لمياء شرف
تعيش إيران في هذه الفترة ما يمكن وصفه بـ”الخريف السياسي” على الساحة العالمية؛ حيث تواجه تحديات غير مسبوقة تهدد مكانتها الإقليمية والدولية.
فبعد سنوات من توسع نفوذها في المنطقة، تبدو طهران الآن في موقف صعب، وهي تحاول إعادة ترتيب أوراقها وسط خسائر فادحة، لها أثر عميق على نظامها السياسي والعسكري.
الخروج من سوريا، أبرز منطقة للنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، شكّل ضربة موجعة لطهران، حيث فقدت إحدى أهم الساحات التي استثمرت فيها مواردها وقدراتها العسكرية والدبلوماسية لعقود.
إلى جانب خسائرها في لبنان، حيث تعرض حليفها العسكري، حزب الله، لاستنزاف كبير خلال الحرب الأخيرة، مما أثر بشكل مباشر على وضع إيران الإقليمي.
تُسلّط الكاتبة كيم غطاس، في مقال لها في صحيفة فايننشال تايمز، الضوء على كيفية تأثير الأزمة السورية على العالم وعلى النظام الإيراني خاصة.
وتصف الكاتبة كيف أصبحت سوريا نقطة ضعف للنظام الإيراني، على الرغم من كونها حليفاً لإيران منذ عام 1979.
وبدورها دعمت إيران بشار الأسد خلال عام 2011، عندما قامت الثورة السورية للإطاحة به، وتبع ذلك مستوى غير مسبوق من القمع والعنف بمساعدة روسيا، وإيران، وحزب الله، مما أسفر عن مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين من الشعب السوري.
وصرح قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، اليوم الثلاثاء 10 ديسمبر/كانون الأول، أثناء جلسة أمام البرلمان الإيراني، بأن بلاده ليس لها أي وجود عسكري في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وأضاف حول التطورات الأخيرة في سوريا والاستراتيجيات العسكرية التي ستنتهجها طهران، أن مستشارين عسكريين وقوات إيرانية كانت موجودة في سوريا حتى سقوط نظام الأسد، موضحاً أنه في الوقت الحالي ليس هناك أي وجود عسكري إيراني في سوريا.
ونفى سلامي ما ورد من أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ضعفت وتقلصت قوتها بعد سقوط حليفها بشار الأسد في سوريا.
تعكس هذه التصريحات كمّ الخيبة التي لحقت بإيران، بعد أن انتهى وجودها في المنطقة العربية، بعد أن تمركزت لعقد كامل داخل سوريا.
ويعتبر دعم بشار، الذي شمل تدخل حزب الله في الحرب، أثقل كاهل طهران وكشف نقاط ضعفها، كما مكّن هذا التدخل إسرائيل من مراقبة حزب الله عن كثب وتوجيه ضربات موجعة له.
وفي سياق متصل، أرادت إسرائيل إضعاف القدرات العسكرية الإيرانية في سوريا ولبنان، بعدما كشفت الأقمار الصناعية صوراً أظهرت الجيش السوري يدرب نشطاء حزب الله على كيفية استخدام صواريخ سكود ــ الأسلحة الاستراتيجية القادرة على حمل حمولات تقليدية وكيميائية قادرة على تدمير أجزاء كبيرة من المدن الإسرائيلية ــ في قاعدة سورية، حسب نيويورك تايمز.
على مدار العام الماضي، وفي أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تكثفت عمليات القصف الإسرائيلي لمستودعات الأسلحة الإيرانية في الأراضي السورية، ثم على مدار الشهرين الماضيين تكثفت أكثر، حيث ضربت إسرائيل أهدافاً إيرانية في سوريا على نطاق واسع.
ودمرت إسرائيل في لبنان الكثير من القدرات العسكرية لحزب الله وقيادته، بما في ذلك قتل زعيمه حسن نصر الله.
2024 العام الأسوأ على إيران
خسرت إيران هذا العام الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية ألقت إيران باللوم فيه على الضباب الكثيف، إلا أن الحادث أثار تساؤلات حول كفاءة الحكومة، وشكَّلت وفاته فراغاً سياسياً كبيراً، حيث كان يُعتبر خليفة محتملاً للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وخلال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بازشكيان، قُتل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، في بيت ضيافة الحكومة في طهران بواسطة قنبلة يتم التحكم بها عن بُعد، مما أثار هذا الاغتيال شكوكاً جديدة حول قدرة إيران على حماية نفسها.
وقضت إسرائيل على معظم قيادات حزب الله، الذراع العسكرية لإيران في المنطقة، وعلى رأسهم الأمين العام للحزب حسن نصر الله، وفي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، اتفق حزب الله وإسرائيل على وقف إطلاق النار، مما عدته إسرائيل هزيمة فعلية له، واعتبرته إيران والحزب انتصاراً له.
وآخر أوراق الخريف سقوطاً، رحيل بشار الأسد، والذي يعتبر أكثر ضرراً لإيران من تدهور حماس وحزب الله، حيث إن سوريا ليست مجرد مجموعة مسلحة، بل دولة حليفة لطهران، والآن أصبحت سوريا بقيادة مجموعة سنية معادية لإيران.
وبعد أن أسقطت المقاومة السورية المسلحة “جبهة تحرير الشام” وفصائل أخرى نظام الأسد، سيقطع ذلك على إيران التواجد في سوريا للأبد، خاصة أن الشعب السوري لن ينسى أبداً الدور الذي لعبته طهران ووكلاؤها في مساعدة الأسد على قمع الانتفاضة السورية وتحويل الثورة إلى ما يقرب من 14 عاماً من الرعب الوطني.
