ترجمة: أسماء رشوان
أجرت وكالة “خبر أونلاين” الايرانية المحسوبة على مكتب علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى للثورة الايرانية علي خامنئي، حوارا يوم الأحد 9 فبراير/شباط 2025، مع محمد حسين معماريان، الخبير الاقتصادي، جاء فيه:
ما أبرز التغييرات التي طرأت على ميزانية 2025 من مشروع القانون إلى صيغته النهائية؟
تميز مشروع قانون ميزانية 2025 الذي قدمته الحكومة في موعده بميزة أساسية، وهي أنه، خلافا للسنوات السابقة، لم تُدرج جميع الأرقام تحت سقف الميزانية، بل وُزعت على بنود مختلفة. فعلى سبيل المثال، تم استبعاد إجمالي الدعم، الذي كان يمثل أحيانا ما يصل إلى 30% من سقف الميزانية، من نطاق الميزانية العامة.
وقد أدت هذه التعديلات إلى تعقيد الحسابات المالية، مما جعل الميزانية تبدو أقل وضوحا وشفافية. وقد انتقد الخبراء هذه الإجراءات، معتبرين أنها تزيد من صعوبة التخطيط المالي السنوي.
ما القطاعات الأخرى التي لم تُدرج تحت سقف الميزانية، إلى جانب الدعم الحكومي؟
على سبيل المثال، لم يُدرج بيع النفط ضمن سقف الميزانية، وفقا لقوانين الخطة التنموية السادسة والسابعة. كما تم استبعاد تسديد ديون منظمة الضمان الاجتماعي، إلى جانب عدة بنود أخرى.
هل أضر البرلمان بتكامل الميزانية؟
للأسف، ألغى البرلمان بعض البنود، مثل إجمالي الدعم، وكأنه استخدم زر التراجع ليعيد التعديلات إلى وضعها السابق. لم يؤدِ هذا القرار إلى تقليل تكامل الميزانية فحسب، بل أضاف أيضا 5 تريليونات ريال إلى سقف الميزانية، وهو مبلغ لا يستهان به.
في الواقع، أدت تعديلات البرلمان إلى زيادة الميزانية الإجمالية بنحو 10%، ليصل إجماليها النهائي إلى 49 تريليون ريال، مقارنة بالمشروع الأصلي الذي قدمته الحكومة.
إضافة إلى ما ذكرته، ما التغييرات الأخرى التي طرأت على الميزانية؟
إلى جانب ما ذكرته كانت الحكومة تعتزم سد عجز الميزانية عبر زيادة الإيرادات الضريبية من أرباح الشركات، بما في ذلك المؤسسات المالية مثل البنوك، لكن البرلمان ألغى هذا البند. كذلك، كان النواب يرغبون في زيادة المخصصات من العملة التفضيلية لاستيراد السيارات، لكن هذا الاقتراح لم يتم تضمينه في النهاية.
كما حاولت أيضا الحكومة إصلاح العلاقة المالية بينها وبين منظمة الضمان الاجتماعي وصندوق التقاعد الوطني، عبر نقل جميع أصول صندوق التقاعد إلى الضمان الاجتماعي مقابل ديون الحكومة للصندوق. في المقابل، كانت الحكومة تنوي مواصلة دفع مستحقات المتقاعدين. ومع ذلك، اعتبر البرلمان أن هذا الإجراء صعب التنفيذ خلال عام واحد وألغاه من الميزانية.
أما عن مسألة البيتومين أصبحت منذ سنوات، موضوعا مثيرا للجدل بين الحكومة والبرلمان. تقدم الحكومة سنويا بيتومين مجانيا لجهات مثل وزارة التعليم ووزارة الطرق، لكن البعض يعتبر هذا الإجراء سببا للفساد. في المقابل، إلغاء هذه السياسة يتطلب دعما ماليا مباشرا. ولأن الحكومة لم تخصص جزءا كبيرا من هذه المصروفات في العام الماضي، رفض النواب هذا الإجراء وألغوه من ميزانية العام المقبل.
كم كانت ميزانية هذا البند الذي تم حذفه؟
250 تريليون تومان.
هل فرض البرلمان تكاليف جديدة على الحكومة بسبب زيادة سعر صرف العملة التفضيلية؟
نعم، كانت الحكومة تخطط لتعديل سعر صرف العملة التفضيلية 285000 ريال بناءً على التضخم، لكن البرلمان رفض هذا المقترح وأزال حتى عبارة “زيادة تدريجية”. بدلا من ذلك، ألزم البرلمان الحكومة بتخصيص أي إيرادات إضافية من ارتفاع سعر الصرف المدعوم (الذي يتم تحقيقه من بيع النفط فكلما ارتفع سعر الصرف، زاد الدخل الذي ستولده الحكومة) لصالح السياسات الداعمة للفئات الضعيفة.
