“الدليل”: العلاقات المصرية الإيرانية لن تعود إلى طبيعتها مرة أخرى
العناني: إيران تستخدم مصر كوسيط لتوطيد علاقتها بدول الخليج العربي
خيري: إيران ترغب في تطبيع العلاقات المصرية للوصول إلى سياسة تصفير الأزمات مع دول المنطقة
كتبت إيناس أنور
تتسارع وتيرة التقارب بين الجانبين الإيراني والمصري، في نطاق زمني قصير تاركاً خلفه كثيراً من العقبات القديمة والمفاوضات التي لم تنته بعد، وذلك ما كشفت عنه التحركات المباحثية الهاتفية بين الجانبين في الفترة الأخيرة.
كما جمع اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري سامح شكري، وعلي باقري وزير الخارجية الإيراني بالوكالة، لتأكيد ضرورة متابعة مساعي تطوير العلاقات الثنائية، حيث جاءت تلك المباحثات بعد أيام من زيارة شكري طهران لحضور جنازة الرئيس إبراهيم رئيسي، الذي لقي مصرعه في حادث تحطم مروحيته.
وعلى هامش تلك الزيارة، تواصَل موقع “زاد إيران” مع عدد من المتخصصين والخبراء بالشأن الإيراني، وانقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض حول عودة العلاقات مرة أخرى إلى طبيعتها.
فأبدى أسامة الدليل، رئيس قسم الشؤون الدولية بـ”الأهرام العربي”، رأيه قائلاً إن العلاقات بين مصر وإيران شهدت بعض الاتصالات من ذي قبل، حتى وإن كانت متفرقة على مستوى وزراء الخارجية بمناسبات متعددة في زمن وجود حسين أمير عبد اللهيان، وكان يحسب للدبلوماسية الإيرانية في وقتها محاولات للتقارب من خلال اللقاءات مع وزير الخارجية المصري في بعض اللقاءات الدولية ومحاولة مد بعض جسور التفاهم بين الطرفين.
وأكد “الدليل”، أن العلاقة بين مصر وإيران تتسم بالتوتر المبالغ فيه منذ نشأة النظام الجمهوري في أثناء الثورة الإيرانية، وهناك خلافات متعددة بين الدولتين، نتيجة تدخل إيران في الشأن الداخلي المصري بخلاف تمويل إيران بعض المنظمات غير الوطنية، مما وضع إيران في خانة صعبة في ما يتعلق بتهديد الأمن الأمن القومي لمصر في المنطقة.
وأشار رئيس قسم الشؤون الدولية بـ”الأهرام العربي”، إلى أن وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي باقري، يسلك النهج القديم نفسه من فكر النظام الإيراني، إلا أنه يحاول رد الجميل للجانب المصري إثر تأدية الحكومة المصرية واجب العزاء في وفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي، وبالتالي من المنطقي أن يتم رد الشكر على هذه اللفتة المصرية.
وأضاف أن العلاقات المصرية الإيرانية لن تعود إلى طبيعتها مرة أخرى بين عشية وضحاها، لأسباب متعددة وهي: أن الدولة الإيرانية تعتبر منافساً جيوسياسياً في المنطقة، كما أن الأفعال الإيرانية من تمويل ودعم الميليشيات أو الجماعات الشيعية المسلحة في المنطقة التي أوجدت قاعدة جديدة وهي قاعدة الجماعة التي يمكنها أن تحل محل دولة، بخلاف توجه إيران إلى نظام الفكر الإسلامي السياسي وفرضه على المنطقة، فكل هذه الأسباب من شأنها أن تثير غضب الجانب المصري.
وتابع أن جميع المعتقدات التي يعتنقها الفكر الإيراني، من خلال فرض سيطرته على المنطقة سواء بالنفوذ أو التوسع في حدوده من المحيط إلى الخليج، مما يعمل على إضعاف موقفه أمام الجانب المصري، أو بمعنى أدق، عودة العلاقات الثنائية بين الجانبين.
وأشار إلى أنه يجب مناقشة عدة ملفات بين الدولتين لإعادة صياغة العلاقة المصرية الإيرانية، أهمها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وبالأخص الدولة المصرية، وربما تتوقف عودة العلاقات إلى طبيعتها على القيادة الجديدة وانتظار الرئيس القادم.
