ترجمة: نوريهان محمد البهي
اقترحت جبهة الإصلاح، وهي تحالف سياسي في إيران، مشروع قانون لتجريم كذب المسؤولين، مع فرض عقوبات على تقديم المعلومات الكاذبة أو الوعود غير القابلة للتحقيق.
وقدمت الجبهة مقترح هذا المشروع عبر رسالة وجّهها جواد إمام، المتحدث باسم جبهة الإصلاح، إلى رئيس السلطة القضائية، 17 ديسمبر/كانون الأول 2024.
صحيفة فرهيختگان الإيرانية نشرت تقريراً لها، 18 ديسمبر/كانون الأول 2024، تستعرض فيه أبرز ملامح مشروع القانون الذي حملته رسالة إمام.
وذكرت الصحيفة أنه تم إعداد مشروع قانون تجريم الكذب في ست مواد أساسية، تهدف إلى وضع أسس قانونية واضحة لمعاقبة أي مسؤول يقدم معلومات غير دقيقة أو وعوداً غير قابلة للتحقيق، أو يستغل مبررات مثل الأمن القومي للتستر على الحقائق.
ويُصنّف هذا السلوك ضمن “الكذب” الذي يستوجب عقوبات صارمة تشمل الإقالة من المنصب، والحرمان من حقوق الترشح الانتخابي، ويمتد نطاق هذا المشروع ليشمل جميع المسؤولين في السلطات الثلاث، بالإضافة إلى أعضاء البرلمان .
مشروع قانون تعزيز الشفافية
وبحسب الصحيفة الإيرانية، فإن أهم ما يميز هذا القانون هو منحه للمواطنين، ووسائل الإعلام، والمنظمات المدنية الحق في تقديم شكاوى ضد المسؤولين الذين يخالفون أحكامه، مما يعزز من دور الرقابة المجتمعية والإعلامية في كشف الحقائق وضمان الشفافية.
وتضيف الصحيفة: لكن رغم إشادة البعض بمحتوى المشروع كخطوة إيجابية، يرى مراقبون أن تطبيقه قد يُثير قلقاً واسعاً، خاصة بين أعضاء الحزب الذي ينتمي إليه كاتب المشروع.
وبينت الصحيفة في تقريرها أن رسالة جواد إمام بدأت بنبرة ناقدة، مُعرّفة “الكذب” كأخطر آفة تهدد استقرار الحكم ومصداقيته، واعتبر الكاتب الصدق أحد الأعمدة الرئيسية للقيم الدينية والثورية.
وأكد جواد إمام أن كذب المسؤولين لا يؤدي فقط إلى تآكل ثقة الشعب في النظام، بل يعمّق الفجوة بين المواطنين والحكومة، مما يدفع بالمجتمع نحو الفساد والانقسام، مشدداً على الآثار الكارثية للكذب، بدءاً من إهدار الموارد الوطنية، وانتهاء بتدمير الثروات القومية.
وأضاف أنه من الضروري أن يترافق خطاب الصدق، الذي يعد أحد الشعارات الرئيسية للحكومة الحالية، مع تشريع قوانين واضحة وفعّالة تهدف إلى إعادة بناء الثقة العامة التي تعرضت لأضرار جسيمة في السنوات الأخيرة.
وتابع في رسالته أن تقديم أي معلومات كاذبة أو إحصائيات مغلوطة من قبل المسؤولين في أي من السلطات الثلاث إلى الشعب أو الصحفيين أو وسائل الإعلام يجب أن يُعد جريمة يعاقب عليها القانون. وتستهدف العقوبات المخالفين الذين يقدمون وعودًا كاذبة أو غير قابلة للتحقيق أو تتجاوز الصلاحيات القانونية الممنوحة لهم.
وتضيف الرسالة التي تناولتها الصحف الإيرانية أنه في حال تعذر نشر الحقيقة لأسباب تتعلق بالأمن القومي، يُطالب المسؤولون بإعلان ذلك بوضوح، مع التأكيد على أن التقرير سيتم تقديمه في الوقت المناسب. ومع ذلك، إذا تبين أن الادعاء المتعلق بالأمن القومي غير صحيح، فإن العقوبة ستتضاعف ضد الفرد المعني.
