كتب: ربيع السعدني
أعلنت منظمة الفضاء الإيرانية أن إطلاق مجموعة الأقمار الصناعية “شهيد سليماني” يبدأ اعتبارا من عام 2025.
أتت تلك الخطوة بعد عام على إطلاق طهران القمر “ثريا” الذي صنعه الحرس الثوري، وثلاثة أقمار صناعية، “مهدا” و”كيهان-2″ و”هاتف-1″ عبر استخدام صاروخ “سيمرغ” الحامل للأقمار الصناعية الذي طورته وزارة الدفاع، ما أثار مخاوف عديدة لدى قوى أوروبية من أن تستخدم السلطات الإيرانية تكنولوجيا صواريخ الإطلاق هذه لتطوير أنظمة صواريخ باليستية طويلة المدى.
وخلال مؤتمره الصحفي يوم الإثنين 13 يناير/كانون الثاني 2025، حول التقرير المرحلي لمشاريع الفضاء، أوضح رئيس منظمة الفضاء الإيرانية، نائب وزير الاتصالات حسن سالاريه، أن إطلاق القمرين الصناعيين “بايا” و”ظفر 2″، المدرجين على قائمة الإطلاق، قد تأجل لبضعة أشهر بسبب تأخر الصاروخ الحامل الأجنبي، ومن المرجح أن يتم إطلاقهما في ربيع 2025.
ما الأقمار الصناعية الموجودة في المدار؟
وأوضح سالاريه أن “منظومة الأقمار الصناعية (شهيد سليماني) هي مجموعة أقمار صناعية ضيقة النطاق، وهي واحدة من أهم المشاريع الفضائية في إيران، وصُممت بهدف تطوير إنترنت الأشياء (IoT)، وتتضمن 20 قمرا صناعيا قيد التصنيع”.
وفي مجال المشاريع الفضائية، أضاف سالاريه خلال حواره مع مراسل الشؤون الفضائية لوكالة أنباء “إيسنا” يوم 11 يناير/كانون الثاني 2025، تشمل سلسلة الأقمار الصناعية “بجوهش” كلا من “بجوهش 1، 2، 3 و4″، حيث تم إجراء مناقصاتها أو بدء عملية تصنيعها.
على سبيل المثال، بدأ تصنيع “بحوهش 1، 2 و4″، إضافة إلى ذلك، توجد الأقمار الصناعية “بارس 2” و”بارس 3″، وفي مجال الرادار، يتم حاليا تطوير قمرين صناعيين راداريين هما: “راداري 1″ و”راداري 2”.
آخر إنجازات إيران الفضائية
أما في ما يخص القمر الاصطناعي “ناوك” للاتصالات، أوضح سالاريه أنه تم تصميم هذا القمر الاصطناعي بهدف اختبار الاتصالات على ارتفاعات عالية، وسيتم وضعه في مدار بيضاوي الشكل لأول مرة، وسيتم الكشف عنه خلال ذكرى انتصار الثورة.
وأفاد بأن القمر الصناعي “فخر 1” قمر بحثي من إنتاج القطاع الخاص ولديه القدرة على التكاثر والبناء بسرعة عالية.
كما أن القمر الاصطناعي “ناهيد 3″ و”بارس 3” قيد الإنشاء حاليا، بحسب نائب وزير الاتصالات، في حين سيتم الكشف عن قمر التصوير الراداري SAR المسمى “راد-1″، الذي لديه دقة من 20 إلى 50 مترا، وإزاحة الستار عنه في أوائل العام المقبل (2026).
وقد صممت إيران خططا لأقمار صناعية متعددة في مجالي الاتصالات والاستشعار عن بعد، ومن المقرر أن تبدأ عمليات إطلاقها قريبا.
ومن بين خطط طهران الفضائية أعلن سالاريه أنه من المتوقع أن يتم الإطلاق التجريبي لمجموعة “شهيد سليماني” قريبا، بهدف معالجة أي عيوب محتملة في المدار، بينما سيبدأ الإطلاق الرئيسي للمجموعة في بداية عام 2026.
ما الهدف منها؟
وقال نائب وزير الاتصالات في حواره مع المراسل الاقتصادي لوكالة أنباء إيران الرسمية “إيرنا”، يوم السبت 11 يناير/كانون الثاني 2025، إن القمر الصناعي “بارس 2” قمر استشعاري مزود بكاميرا قادرة على التصوير الملون بدقة أفضل من 4 أمتار والتصوير بالأبيض والأسود بدقة أفضل من 8 أمتار، وهو من تصنيع شركة “صا إيران”، وسيتم الكشف عنه في ذكرى انتصار الثورة.
أقمار صناعية استشعارية
وأوضح سالاريه أن الأقمار الصناعية “بارس 1″ و”بارس 2″ و”بايا” ستشكل معا نظام استشعار للأقمار الصناعية، كما يمكن استخدام القمر الصناعي “بارس 2” كإحدى المنصات المهمة لأقمار الاستشعار الإيرانية.
ويجري الآن تصميم القمر الصناعي “بارس 3″، بحسب رئيس منظمة الفضاء، وفي هذه النسخة من سلسلة الأقمار الصناعية “بارس” ستكون دقة التصوير أفضل، وفي التصوير بالأبيض والأسود ستكون دقة التصوير أفضل من 2 متر، وتشكل هذه الأقمار الصناعية مجتمعةً نظام أقمار صناعية استشعارية لإعداد وإرسال صور عالية الجودة من النقاط المطلوبة في الوقت المناسب.