وعلى السياق ذاته، قال أحمد العناني خبير الشؤون الإيرانية، إن المباحثات الإيرانية جاءت على غرار المباحثات الاستكشافية التي حدثت بين مصر وتركيا آنذاك، والتي منها بدأت عودة العلاقات المصرية التركية إلى طبيعتها مرة أخرى.
وأكد العناني في تصريحات خاصة لـ”زاد إيران”، أن الأمر نفسه ينطبق على العلاقات المصرية الإيرانية، فإيران رأت أنه لا بد من تصفير عداد الخلافات بينها وبين مصر، فهي ترى أن مصر دولة قوية في المنطقة وتريد أن تقوي هذه العلاقات المقطوعة منذ عقود طويلة والتي بدأت بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1979 والتي لم تنتهِ بعد.
وأضاف خبير الشؤون الإيرانية، أن إيران ترى فرصتها في المقاربات السياسية حالياً والتودد إلى دول الخليج، حيث ستشكل تلك المقاربات الإيرانية المصرية عاملاً مؤثراً؛ لكونها وسيطاً بقلب المنطقة لتطوير العلاقات الإيرانية العربية بشكل عام.
وأشار إلى أنه من الجانب الآخر، إيران ترى في القاهرة ركيزة لاستقرار المنطقة، وهو ما تسعى إليه الدولة الإيرانية لإعادة العلاقات المصرية إلى وضعها القديم مرة أخرى، ومن الممكن أن نرى في القريب العاجل من خلال البعثات وممثلي السلك الدبلوماسي، إعادة افتتاح السفارة الإيرانية بالقاهرة.
وأوضح أن إيران تعتمد على المقاربات السياسية، لأنها تريد أن تخلع عباءة المرشد والحرس الثوري الإيراني صاحب الفكر المتعصب، فهي تريد تغيير وجهة نظر المنطقة على أنها الدولة التي تدعم الإرهاب والميليشيات، من خلال إرسال رسائل إيجابية للجانب العربي، لافتاً إلى أنها ترى أن تطبيع العلاقات مع مصر هو الضمانة الحقيقية للتهدئة في المنطقة.
وتابع: “من ضمن تحقيق الأهداف التي تسعى إليها الدولة الإيرانية من خلال عودة العلاقات، قطع العلاقات مع الجانب الإسرائيلي الذي يحاول لعب دور دق الإسفين بين دول الخليج والجانب المصري ضد الجانب الإيراني، فترى إيران أن توطيد العلاقات مع كلا الجانبين المصري ودول الخليج سيقطع ما تخفيه إسرائيل من عداء لها بتصويرها كفزاعة لمنطقة الخليج العربي، وأنها تعمل على زعزعة استقرار الأمن العربي”.
وأكد خبير الشؤون الإيرانية أن الجانب الإيراني منذ حسن روحاني مروراً بإبراهيم رئيسي، يريد وضع منظومة سياسية تقوم على مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول وإنهاء أزمات المنطقة بداخلها وعدم الاستجداء بالخارج.
وعلى صعيد آخر، قال الدكتور محمد خيري الباحث في الشؤون الإيرانية ومدير وحدة الفكر الإيراني في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، إن إيران ترغب في تطبيع العلاقات مع مصر بما يمكنها من الوصول إلى سياسة تصفير الأزمات مع دول المنطقة، خاصة بعدما نجحت في تحسين العلاقات مع السعودية ومن قبلها الإمارات، إذ تستهدف تقويض الوجود الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف خيري في تصريحات خاصة لموقع “زاد إيران”، أن مصر أكدت لإيران في أكثر من مناسبة، ضرورة التحلي بمبادئ حسن الجوار، إلا أن وكلاء إيران في الإقليم- خاصةً ممارسات الحوثيين في البحر الأحمر واستهداف السفن المارة هناك بما يؤثر على حركة الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس- أثبتوا أن إيران لا تزال متمسكة بسياسة حافة الهاوية التي ترغب من خلالها في بسط نفوذها بالمنطقة.
وأشار إلى أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة فتحت المجال أمام القاهرة وطهران للتنسيق والتواصل بشأن تنسيق المواقف بشأن القضية الفلسطينية، لافتاً إلى أن سياسة حسن الجوار تتطلب أن تتعامل إيران كدولة طبيعية في الإقليم وألا تحاول الهيمنة أو زعزعة أمن واستقرار المنطقة على حساب تحسين العلاقات بين دول المنطقة من خلال عناصر الحرس الثوري أو استناداً إلى فكرة التقنية.