كما أنه من المتوقع أن تصل هذه التكاليف إلى نحو 1000 تريليون ريال، والتي لم يتم تضمينها في الجزء الثاني من مشروع الميزانية الحكومي. ومن المتوقع أنه أثناء مناقشة الجزء الثاني من المشروع قد يؤدي الأمر إلى تصاعد التوترات بين الحكومة والبرلمان.
كم بلغت نسبة زيادة عجز الميزانية؟
مع التغييرات التي طرأت على الميزانية، أصبح حساب هذه النسبة أكثر تعقيدا، وبسبب النقاشات الحزبية، تحولت إلى مؤشر سياسي أيضا. في تحليلي النهائي، أعتقد أن البرلمان قد زاد من هذه النسبة.
هل تقصد أن العجز المُقدر بـ18 تريليون ريال قد ارتفع؟
إحدى الصعوبات في مناقشة عجز الموازنة هي التعريفات العديدة التي نشأت على مرّ السنين. دعونا نستند إلى تعريفي الخاص؛ فالعجز البالغ 18 تريليون ريال هو عجز في الرصيد التشغيلي، لكن في الواقع يتم تمويل جزء كبير من هذا العجز من خلال بيع النفط والاقتراض أو حتى عدم تخصيص الموارد، مما يساعد في تغطيته أو تقليله.
أما عن ذلك الجزء من العجز الذي يؤدي إلى التضخم هو الجزء الذي يتم تمويله من خلال الطباعة النقدية. أي عندما تعوض الحكومة نقص مواردها عبر الاستعانة بالتمويل المصرفي أو إجراءات تؤدي إلى زيادة القاعدة النقدية. يُعرف هذا النوع من العجز بالعجز المزمن في الموازنة، وهو من النوع الذي لا يمكن تفادي تخصيص موارده.
في الميزانية المقترحة من الحكومة، ما مقدار هذا العجز المزمن؟
هذا العجز لم يكن كبيرا للغاية، وتحليلي هو أن ما يصل إلى 10% من موارد الحكومة يقع موضع شك.
تفاقمت أزمة العجز في الميزانية بعد إعادة فرض العقوبات الأمريكية. في هذه السنوات، ما كانت نسبة العجز من إجمالي موارد الحكومة؟
في السنوات الماضية، وصلت هذه النسبة إلى 20%، بل حتى أكثر من ذلك. لهذا السبب أعتقد أن العجز الحالي في مشروع قانون 2025 ليس كبيرا للغاية.
بناء على ما ذكرتم، فإن مشروع القانون يضيف 10% وتعديلات البرلمان تضيف 10% أخرى إلى نسبة العجز من إجمالي الموارد. هل يمكننا القول بأن عجز ميزانية قانون 2025 سيكون أقل بقليل من 10 تريليون؟
نعم، بالضبط.
هل يمكن اعتبار هذا أكبر عجز في الميزانية في تاريخ إيران؟
دعنا نوضح أن هذا الأمر ناتج عن التضخم وارتفاع التكاليف، وطالما أن التضخم بنسبة 30% أو 40% أو حتى 50% موجود في البلاد، يمكن أن يتكرر هذا السيناريو كل عام.
ما مدى إمكانية تحقيق رؤية الحكومة بشأن التضخم في عام 2025؟
الحكومة وضعت هدفها عند تضخم بنسبة 30%، والذي أعتقد أنه من غير المرجح أن يتحقق، على افتراض أن الظروف الحالية تظل مستقرة. أعتقد أنه إذا لم يحدث شيء خاص، فإن التضخم قد يصل إلى 35% بحلول نهاية 2025. لأن العجز الحالي سيجعل منظمة التخطيط تواجه نقصا في تخصيص جزء من نفقات الحكومة، وسيكون العجز الفعلي للعام المقبل نحو 5 تريليونات ريال. هذا الأمر، رغم أنه قد يسبب مشكلات في قطاعات حكومية مختلفة، فإنه سيقلل من العجز في الميزانية.
وفي ما يتعلق بالتضخم، من المهم أن نفهم أنه مرتبط بعوامل مختلفة. خلال الأشهر الأخيرة، رأينا أحيانا أن التضخم يتأثر بالسياسة الخارجية والتوترات الدولية. لذا، إذا حدث أمر يؤدي إلى تقليل العقوبات أو رفعها، فإن مؤشر التضخم سيتغير بالتأكيد.
في الختام ما خلاصة تقييمك لميزانية 2025؟
باختصار، فقدت الميزانية جزءا من تكاملها. بينما حاول البرلمان دعم الفئات الضعيفة عبر إضافة سياسات جديدة، وهو إجراء مناسب في ظل انتشار الفقر في البلاد، لكن نقطة ضعفه تتمثل في ارتفاع سقف الميزانية والعجز.