وحول المشمولين بالقانون المقترح، ذكرت رسالة إمام أن مشروع هذا القانون يتضمن جميع المسؤولين الحكوميين، والمديرين التنفيذيين، وأعضاء الحكومة، ورؤساء ومديري المنظمات والمؤسسات الحكومية والثورية، إضافة إلى أعضاء البرلمان، وأعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام، والمعينين من قبل القيادة.
كما يشمل السفراء، والممثلين الدبلوماسيين، والقناصل، والمرشحين للانتخابات الذين يرتكبون مخالفات وفقًا لهذا القانون، حيث تتم ملاحقتهم قانونياً حتى إذا تم اكتشاف الجرائم بعد انتهاء فترة خدمتهم أو مهماتهم.
وعن العقوبات التي سوف يتم تطبيقها على المخالفين، فهي تشمل الإقالة من الخدمة، خفض الرتبة، الحرمان من الترقية، حظر الترشح في الانتخابات، تقييد الأنشطة الإعلامية والمشاركة في برامج الإذاعة والتلفزيون، إلى جانب منع التعيين في المناصب الحكومية.
وأضافت الرسالة أنه يمكن أن تكون هذه العقوبات مؤقتة أو دائمة، وفي الحالات التي يتسبب فيها الجرم في تعطيل النظام العام، تفرض عقوبات أشد، وإذا تعذر تنفيذ العقوبة خلال فترة مسؤولية الفرد، يتم تأجيل تنفيذها حتى نهاية فترة المسؤولية، مع حظر الترقية أو التعيين في وظيفة جديدة خلال تلك الفترة.
وبحسب المقترح الذي قدمه المتحدث الرسمي باسم جبهة الإصلاح الإيرانية، فإضافة إلى العقوبات، يُلزم المسؤول المخالف بتعويض الأضرار التي تسببت فيها للأفراد أو الجماعات أو المال العام، مع تحديد المحكمة لطريقة تعويض هذه الأضرار في وقت إصدار حكم العقوبة، ويحق لجميع الأفراد، والمنظمات المدنية، والأحزاب، ووسائل الإعلام تقديم شكاوى بشأن الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.
الرسالة سلاح ذو حدين
وفي تعليقها على مشروع القانون الذي تطرحه جبهة الإصلاح، ذكرت صحيفة فرهيختگان أن كتّاب مشروع القانون يعتقدون أنه ليس مجرد أداة للعقاب، بل وسيلة للوقاية من الفساد وتعزيز الصدق في الحكم، وفقا لرؤيتهم.
لكن ما يلفت الانتباه هو أن إقرار هذا المشروع سيجبر العديد من أعضاء الحزب الذي ينتمي إليه كاتب الرسالة على الاستعداد لتحمل المسؤولية أيضاً، وذلك لأن نطاق هذا القانون واسع، بحيث لا أحد، حتى أولئك الذين يروجون للصدق والشفافية، سيكون بمنأى عن تداعياته.
وأضافت الصحيفة أنه إذا تجاوزت الشفافية حدود الشعارات، فإنها ستطال العديد من المديرين والمسؤولين الحاليين، سواء كانوا في هذا الحزب أو في تيارات أخرى.
وبالتالي، فإن الشفافية تصبح سيفاً ذا حدين قد يؤثر على مختلف الأطراف، بشرط أن يتحمل الجميع مسؤولياتها دون تمييز أو مصالح شخصية.
وتابعت الصحيفة: جدير بالذكر القول بأن جواد إمام قدم اقتراحاً في إطار هذه الرسالة، وهو يعد خطوة جيدة لمنع التصريحات غير المدروسة من المسؤولين، إلا أنه يبدو أن المتحدث باسم جبهة الإصلاح بعد إرسال الرسالة إلى السلطة القضائية يجب أن يرسل نسخة منها أيضاً إلى رفاقه في الحزب.