ترجمة: شروق السيد
وسط جدل متصاعد وتكتم رسمي، تُثار تساؤلات حول مستقبل رفع القيود عن الإنترنت في إيران، فما الذي يدور خلف الكواليس الغامضة لرفع الحجب في إيران؟
نشر الموقع الإيراني “خبر أونلاين“، يوم الجمعة 20 ديسمبر/كانون الأول 2024، تقريرا استهله بسؤال: “متى سيضغط مسعود بزشكيان على زر رفع الحجب؟”.
ذكر الموقع في تقريره، أن هذا أحد أهم الأسئلة التي تشغل أذهان الناس والرأي العام، فيكفي أن تجلس مرة واحدة للاستماع إلى أحاديث المواطنين، لتجدهم يشكون من حجب الفضاء السيبراني، والانقطاعات المتكررة في برامج كسر الحجب، وبطء سرعة الإنترنت.
وتابع أن الناس يلومون الحكومة على الفور، متذمرين من وعود الرئيس الإيراني بحل هذه المشكلة التي لم تحقق.
ولكن قصة رفع الحجب وإزالة القيود عن الشبكات الاجتماعية ليست بالأمر السهل ولا يمكن تحقيقها بمجرد إصدار قرار من رئيس الجمهورية، ورغم أن جهود الحكومة وتصريحات المسؤولين الحكوميين تشير إلى جدية القرار برفع الحجب، فإن أقوال وأفعال أعضاء المجلس الأعلى للفضاء السيبراني تكشف عن عراقيل وعوائق تُوضع في طريق بزشكيان.
أثارت هذه العراقيل غضب بعض أعضاء الحكومة، حيث كشف محمد جعفر قائم بناه، مساعد الرئيس للشؤون التنفيذية، عن معارضة 15 عضوا من أعضاء المجلس الأعلى للفضاء السيبراني لرفع الحجب.
وأضاف قائلا: “لكن هذه التصريحات حول معارضي رفع الحجب في المجلس الأعلى للفضاء السيبراني قوبلت بردِّ فعل من محمد أمين آقاميري، الأمين العام للمجلس، حيث قال: “في ما يتعلق بموضوع الحجب، الذي أصبح اليوم أحد المواضيع الساخنة، وعكس ما يُنشر في وسائل الإعلام، لم يتم حتى الآن إجراء تصويت داخل جلسة المجلس الأعلى للفضاء السيبراني لتحديد المؤيدين والمعارضين، ولا نعلم من أين تستقي وسائل الإعلام هذه المعلومات عن مؤيد أو معارض!”.
هل التفاصيل سرية؟
وأوضح: “من جهة أخرى، منذ تولي حكومة مسعود بزشكيان السلطة، تم عقد اجتماعين للمجلس الأعلى للفضاء السيبراني حتى الآن، الاجتماعات التي ينص القانون على انعقادها مرة واحدة شهريا، لم تُعقد خلال شهر ديسمبر/كانون الأول”.
وفي الاجتماع الثاني للمجلس الأعلى للفضاء السيبراني، الذي تناول مسألة الحجب، أصدر مسعود بزشكيان، رئيس الجمهورية، توجيها بتشكيل لجنة من أعضاء المجلس الأعلى للفضاء السيبراني لدراسة مسألة رفع الحجب.
وذكر أن اللجنة التي يبذل أعضاؤها جهودا كبيرة للحفاظ على سريتها، في وقت سابق، واجهت محاولات وكالة “خبر أونلاين” الإخبارية لمعرفة تفاصيل هذه اللجنة وأعضائها طريقا مسدودا، كما لم تسفر استفسارات الوكالة من أعضاء المجلس الأعلى للفضاء السيبراني عن أية نتائج في ما يتعلق بأعضاء اللجنة أو تفاصيل مسؤولياتها، وامتنع الأعضاء المستقلون في المجلس عن تقديم أي تفاصيل.
ومع ذلك، قادت متابعة وكالة “خبر أونلاين” مع المسؤولين الحكوميين إلى نتيجة مختلفة، حيث صرح إلياس حضرتي، رئيس مجلس الإعلام الحكومي وأحد أعضاء لجنة مراجعة رفع الحجب والمطلع على محتويات الاجتماع، لمراسل وكالة “خبر أونلاين”، بأن هذه اللجنة سرية ولا يمكنه الإدلاء بمعلومات عنها.
وتابع: “كشف مصدر مطلع برئاسة الجمهورية، في حديثه لوكالة (خبر أونلاين) عن تفاصيل تتعلق باجتماعات لجنة دراسة رفع الحجب، حيث أفاد بأن محمد أمين آقاميري وستار هاشمي من أعضاء هذه اللجنة”.
وفي وقت سابق، أشار مصدر مطلع في وزارة الاتصالات إلى مشاركة ستار هاشمي، وزير الاتصالات، في اللجنة، لكن اللافت للنظر هو وجود محمد أمين آقاميري، أمين عام المجلس الأعلى للفضاء السيبراني، في هذه اللجنة.
