كتبت- أروى أحمد
أكد ممثل حركة المقاومة الإسلامية حماس في طهران خالد القدومي، أن مسألة الرد على جريمة اغتيال الشهيد إسماعيل هنية مسألة حتمية، لافتاً إلى أن نتنياهو يماطل حتى إجراء الانتخابات الأمريكية، وفي مقابلة مع وكالة تسنيم الدولية للأنباء أكد القدومي أن رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو متمركز حول شخصه والبقاء في السلطة وهذا يتطلب استمرار القتل والحرب وكسب الوقت حتى إجراء الانتخابات الأمريكية وبالتالي لا يوجد عليه ضغط.
ولفت القدومي إلى أن محور المقاومة لأول مرة في تاريخه يتبلور بشكل جدي وعملي خلال الطوفان، وقال إن العمليات الفردية التي تحدث في الضفة تؤذي العدو الصهيوني سياسياً وأمنياً وعسكرياً.
وأكد ممثل حماس أن ذلك هو من تداعيات اغتيال هنية والدم المبارك الذي هو جزء من 50 ألف شهيد قضوا أو ارتقوا إلى ربهم في هذه المعركة المباركة معركة الطوفان.
وأشار القدومي إلى أن الشعب الفلسطيني العظيم الذي ضحى على مدى 10 أشهر هو بكل أمانة لم يُسجل حتى كتبه التاريخ شعباً تحمَّل ما تحمله أهل غزة.
وشدد القدومي على أن هناك فرقاً فنية وتخصصية بدأت من اللحظة الأولى التحقيق في جريمة اغتيال الشهيد هنية. مضيفا، قد لا أكون مطلعًا على شيء تفصيلي لكن القراءة العامة ما بين الأطراف التي بلغونا بها والتي انتشرت في الإعلام، أن مسألة الرد مسألة حتمية.
وأشار إلى أن الاحتلال لم يستطع تحقيق أي من أهدافه في العدوان على غزة ولو حتى بشكل نسبي، وقال: كل يوم يخرج الناطق باسم جيش الإجرام الصهيوني ببروباجندا وكذبة وسيناريو سينمائي جديد.
وأضاف، نحن شعب لا يمكن أن ينكسر وكل من يراهن على كسر هذا الشعب سينكسر ويموت قبله. ونحن راسخون في الميدان ولن نسمح للكيان الصهيوني أن يكون آمناً ونحن غير آمنين.
وفي ما يلي نص المقابلة:
تسنيم: أهلاً بكم. نبدأ معكم ضيفنا الكريم من الساعات الأخيرة للشهيد التي كنت فيها بجانبه في زيارته الأخيرة إلى طهران. ماذا تخبرنا عن هذه الساعات؟ كيف يمكن وصف ما جرى تلك الليلة سيما أن الكثير من المشاهدين يريدون أن يعرفوا ماذا حدث بينكم وما هي الأحداث أو الأحاديث التي جرت في الساعات الأخيرة مع الشهيد؟
القدومي: الحقيقة مصاب جلل. الحاج أبو العبد رحمه الله شخصية لها في القلب مكانة وليس في قلب خالد أو حماس أو الفلسطينيين فقط وإنما هي شخصية تجاوزت حدود الوطن إلى الوطن الأكبر إلى العالم كله. اليوم عندنا قضاة حتى في محكمة لاهاي الدولية يقومون بالمشاركة في تأبين الحاج أبو العبد. ناشطون حقوقيون على مستوى العالم من جنسيات مختلفة من القارات الخمس يذكرون أبو العبد. رابطة العالم الإسلامي رصدت حوالي 700 مليون شخص صلى صلاة الغائب عليه، مما يجعله أكبر شخصية في التاريخ الإسلامي صلى عليه عدد بهذا الحجم. لذلك من الصعب جداً أن يتم نسيان تلك اللحظات أو المرور عن هذه الحادثة هكذا. صحيح أن الشهيد كان دائماً يتمنى هذه النهاية، صحيح أن أهله كانوا يتوقعون ذلك. صحيح أنه في ثقافتنا الإسلامية، نرى أن مجاهداً تجاوز الستين من عمره، لا نتألى على الله لكن نأمل له ألا يموت في غرفة العمليات أو في مستشفى وإنما تكون نهايته مشرفة وسعيدة كهذه.
