لمياء شرف
قدمت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مشروع قرار يتهم إيران بعدم تعاونها في المشروع النووي.
وسوف يتم التصويت الخميس 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، على المشروع المقدم، الثلاثاء 19 نوفمبر/تشرين الثاني، من الدول الأوروبية الثلاث، خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالعاصمة النمساوية فيينا، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر دبلوماسية.
ويسلط التقرير الضوء على الأنشطة النووية الإيرانية، بما في ذلك تفاصيل تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشأن آثار اليورانيوم التي عثر عليها في مواقع غير معلنة.
وتأتي هذه الخطوات التصعيدية بعد أيام من زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، إلى طهران، والتي زار خلالها أهم منشأتين نوويتين “نطنز” و”فوردو”.
ويهدف هذا القرار إلى دفع إيران للعودة إلى المفاوضات بشأن قيود جديدة على أنشطتها النووية، والعودة لوضعها قبل اتفاقية 2015، ونقل ملف إيران النووي من مجلس الطاقة الذرية إلى مجلس الأمن.
وفي عام 2015، توصلت القوى العالمية إلى اتفاق مع إيران لضمان عدم تطويرها أسلحة نووية. بموجب الاتفاق، وافقت إيران على تقليص تخصيب اليورانيوم إلى مستويات ضرورية للطاقة النووية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية. تم تكليف المفتشين الدوليين بمراقبة البرنامج.
ولكن بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في عهد الرئيس دونالد ترامب عام 2018، بدأت إيران تدريجيا في التخلي عن القيود التي فرضها الاتفاق، ووصلت إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، للصحفيين في واشنطن، الثلاثاء 19 نوفمبر/تشرين الثاني: “نحن على تنسيق وثيق مع شركائنا في مجموعة E3 “فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة” قبل اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وندعم بشدة الجهود المبذولة لمحاسبة إيران.”
وأضاف قائلا: “يواصل النظام الإيراني تجميع مخزون متزايد من اليورانيوم عالي التخصيب، الذي لا يوجد له غرض مدني معقول، كما أنه لا يزال غير متعاون بالكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.
وصرَّح دبلوماسي كبير، طلب عدم الكشف عن هويته؛ نظرا لحساسية القضية، بأنه من الممكن أن الالتزامات التي قدمتها إيران خلال زيارة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد لا تصمد في حال تمرير قرار ضدها.
وأفادت وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير سري حصلت عليه وكالة أسوشيتد برس، الثلاثاء 19 نوفمبر/تشرين الثاني، بأن إيران تحدت المطالب الدولية للحد من برنامجها النووي، وزادت مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى مستويات قريبة من الدرجة المستخدمة في تصنيع الأسلحة.
وذكر التقرير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنه حتى تاريخ 26 أكتوبر/تشرين الأول، فإن إيران لديها 182.3 كيلوغرام (401.9 رطل) من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60%، وهو ما يمثل زيادة قدرها 17.6 كيلوغرام (38.8 رطل) منذ التقرير الأخير في أغسطس/آب الماضي.
ويُعتبر تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% خطوة تقنية قصيرة نحو مستوى التخصيب اللازم للأسلحة النووية بنسبة 90%.
كما قدّرت الوكالة في تقريرها الفصلي أن إجمالي مخزون إيران من اليورانيوم المخصب حتى 26 أكتوبر/تشرين الأول يبلغ 6,604.4 كيلوغرام (14,560 رطل)، بزيادة قدرها 852.6 كيلوغرام (1,879.6 رطل) منذ أغسطس/آب الماضي.
ووفقا لتعريف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن حوالي 42 كيلوغراما (92.5 رطل) من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% يمكن أن يكون كافيا نظريا لصنع سلاح نووي واحد، إذا تم تخصيبه إلى 90%.
اقترحت إيران على الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقف زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% في محاولة لتجنب إصدار قرار ضدها خلال اجتماع مجلس المحافظين.
