كتبت: شروق السيد
تتجه بغداد نحو استثمار ضخم لتطوير جنوب العراق، الذي يسهم بأكثر من 90% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ويهدف هذا الاستثمار إلى تحويل ميناء الفاو إلى مركز اقتصادي عالمي، وتعزيز دوره كمحور عبور في غرب آسيا، ويأتي المشروع في إطار خطة عملاقة تشمل تطوير ميناء الفاو وربط السكك الحديدية بين العراق وتركيا، إضافة إلى إنشاء قناة جافة لربط الطرق التجارية، بميزانية تقدر بـ17 مليار دولار، ولا يقتصر المشروع على العراق فحسب، بل يسهم في تعزيز التعاون الإقليمي، حيث أعلنت إيران وتركيا استعدادهما للمشاركة في هذا التحول الاقتصادي الكبير، وذلك وفقا لتقرير وكالة أنباء “إيرنا” الإيرانية.
مشاركة إيران في مشروع ميناء الفاو
بحسب التقرير، ففي وقت سابق، ردّ السفير الإيراني لدى العراق على سؤال حول ما إذا كان قد تم التطرق خلال زيارة الرئيس الإيراني بزشكيان، إلى مشروع “طريق التنمية العراقي”، ليكون لإيران دور في هذا المشروع، وقال: “نشكر الحكومة العراقية على دعوتها للمشاركة في هذا المشروع”.
وأضاف محمد كاظم آل صادق: “نحن نرحب بأي مشروع يمكن أن يسهم في نمو وازدهار الاقتصاد والتجارة بين دول المنطقة”.
وأشار إلى أن رئيس إيران، خلال زيارته الأخيرة للعراق ومحافظة البصرة، وصف ربط خطوط السكك الحديدية والطرق بين دول المنطقة بأنه ضرورة، وأكد أهمية التعاون الإقليمي في مختلف المجالات، لا سيما بين الدول الإسلامية.
أهمية ميناء الفاو لإيران
كتبت صحيفة “هم ميهن“: “هذا القول لا يعني أن البصرة لم تكن محل اهتمام إيران على مدى هذه السنوات الطويلة، أو أن أهميتها لم تكن واضحة لإيران، بل العكس، فإن هذه المحافظة الجنوبية من العراق، التي يُشار إليها على أنها “الرئة الاقتصادية” للعراق وتحتضن عددا كبيرا من السكان، كانت دائما محط اهتمام، ولكن، وللمرة الأولى، ومع حضور الرئيس الإيراني بزشكيان ستكون محل أهتمام أكبر.
وتابعت الصحيفة: “تحظى البصرة بأهمية كبيرة لإيران من الناحية الجيوسياسية، والاجتماعية، وكذلك من حيث موقعها الاستراتيجي وجوارها لمحافظة خوزستان الغنية بالنفط، إضافة إلى العلاقات الأسرية الواسعة مع القبائل العربية في محافظة خوزستان”.
وأضافت: “يمكن ادعاء أن أي دولة، سواء كانت أوروبية أو أمريكية أو عربية أو من جنوب شرق آسيا، أولت العراق اهتماما في السنوات الأخيرة، فإن أحد أسباب هذا الاهتمام هو وجود البصرة، باعتبارها نقطة اتصال العراق بالمياه المفتوحة ومصدرا هائلا للنفط، إضافة إلى موقعها الاستراتيجي الذي يربط من خلاله دول جنوب شرقي آسيا وشبه القارة الهندية بأوروبا”.
وإحدى أكبر الفرص الاستثمارية في هذه المحافظة، التي سيكون لها تأثير كبير على الوضع الاقتصادي للعراق، هي مشروع ميناء الفاو الكبير، ووفقا لما أعلنته وزارة التخطيط العراقية، يتم تنفيذ المشروع على أرض تبلغ مساحتها 2400 هكتار، ويشمل الصناعات البتروكيماوية مثل مجمع للبتروكيماويات، إضافة إلى محطة لتوليد الكهرباء ومصفاة للنفط.
كما أعلنت وزارة التخطيط العراقية أن البلاد تمتلك ثلاثة خطوط أنابيب رئيسية لنقل النفط مع الدول المجاورة، وهي المملكة العربية السعودية وتركيا وسوريا، أما الخط الرابع الذي يعتبر استراتيجيا، فهو يربط الحقول النفطية في كركوك بالبصرة داخل العراق، مما يجعل 75% من صادرات النفط العراقية تمر عبر موانئ البصرة، في حين يتم تصدير 25% فقط من نفط كركوك عبر خط الأنابيب الشمالي إلى تركيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن “وجود إيران في البصرة أصبح ذا أهمية كبيرة لأسباب عديدة، منها الروابط الأسرية والعشائرية على جانبي الحدود من جهة، والقاعدة الاجتماعية الواسعة المحبة لإيران من جهة أخرى، إضافة إلى الأهمية الجيوسياسية للبصرة في الوقت الحالي، ووجود فرص استثمارية مشتركة والمصير المشترك، جميعها جعلت وجود إيران في هذه المنطقة الاستراتيجية أمرا ذا أهمية”.
ربط خط السكة الحديدية بين إيران والعراق عبر حدود شلمجة لتسهيل حركة الزوار والمسافرين على مدار العام، خاصة خلال المناسبات الدينية الهامة مثل أربعينية الإمام الحسين، وانضمام إيران إلى مسار التنمية السريع الذي يتبعه العراق، جعلا وجود إيران ذا أهمية.
أهمية ميناء الفاو لتركيا
وبحسب ما ذكرته وكالة أنباء “مهر” ، خلال السنوات القليلة الماضية، كانت تركيا دائما تعاني من أزمة اقتصادية، وأثقلت تكاليف استيراد الطاقة كاهل حكومة أردوغان، ولهذا السبب، أصبح التركيز المتكرر على نقل السلع والطاقة، وباختصار، التحول إلى مركز عبور، في مقدمة الأولويات السياسية والاقتصادية لتركيا، وبسبب ذلك، فقد أبدت تركيا رغبتها في وجود طريق عبور عبر خط السكك الحديدية، في إطار تطوير ميناء الفاو الكبير، وهو مسار يمكن أن ينافس عمليا قناة السويس في المستقبل”.
وأضافت: “تسعى تركيا من خلال هذا المشروع إلى تحقيق عدة أهداف اقتصادية في وقت واحد: أولا، لا يقتصر هدف المشروع على نقل البضائع فقط، بل يتضمن التوقعات والتخطيطات اللازمة لتسيير القطارات السريعة بسرعة تصل إلى 300 كيلومتر في الساعة، وثانيا، أن الجهود المبذولة لإنشاء خطوط نقل النفط والغاز يمكن أن يكون لها تأثير كبير على معادلات الطاقة في المنطقة”.
إضافة إلى أن خط السكك الحديدية الذي يبلغ طوله 1175 كيلومترا من ميناء الفاو العراقي إلى ميناء مرسين التركي، سيمكن من نقل المسافرين والبضائع والطاقة من العراق إلى البحر الأبيض المتوسط.