ترجمة: يسرا شمندي
شهدت صادرات النفط الإيراني انتعاشا ملحوظا منذ ديسمبر/كانون الأول 2024 بعد تراجعها نتيجة للعقوبات والأزمات الجيوسياسية. كما عادت إيران لتصدير كميات أكبر من النفط إلى الصين مع تحسن النشاط الصناعي وزيادة الطلب على الطاقة. وتعتبر هذه الزيادة مؤشرا على التغيرات الاقتصادية في المنطقة وتأثيرها على أسواق النفط العالمية.
نشرت صحيفة هم ميهن تقريرا، السبت 4 يناير/كانون الثاني 2025، أفادت فيه بأنه بعد تراجع صادرات النفط الخام الإيراني نتيجة للعقوبات، بدأ تصدير النفط مجددا وبقوة منذ النصف الأول من ديسمبر/كانون الأول 2024. وقد أشارت بعض المصادر الإعلامية في الأيام الأخيرة، إلى أن زيادة صادرات النفط تُعتبر بمثابة الضوء الأخضر من الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب لإيران، في حين يرى بعض الخبراء أن الصين وحاجتها للنفط قد تكون لها دور في زيادة صادرات النفط الإيراني.
وأضافت أن شركة “تنكر تراكرز” المختصة بتتبُّع الشحنات البحرية، أعلنت مؤخرا عبر شبكة “إكس”، أن صادرات النفط الإيراني، بعد أن كانت تسجل معدلات بطيئة في النصف الأول من ديسمبر/كانون الأول 2024، قد شهدت زيادة ملحوظة بشكل مفاجئ.
وذكرت أنه قبل ذلك، أفادت مؤسسة تتبُّع شحنات النفط “كبلر” بأن صادرات النفط الخام والمكثفات الغازية الإيرانية إلى الصين في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2024، انخفضت إلى 1.31 مليون برميل يوميا، وهو أدنى مستوى خلال الأشهر الأربعة الماضية. وأشارت المؤسسة إلى أن نحو 90% من صادرات النفط الإيراني موجهة إلى الصين، موضحةً أن سبب الانخفاض البالغ 524 ألف برميل يوميا، يعود إلى الحرب في الشرق الأوسط، ونقص الطاقة داخل إيران نتيجة للعجز في التوازن، فضلا عن المشاكل في وسائل النقل التي تسببت بها العقوبات الأمريكية، مما أدى إلى التأثير سلبا على صادرات النفط الإيرانية.
وتابعت في مشروع موازنة عام 2025، الذي قدمه مسعود بزشكیان في الخريف إلى البرلمان، تم التنبؤ بتصدير مليون و850 ألف برميل يوميا من النفط. وإذا كانت الشائعات المتعلقة بزيادة صادرات النفط صحيحة، فهذا يُعد تطورا إيجابيا بالنسبة للحكومة الرابعة عشرة، رغم أن الكمية المصدرة لا تزال أقل بـ500 ألف برميل يوميا من التوقعات المحددة.
وأشارت الصحيفة إلى ما ذكرته وكالة أنباء مهر من أن صادرات النفط الإيرانية بلغت في سبتمبر/أيلول 2024، مليونا و580 ألف برميل، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2024 وصلت إلى مليون و840 ألف برميل، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024 كانت مليونا و380 ألف برميل، لكن في ديسمبر/كانون الأول 2024 شهدت صادرات النفط زيادة ملحوظة، حيث وصلت إلى مليون و890 ألف برميل.
وأوضحت أنه طبقا للإحصائيات التي أوردتها وكالات الأنباء عن شركة “كبلر”، شهدت صادرات النفط اليومية الإيرانية إلى الصين في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، انخفاضا بنحو نصف مليون برميل مقارنة بنهاية الصيف، حيث انخفضت إلى نحو 1.31 مليون برميل. ومع ذلك، في ديسمبر/كانون الأول 2024، عادت هذه الصادرات إلى الارتفاع مجددا، حيث بلغت 1.886 مليون برميل يوميا في النصف الأول من الشهر، وهو أعلى معدل تم تسجيله منذ عام 2018.
