ترجمة: يارا حلمي
أجرت صحيفة “هم ميهن” الإيرانية الإصلاحية حوارا مع سيدأمير خرم، المحلل السياسي وعضو المجلس المركزي السابق لـ”حركة نهضة الحرية الإيرانية” وهي منظمة سياسية إيرانية معارضة تأسست عام 1961م، تجمع بين الإسلام والديمقراطية، يوم الثلاثاء الموافق 11 مارس/آذار 2025. ناقش الحوار العراقيل والعقبات التي تواجه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، والتي قد تؤدي إلى إسقاطه أو إجباره على الاستقالة من منصبه.
وأوضح سيدأمير خرم، في حديثه مع مراسل “هم ميهن”، أن هجوم “المتشددين” على الحكومة الرابعة عشرة لن يتوقف بإقصاء عبدالناصر همتي (وزير الاقتصاد) ومحمدجواد ظريف (وزير الخارجية الإيراني)، بل سيستمرون في هجومهم حتى يُجبروا بزشكيان على الاستقالة، ليتمكنوا من تنصيب خيارهم المفضل في السلطة.
نص الحوار:
ما تحليلكم لإقصاء محمدجواد ظريف وعبدالناصر همتي؟ وإلى أي مدى سيستمر التيار الذي قام بإقصائهما في التقدم؟ يُقال إن هذا التيار سيتجه قريبًا نحو مسعود بزشكيان أيضا وسيهاجمه.
هناك فئة تعارض لأسباب مفهومة، وفئات أخرى تعارض بدوافع مصلحية. الأسباب المفهومة تستند إلى المنطق والاستدلال، بينما العلة تستند إلى المصالح. التيار الذي خسر في الانتخابات الأخيرة لا يملك سببا لمعارضة هذه الحكومة، بل يملك علة، وعِلته هي أن مصالحه أصبحت مهددة.
النقطة التي أريد الإشارة إليها هي أن إقصاء ظريف وهمتي قد أوضح لبزشكيان أن الأمر يستحق إعادة النظر في تعريفه للتوافق وطريقة تعامله مع التيارات السياسية. لكن المشكلة تتجاوز بكثير مجرد إقصاء هذين الشخصين، إذ نواجه في الداخل تيارا لا يكترث بأي شيء سوى مصالحه الخاصة.
باختصار، التيار الذي يعارض بدافع العِلة لا يطلب استدلالا، بل يطلب امتيازات، وهذه الامتيازات لا حدود لها. يجب على بزشكيان أن يُظهر للتيارات السياسية الداخلية وللشعب الذي صوّت له أين سيقف، وألا يتراجع أكثر من ذلك. يجب أن يُثبت تمسكه بالمبادئ التي أعلنها وألا يساوم عليها.
الهجوم على بزشكيان قد يكون الخطوة الأخيرة. إقصاء همتي وظريف بفارق يوم واحد يحمل دلالة واضحة. بزشكيان كان يركز جهوده على أمرين: أولا، تحسين الوضع الاقتصادي، وثانيا، فتح المجال للمفاوضات والحوار مع العالم الخارجي وتحسين الدبلوماسية. كان همتي يقود الجزء الأول، فيما أظهر ظريف، من خلال حضوره في محافل مثل دافوس، أنه يقود الجزء الثاني إلى جانب وزارة الخارجية، حتى يتمكن بزشكيان، عبر تحسين العلاقات الخارجية، من تحقيق تحسن في الوضع الاقتصادي أيضا.
إقصاء هذين الشخصين بفارق 24 ساعة يُظهر أن التيار المقابل لا يرغب في نجاح بزشكيان فيما بدأه. في رأيي، ستستمر العرقلة، سواء من جانب البرلمان، أو المجالس العليا، أو منبر صلاة الجمعة، أو أي مركز آخر يستطيعون استخدامه، ويهدفون إلى استمرار هذه العرقلة حتى يتخلى بزشكيان عن هذا المسار، وينزع عن نفسه هذه المسؤولية، ويتنحى. ومن جهة أخرى، يسعون إلى إحباط الشعب من إمكانية تحقيق الإصلاح داخل النظام.
هل تقصدون أن هذه التحركات ستستمر إلى أن تؤدي في النهاية إلى استقالة بزشكيان؟
إذا قبلنا بالافتراض أن معارضتهم لبزشكيان تستند إلى المصلحة، فإن التوقف في منتصف الطريق سيكون بلا منطق أو سبب. من الطبيعي أن يكملوا ما بدأوه حتى النهاية. ونهاية هذا المسار تعني أن يسقط بزشكيان، ويستقيل، ثم تُجرى انتخابات مبكرة ليتمكن مرشح ذلك التيار من الوصول إلى السلطة عبر انتخابات بمشاركة شعبية محدودة.