وأضاف أن مشاركته تكتسب أهمية كبيرة؛ نظرا إلى موقفه المعارض للحجب، حيث إن وجوده بجانب ستار هاشمي يمكن أن يكون له تأثير أكبر في إنهاء القيود المفروضة على الفضاء السيبراني.
كما أشار المصدر إلى أن محمد رضا عارف، النائب الأول لرئيس الجمهورية، شارك في أحد الاجتماعات، وأوضح أن محتوى الاجتماعات يركز أكثر على الجانب الفني بدلا من الجانب السياسي.
ووفقا لهذا المصدر المطلع، فإن أبرز الموضوعات التي تم تناولها في الاجتماعات هي “تنقية الفضاء السيبراني” وحماية وصول الأطفال والمراهقين، لا سيما عبر منصة إنستغرام، ويبدو أن الحجب سيتم رفعه بشكل تدريجي وعلى مراحل.
هل سيتم رفع الحجب بشكل تدريجي؟
وفي هذا السياق تابع: “رغم جهود البعض للإبقاء على محتوى وأعضاء لجنة دراسة رفع الحجب في طي الكتمان، فإن ستار هاشمي، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الحكومة الرابعة عشرة (الحكومة الحالية لمسعود بزشكيان)، تحدث على هامش اجتماع مجلس الوزراء يوم الأربعاء لوكالة “خبر أونلاين” عن هذه الاجتماعات وأعضاء اللجنة قائلا: “تم عقد العديد من الاجتماعات المتكررة، في هذه الاجتماعات، يحضر الأعضاء المستقلون في المجلس الأعلى للفضاء السيبراني وتؤخذ آراؤهم، كما أن الأعضاء الرسميين لديهم ممثلون يعبرون عن مواقف مؤسساتهم، هذا الموضوع واضح وليس سريا”.
وأضاف: “وفي تعليقه على تصريح المتحدث باسم المركز الوطني للفضاء السيبراني الذي وصف اللجنة بأنها سرية، قال هاشمي: الأعضاء المستقلون يشاركون بأنفسهم، وربما يتغيب أحدهم عن اجتماع معين بسبب انشغالاته، أما الأعضاء الرسميون، فلديهم ممثلون ينقلون آراء مؤسساتهم”.
علّق الوزير على تصريحات بعض أعضاء المجلس الأعلى للفضاء السيبراني حول معارضة رفع الحجب، قائلا: “علينا أن نعترف بأن الفضاء السيبراني متعدد الأبعاد، ولا يمكن النظر إليه فقط من الناحية التقنية، إذا لم يكن هذا المجال أكبر من حياة الناس اليومية، فهو بالتأكيد ليس أصغر منها”.
وتابع الموقع: “النقطة الثانية هي أن النقاش الحالي له شقان: الأول هو الوضع الحالي، وما الذي لدينا على الأرض الآن، هناك إجماع جيد على أن الوضع الحالي غير مقبول، وقد توصل معظم الأعضاء المستقلين والرسميين إلى هذا الاستنتاج”.
ربما في الماضي لم تتم مناقشة هذه التقارير بشكل واضح وعلمي، ولكن في هذه الاجتماعات، وصلنا إلى توافق، ومن هنا جاءت التصريحات التي تقول إن الوضع الحالي غير مناسب، ومع ذلك، فإن السؤال حول ما يجب فعله بعد ذلك معقد، ونحن نناقشه.
وأضاف هذا الموقع الإيراني أنه في ما يتعلق بسؤال عن إمكانية رفع الحجب بشكل تدريجي، أوضح الوزير: “هذا أحد الموضوعات التي تمت مناقشتها، وربما يكون أحد السيناريوهات هو رفع الحجب خطوة بخطوة، هناك خطط متعددة قدمها أعضاء مختلفون، ويجب على الأمين العام أن يجمعها، تحدثت معه أمس، ونأمل أن يتم جمع النقاط المطروحة، وأن يعقد اجتماع المجلس الأعلى في المستقبل القريب”.
ما هو مصير وعد رفع الحجب؟
وأشار الموقع إلى أن “تصريحات وزير الاتصالات الأخيرة ومصدر مطلع في رئاسة الجمهورية تؤكد احتمالية رفع الحجب تدريجيا، كما سيتم تخفيف القيود المفروضة على التطبيقات الأجنبية بشكل تدريجي”.
وتابع: “من جهة أخرى، ومع تصاعد القلق بشأن مستوى وصول الأطفال والمراهقين إلى الفضاء السيبراني، يمكن أيضا أن يتم النظر في سن قوانين مماثلة للقانون الجديد في أستراليا، الذي ينظم وجود الأطفال تحت سن 16 عاما على الشبكات الاجتماعية”.
واختتم قائلا: “هذا الاحتمال ليس بعيد التنفيذ، خاصة بالنظر إلى الآراء والتصريحات المتباينة التي تصدر من مؤيدي ومعارضي رفع الحجب، ويبقى الانتظار لمعرفة القرار النهائي الذي ستتوصل إليه لجنة دراسة رفع الحجب”.