ترجمة: يارا حلمي
أجرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية “إيسنا“، السبت 5 أبريل/نيسان 2025، حوارا مع فرج الله معماري رئيس لجنة الاقتصاد الكلي في غرفة التجارة والصناعة الإيرانية، ناقشت فيه تأثير التوترات الاقتصادية العالمية بعد الحرب التعريفية الأمريكية، وتأثير ذلك على اقتصاد إيران.
ذكرت الوكالة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن رسميا عن تعريفات تجارية جديدة على واردات السلع من البلدان ذات الفائض التجاري مع الولايات المتحدة، مما أدى إلى حدوث موجة جديدة من التوترات في النظام الاقتصادي العالمي؛ وهو قرار أُطلق عليه اسم “الحرب التعريفية الثانية”.
وتابعت: على الرغم من أنه لم يستهدف إيران بشكل مباشر، فإن تأثيراته غير المباشرة والعابرة للحدود تعرض اقتصاد إيران لعدة ضربات خفية.
انخفاض الطلب العالمي على الطاقة وانخفاض الإيرادات النفطية
وفي هذا الصدد، قام فرج الله معماري، بتحليل هذه القضية متناولا دور النمو الاقتصادي العالمي المباشر في استهلاك الطاقة، حيث قال: “إن زيادة التعريفات الجمركية تبطئ نمو الاقتصاد العالمي؛ مما يؤدي إلى انخفاض استهلاك الطاقة، وبالنظر إلى أن إيران تواجه قيودا في بيع النفط بسبب العقوبات، فإن أي انخفاض في أسعار النفط العالمية سيشعر به بشكل مباشر في ميزانها التجاري”.
وأضاف معماري: “نظرا إلى الظروف الخاصة بتصدير النفط الإيراني، يمكن أن يؤدي أي انخفاض بمقدار خمسة دولارات في سعر النفط العالمي إلى انخفاض يزيد على مليار دولار في إيرادات البلاد السنوية”.
انخفاض أسعار المواد الخام
أكّد أن جزءا كبيرا من صادرات إيران غير النفطية يتضمن سلعا مثل الفولاذ، والنحاس، والمنتجات البتروكيميائية، والبوليمرات، واليوريا، وغيرها من المواد الخام.
وقال: “إن انخفاض أسعار هذه السلع عالميا، خاصة في أعقاب الركود الصناعي الناتج عن الحرب التعريفية، سيضعف إيرادات التصدير، والميزة التصديرية، والميزان التجاري لإيران”.
ضغط على واردات المعدات الصناعية
في ما يتعلق بتأثير السياسات التعريفية على إيران، أوضح معماري أنه “لا تزال إيران تعتمد بشكل كبير على واردات المعدات الصناعية في مجالات مثل النفط والغاز والصناعة الكهربائية”.
وتابع: “ومن ثم، فإن زيادة التعريفات الجمركية وتعطيل سلسلة التوريد العالمية سيرتفعان بتكاليف الواردات ويؤديان إلى تأخير تنفيذ المشاريع البنية التحتية الوطنية أو زيادة تكاليفها بشكل كبير”.
تعليق التعاون الاستراتيجي
أشار معماري إلى آثار التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين، بالقول: “في ظل تصاعد التوتر بين القوى الكبرى، من المحتمل أن تركز الصين اهتمامها على القضايا الداخلية واستقرارها الاقتصادي”.
وتابع أنه “في هذا السياق، قد تتراجع أولوياتها في التعاون مع إيران، وقد يتم تعليق أو تباطؤ المشاريع مثل اتفاقية التعاون الاستراتيجي الموقعة لمدة 25 عاما”.
فرص في المقايضة
في ما يخص الفرص التي قد تتيحها الأزمة، أشار قائلا: “على الرغم من أن النظام التجاري العالمي أصبح مضطربا، فإن في هذا الوضع غير المستقر، ستزداد أهمية نماذج مثل المقايضة، والاتفاقيات المالية الثنائية، والتجارة الإقليمية على المدى القصير”.
وتابع: “ويمكن لإيران الاستفادة من هذه الطريق كدرع ضد العزلة التجارية، شريطة أن توفر الإطار القانوني والمؤسسي اللازم، في عالم تتزايد فيه حالة عدم الاستقرار التجاري لتصبح القاعدة، لا يمكن لإيران أن تعتقد أنها ليست بحاجة إلى إعادة صياغة استراتيجياتها الاقتصادية”.
الأزمات العالمية ومسؤولية إعادة البناء الداخلي
وفي ختام حواره شدد معماري على أنه “في عالم غلبت فيه (منطق التعريفات) على (العقلانية الاقتصادية)، وأصبحت التعددية أقل أهمية، وتفضل القوى الكبرى مصالحها على مبادئ التجارة الحرة؛ لذلك، لا يمكن لإيران أن تواجه الأزمات الحالية بالأدوات القديمة”.
وتابع: “الآن، أكثر من أي وقت مضى، وقبل أن تُغلق نوافذ الفرص الأخيرة إلى الأبد في ظل التحولات العالمية، يجب أن يصبح تعزيز الاقتصاد الوطني، وتنويع الأسواق المستهدفة بذكاء، والوصول إلى الاستقلال التكنولوجي في الصناعات الرئيسية في مقدمة أولويات الاستراتيجية الوطنية”.