كتبت: ناهد إمام
هل يتركون هجوم فجر السبت 26 أكتوبر/تشرين الأول دون انتقام، مما قد يجعلهم عرضة لهجمات مستقبلية، أم يمارسون حقهم في الرد، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى الدخول في حرب أكبر؟!
هذه هي معضلة السلطات الإيرانية، الآن، بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير، التي يثير العديد من التساؤلات حول كيفية الرد الإيراني المتوقع.
المرشد العام الإيراني، علي خامنئي، وفي أول تعليق له بعد الهجمة الإسرائيلية، كتب على حساباته باللغتين العربية والإنجليزية على منصة x الأحد 27 من أكتوبر/تشرين الأول: “أخطأ الكيان الصهيوني في حساباته، ويجب أن يدرك قوة وإرادة وابتكار الشباب والشعب الإيراني”، وأضاف: “سيتخذ المسؤولون القرارات اللازمة لإظهار إرادة الشعب الإيراني للكيان الصهيوني، ويجب اتخاذ ما يضمن مصلحة إيران وشعبها”.
وخلال استقبال المرشد الإيراني، صباح الأحد 27 أكتوبر/تشرين الأول، لعائلات ضحايا قوات الشرطة الذين سقطوا إثر هجمات لجماعة جيش العدل في نفس يوم الهجوم الإسرائيلي، تطرق خامنئي إلى جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة ولبنان والهجوم على إيران.
وقال: “على المسؤولين أن يقرروا كيفية إفهام الكيان الصهيوني قوة الشعب الإيراني وإرادته، واتخاذ الإجراءات التي تضمن تحقق مصلحة الأمة والبلد”، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية “مهر”.
دبلوماسية وردع عسكري
أما وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، فقد صرح عبر حديث هاتفي مع التلفزيون الإيراني، الأحد 27 أكتوبر/تشرين الأول، قائلا: “القوات العسكرية والأمنية والقوات المسلحة تراقب عن كثب، التحركات العسكرية للصهاينة والولايات المتحدة في المنطقة”، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية “مهر”.
وأضاف عراقجي: “حصلت قواتنا المسلحة على تقييم جيد وكانت قادرة على التنبؤ بالعدوان الصهيوني في الوقت المناسب، وواجهت قواتنا المسلحة هذا الهجوم بكفاءة عالية”.
ومن جهته، قال محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني، إن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتبر نفسها صاحبة حق الدفاع عن النفس في إطار الحق الأصيل في الدفاع عن النفس والمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، والرد على هذا العدوان قاطع ومحدد وفقا للمتطلبات”، بحسب وكالة أنباء “إيسنا”.
وأثنى قاليباف، خلال كلمته، الأحد 27 أكتوبر/تشرين الأول، والتي ألقاها في الجلسة العامة للبرلمان، على نجاح ويقظة المدافعين عن إيران من الجيش والحرس الثوري، بحسب نص حديثه.
وأضاف: “إن مقارنة عملية صادق 2 بالعمل العسكري الأخير لهذا النظام، دليل واضح على قوة الردع التي تتمتع بها قوات الدفاع للجمهورية الإسلامية الإيرانية”.
الرد الإيراني مؤكد وعاقل
من جهة أخرى، وفي تواصل لردود الفعل الإيرانية بشأن الهجمة الإسرائيلية على طهران، فجر السبت 26 أكتوبر/تشرين الأول، والتي قد تنبئ بردّ الفعل الإيراني المتوقع والقادم، ووفقا لوكالة أخبار الخبر أونلاين، نشر أحمد زيد آبادي، الناشط السياسي الإصلاحي، ردا على الهجوم العسكري الإسرائيلي على القواعد العسكرية الإيرانية في طهران وعيلام وخوزستان، مذكرة على قناته على تليغرام، كتب فيها: “وبعد نحو 25 يوما من الدعاية المكثفة وتغذية كل أنواع التوقعات، هاجم الجيش الإسرائيلي أخيرا عدة (أهداف عسكرية) في إيران، وبغض النظر عن أهمية هذا الهجوم، فإن مظهره يبدو بحيث يمكن للجمهورية الإسلامية الاستهانة به، ومن الطبيعي أن يثير الرد الفوري على هجوم يمكن اعتباره (بسيطا)، الشكوك لدى هيئات صنع القرار، وفي رأيي أن الغرض من تلك الإعلانات الضخمة، وتأجيج التوقعات، ومن ثم التصرف بأقل مستوى من التوقعات، هو خلق لهذا الشك”.
