ترجمة: يارا حلمي
تناولت وكالة أنباء”خبر أونلاين” الإيرانية الإصلاحية، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى، الأحد 16 مارس/آذار 2025، في تقرير جديد لها، رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي وجهها إلى إيران عن طريق الإمارات.
في حين أرسلت الإمارات مندوبا عنها، وهو أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، إلى إيران لنقل رسالة ترامب إلى المرشد الأعلى، علي خامنئي.
فمن هو أنور محمد قرقاش؟
ذكرت الوكالة في تقريرها، أن قرقاش وُلد في 28 مارس/آذار 1959، بدبي، وينتمي إلى أقلية الهولة (مجموعة العرب السُّنة الذين هاجروا من سواحل الخليج الغربي إلي الساحل الجنوبي لإيران).
وهو من الطبقة المتوسطة في الإمارات، حيث نشأ في بيئة تجارية بفضل والده التاجر البارز، لكنه اختار طريق السياسة.
وتابعت الوكالة أن أنور قرقاش أكمل دراسته الجامعية في الولايات المتحدة، حيث حصل على البكالوريوس والماجستير في العلوم السياسية من جامعة جورج واشنطن (1981 و1984).
ثم انتقل إلى بريطانيا ونال درجة الدكتوراه من كلية كينغز في كامبريدج عام 1990، حيث ركزت أطروحته على العلاقات الدولية في الخليج، مما ساهم لاحقا في تشكيل توجهاته في السياسة الخارجية الإماراتية.
وذكرت الوكالة أن البحث في أرشيف أخبار صحيفة “الغارديان” البريطانية يُظهر أن قرقاش منذ شبابه أظهر مزيجا من الذكاء التحليلي والشخصية العملية، فلم يكن مجرد طالب في واشنطن وكامبريدج، بل كان يصنع مستقبله.
وأضافت كذلك، أنه بعد عودته إلى الإمارات عام 1985، بدأ التدريس في جامعة الإمارات حتى 1995، حيث تفاعل مع طلاب أصبحوا لاحقا من نخب الدولة، ثم عمل رئيسا تنفيذيا في مركز الدراسات الاستراتيجية حتى 1999، مما ساعد في تشكيل رؤيته للأمن الإقليمي، كما قاد أعمال العائلة، مما عزز مهاراته في التفاوض والإدارة.
بداية دخوله إلى عالم السياسة
أفادت وكالة خبر أونلاین بأن بداية دخول أنور قرقاش الرسمي إلى السياسة كانت عام 2006 بعد تعيينه وزيرا للدولة “الإمارات” لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، ثم في فبراير/شباط 2008 أصبح وزيرا للدولة للشؤون الخارجية، وهو المنصب الذي شغله حتى 2021، مما جعله أحد أبرز الشخصيات الدبلوماسية في الإمارات.
وتابعت الوكالة أن البحث في أرشيف أخبار صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية يظهر أن صعوده لم يكن محض صدفة، بل جاء نتيجة لمزيج من التعليم، والخبرة، وعلاقته الوثيقة بالعائلة الحاكمة، حيث كان يُنظر إليه كنجم صاعد، ثم أصبح من الشخصيات الموثوقة لدى محمد بن زايد، رئيس الإمارات.
قرقاش مبعوث ترامب إلى إيران
قالت الوكالة إن قرقاش ودونالد ترامب التقيا رغم انتمائهما إلى عالَمين مختلفين، عند مفترق القضية النووية الإيرانية، حيث تعود علاقتهما إلى عام 2016، عندما تواصلت الإمارات، مثل غيرها من حلفاء أمريكا، مع فرق الحملات الانتخابية لكلا المرشحين.
وتابعت أنه بالبحث في أرشيف مجلة “أرابيان بيزنس” مجلة الأعمال الإماراتية، يظهر أن قرقاش كتب في تغريدة يقول فيها إن المسؤولين الإماراتيين أجروا محادثات مع مستشاري الحملتين لفهم سياساتهم الخارجية، في البداية، كان هذا استشرافا للمستقبل، لكن بعد فوز ترامب، تطورت العلاقة وأصبحت أعمق.
