كتبت-أروى أحمد
تتمحور أبرز الأهداف الإيرانية لتطوير العلاقات مع الصين في هذه الفترة في عدة جوانب، فأما الجانب السياسي فيتمثل في الرغبة بتعزيز استراتيجية المواجهة مع واشنطن ووجود اتجاه داخلي في إيران محفز على السعي في هذا المسار، بالتوازي مع التنسيق مع الصين في مناطق الصراعات المختلفة.
وفيما يتعلق بالبعد الأمني العسكري، فترغب إيران في إرساء مزيد من الاستقرار في منطقة غرب آسيا، والحصول على التكنولوجيا العسكرية الصينية المتقدمة.
أما على الصعيد الاقتصادي فتستهدف إيران تخطي العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة عليها، وتعزيز دورها في مبادرة “الحزام والطريق”، ورفع معدل التبادل التجاري مع بكين
تعد الصين قوة دولية تسعى الكثير من الدول إلى إقامة علاقات ثنائية وتعاون مشترك معها ومن بين هذه الدول إيران التي تتطلع إلى تعزيز سبل التعاون المشترك مع الصين .
استراتيجية التعاون الإيراني الصيني
بحسب وكالة الأنباء الإيرانية تسنيم التي قامت بتقييم استراتيجية التطلع إلى التعاون مع دول الشرق وخاصة العلاقات الثنائية بين إيران والصين ، يرى محمد رضا نوروزبور، الخبير في الشؤون الصينية، أن تحرك الصين نحو القوة العالمية والتكامل الوطني بدأ عندما تعاون شي جين بينغ، كأول زعيم صيني بعد مائو، مع إيران ولم يلتفت للنهج الشيوعي وذلك لمواصلة طريق الإصلاح في بكين، كما تتمتع الصين بالعديد من المميزات ومنها الموارد البشرية والقوة العسكرية والقوة الاقتصادية .
يقول نوروزبور:” من المهم جدًا أن يفهم شعبنا الصين بشكل أفضل. ومن المؤسف أن فهمنا وتصورنا للصين مستمد بشكل أساسي من الروايات الغربية، والصينيون أنفسهم للأسف، لم يبذلوا جهدا كبيرا لتقديم أنفسهم للعالم حيث لم تبدأ هذه الجهود إلا منذ النصف الثاني من رئاسة السيد شي جين بينج، عندما طلب من الصحفيين الصينيين أن يوضحوا الصورة الحقيقية للصين وشعبها ويبرزوها لشعوب العالم “
وقد لعب السيد شي جين بينج دورا كبيرا في محو تلك الصورة النمطية التي صورها الغرب عن الصين ومنذ توليه منصبه بدأ في تعزيز سبل التعاون مع الكثير من دول العالم .حيث شعر السيد شي جين بينج أن هذا هو الوقت المناسب للتحدث عن الصورة الحقيقية للصين والدفاع عن نفسها وقيمها أمام العالم تزامنًا مع الإنجاز الكبير الذي حققته الصين في المجال الاقتصادي.
منذ عشر سنوات، اتخذت الصين أنماطًا مختلفة في العديد من المجالات الثقافية والفنية والسينما والمسرح والموسيقى وشراء الأعمال الفنية، وتعزيز وسائل الإعلام الخارجية وتوسيع نطاقها. والتبادلات الثقافية والصحفية، بمعنى أنه لا يوجد بلد في العالم لديه الآن هذا العدد من المراسلين والخبراء والفنانين والحرفيين وغيرهم ، وإذا كنت تدرس ، فيمكنك الحصول على بعثة دراسية في الصين على نفقتها الخاصة للتعرف أكثر على الصورة الحقيقية للصين ثم تخرج وتعلنها للعالم.
