجاني تتضمن:
“اليوم الوطني للمصير – أسئلة صعبة – الغرور الوطني – لنرتقي – الانتقاد بشجاعة – لا مفتاح ولا مطرقة”.
توضح هذه الهاشتاجات الأمور المختلفة التي يطرحها بالتطرق إلى القضايا السياسية والاجتماعية.
يوضح هذا التحليل أن علي لاريجاني يستخدم تويتر كأداة أساسية للتواصل مع الشعب، ولبيان وجهات نظره، والمشاركة في المناقشات السياسية والاجتماعية. يعكس اختياره الذكي للموضوعات واستخدام الهاشتاجات الهادفة جهوده في خلق تأثير وتواجد فعالين على منصات التواصل الاجتماعي من خلال نهج إستراتيجي مدروس.