كتب: ربيع السعدني
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمعة 7 مارس/آذار 2025، في مقابلة مع “شبكة فوكس” بيزنس الإخبارية في البلاد، أنه أرسل رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، يطلب فيها إجراء مفاوضات مع طهران بشأن برنامجها النووي، وكثرت الشائعات والادعاءات حول محتوى الرسالة السرية.
وأفاد موقع “أكسيوس” الإعلامي الأمريكي، نقلا عن مصدر مطلع، بأن رسالة الرئيس ترامب إلى إيران سُلمت إلى الإماراتيين عن طريق ستيف ويتكوف، الممثل الخاص للولايات المتحدة لشؤون الشرق الأوسط، لتسليمها إلى الإيرانيين، بحسب وكالة “إرنا” الإيرانية، وأضاف التقرير نقلا عن مصدر مطلع: “سلم ويتكوف رسالة ترامب إلى الإماراتيين لتسليمها إلى طهران”.
وتعد رسالة ترامب إلى خامنئي التي كشف عنها الرئيس الأمريكي في مقابلة مع الإعلامي ماريا بارتيرومو من “فوكس بيزنس”، هي أول تفاعل مهم بين الولايات المتحدة وإيران منذ تولي الإدارة الجديدة منصبها، وحسبما أعلن موقع أكسيوس في هذا الصدد فإن “ترامب يقول إنه أرسل رسالة إلى الزعيم الإيراني اقترح فيها اتفاقا نوويا”.
عراقجي يتسلم رسالة ترامب
والتقى المستشار الدبلوماسي الإماراتي أنور قرقاش، وفقا لوكالة تسنيم للأنباء التابعة للحرس الثوري، وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بعد ظهر الأربعاء 12 مارس/آذار 2025. وخلال اللقاء، سلّم قرقاش رسالة ترامب، وكتب عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، عن لقائه مع المسؤول الإماراتي عبر قائلا: “استقبلتُ عصر اليوم السيد أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة”، وأضاف: “إلى جانب مناقشة العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية، تسلمت أيضا رسالة من رئيس الولايات المتحدة”.
ترامب ضد الحرب
وفي سياق متصل، ذكر مسؤول إيراني طلب عدم ذكر اسمه، لوكالة “رويترز”: “ترامب قال في رسالته، إنه ضد أي حرب مع إيران ويريد التحدث مع طهران بشأن قضايا مختلفة”. وبحسب هذه التقارير، أكد ترامب في هذه الرسالة، أنه يفضل التوصل لاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، وفي الوقت نفسه، كرر في هذه المقابلة مرة أخرى الادعاءات بشأن البرنامج النووي الإيراني، قائلا: “إيران لا يمكن أن تمتلك أسلحة نووية”.
تفاصيل الرسالة السرية
وفي رده على رسالة ترامب إلى إيران، وضع مجيد عباسي، عضو هيئة التدريس في جامعة العلامة الطباطبائي، شروطا مسبقة تتضمن تعديل علاقات إيران مع دول محور المقاومة مثل لبنان والعراق واليمن، وأكد أن هذه التغييرات ضرورية لبدء أي مفاوضات، وأوضح عباسي، عبر برنامج إخباري خاص، تفاصيل الرسالة السرية إلى إيران، قائلا: “في الأساس، يتم طرح دبلوماسية الرسائل عندما لا تكون هناك علاقات رسمية بين حكومتين، وفي الأساس يحاولون حل القضايا والمشاكل من خلال وسيط إرسال الرسائل، وفي غضون ذلك، يمكن النظر في طرق وصول هذه الرسالة من خلال هذه القنوات، ومن المثير للدهشة أننا نعيش في عصر المعلومات والاتصالات”، وفقا لعباسي. وقبل نحو أسبوع، أعلن ترامب أنه أرسل رسالة إلى قيادة إيران، لكن هذه الرسالة لم تصل إلى طهران إلا يوم الأربعاء (12 مارس/آذار 2025).