الشهيد رحمه الله كان دائماً لسانه رطباً بذكر الله، والقرآن حاضر في قلبه وعلى لسانه. وهذه المعية دائماً معه. تلك الليلة عندما عاد هو والوفد من العشاء الرئاسي قرابة الساعة 11:30 في الليل، جلس وصلى العشاء مع أحد إخوانه وبعد ذلك جلسنا. واستراح قليلاً على الكنبة لأنه كان يوماً مليئاً بالبرامج ولعله كان لمدة أسبوع مليء بالبرامج. وجده مستلقياً هكذا. وجدها فرصة على الكنبة رحمه الله. نام واستراح 10 دقائق أو أقل. ثم استيقظ كأنه نشيط كأنه نام لمدة أسبوع. سبحان الله. كما تعرفون في تلك الأثناء كان قد وصل نبأ الشهيد فؤاد شكر رحمة الله عليه. ثم بدأ الحوار حول سلوك الاحتلال في المنطقة وكيف أن نتنياهو كان في أمريكا وجاء وأن الغطاء الأمريكي هذا المنافق وهكذا. ومن ثم عاد وتحدث عن النهايات السعيدة لكل مجاهد وماذا يريد المجاهد سوى أن ينتصر أو يموت شهيداً وفي كلاهما نصر للأمانة سواء انتصر أو استشهد فهو على البعد الشخصي للمجاهد نصر له. وتسامرنا هو وإخوانه، كل أعضاء الوفد حتى -لعلني أقولها لأول مرة- الإخوة كل شخص ذهب للنوم لأن اليوم التالي كان هناك برنامج لكن الكل جاء ليجلس مع أبو العبد ساعة من الزمن، كلهم، كل أعضاء الوفد جاؤوا وكأنهم يودعونه أو يودعهم أو شيء مثل هذا القبيل.
ثم بعد ذلك ذهب إلى غرفته في الطابق الرابع ليأخذ قسطًا من الراحة لأن الساعة 3:30 سنجتمع لكي نصلي الفجر. أنا ذهبت إلى الطابق الثاني. كنت أتوضأ. ربما مرت ساعة ونمت. حتى عندما جاء هذا الصوت الشبيه بالدك في المبنى. نحن نقول في غزة “طبت” أي عندما يأتي شيء شبيه بالصاروخ التحذيري أو الصاروخ الذي يضرب في البناية أو ما شابه نقول “طبت” من الصوت. هو ليس شبيهًا بالصوت بل شبيه بالدك للمبنى. قلت يا رب لا يوجد مطر أو زلزال. كنت في حالة النوم ربما اعتقدت نفسي أرى حلمًا. استيقظت وأردت الخروج لأرى ما حدث. شعرت بأنني مهتز. ربما كان شعورًا داخليًا بوجود زلزال أو ما شابه. ثم خرجت ووجدت. أصلاً الحمام في الجناح الذي كنت فيه تهدم أو تضرر ووقع سقفه. خرجت ورأينا الدخان. والشباب يتنقلون بين الطوابق. اثنان من الإخوة الذين كانوا ملابسهم تراب وما شابه ذلك وقالوا لي الحاج استشهد. طبعًا بقيت قرابة ربع ساعة لم أستوعب الموضوع. نزلت إلى الأسفل وصعدنا. ثم انتبهت أنني أريد أن أرى الجثة وأرى المكان. استأذنت من الإخوان وأخذوني. كان ظلامًا. أخذوا معهم ضوءًا وصعدنا إلى الأعلى. دخلت غرفة نومه رحمه الله. الجدران من الخارج المطلة على الشارع. الجداران مهدمان إلى الداخل أي كل الأنقاض في الداخل. جزء منها على جسد الشهيد المطهر وبقية جسمه كان موجودًا. والسقف كان جزءًا منه على الأرض. ونوافذ الغرفة الملاصقة كانت مهدمة وكان هناك الشهيد وسيم أبو شعبان المرافق.