لمياء شرف
تعيش إيران في هذه الفترة ما يمكن وصفه بـ”الخريف السياسي” على الساحة العالمية؛ حيث تواجه تحديات غير مسبوقة تهدد مكانتها الإقليمية والدولية.
فبعد سنوات من توسع نفوذها في المنطقة، تبدو طهران الآن في موقف صعب، وهي تحاول إعادة ترتيب أوراقها وسط خسائر فادحة، لها أثر عميق على نظامها السياسي والعسكري.
الخروج من سوريا، أبرز منطقة للنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، شكّل ضربة موجعة لطهران، حيث فقدت إحدى أهم الساحات التي استثمرت فيها مواردها وقدراتها العسكرية والدبلوماسية لعقود.
إلى جانب خسائرها في لبنان، حيث تعرض حليفها العسكري، حزب الله، لاستنزاف كبير خلال الحرب الأخيرة، مما أثر بشكل مباشر على وضع إيران الإقليمي.
تُسلّط الكاتبة كيم غطاس، في مقال لها في صحيفة فايننشال تايمز، الضوء على كيفية تأثير الأزمة السورية على العالم وعلى النظام الإيراني خاصة.
وتصف الكاتبة كيف أصبحت سوريا نقطة ضعف للنظام الإيراني، على الرغم من كونها حليفاً لإيران منذ عام 1979.
وبدورها دعمت إيران بشار الأسد خلال عام 2011، عندما قامت الثورة السورية للإطاحة به، وتبع ذلك مستوى غير مسبوق من القمع والعنف بمساعدة روسيا، وإيران، وحزب الله، مما أسفر عن مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين من الشعب السوري.
وصرح قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، اليوم الثلاثاء 10 ديسمبر/كانون الأول، أثناء جلسة أمام البرلمان الإيراني، بأن بلاده ليس لها أي وجود عسكري في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وأضاف حول التطورات الأخيرة في سوريا والاستراتيجيات العسكرية التي ستنتهجها طهران، أن مستشارين عسكريين وقوات إيرانية كانت موجودة في سوريا حتى سقوط نظام الأسد، موضحاً أنه في الوقت الحالي ليس هناك أي وجود عسكري إيراني في سوريا.
ونفى سلامي ما ورد من أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ضعفت وتقلصت قوتها بعد سقوط حليفها بشار الأسد في سوريا.
تعكس هذه التصريحات كمّ الخيبة التي لحقت بإيران، بعد أن انتهى وجودها في المنطقة العربية، بعد أن تمركزت لعقد كامل داخل سوريا.
ويعتبر دعم بشار، الذي شمل تدخل حزب الله في الحرب، أثقل كاهل طهران وكشف نقاط ضعفها، كما مكّن هذا التدخل إسرائيل من مراقبة حزب الله عن كثب وتوجيه ضربات موجعة له.
وفي سياق متصل، أرادت إسرائيل إضعاف القدرات العسكرية الإيرانية في سوريا ولبنان، بعدما كشفت الأقمار الصناعية صوراً أظهرت الجيش السوري يدرب نشطاء حزب الله على كيفية استخدام صواريخ سكود ــ الأسلحة الاستراتيجية القادرة على حمل حمولات تقليدية وكيميائية قادرة على تدمير أجزاء كبيرة من المدن الإسرائيلية ــ في قاعدة سورية، حسب نيويورك تايمز.
على مدار العام الماضي، وفي أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تكثفت عمليات القصف الإسرائيلي لمستودعات الأسلحة الإيرانية في الأراضي السورية، ثم على مدار الشهرين الماضيين تكثفت أكثر، حيث ضربت إسرائيل أهدافاً إيرانية في سوريا على نطاق واسع.
ودمرت إسرائيل في لبنان الكثير من القدرات العسكرية لحزب الله وقيادته، بما في ذلك قتل زعيمه حسن نصر الله.
2024 العام الأسوأ على إيران
خسرت إيران هذا العام الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية ألقت إيران باللوم فيه على الضباب الكثيف، إلا أن الحادث أثار تساؤلات حول كفاءة الحكومة، وشكَّلت وفاته فراغاً سياسياً كبيراً، حيث كان يُعتبر خليفة محتملاً للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وخلال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بازشكيان، قُتل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، في بيت ضيافة الحكومة في طهران بواسطة قنبلة يتم التحكم بها عن بُعد، مما أثار هذا الاغتيال شكوكاً جديدة حول قدرة إيران على حماية نفسها.
وقضت إسرائيل على معظم قيادات حزب الله، الذراع العسكرية لإيران في المنطقة، وعلى رأسهم الأمين العام للحزب حسن نصر الله، وفي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، اتفق حزب الله وإسرائيل على وقف إطلاق النار، مما عدته إسرائيل هزيمة فعلية له، واعتبرته إيران والحزب انتصاراً له.
وآخر أوراق الخريف سقوطاً، رحيل بشار الأسد، والذي يعتبر أكثر ضرراً لإيران من تدهور حماس وحزب الله، حيث إن سوريا ليست مجرد مجموعة مسلحة، بل دولة حليفة لطهران، والآن أصبحت سوريا بقيادة مجموعة سنية معادية لإيران.
وبعد أن أسقطت المقاومة السورية المسلحة “جبهة تحرير الشام” وفصائل أخرى نظام الأسد، سيقطع ذلك على إيران التواجد في سوريا للأبد، خاصة أن الشعب السوري لن ينسى أبداً الدور الذي لعبته طهران ووكلاؤها في مساعدة الأسد على قمع الانتفاضة السورية وتحويل الثورة إلى ما يقرب من 14 عاماً من الرعب الوطني.