وأعتقد أنهم يسعون إلى المضي قدمًا في هذا المسار حتى نهايته، ما لم تواجههم قوى رادعة تمنعهم من التقدم أكثر.
هذا الأسبوع، أعرب المرشد الأعلى للثورة في لقائه مع مسؤولي النظام عن دعمه لمسعود بزشكيان. برأيكم، هل يمكن لهذا الدعم من قبل القائد أن يؤثر في السيطرة على الموقف؟
باعتقادي، يجب توضيح ذلك بالأرقام والبيانات. فالدولة تمر بأكثر الأوضاع أزمة منذ انتصار الثورة. لم نواجه في أي فترة بعد الثورة أزمات كالتي نواجهها اليوم. نحن نواجه اليوم أزمات داخلية مثل اختلال التوازن في قطاع الطاقة، الوضع البيئي المتدهور، الأزمة الاقتصادية الحادة، بالإضافة إلى الضغوط الدولية الشديدة. ومن ناحية أخرى، هناك أيضًا انعدام ثقة الشعب وتراجع الدعم الشعبي.
هذه العوامل الثلاثة وصلت إلى أشد حالاتها في السنوات التي تلت الثورة. في بعض الأحيان، يكون الحديث عن مشكلة معينة، لكن الآن الأمر ليس مجرد مشكلة أو معضلة؛ نحن نتحدث عن الوجود من عدمه. في العقود الماضية، لم تكن مشاكلنا بهذا العمق، ولم يكن هناك نقاش حول بقاء النظام من عدمه. لكن اليوم، وصلنا إلى مرحلة أصبحت فيها أزماتنا مختبئة خلف مسألة وجود النظام نفسه.
إلى أي مدى يمكن اعتبار مسعود بزشكيان نفسه مسؤولا عن خلق هذا الوضع السياسي؟
في نزاهة بزشكيان، ليس لدي أدنى شك، ولا أشعر بأي ندم على أنني كنت من الداعمين له خلال الانتخابات، وما زلت أعتقد أنني قمت بالتصرف الصحيح. وأعتقد أن على بزشكيان أن يوضح هذه النقطة لكل من القيادة والجهات المنافسة له، وهي أن فشل هذه الحكومة ليس فشلًا لبزشكيان، بل ليس حتى فشلًا للقوى السياسية الداعمة له.
فشل هذه الحكومة هو دليل على فشل النظام في عملية الإصلاح الذاتي. يؤسفني أن أقول إنه رغم كوني إصلاحيًا، إلا أنني بدأت أصل إلى قناعة بأن قوة التيارات الشمولية داخل النظام أصبحت كبيرة لدرجة أنها أغلقت الباب أمام أي إمكانية للإصلاح.
كيف ستكون النقاط الرئيسية لهجوم القوى الاستبدادية في المستقبل؟ هل من الممكن أن يتركز هذا الهجوم والضغوط على القضايا الاجتماعية مثل الحجاب وحجب الإنترنت؟
هذا يعتمد على تحركات الوحدات المختلفة داخل الحكومة. على سبيل المثال، في وزارة الداخلية لن يضعوا الكثير من العقبات أمام بزشكيان، لأن هناك قوات منافسة له متواجدة بالفعل.
سيكون محور الضغط على بزشكيان في المجالات التي يسعى من خلالها إلى تحسين الأوضاع، وهذه المؤسسات تنقسم إلى جزأين: المحور الأول هو الاقتصاد، والمحور الثاني هو الدبلوماسية. لأن بزشكيان يعلم أنه بدون انفراج في الدبلوماسية، لن يكون هناك انفراج في الوضع الاقتصادي. لذلك، سيركزون ضغوطهم على هذه المحاور لمنع أي تقدم.
وليس مستبعدا على الإطلاق أن يقوموا بمثل هذا الأمر. فهم لا يهدفون فقط إلى تقليص قدرة بزشكيان على التفاوض في المستويات العليا، بل يسعون أيضًا إلى زيادة الضغوط على الحكومة من الأسفل، أي تقليل القاعدة الاجتماعية الداعمة لبزشكيان حتى تضعف الحكومة أكثر فأكثر.
يمكن بسهولة توجيه حكومة ضعيفة أو إزاحتها. لا أستبعد أن يمارسوا نفس هذه الضغوط في قضايا مثل الحجاب أو حجب المواقع الإلكترونية وقضايا مشابهة، باتباع مسارين متوازيين: تقليل كفاءة الحكومة في حل الأزمات، وتقليص الدعم الشعبي لبزشكيان.
ويجب الانتباه إلى أن من سمات التيار السياسي المنافس لبزشكيان أنه يتبع نهجا ميكافيليا، أي أنه لا يلتزم بالأخلاقيات في السياسة على الإطلاق، ويفعل أي شيء للوصول إلى هدفه.