حوار مصطفى أفضل زاده مراسل “زاد إيران” في طهران
ترجمة: علي زين العابدين برهام
خلافات عديدة بين حزب الله اللبناني والتيارات الأخرى في لبنان، في فترة من أدق فترات الصراع مع إسرائيل. في هذا الحوار يستعرض أحمد سادات، الخبير في شئون الشرق الأوسط والأكاديمي الإيراني ومدير قناة العالم الإيرانية السابق، هذه الخلافات ومدى تأثيرها على الأرض خاصة بعد اغتيال “السيد حسن نصر الله”.
بعد اغتيال ” السيد حسن نصر الله”، اتخذت التيارات اللبنانية مواقف مختلفة تجاه حزب الله. وأكد رئيس البرلمان اللبناني التزام بلاده بتنفيذ القرار 1701 ، فهل ستغير هذه المواقف ميزان القوى في لبنان مستقبلا؟ وهل سيحتفظ حزب الله بموقفه السابق، في ظل ما يشاع عن تدمير البنية التحتية له واستهداف قادته؟
هناك فهم خاطئ للقرار 1701، وهو دليل على أن من يعتبرون تنفيذه يضر بحزب الله ولبنان ومحور المقاومة، لم يقرأوه بعناية، فحزب الله من البداية وافق على القرار ولم يعترض عليه .
والسبب أنه بموجب القرار، يجب على إسرائيل الانسحاب من الأراضي المحتلة، لكن “الصهاينة” يحتلون مناطق كثيرة في لبنان، من مزارع شبعا إلى بلدة كفر شوبا وقرية الغجر. ولذلك فإن القضية الأساسية التي أثيرت في هذا القرار هي إنهاء الاحتلال. وإذا تم تنفيذ الجزء الأول من القرار سينتشر الجيش اللبناني في تلك المناطق ثم ينتهي التواجد المسلح عدا الجيش اللبناني.
وبمجرد التوصل إلى وقف إطلاق النار، يتعين على إسرائيل أن تنسحب من المناطق المحتلة، ولا يكون لحزب الله وجود مسلح في تلك المنطقة، ويأتي الجيش اللبناني ويحل محل حزب الله. وبالتالي لن يتمكن الإسرائيليون من التعدي على مجال لبنان الجوي.
لكن حزب الله كان يعلم جيدا ان اسرائيل لن تنسحب من الأراضي المحتلة ولن تكف عن انتهاك حدود لبنان ومجالها الجوي، لذلك وافق على القرار، وبالنسبة لكلمة نبيه بري والقرار، يجب القول بأنه يدرك وجهة نظر حزب الله جيدا، وهناك تنسيق كامل بينهم.
ونظراً لكون نبيه بري رجل فطن وذو خبرة وبارع جداً في المفاوضات، فقد قدمه حزب الله كممثل للدائرة السياسية، حتى عندما كان “السيد حسن نصر الله “موجودا، والآن يقول الشيخ نعيم قاسم إن نبيه بري يمثلنا والدائرة السياسية معه، لذلك ليس هناك أي اختلاف بينهم.
والآن تسعى وسائل الإعلام المعادية لمحور المقاومة، من شبكات التواصل الاجتماعي والفضائيات والقنوات التلفزيونية، بقوة إلى خلق الفتنة والانقسام داخل لبنان، والسبب في ذلك واضح تماما.
لقد مر أكثر من 40 يوماً على اجتياح إسرائيل للبنان، ولم يتمكنوا بعد من احتلال أي منطقة في جنوب لبنان، وحزب الله ينسحب تكتيكيا من بعض المناطق ليوقع القوات الإسرائيلية في كمائن ويكبدها خسائر. هذا على الرغم من أن الذين يقاتلون في جنوب لبنان ليسوا من قوات الرضوان التي لم تتدخل بعد، ومهمتها مختلفة تماماً. ومن يحارب هناك قوات شعبية من المتطوعين، بالإضافة إلى قوات من القرى والمدن الحدودية.
كيف تفسرون نقل صحيفة واشنطن بوست تصريحات مناهضة لإيران على لسان نبيه بري ، ثم نفيه ذلك؟
لقد كان كذبا إعلاميا 100%
بسبب الهجوم على حزب الله، ألم تتغير مواقف التيارات اللبنانية منه ؟
مع اختلاف هذه الجماعات مع حزب الله، إلا أنهم كانوا يسعون للتقرب منه، ومنهم من كان يسعى للقاء “السيد حسن نصر الله”.
هناك بعض المعارضة، نعم، ولكن ليس كما يتم الترويج لها في إعلام الاتجاه المعاكس، وخاصة الإعلام السعودي والإماراتي، ووسائل الإعلام التي يديرها اتجاه الحريري وسمير جعجع، فالصوت الذي يأتي من إعلام هؤلاء ليس هو الصوت الحقيقي.
وقد أجري استطلاع رأي حول مقترح الإسرائيليين إذ يقولون بأن علينا أن ننشر قوات اليونيفيل في الحدود السورية اللبنانية بطريقة تمنع حزب الله من تمرير الأسلحة في تلك المناطق، وهذا المطلب ما تسعى إلى تحقيقه بعض التيارات المخالفة لحزب الله.
هذا الاستطلاع الذي أجرته إحدي المؤسسات يظهر أن 70% من المسيحيين معارضين لهذه المسألة، ويقولون بأن وجود حزب الله يحميهم من خطر التكفيريين وداعش، فوجود حزب الله يمنع تدفق التكفيريين من سوريا إلى لبنان.
ونفس الوضع مع الجنوب، عندما يأتي جبران باسيل يحاور قناة العربية ويعلن مواقفه، يقول نعم لدينا خلاف مع حزب الله، وما كان ينبغي لحزب الله أن يدخل في وحدة الجبهات ووحدة الجبهات سببت ضعفنا.
