ترجمة: يارا حلمي
نشرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إيرنا“، الجمعة 25 أبريل/ نيسان 2025، تقريرا تناولت فيه الجدل البرلماني حول مشروع تعديل التوقيت الرسمي في إيران، بين مؤيدين يرونه وسيلة لتوفير الطاقة، ومعارضين يرون أنّ تنظيم ساعات العمل ممكن دون تغيير الساعة.
ذكرت الوكالة أنّ مسألة تغيير التوقيت الرسمي في البلاد تُعد من القضايا التي كانت دائما محل نقاش وخلاف خلال السنوات الأخيرة، والفارق الجوهري في الوضع الراهن مقارنة بالماضي يتمثل في بلوغ اختلال توازن الطاقة في إيران مرحلة حرجة، وفي هذا السياق، باتت مسألة تغيير التوقيت الرسمي للبلاد أكثر أهمية من أي وقت مضى.
وتابعت أنّ الحكومة صادقت مؤخرا في جلسة مجلس الوزراء على مشروع قانون طارئ من درجتين بشأن تغيير التوقيت الرسمي، وهو ما كان سيسمح، في حال إقرار البرلمان الإيراني لهذا المشروع، بأن تقوم الحكومة بتقديم التوقيت الرسمي للبلاد بحد أقصى ساعة واحدة إلى الأمام، ومن شأن هذا التغيير أن يقدّم دعما كبيرا في مواجهة أزمة الطاقة.
مشروع قانون تغيير التوقيت الرسمي
أشارت الوكالة إلى أنّ البرلمان الإيراني رفض منح الأولوية لهذا المشروع الطارئ المتعلق بتغيير التوقيت الرسمي، وكانت أهمية هذا المشروع من الدرجة التي دفعت الحكومة لتقديمه إلى البرلمان كقانون طارئ بدرجتين، حيث يُلزم القانون في مثل هذه الحالات بعرض المشروع في جلسة علنية خلال ٢٤ ساعة من المصادقة على أولوية مناقشته، بعد مراجعته داخل اللجنة المختصة.
وأكدت أنّه في نهاية المطاف، رفض النواب خلال الجلسة العلنية التي عقدت يوم الأربعاء 23 أبريل/ نيسان 2025، منح هذا المشروع صفة الطارئ أو الطارئ من درجة واحدة، وجرى الاتفاق على مناقشته في البرلمان ضمن المسار التشريعي الاعتيادي.
وأوضحت أنّ مناقشة مشروع القانون بصيغته الاعتيادية تعني إمكانية تأجيل عرضه في اللجنة التخصصية لفترة طويلة، مما يجعله في طابور الانتظار، وفي ظل أزمة الطاقة التي تشهدها البلاد حاليا، فإن تأجيل المشروع بهذا الشكل قد يجعل من مناقشته في البرلمان الإيراني إجراء بلا جدوى عملية.
وتابعت أنّ مشروع الحكومة المقترح يختلف عن الإجراءات السابقة التي كانت تفرض تغيير التوقيت الرسمي بشكل سنوي وإلزامي، إذ إن المشروع الجديد يمنح الحكومة صلاحيات مرنة لاتخاذ القرار بما يتناسب مع الظروف الواقعية للبلاد، وهذه الخطوة تمثل ليس فقط تقدما في مجال كفاءة الطاقة، بل تعكس أيضا أسلوب حكم قائم على القوة والمسؤولية، ومواكب للتغيرات الواقعية.
وذكرت أنّ تغيير التوقيت يُطبق حاليا في 77 دولة حول العالم كإجراء للحد من استهلاك الطاقة، ووقف هذا الإجراء في إيران عام 2006، أدى إلى زيادة استهلاك الطاقة بنسبة 3.4% كما تسبب في ارتفاع الذروة الكهربائية بنسبة 3.5%.
وأضافت أنّ فشل الحكومة في تأمين الكهرباء أدى مؤخرا إلى انقطاعات خلال فصل الربيع، ورفض منح صفة الطارئ لهذا المشروع دون تقديم بديل، بمثابة إطلاق صافرة إنذار جادة لأزمة الطاقة المتوقعة في فصل الصيف.