تسنيم: أستاذ خالد في تلك اللحظة التي حدثت فيها عملية الاغتيال ألم يخطر ببالك أنه من الممكن أن تكون عملية اغتيال لشخصية داخل المبنى؟
القدومي: في تلك اللحظة. لا. ظننت أنه حدث طبيعي وربما كان يخطر ببالي أن أعود للنوم. ولكن حجمه كان كبيرًا ولدي شعور أن هناك شيئًا خاطئًا وغير طبيعي وبدأت أصوات الناس تأتي من الخارج. ومن ثم خرجت. وحدث ما حدث.
تسنيم: نسأل حضرتك لماذا اغتال الكيان الإسرائيلي الشهيد هنية الآن في هذه اللحظات بالتحديد في طهران بالرغم من كونه يدير المفاوضات وهو شخصية كما نعلم تتمتع بحضور دبلوماسي في الدوحة بناء على معرفة الولايات المتحدة وأيضا كونه ممثِّلًا حماس في هذه المفاوضات؟
القدومي: صحيح أن الحاج أبو العبد رجل دبلوماسي خلال الأشهر العشرة الماضية من الطوفان تطوّرت علاقات الحركة بفضل بركة دماء الشهداء وعقل هذا المجاهد المفتوح الحكيم. والإخوان الموجودون في المؤسسة تطوّرت بشكل كبير. المشكلة ليست هنا المشكلة في الطرف الآخر ليس دبلوماسيا ولا يريد أن يجري المفاوضات. هذا المجرم نتنياهو الهدف الأساسي من كل إراقة الدم والمجازر والتطهير العرقي الذي يحدث هو إطالة عمر الحرب. دعينا نعود قليلا. نحن آخر شيء وصلنا إليه هو مقترح بايدن وقالوا حينها إن حماس إيجابية وحماس يمكن قدّمت أشياء يمكن أن يُبنى عليها ومن هذا القبيل. حتى الأمريكان والوسطاء توصلوا إلى أنه لم يبقَ شيء لنناقشه مع حماس. ماذا كان الرد؟ الاغتيال وكان الرد مجزرة رفح ومجزرة المدارس في المخيمات وضرب خان يونس. هذا الجواب الذي يقدمه الإسرائيلي ورغم ذلك يوجد مجاهد مقاوم صامد عقل مفتوح دبلوماسي يأسر الناس بطريقته وبحكمته في أثناء الحوارات ولا تجد عنده إلا أنك أمام شخص يعرف ما يريد. هو موجود في كل مكان واضح فقرروا تصفيته. باختصار العدو الصهيوني لا يفهم لغة الحوار وغير ذلك.
كنا نحاول شرح هذا الكلام. أنا شخصيا وإخواني كنا دائما نقول إن حتى متطلبات الحوار التي هي وقف إطلاق النار وخروج الجيش الصهيوني من غزة وفتح المعابر من أجل وصول المساعدات الإنسانية. هذا ليس حوارًا. هذه متطلبات حوار. هذا العقل يجب أن تفهمه الناس. أن حتى متطلبات أي عملية حوار لم يوافق ولم يقُم بها العدو الصهيوني. حول ماذا تريد التفاوض معه؟ عندما وجدوا شخصية تقود فريق متماسكًا وفريقا على قلب رجل واحد في اتجاه واحد قالوا نريد تصفيته. هم واهمون أنه يمكن أن تنحرف البوصلة وواهمون أن تتراجع المقاومة. شعبنا الفلسطيني في مجزرة مدرسة الشجاعية. كان هناك رجل عجوز ينادي بالقول نحن فداء لأبو العبد. ورجل عجوز آخر يقول نحن أولادك يا أبو العبد نحن إخوانك يا أبو العبد. لذلك العدو الصهيوني ارتكب حماقة وجريمة مركبة لكن هذه العقلية التي يسير فيها نتنياهو ومصلحته الشخصية الإبادة البشرية والعقلية المتطرفة. لا يهمه موت الإسرائيلي وموت الفلسطيني هو مجرم بكل ما تعنيه الكلمة.