والشيء الآخر الذي فعلته الصين لتقديم نفسها للعالم، هو الاستثمار الضخم الذي قامت به الصين في مجال التعليم، وتسعى الصين رسميًا وعلنًا إلى أن تصبح المركز التعليمي الأول في العالم. حيث أن الصينيين يأخذون الطلاب من جميع أنحاء العالم في جميع المجالات تقريبًا ويحضرون هؤلاء الطلاب هناك، ويقدمون لهم المنح الدراسية، ويوفرون لهم حياة جيدة بأرخص التكاليف، فهم يدرسون ويتخرجون ، ثم يعودون إلى بلادهم.
الموقف الصيني تجاه إيران
شهدنا مؤخرًا سلوكين قد يبدوان متناقضين للوهلة الأولى من الجانب الصيني. ففي 15 يونيو/ حزيران، وقع الصينيون مع الإمارات اتفاقية ضد إيران، مما شوه سيادتها الإقليمية بشكل غير مباشر، وبعد يومين اتخذوا موقفًا في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي يظهر، أنه لصالح إيران ويدين بيان الأطراف الأوروبية.
وتابع محمد رضا “إن علاقة إيران مع أي دولة، لا ينبغي أن تكون من طرف واحد فالعلاقات الدبلوماسية يجب أن تقوم على التوازن والعقلانية، وهو ما يظهر في الشعار الرئيسي لسياستنا الخارجية، وهو الشرف والحكمة والمنفعة. وعندما تتمكن من تطبيق الشرف والحكمة والمنفعة، فهذا شعار يمكن أن يبرز السياسة الدبلوماسية التي نسير عليها وعندما لا يكون هناك توازن في المجال الدبلوماسي وفي مجال العلاقات الخارجية فإنك سوف تعاني دائمًا من سوء الفهم.
قال كذلك محمد رضا “لو كنا متوازنين في مجال علاقاتنا الخارجية، واتبعنا مبدأ الشرف، والمنفعة، وقمنا بتحسين علاقاتنا مع دول العالم فالأطراف الوحيدة في العالم ليست هي الصين وروسيا فقط. في ذلك الوقت، سيصبح لدينا المزيد من أدوات الضغط حتى نتمكن من الضغط على الصينيين لكي لا يفعلوا ذلك في المرة القادمة، لأنه ليست هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك.
الصينيون أنفسهم إحدى استراتيجياتهم الرئيسية في القضايا الجيوسياسية في تلك المنطقة من شرق آسيا هي كسب صداقة دول الجوار بحيث لا يرغب** أيا من جيرانهم في نقل نزاعاتهم مع الصين إلى المنظمات الدولية
شريك استراتيجي
إن الصين، كشريك استراتيجي لإيران، تحظى باحترام كبير ونحن مهتمون جدًا بتطوير العلاقات معها، وكثيرًا ما يقول السيد شي هذه الجملة في خطاباته. ولكن لا ينبغي للقوى الجديدة أن تحب لنفسها أشياء لا تحبها القوى الصغيرة والدول الأخرى. يا سيد شي، ما أريد قوله هو: أحب لغيرك ما تحبه لنفسك. هل يعجبك ما تفعله تجاه إيران والإمارات؟
وقعنا مذكرة تفاهم منذ 25 عامًا وأصبحنا عضوًا في منظمة شنغهاي. وبعد سنوات عديدة، أصبحنا الآن نريد معرفة ما النتائج التي تعود علينا من الانضمام إلى معاهدة شنغهاي؟ نحن الآن عضو في معاهدة شنغهاي التي نصت بوضوح على أن أعضاء شنغهاي ليس لديهم الحق في التعليق على النزاعات الإقليمية بين بلدين. ونحن جزء من هذه المعاهدة.
إذا كان هناك خلاف، فلا يوجد خلاف من الجانب الإيراني ولكن عندما لا يكون لديك توازن دبلوماسي، فإن ذلك يسبب لك سوء تفاهم مع الجهة الدبلوماسية الأخرى أي أن سوء التفاهم يمكن أن يكون من جانبنا أو من جانب الصين. كما أننا نشعر بالقلق باستمرار من أن الصين تريد أن تكون القوة المهيمنة ضدنا؛ فهي تريد أن تصادر مصالحنا لمصلحتها، للحصول على مزيد من الفوائد من العرب.