وبينت أن أهمية تشكيل لجنة خبراء داخل البرلمان تضم ممثلين عن وزارة الطاقة، إلى جانب مراعاة الأبعاد الفنية والاجتماعية، بهدف الوصول إلى حل عملي لهذه المسألة.
مراجعة مشروع تغيير التوقيت الرسمي
ذكرت الوكالة أنّ المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني أكدت أهمية مشروع القانون الخاص بتغيير التوقيت الرسمي، قائلة: “أنّ الدراسات التخصصية تشير إلى أنّ مواءمة ساعات العمل الإدارية مع ضوء النهار الطبيعي تؤدي إلى انخفاض كبير في استهلاك الطاقة، وأظهر تقريرا صادرا عن “شركة إدارة شبكة الكهرباء في إيران” أنّ تنفيذ هذا التغيير في التوقيت الرسمي يؤدي إلى تقليص استهلاك الكهرباء بمعدل 905 ميغاواط يوميا خلال أوقات الذروة، ويوفر ما يعادل 2513 ميغاواط ساعة من الطاقة.”
وتابعت أن مهاجراني أضافت كذلك أنّ: “هذه الكمية تعادل الطاقة الإنتاجية لمحطة توليد كهرباء بقدرة 1300 ميغاواط، والاستفادة في الوقت المناسب من ضوء الشمس يمكن أن يجنب البلاد التكاليف الباهظة لبناء محطة كهرباء جديدة.
وأضافت أنّ المتحدث باسم صناعة الكهرباء مصطفى رجبي مشهدي صرح في وقت سابق بأنّ: “تغيير التوقيت الرسمي للبلاد يوازي في تأثيره توفيرا يعادل محطة بوشهر النووية التي تبلغ قدرتها 1000 ميغاواط، والبرلمان الإيراني كان قد قرر في أواخر عام 2022، سحب صلاحية تغيير التوقيت الرسمي من الحكومة، مما حال دون إجراء أي تعديل على التوقيت خلال عامي 2023، 2024.
وأوضحت أنّ وهاب مكاري زاده، مستشار نائب رئيس معهد بحوث الطاقة في شؤون التكنولوجيا والابتكار، شدد في تصريح صحفي على أنّ: “تعديل ساعات العمل يسهم بشكل كبير في تخفيف الحمل عن شبكة توزيع الكهرباء خلال أوقات الذروة، وعندما يكون بالإمكان تلبية الاحتياجات من خلال إجراء إداري، فإن هذا الإجراء يُعدّ أولى من التوسّع في بناء المحطات أو ضخ استثمارات جديدة.”
أشارت إلى أنّ مكاري زاده لفت إلى أنّ: “مسألة تغيير التوقيت تبعا للفصول تم تطبيقها منذ الحرب العالمية الأولى نتيجة نقص أو شحّ الطاقة، واستُمر في تنفيذها عبر العقود الماضية، ما يجعلها سياسة قديمة وليست بجديدة، ومواعيد شروق وغروب الشمس تختلف خلال السنة، إذ إنّها تتأخر خلال النصف الثاني من العام، وتتقدم في النصف الأول منه.”
تاريخ تغيير التوقيت الرسمي
أفادت الوكالة أنّ تغيير التوقيت الرسمي في إيران طُبّق للمرة الأولى عام 1977، بهدف تحسين الاستفادة من ضوء النهار وتوفير الطاقة، وذلك بموجب قرار حكومي قضى بتقديم التوقيت ساعة واحدة في 24 أبريل/ نيسان 1978.
وتابعت أنّ هذا الإجراء توقف بعد الثورة الإيرانية، وظلّ معلقا لعدة سنوات، إلى أن أعيد العمل به في عهد الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني بسبب الزيادة المتصاعدة في استهلاك الطاقة بدءا من عام.
وأضافت أنّ حكومة الرئيس الإيراني محمود أحمد نجاد أوقفت العمل بهذا التغيير، إلا أنّ البرلمان رفض قرار الحكومة، وأقر في أغسطس/ آب 2007، قانونا يُلزم بتقديم الساعة رسميا عند منتصف ليل الأول من أبريل/ نيسان، وإعادتها عند منتصف ليل 30 من سبتمبر/ أيلول من كل عام.