وأضافت الوكالة أنه تم اختيار أنور قرقاش لهذه المهمة (مبعوث ترامب إلى إيران) بسبب خبرته الدبلوماسية، وعلاقاته الوثيقة بواشنطن، وقدرته على التفاوض في الأزمات.
وتابعت كذلك أن قرقاش لعب دورا مهما في اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي عام 2020، المعروف باسم اتفاق “أبراهام” للتطبيع الإماراتي الإسرائيلي، وكانت علاقاته الشخصية مع المسؤولين الأمريكيين، مثل لقائه مع ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب للشرق الأوسط، في 11 مارس/آذار 2025 بأبوظبي، عاملا رئيسيا في اختياره.
ونقلت عن موقع “أكسيوس” الأمريكي، أن هذا اللقاء مهد لتسليم الرسالة، حيث تمتع قرقاش بصفات جعلته الخيار الأمثل، مثل هدوئه تحت الضغط ومهارات الوساطة والثقة التي حظي بها من الإمارات وأمريكا.
المهمة الحساسة
ذكرت وكالة خبر أ,نلاين أنه عندما التقى قرقاش مع عباس عراقجي (وزير الخارجية الإيرانية) في طهران، قال بحذر: “نحن هنا لنقل الرسالة وتسهيل المحادثات”.
وأضافت الوكالة أن هذا التصريح، وفقا لـ”تايمز أوف إسرائيل” يعكس نهجه البراغماتي، حيث كان ذلك في البداية، محاولة لخفض التوتر، ثم أضاف قرقاش: “المحادثات مستمرة ونسعى لإيجاد سبيل لاستقرار المنطقة”.
ردَّ عباس عراقجي قائلا: “نحن مستعدون دائما للحوار على أساس الندية، لكن ليس تحت الضغط!”.
وتابعت الوكالة أنه وفقا لشبكة الجزيرة الإخبارية، عُدَّ هذا التصريح بمثابة مأزق دبلوماسي، إلا أن قرقاش، بابتسامته المعهودة، اكتفى بالرد: “دورنا هو نقل الرسالة، والقرار بيد طهران”. وهو ردٌّ يُبرز مرة أخرى أسلوبه الدبلوماسي الحذر.
الشخصية وأسلوب الدبلوماسية
أفادت بأن أنور قرقاش ليس من النوع الذي يعتمد على الضجيج في دبلوماسيته، حيث وُصف في “غولف نيوز” (الصحيفة اليومية الإماراتية) بأنه يتعامل في الاجتماعات الخاصة، بابتسامة حذرة وكلمات محسوبة، هذا الأسلوب كان سمة بارزة في شخصيته، واستخدمه بفعالية في طهران.
وأضافت أنه يتمتع بقدرة خطابية قوية، لكن دون صخب، حيث تبدو كلماته كأنها تسير على جليد رقيق، وبينما يرى بعض منتقديه أنه متشدد، يصفه المقربون منه بأنه براغماتي يضع الاستقرار فوق كل اعتبار.
دور الإمارات في الوساطة
قالت الوكالة إن زيارة قرقاش كانت بمثابة لحظة تحوّل للإمارات، من قوة إقليمية إلى لاعب عالمي، نظرا إلى علاقاتها الوثيقة بواشنطن، وتاريخها التجاري الطويل مع إيران، واتفاقها مع إسرائيل، أصبحت الإمارات وسيطا محتملا بين طهران وواشنطن.
وأضافت أنه ووفقا لموقع “ميدل إيست مونيتور” البريطاني، فإن العلاقات التجارية بين دبي وإيران، التي تمتد لأكثر من قرن، عززت هذا الدور.
واختتمت الوكالة هذا التقرير، بقولها إن المراقبين السياسيين يقولون إن هذه الوساطة تنطوي على مخاطر، إذا رفضت إيران، فقد تُتهم الإمارات بالتحيز إلى التهديدات، وإذا نجحت، فقد تسهم في خفض التوترات، ويرى المحللون أن الإمارات تختبر بهذه الخطوة موقف إيران وتعزز مكانتها لدى واشنطن وحلفائها.