تحسن أوضاع العلاقات الإيرانية الصينية.
طبقًا لتقرير وكالة الأنباء الإيرانية تسنيم ، ذكر القائم بأعمال وزير خارجية إيران أن وزير الخارجية الصيني يدعم الجهود القانونية التي تبذلها إيران للدفاع عن سيادتها وأمنها الوطني كما ناقشا آخر التطورات الإقليمية بما في ذلك تصرفات النظام الصهيوني الذي يقتل الأطفال ويوسع نطاق التوتر إلى ما هو أبعد من غزة من خلال التحركات الخطيرة الأخيرة في لبنان واليمن واغتيال الشهيد هنية في طهران وذلك خلال محادثته الهاتفية مع وزير الخارجية الصيني.
كما أكد وزير الخارجية الصيني على حق إيران القانوني في الرد المناسب والرادع لضمان أمن واستقرار المنطقة. وتابع باقري: أجمع الجانبان على إدانتهما الصارمة لهذا الإجراء وضرورة بذل جهود مشتركة من المجتمع الدولي لوقف عدوان النظام والتوصل الفوري إلى وقف إطلاق النار في غزة. كما أعرب عن رغبة الصين في إقامة علاقات وثيقة مع إيران للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.
الصين تبني مساكن في طهران
بحسب موقع إيران جيب ، منذ عام مضى احتدم النقاش حول بناء الصينيين مجموعة من المساكن في إيران، والآن يعتقد مهدي هدايت، الرئيس التنفيذي لمنظمة تجديد مدينة طهران، أنه تم التأكيد على شرطين أساسيين في الاتفاق مع الصينيين. الشرط الأول هو توفير الموارد المالية والشرط الثاني هو نقل التكنولوجيا. مؤكداً أنه في هذه الأيام تعقد اجتماعات أسبوعية منتظمة مع شركة بناء المساكن الصينية في طهران.
ويقول: «في الوقت الحالي، لم نصل بعد إلى مرحلة التعاقد مع الصينيين، لكن ما هو واضح هو أن الصينيين سيبنون 200 ألف وحدة سكنية في طهران في 22 منطقة في المرحلة الأولى»
التعاون المشترك في مجال الإسكان والتعمير
وفقاً لوكالة الأنباء الإيرانية إيسنا قال نائب وزير الطرق والتنمية الحضرية: إن الصينيين فوجئوا بتقدم تكنولوجيا البناء خلال رحلتهم إلى إيران والمدن الجديدة، وخاصة الحرم الجامعي.
وأكد نائب الوزير: أنه إذا كان سيتم التعاقد مع الأجانب في مجال بناء المساكن، فيجب أولاً التعاقد مع الشركات ذات الخبرة في البناء. لأنه في البناء والتشييد، نحتاج وقتاً أقصر للبناء وجودة أعلى. ولذلك فإن وجود خبراء في شؤون البناء أمر إلزامي. في إشارة إلى تعاون إيران مع الصين في مجال الإسكان والبناء، قال غفوري: أجرينا اتصالات مع شركات البناء الصينية ، وتابع العضو المنتدب لشركة عمران: نستخدم مواد بناء مطابقة للمواصفات القياسية تنتجها شركات محلية، وقال: يجب الاستفادة من قدرات الشركات الخبيرة في البناء والتشييد في بناء المدن الجديدة للتحرك وفق أوامر المرشد الأعلى للثورة.
في حين ذكرت وكالة مهر للأنباء :تعد الصين أحد شركاء إيران الاستراتيجيين في المجالات السياسية والأمنية وفي المجال الاقتصادي، حيث إن الصين باعتبارها أكبر منتج للسلع الأساسية في العالم، كانت دائمًا على رأس جدول التجارة مع إيران على مدار السنوات الماضية وظلت الشريك التجاري الرئيسي لإيران حتى في الفترة التي كان الحظر الأمريكي في ذروته، لكنه بالنظر إلى القدرات والتقارب السياسي الموجود بين الطرفين، هناك مجال واسع لتطوير التجارة بين البلدين.