وأضاف عباسي في تصريحات نقلها موقع “فرارو” المستقل عن هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (NIRT): “الآن، لو تم تقديم هذه الوثيقة عبر الطريقتين الرئيسيتين اللتين ذكرتهما، أي عبر مكتبنا التمثيلي في نيويورك أو عبر مكتب المصالح الأمريكية في إيران، لكان من الممكن أن تصل بسرعة كبيرة، في اليوم نفسه، لكن كان هناك حديث عن دول أخرى تتقدم كوسيط لنقل الرسالة، كانت روسيا إحدى هذه الدول المقترحة، فلماذا لم يحدث هذا؟”.
وفي وقت سابق أعلنت المملكة العربية السعودية عن استعدادها للوساطة وظنّ البعض أن السعودية قد تفعل ذلك، وفقا لعضو هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، كما تلعب قطر دورا هاما في الدبلوماسية الإقليمية على سبيل المثال، في قضية وقف إطلاق النار في غزة، كان القطريون المحور الرئيسي في المنطقة، “لكن فجأة، تلقينا الليلة الماضية هذه الرسالة عبر الإمارات، ومن المرجح أن تكون هذه رسالة مفادها أن الإمارات قد تكون وسيطا بين طهران وواشنطن لتبادل الرسائل بينهما، إلا أن النقاش العام حول محتوى الرسالة هو إما تكهنات وإما من مصادر مختلفة، وقد تكون متنوعة ومختلفة”.
ترامب يضع شرطا مسبقا للتفاوض
سُرب محتوى الرسالة، ونُشِرَ أيضا في الصحافة الإيرانية اليوم، ويبدو أن إحدى النقاط التي طُرحت في هذه الرسالة وفقا لـ”عباسي” هي وضع شرط مسبق، وهو “أن نأتي وندخل في مفاوضات معكم، ويبدو أن الرسالة تضمنت شرطا مسبقا، وهو أن على إيران أن تُحسِّن علاقاتها مع لبنان والعراق واليمن، باعتبارها دولا جزءا من محور المقاومة، وهذا ما نريد فعله حيال ذلك”، وأضاف: “الآن، ما إذا كان ينبغي وضع شروط مسبقة للمفاوضات أم لا، فهذه مسألة أخرى، وهذا الشرط المسبق يفسد الرسالة عمليا، لأنه إذا كنت تؤمن بالمفاوضات المتساوية مع احترام سيادة الطرف الآخر، فمن حيث المبدأ، يجب أن تعقد هذه المفاوضات على قدم المساواة دون شروط مسبقة”.
خامنئي: اقتراح ترامب للتفاوض “خدعة”
وعلى الجانب الآخر اعتبر خامنئي أن هدف الطرف الآخر (أمريكا والأوروبيين) من تكرار المفاوضات هو خلق ضغط على الرأي العام، وقال: “يريدون خلق الشك لدى الرأي العام حول سبب عدم استعدادنا للتفاوض رغم إعلانهم استعدادهم للتفاوض، في حين أن هدفهم ليس التفاوض بل الهيمنة والسيطرة”.
وفي إشارة إلى إعلان ثلاث دول أوروبية أن إيران لا تفي بالتزاماتها النووية في الاتفاق النووي، أشار خامنئي: “يجب أن نسألهم: هل وفيتم بالتزاماتكم في الاتفاق النووي؟ هؤلاء لم يفوا بتعهداتهم منذ اليوم الأول، وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، ورغم الوعود التي قطعوها بالتعويض عنه، نكثوا بوعدهم مرتين”.
وفي وقت سابق صرح خامنئي أمام حشد في طهران، بأن اقتراح ترامب للمفاوضات “خدعة” تهدف فقط إلى خلق انطباع بأن إيران ترفض التفاوض، وأضاف أن طهران تفاوضت مع الولايات المتحدة لعدة سنوات في الماضي، لكن “هذا الشخص نفسه (ترامب) ألقى المفاوضات المكتملة والموقّعة جانبا ومزقها، في إشارة إلى قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015 الذي توسطت فيه إدارة أوباما، وتساءل: “أي نوع من المفاوضات يجب أن نجريه ونحن نعلم أنها لن تنجح؟”.