لكنه وإلى حين اغتيال “السيد حسن نصر الله” كان يجلّه، وحينما وقعت انفجارات البيجر أدانها، وظل يؤيد حزب الله والمقاومة بعدها، حتى أنه كتب في صحيفة الأخبار اللبنانية في أربعين نصر الله أنه حزين لفقده، وأنه يدعم المقاومة دائما، بالرغم من الخلافات معها، فالعدو مشترك والوحدة الداخلية ضرورية. وقال حينها: “إن دماء السيد حسن نصر الله كانت دافعا لتقريب المسلمين والمسيحيين بعضهم ببعض، فالعدو مشترك وأمن وسلامة لبنان هام للجميع، ونصر الله قضى كل عمره في هذه القضية ومات في سبيلها”.
أما بخصوص موقف المسيحيين، فينبغي القول أنه يجب فصل سمير جعجع، رئيس حزب القوات اللبنانية، الذي يتمتع بموقف قوي جداً ضد حزب الله وإيران، عن المسيحيين الآخرين. فله علاقات واسعة مع الغربيين والسعوديين، وتوافقه مع الإسرائيليين معروف.
أما التيار الوطني الحر، وشخص جبران باسيل وميشال عون، فقد عارضا بعض تحركات حزب الله منذ البداية. ومثل هذا الخلاف في المواقف ليس جديدا، فمنذ فترة طويلة كانت هناك سلسلة من الخلافات بينهم لأسباب مختلفة، بدءاً من الموضوع البرلماني وحتى الخلاف الذي دار مع نبيه بري.
نعم هناك اختلاف، اختلاف بين التيار الوطني الحر وحزب الله ، لكنه لم يكن صراعا مع حزب الله بأي شكل من الأشكال.
هل ترى أن اسرائيل وحلفائها حينما لم يتمكنوا من إضعاف حزب الله، اتجهوا إلى خلق الخلافات الداخلية ؟
لقد تعرض حزب الله لضربة موجعة، لكنه أعاد بناء نفسه بعدها على الفور. لقد توقع الحزب الله أن يحدث ذلك، حتى ” السيد حسن نصر الله” نفسه قال : “إنني أرى موتي كل لحظة أمامي، ومن الممكن اغتيالي” لقد صرح بذلك مرارا. وفي النهاية كانت هذه الاغتيالات بعد حادثة أجهزة البيجر . حتى أنهم استهدفوا الأفراد الذين عرفوا بعد ذلك في هيكلية حزب الله،والهدف من استهدافهم هو جعل المقاتلين بدون قيادة في الجبهة.
لكن حزب الله أعاد بناء نفسه بعد عشرة أيام، وقد أذاع الإسرائيليون أنهم دمروا 80% من قدرات حزب الله في حين أن الوضع كان معكوسا، فالحزب حافظ على 80% من قدراته، والخسائر لديه تقدر بنحو 20%. ويمكن رؤية أن الحزب استطاع بناء نفسه مرة أخرى.
لقد بذل الاسرائيليون كل ما في وسعهم وقاموا بالقصف لكي يتمكنوا من إصابة بنك الأهداف العسكرية المعروفة لديهم من قبل، في حين أن حزب الله كان قد وضع بعضا من هذه الأهداف بطريقة وهمية لتضليل إسرائيل.
ماذا يعني أنهم وضعوا أهدافا وهمية لخداع إسرائيل؟
لقد تسلل حزب الله إلى إسرائيل، وأنتم تشاهدون عدد الجواسيس الذين تقبض عليهم تل أبيب، حتى إنهم قالوا : “إن المباحثات التي نعقدها بخصوص تحرير الأسرى في اجتماعاتنا السرية قد تسربت، ووصلت كافة المعلومات إلى حماس وحزب الله”.
فماذا يعني ذلك ؟
يعني بأن حزب الله قد تمكن من الحفاظ على أكثر من 80% من قدراته العسكرية فالصواريخ الدقيقة والباليستية والمسيرات كل هذا تم الحفاظ عليه، لقد استخدم حزب الله 20% فقط منها، ومع مرور الوقت يزيد الحزب من قدراته وعمق أسلحته.
في البداية بدأ القصف ما بين 5 إلى 10 كيلومتر، وما إن قصفت إسرائيل الضاحية الجنوبية، أوجد حزب الله معادلات جديدة وقصف كافة المناطق، فقصف حيفا وتل أبيب، والآن يقصف الحزب جنوب تل أبيب لمسافة تصل لـ 130 كيلومتر وبصواريخ دقيقة.
وتم استخدام صاروخ فاتح 110 مؤخرا، ولا زال هناك صواريخ عماد، إضافة إلى الصواريخ الروسية وأسلحة أخرى كثيرة لم يتم استخدامها إلى الآن.
ويتمتع حزب الله بقدرة عالية، لكنه يسعى إلى تقويض الحرب بحيث تصبح حرب استنزاف ويضغط على الإسرائيليين. ويوما بعد يوم، تزداد قوة وقوة هجمات حزب الله الصاروخية وبالمسيّرات. ولذلك نرى أن الصواريخ ذات الرأس الحربي 5 كيلو وصلت إلى 500 كيلو.
وحزب الله لم يستخدم بعد كل ما في جعبته، لأن لديه خطة ولا يريد أن يستخدم كل أسلحته دفعة واحدة. لقد خطط حزب الله بحيث إذا دخلت إسرائيل حربا برية أو جوية واستمرت هذه الحرب مدة طويلة، فيكون لديه القدرة على إطلاق الصواريخ يوميا ولأكثر من عام كامل، وبالإضافة إلى إنتاج حزب الله العسكري فإن لديه طرقا للحصول على السلاح.