واستنادا إلى البيانات التي أوردتها شركة “كبلر”، قامت إيران في العام الماضي، بتوريد 1.512 مليون برميل من النفط يوميا إلى الصين، مما يمثل زيادة بنسبة 34% مقارنة بالعام 2023 وأضعاف الكميات في العام 2022. وكانت صادرات النفط الإيرانية قبل انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، من الاتفاق النووي وفرض العقوبات النفطية في عام 2017، نحو 2.5 مليون برميل يوميا، وتراجعت هذه الكمية إلى أقل من 340 ألف برميل يوميا مع نهاية ولاية ترامب في 2020.
وذكرت أيضا، أنه “منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول 2024، تأثرت صادرات النفط الإيرانية إلى الصين وسوريا بسبب الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران على إسرائيل، إضافة إلى المخاوف من الهجوم الإسرائيلي المحتمل على المنشآت النفطية الإيرانية. ومع ذلك، في ديسمبر/كانون الأول 2024، تم استئناف صادرات النفط الإيراني إلى الصين بشكل تدريجي. في المقابل، توقفت شحنات النفط الإيراني إلى سوريا بسبب سقوط نظام بشار الأسد. وخلال الأشهر الـ11 الأولى من العام، قامت إيران بتوريد 56 ألف برميل يوميا، ما يعادل 18.5 مليون برميل إلى سوريا، في حين لم تتم أي شحنة في الشهر الأخير من عام 2024”.
وبينت أن بيانات شركة الاستشارات الطاقية “وُرتكسا” تشير إلى أن إجمالي النفط المخزون في المياه الإيرانية وشرق آسيا، خاصة في سنغافورة، بلغ 48 مليون برميل، وهو بزيادة 12 مليون برميل مقارنة بشهر أكتوبر/تشرين الأول. وقد يعود سبب زيادة صادرات النفط الإيراني إلى الصين إلى تزايد احتياج هذا البلد للطاقة، فضلا عن أن المصافي الصغيرة المستقلة الصينية، التي تُعد من أبرز المشترين للنفط الإيراني، أصبحت تتجه لشراء كميات أكبر من إيران.
ونقلت “هم ميهن” عن وكالة رويترز ما ذكرته بأنه مع تحسن نشاط المصانع في الصين آخر شهر من عام 2024، شهدت أسعار النفط تحسنا نسبيا، على الرغم من أنها ستظل منخفضة على أساس سنوي للعام الثاني على التوالي. وأشارت “رويترز” إلى أن استطلاعا رسميا لنشاط المصانع في الصين أظهر استمرار زيادة الأنشطة الصناعية لشهر ديسمبر/كانون الأول 2024، على الرغم من أن معدل النمو قد تراجع. وهذه البيانات تُظهر أن هناك تحفيزا جديدا يسهم في دعم أكبر اقتصاد في العالم وأكبر مستورد للنفط.
وأشارت إلى ارتفاع أسعار النفط ارتفاعا في تداولات يوم 11 من شهر ديسمبر/كانون الأول 2024، وهو آخر يوم من عام 2024، بعد نشر بيانات تشير إلى زيادة في الأنشطة الصناعية بالصين خلال الشهر الأخير. ولكن، بسبب القلق المستمر من الطلب في الدول التي تستهلك كميات كبيرة من النفط، تشير التوقعات إلى أن الأسعار السنوية ستشهد انخفاضا للسنة الثانية على التوالي.
واختتمت الصحيفة بالإشارة إلى أن الصين تعتبر المستوردَ الرئيسي للنفط الإيراني في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد فرض العقوبات الأمريكية. وللحصول على الأرقام الدقيقة حول أي زيادات أو انخفاضات في صادرات النفط، يجب التوجه إلى الشركات الصينية التي تشتري النفط من إيران، ولا يمكن الاعتماد على المؤسسات الأخرى لهذا الغرض.