تسنيم: يمكننا القول بأن الكيان الصهيوني تحديدا نتنياهو اغتال التفاوض السياسي باغتيال هنية لأنه يريد الحرب؟
القدومي: لأنه يريد الحرب.
تسنيم: يريد أن يصنع انتصارًا معينًا.
القدومي: هو شخصية تنظر إلى زاوية هنا بأن حياته السياسية كلها متوقفة على كسب وقت الانتخابات الأمريكية. لديه حسابات.. تبين أن حساباته خاطئة وإن شاء الله تعالى سيعرف أنه أخطأ وارتكب جريمة ستكلفه الكثير.
تسنيم: في نفس النقطة. في سياق السياسة المتناقضة للكيان الصهيوني في هذه الحالة كيف يتبع نتنياهو في نفس الوقت سياسة التفاوض مع المقاومة الفلسطينية وفي نفس الوقت يتبع سياسة الإرهاب؟
القدومي: لا توجد مفاوضات. أحيانا يرسل الوفد وأحيانا لا يرسله. المشكلة الأساسية تتكون في عاملين أولًا الذات نفسها لأنه هو متمركز حول نفسه وإجرامه وكيف يبقى دائمًا، المسألة الثانية الغطاء الأمريكي. لا يوجد ضغط حقيقي على نتنياهو لكي يسير في المفاوضات لأن الأمريكان – أختي الكريمة مشاهدينا الكرام – منافقون. دعونا نتكلم عن الأشهر العشرة كل الشخصيات بلينكن كيربي كل هذه الشخصيات يُعلنون شيئًا ويقومون بشيء آخر. ماذا يعني أريد أن أوقف الحرب وأخصص ميزانية حرب 29 مليار دولار خلال الحرب. ماذا يعني الجسر الجوي والإمداد العسكري للكيان الصهيوني يصل في بعض الأيام إلى 4 طائرات حربية؟ هذا يعني. حسنًا. ماذا يعني أن يعقد بلينكن مؤتمرا صحفيًا في نيويورك وواشنطن حول وقف الحرب والمفاوضات ثم يأتي في نفس الليلة إلى تل أبيب ويُشارك في غرفة الحرب عندها ارتكب مجازر المعمداني والفاخوري وهو موجود في تل أبيب. هذا يؤكد نظرية أن نتنياهو ليس عليه أي نوع من الضغط من قبل الأمريكان. حسنًا ممثل الكيان الصهيوني وضع دستور وقوانين الأمم المتحدة في آلة التمزيق (شريدر) أمام العالم. وبالتالي ماذا نستخلص من هذا الموضوع؟ أن العاملين الذين ذكرتهما أولا نتنياهو متمركز حول شخصه والبقاء وهذا يتطلب أن هدفه هو استمرار القتل والحرب لكي يكسب حتى إجراء الانتخابات وبالتالي لا يوجد عليه ضغط.