وقالت الوكالة في تقرير لها، حسب فرانس 24، إن إيران اقترحت وقف زيادة المخزون، بشرط تخلي القوى الغربية عن مساعي إصدار قرار ضدها، مشيرة أن إيران بالفعل بدأت في تحضيرات للالتزام بمقترحها.
وأكدت التقارير أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% بلغ 182.3 كيلوغرام حتى 26 تشرين الأول/أكتوبر، وهو ما يكفي لصنع أربعة أسلحة نووية، وفقا لمعايير الوكالة.
رفض غربي لمبادرة إيران
رفضت القوى الغربية مساعي إيران لوقف إصدار أي قرارات تضر بمصلحتها النووية من قِبل الوكالة، واستمروا في الضغط لإصدار القرار، بسبب عدم تعاون طهران مع الوكالة، معتبرة أن هذه المحاولات متأخرة للالتفاف على الانتقادات.
وأظهرت التقارير أن مخزون إيران الحالي يكفي لصنع أربع قنابل نووية، فيما يتوقع اعتماد مشروع قرار مدعوم غربيا قريبا للضغط على طهران لاستئناف المفاوضات.
واعتبر دبلوماسيون غربيون العرض الإيراني محاولة متأخرة لتجنب الانتقاد في الاجتماع، وأشار أحدهم إلى أن التخصيب إلى مستوى 60% غير مبرر مدنيا.
وأشار دبلوماسي آخر إلى أن العرض الإيراني حدد مخزونا يبلغ 185 كيلوغراما، وهو ما يتماشى مع الكمية المسجلة قبل يومين من تقديم العرض.
وذكر التقرير السري أنه في اليوم التالي لمغادرة غروسي إيران، في 16 نوفمبر/تشرين الثاني، تحقق مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن إيران بدأت تنفيذ إجراءات تحضيرية تهدف إلى وقف زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب حتى 60% U-235″ في منشآتها النووية تحت الأرض “فوردو” و”نطنز”.
التزام جديد وسط التوترات
وذكر التقرير السري أن إيران وافقت، خلال زيارة غروسي لطهران في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، على الرد على مخاوف الوكالة بشأن تعيين عدد من مفتشي الوكالة ذوي الخبرة من خلال النظر في قبول تعيين أربعة مفتشين إضافيين من ذوي الخبرة.
وكانت إيران قد منعت في سبتمبر/أيلول 2023 بعضا من أكثر المفتشين خبرة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما أثار مخاوف بشأن الشفافية والتعاون في برنامجها النووي.
وأكد دبلوماسيون أن هؤلاء المفتشين لن يكونوا من ضمن الخبراء الذين منعتهم إيران سابقا.
إيران تدافع وتحذر
تدافع إيران عن برنامجها النووي، وتؤكد أنه يهدف لأغراض سلمية فقط، وسبق أن حذر رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، الأسبوع الماضي، في مؤتمر صحفي مشترك مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي، في طهران، من أن إيران ستتخذ “تدابير فورية” ضد أي قرار يصدر عن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يتعارض مع برنامجها النووي. وقال إسلامي إن “أي قرار تدخلي في الشؤون النووية للجمهورية الإسلامية سيقابل بالتأكيد بتدابير مضادة فورية”.
وحذر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، نظيره الفرنسي، جان نويل، من اتخاذ أي قرارات ضد طهران. وقال عراقجي، حسب وكالة رويترز للأخبار: “إن الضغط من جانب فرنسا وألمانيا وبريطانيا لتقديم قرار ضد إيران سيؤدي إلى تعقيد الأمور، ويتناقض ذلك مع الأجواء الإيجابية التي نشأت بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية”.
وفي سياق متصل، حذر عراقجي، في اتصال هاتفي مع غروسي، من أنه إذا تجاهلت الأطراف الأخرى حسن نية إيران ونهجها التفاعلي، ووضعت إجراءات غير بناءة على جدول أعمال اجتماع مجلس المحافظين من خلال إصدار قرار ضد طهران، فإن إيران سترد بشكل “مناسب ومتناسب”.