وأوضحت أنّ هذا النظام ظل معمولا به حتى تقدّم البرلمان الإيراني برئاسة علي لاريجاني بمشروع قانون لإلغاء التغيير في التوقيت، وقد صُوّت عليه وأُقر في مارس/ آذار 2023، ثم أُبلغت الحكومة به في مايو/ آيار ، حيث نفذته حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
وأشارت إلى أنّ مؤيدي إعطاء الأولوية لمناقشة مشروع تعديل التوقيت الرسمي في البرلمان رأوا أنّ هذا المشروع يمنح الحكومة الفرصة لتنظيم سقف ساعات العمل، وتحديد الإجازات يوم الخميس، بالإضافة إلى اتخاذ قرارات تتعلق بالحالات الطارئة كالتلوث الجوي أو شهر رمضان أو الظروف الخاصة الأخرى.
وأكدت أنّ المعارضين للمشروع أكدوا أنّ بإمكان الحكومة تعديل ساعات الدوام الإداري دون الحاجة إلى تغيير التوقيت الرسمي للبلاد.
رأي المؤيدين والمعارضين في تغيير التوقيت الرسمي
ذكرت الوكالة أنّ النائب قسيم عثماني، ممثل مدينة بوكان في البرلمان، أعلن خلال جلسة علنية يوم الأربعاء الموافق 23 أبريل/ نيسان 2025، دعمه لمشروع القانون، مشيرا إلى أنّ البلاد تمر حاليا بأزمة اختلال في توازن الطاقة، ما يجعل هذا المشروع بالغ الأهمية في تقليل فترات الانقطاع وتوفير الطاقة، داعيا إلى اتخاذ القرار بعيدا عن الحسابات السياسية والفئوية.
وتابعت أنّ عثماني أضاف أنّ إدارة استهلاك الطاقة وتقليل الذروة في استهلاك الكهرباء أصبحت من أولويات الدول والمنظمات المعنية، إذ تسببت الزيادة المستمرة في الاستهلاك، خاصة خلال ساعات الذروة، في خلق تحديات كبيرة أمام شبكات الكهرباء.
وأضافت أنّ النائب كودرزوند، ممثل مدينة رودبار، أعرب عن دعمه للمشروع، مستشهدا بما جرى العام الماضي حين غيّرت الحكومة مواعيد دوام المصارف من الساعة السابعة إلى السادسة صباحا، ما أدى إلى إرباك ومعاناة للمواطنين، ونقل عن وزير الطاقة أنّ اعتماد هذا التوجه يمكن أن يوفر ما يعادل 1200 ميغاواط، أي ما يساوي طاقة إنتاج محطة كهرباء كاملة.
وأوضحت أنّ النائب جبار كوشكي نجاد، ممثل مدينة رشت، عارض المشروع، معتبرا أنّ القصور في إدارة قطاع الطاقة لا يجب أن يُعالج بقرارات تؤثر على الحالة النفسية والمعيشية للمواطنين، ودعا بدلا من ذلك إلى إصلاح البنية الاقتصادية وتسريع تعيين وزير اقتصاد جديد لتحقيق الاستقرار في السوق.
وأشارت إلى أنّ النائب غلام رضا ميرزايي، ممثل مدينة بروجن، رفض هو الاخر مشروع القانون، مؤكدا أنّ تعديل التوقيت من صلاحيات الحكومة نفسها، ويمكن لها تنظيم حضور الموظفين في المؤسسات الحكومية بموجب القانون، دون حاجة إلى إصدار قانون جديد.
وبينت أنّ ما يبدو ملحا هو ضرورة إيجاد حل سريع لمشكلة اختلال التوازن في قطاع الطاقة، إذ إنّ استمرار هذا الوضع ينعكس سلبا على حياة الناس اليومية ويتسبب في اضطرابات معيشية واضحة، الأمر الذي يتطلب تحركا عاجلا.
وذكرت في ختام تقريرها أنه يُنتظر أن يُشكّل البرلمان والحكومة لجنة خاصة مشتركة لبحث مسألة التوقيت الرسمي بهدف حلّ أزمة الطاقة الراهنة بأسرع وقت ممكن.