وقال سالاريه إن تكامل بيانات هذا النظام الفضائي إلى جانب بعضه البعض سيحولها إلى بيانات قيمة، وسيتم استخدامها في الصناعة والزراعة والبيئة.
تشغيل قاعدة جابهار الفضائية
وذكر سالاريه أيضا خلال المؤتمر الصحفي، أن قاعدة جابهار الفضائية المخصصة لوزارة الاتصالات وهي مهمة جدا للبلاد، تتكون من ثلاث مراحل، بحيث إن المرحلة الأولى سيتم تشغيلها في ربيع عام 2025، وبعد ذلك سيتم سريعا تشغيل المرحلة الثانية من قاعدة جابهار الفضائية، مضيفا أنه لابد من استكمال المرحلة الثانية للبدء بالمرحلة الثالثة أيضا.
إطلاق كبسولات بيولوجية قريبا
وأشار إلى أنه سيتم إطلاق منظومة سليماني اعتبارا من أشهر (9-10-11) من عام 2025 عبر قاعدة جابهار.
وبيّن سالاريه حسبما نقلت وكالة أنباء “إيرنا” في 11 يناير/كانون الثاني 2025، أنه تجري حاليا عملية تصميم وإنتاج كبسولات حيوية إيرانية جديدة، وفي هذا السياق يجري تصميم كبسولتين بأوزان تتراوح بين (500 و1500) كغم، وسيتم تشغيل محطتين فضائيتين مهمتين للتحكم واستقبال الصور، وهما: “سلماس” و”جناران” هذا العام.
وأوضح أن القطاع الخاص يقوم ببناء الأقمار البحثية (1 و2 و4) والقمر الاصطناعي البحثي 3 هو أيضا في مرحلة متقدمة، وهذا القمر مصمم ليصل إلى مدار 36 ألف كيلومتر.
أول قمر صناعي إيراني
بدأت إيران في غزو الفضاء بعد انتهاء الحرب الباردة بين كتلتي الشرق والغرب والتي استمرت نحو 40 عاما، ومع الإجراءات المتخذة لتطوير الصناعات الدفاعية، وفي السبعينيات نمت صناعة الإلكترونيات، وفي أواخر الثمانينيات، انطلقت صناعة الصواريخ لدى طهران نحو الوصول إلى مدارات منخفضة الارتفاع.
ووفقا لرئيس منظمة الفضاء الإيرانية حسن سالاريه خلال المنتدى الفكري للشباب الباحثين في المجتمع والصناعة الذي عُقِد بجامعة طهران يوم 31 ديسمبر/كانون الأول 2024 ونُشِر على موقع “خبر بان”، فإن أول إطلاق مداري ناجح لإيران عام 2008 هو القمر الصناعي “أميد”، وهو نوع من الأقمار الصناعية الروسية “سبوتنيك 1975″، وبعد ذلك تم تصميم وبناء العديد من الأقمار الصناعية في البلاد وفي أواخر الثمانينيات، دخلت العديد من الجامعات الإيرانية الكبرى، صناعة الفضاء وبدأت في تدريب القوى العاملة وتحديد مشاريع الأقمار الصناعية.
وكانت الأقمار الصناعية التي كانت آنذاك في جامعة “شريف” الصناعية تبلغ دقة تصويرها عدة عشرات من الأمتار، وبعد 20 عاما أصبحت دقة أقمار إيران الصناعية تصل إلى 2 إلى 3 أمتار، لتبلغ دقة التصوير للقمر الصناعي “كوثر” الذي كان تم إطلاقه في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 بإطلاق أجنبي، فتم وضعه بدقة 4 أمتار.
مخاوف غربية من صواريخ طهران
ورفضت طهران تنديد الدول الغربية بمشروعها الفضائي، معتبرةً أن تطوير التكنولوجيا السلمية في مجال الفضاء حق مشروع لها.
كما جاء إعلان طهران إطلاق عشرات الأقمار الصناعية في 2025 بعدما حذر تقييم حول التهديد العالمي أجراه مجتمع الاستخبارات الأمريكي لعام 2023 من أن تطوير مركبات إطلاق الأقمار الصناعية “يختصر الجدول الزمني لإيران من أجل تطوير صاروخ باليستي عابر للقارات؛ لأنها تستخدم تكنولوجيا مماثلة”.
ورغم أن عقوبات الأمم المتحدة المتعلقة ببرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني قد انتهت في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكن مجموعة من الدول قالت إنها لا تزال ملتزمة بمكافحة الأنشطة الصاروخية الإيرانية.
وردا على انتهاء القيود التي فرضتها الأمم المتحدة، أصدرت 48 دولة بيانا نشرته منظمة (ACA) المستقلة التي تُعنى بدراسة قضايا نزع السلاح والحد من التسلح، خاصة في مجال الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وصفت فيه برنامج الصواريخ الإيراني بأنه “أحد أعظم التحديات التي تواجه الجهود الدولية لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وقالت إنّ نقل طهران للصواريخ والتكنولوجيات ذات الصلة “يعرض الاستقرار الدولي للخطر ويؤدي إلى تصعيد التوتر الإقليمي”.