وأضاف: “الرد الفوري من إيران يعني تصعيد الحرب، وعواقبها السياسية والاقتصادية، كما أن تأخر الرد أو عدم الرد سيزيد من ضغوط القوى الداخلية المتطرفة على المنطقة، والهيئة الحاكمة، واتهامهم بالاستسلام، ونتيجة لذلك خلق التهاب سياسي في البلاد”، مشيرا إلى أنه مع هذه الرواية، فإن نوع الهجوم الإسرائيلي جعل العمل بسيطا في بعض النواحي، وأكثر صعوبة في جوانب أخرى.
أما المتخصص في السياسة الخارجية عابد أكبري، فكان له رأي خاص، بشأن رد إيران، معتبرا إياه أنه سيكون مؤكدا وعاقلا، معتبرا هدف إسرائيل من هجومها على طهران هو جر المنطقة برمتها إلى حرب شاملة.
قال أكبري، في حوار له مع موقع “خبر أونلاين” الإيراني، السبت 26 أكتوبر/تشرين الأول، إن إيران- كما أعلنت رسميا مرات عديدة من قبل عبر القنوات الدبلوماسية- مستعدة للرد على أي عدوان من جانب إسرائيل، وتحتفظ بحقها في الرد على أي عدوان.
وليس هناك شك في أن إيران سوف تبحث عن رد ذكي للغاية هذه المرة، وستتلقى إسرائيل ردا متناسبا، على حد قوله.
وأضاف: “أصبحت القدرة الدفاعية الإيرانية في وضع يمكنها من تحديد حجم الضرر الذي تلحقه بالعدو، وإذا كانت سلطات البلاد ترغب في تنفيذ هجمات أوسع ضد إسرائيل، فإن قدراتها العسكرية متاحة”، مشيرا إلى أنه يجب على المؤسسات الدولية، خاصةً مجلس الأمن، أن تأخذ مسؤولياتها على محمل الجد وتؤدي واجباتها لوقف سياسات إسرائيل المزعزعة للاستقرار، وأعمال الكيان غير القانونية، خاصةً أنه مع التصرفات الأخيرة التي قام بها النظام الصهيوني، أصبح الهدف الحقيقي لإسرائيل المتمثل في جر المنطقة بأكملها إلى حرب واسعة النطاق أكثر وضوحا، ويجب وقف المغامرة العسكرية لهذا النظام الإجرامي قبل فوات الأوان، بحسب نص حديثه لموقع خبر أونلاين الإيراني.
من جهته، قال محمد ماراندي، الباحث الإيراني في القضايا الدولية، نقلا عن موقع “اقتصاد نيوز” الإيراني، الأحد 27 أكتوبر/تشرين الأول، إنه إذا لم ترد إيران فسوف تتكرر هذه الجرأة، وهدف إيران هو أن تعلم إسرائيل أن استمرار الجرأة ليس في مصلحتها.
وأضاف: “بصرف النظر عن أنهم سبق أن تعرضوا لهجمات إلكترونية ضد البرنامج النووي لبلادنا، واستشهد بعض علمائنا، وفي سوريا استشهدوا أيضا ضباطنا الذين كانوا يقاتلون ضد داعش، بعد الأحداث الأخيرة، رأينا بداية الأحداث عندما هاجموا السفارة الإيرانية، ردت إيران، ثم شهدنا اغتيال الشهيد هنية على أيديهم، ولذلك فإن الهجوم الذي وقع قبل ليلتين لم يكن رد فعل بل عدوان جديد”..
وتابع ماراندي: “من المؤكد أن إيران ستعاقب إسرائيل، لأن ما فعلته انتهاك للسيادة الوطنية للبلاد، ومن المؤكد أن رد فعل إيران سيكون حاسما، لكن التوقيت يجب أن يترك للسلطات”.
الرد الإيراني بين التضارب والتوازن
ويقول الكاتب البريطاني باتريك وينتور، أن إيران منقسمة في تفاعلها مع الهجمة الإسرائيلية بين قطاع يصفها بالضعيفة ويسخر منها، وقطاع آخر يدعو إلى الانتقام والرد والسريع ومنهم نواب في البرلمان الإيراني، واصفا إياهم بالمتشددين، بحسب مقال له في صحيفة الغارديان البريطانية.
وأضاف باتريك، أنه سيتعين على النخبة السياسية الإيرانية أن “توازن” بين الضغوط السياسية والدولية والعسكرية “المتضاربة”، مشيرا إلى أن الرد الأولي للحكومة الإيرانية جاء تعبيرا عن “فخر وطني” بأداء الدفاعات الجوية، بدلا من دعوات للانتقام الفوري.
وتابع: “إن الكرة الآن في ملعب إيران، والبيت الأبيض سيكون الأكثر سعادة في حال قررت إيران إنهاء الصراع مع إسرائيل، لأن ذلك سيكون بمثابة إعادة ثقة لقدرته على خفض التصعيد في المنطقة”.