كتبت: شيماء جلهوم
الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1979، تاريخ لا ينساه الإيرانيون، ولا تنساه أمريكا، فهي الضربة الأولى لها في الشرق الأوسط، الضربة التي استهدفت موظفي سفارتها في العاصمة طهران، فتم احتجاز 52 أمريكيا لمدة 444 يوما، من الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1979 وحتى 20 يناير/كانون الثاني 1981.
أزمة الرهائن الأمريكيين، هي الأزمة الأكبر في تاريخ العلاقات الإيرانية الأمريكية، في العاشرة من صباح الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1979، اقتحم مجموعة من الطلاب السفارة الأمريكية، وقاموا بكسر الأبواب، ونزع الأقفال الخارجية، ثم استولوا على السفارة في 3 ساعات، وفي الوقت الذي سارع فيه موظفو السفارة إلى حرق وثائق السفارة، نجح الثوار الإيرانيون في الوصول إليهم ومصادرة الوثائق، واستطاع خمسمائة من الثوار في أسر 52 موظفا أمريكيا واتخاذهم رهائن، ومصادرة كافة نسخ وثائق السفارة الأمريكية، ليحددوا مطالبهم بعد ذلك في تسليم الشاه محمد رضا بهلوي، الذي كان قد هرب إلى الولايات المتحدة في أعقاب ثورة الخميني، وشملت المطالب أيضا طلب الاعتذار الأمريكي عن التدخل في الشؤون الإيرانية، والانقلاب على حكومة محمد مصدق، رئيس الوزراء الإيراني الأسبق وصاحب قرار تأميم البترول الإيراني، وشملت المطالب رفع الحظر عن الأرصدة الإيرانية في الولايات المتحدة.
ابتزاز إيراني
لم تقبل الولايات المتحدة “الابتزاز الإيراني” كما قال الرئيس الأمريكي، جيمي كارتر، في ذلك الوقت، واتهمت إيران بمخالفة المواثيق الدولية التي نصت عليها اتفاقية فيينا التي منحت الدبلوماسيين حصانة من الاعتقال، وجعلت المجمعات الدبلوماسية أماكن غير قابلة للانتهاك.
لم تخضع أمريكا للشروط الإيرانية للإفراج عن رهائن السفارة، ولم تسلم بهلوي إلى الثورة الإسلامية، ورغم ذلك لم يستمر طويلا في الولايات المتحدة، وغادرها في ديسمبر/كانون الأول 1979، بعد شهر واحد من أزمة الرهائن، لا يعلم إلى أين، حتى فتح الرئيس المصري، محمد أنور السادات، المجال الجوي المصري أمام طائرته، لتستقر على أرض مطار القاهرة ويستقبله مع الإمبراطورة فرح ديبا، في قصر رئاسي بالقاهرة، مانحا إياه حق اللجوء السياسي، ليستكمل علاجه بمصر، حتى وفاته في 27 يوليو/تموز 1980، عن عمر يناهز الستين عاما، بعد معاناة مع السرطان، ليتحول السادات إلى عدو تاريخي للجمهورية الإيرانية.
الهروب الكبير ومخلب النسر
في السابع والعشرين من يناير/كانون الثاني 1980، تمكن ستة من الدبلوماسيين الأمريكيين المختبئين في السفارة الكندية بطهران، من الإفلات من قبضة النظام الإيراني، وفي قصة سينمائية أخرجها وقام ببطولتها الممثل الأمريكي بن أفليك في فيلمه “Argo”، الذي أنتجه النجم العالمي جورج كلوني عام 2012.
بعد محاولات عديدة للوساطة التي باءت جميعها بالفشل، لم يجد جيمي كارتر، الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت، بدا من التدخل العسكري لإنقاذ الرعايا الأمريكان، فأعطى الضوء الأخضر لتنفيذ العملية العسكرية “مخلب النسر” باستخدام السفن الحربية الأمريكية في المياه القريبة من إيران، وهي العملية التي منيت بالهزيمة العسكرية الأولى للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بمقتل ثماني جنود من القوات الأمريكية، ومدني إيراني واحد، على أثر ذلك الفشل استقال وزير الخارجية الأمريكي سايروس فانس، من منصبه، ليتحمل كارتر مسؤوليته وحيدا حتى النهاية.
وساطة جزائرية لعودة الرهائن.. ريغان يطيح بكارتر
في سبتمبر/أيلول 1980، اقتحمت القوات العراقية إيران، لتبدأ الثورة الإيرانية حربا أخرى على جبهة جديدة، مما دفعها إلى بحث سبيل للحل مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبوساطة جزائرية نجحت المفاوضات لتسليم الرهائن الأمريكان إلى الولايات المتحدة، وتم استقبالهم في مطار نيويورك على متن طائرة جزائرية، بعد يوم واحد من توقيع اتفاقية الجزائر، و
بعد دقائق من أداء دونالد ريغان اليمين الدستورية رئيسا جديدا للولايات المتحدة الأمريكية في 20 يناير/كانون الثاني 1981، بعد خوضه معركة انتخابية أمام جيمي كارتر، كانت نتيجتها شبه محسومة لصالح ريغان بعد فشل كارتر في إدارة أزمة الرهائن والتسبب في أكبر خسارة سياسية للولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.