تسنيم: ننتقل إلى سؤال آخر. شاهدنا كيف عمل الكثير على تدمير العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمقاومة الفلسطينية في الأيام الماضية وزعموا أن وقوع هذا الاغتيال على الأراضي الإيرانية سيكون له تأثير سلبي على العلاقات أو على الشعب الفلسطيني بحد ذاته ومستقبل العلاقات بين فصائل المقاومة مع طهران وخاصة حماس. ماذا تقولون؟
القدومي: الرد على هذا الموضوع في أمرين. أولا نحن في المقاومة لأول مرة في تاريخ محور المقاومة خلال الطوفان تبلور محور المقاومة بشكل جدي وعملي. نحن كنا نتكلم عن محور المقاومة قبل الطوفان بالنظريات والعمل المشترك وغير ذلك. جاء الطوفان فوجدنا أن محور المقاومة يقدم الدم. السيد حسن نصر الله في جنازة السيد فؤاد شكر. قال نحن في بداية الطوفان نحن جبهة إسناد ولكن الآن هناك حرب في بيروت ولبنان وحرب بغزة واليمن والعراق وطهران. لذلك الفكرة الأساسية نحن مجتمعون نشعر أنه لأول مرة تم استهدافنا بشكل مباشر جميعًا كفكرة. أنت المعسكر الذي يقول لا للاحتلال والسطوة الصهيونية الأمريكية. المسألة الثانية الجواب على هذا السؤال هو الشعب الإيراني. هذه الجنازة المهيبة التي أقيمت للحاج أبو العبد ملايين الإيرانيين الذين مع الثورة أو ليسوا معها أو الملتزم أو غير الملتزم كل الأبناء خرجوا في الجنازة. وحملوه على الأكتاف. وفدنا جلس نصف ساعة لكي تتمكن سيارتنا من الخروج لأن الناس موجودون في الشارع. هذا يدل على أنه غير ممكن أن توقع الفتنة بين الشعوب. هم يحاولون. هناك تقارير وأدوات إعلامية بملايين الدولارات صرفت من أجل التفرقة في الأمة. هم مشغولون منذ 4 أو 5 سنوات من أجل تفريق الأمة عرقيًا ومذهبيًا. لكن أظن أن الوعي موجود سواء عند أهلنا في فلسطين أو أهلنا في كل مكان في المنطقة العربية والإسلامية. هناك ألم شديد. لا تؤاخذوا من يتحدث بأي شيء لأن الجميع الآن غاضب ومتألم وعندما تهدأ الأمور ستعود إلى مجراها الصحيح دائما. لكن نحن وإيران فيما يتعلق باستراتيجية المواجهة مع العدو الصهيوني بيننا مشتركات كبيرة وعلاقة استراتيجية. واليوم بيننا دم مشترك. هذا العدو الصهيوني يريقه، لا فرق عنده بين لبناني وعراقي وإيراني ويمني أو فلسطيني.
تسنيم: هل هناك تخوفات من تداعيات الاغتيال على الوضع في غزة والضفة الغربية؟
القدومي: صحيح ليس تخوفًا بل هناك تداعيات حيث ستتمسك الناس بخيار المقاومة وهذا ليس عواطف أو خطاب. المشكلة في عدونا سواء الأمريكي أو الغربي أو الكيان الصهيوني. هم يعتقدون أنه لأنهم في العقلية الاستعمارية إذا ضغطت على الشعوب التي يستعمرونها يمكنهم كسرنا. مشكلتنا نحن الذين نمتلك فكر المقاومة خاصة فلسطين بسبب بركة هذه الأرض الطيبة هناك محرك ذاتي وعدالة القضية وقداسة الأرض وقناعة الناس والتفافهم حول بعضهم. هذه الأم أو الابنة التي تفقد 16 شخصًا أو 40 شخصًا. أيضًا أبو العبد فقد 79 شخصًا من العائلة القريبة في هذا الطوفان. الناس عندما ترى هذا تقول إن هذا الشخص استشهد لهدف سام وبالتالي يزداد تمسكها بالمسار. اليوم انظري إلى شعبنا في غزة وانظري إلى الضفة. شيئًا فشيئًا تشتعل الضفة اليوم. جمر النار. العمليات الفردية التي تحدث تؤذي العدو الصهيوني سياسيًا وأمنيًا وعسكريًا وأنا متأكد أن تداعيات هذا الاغتيال والدم المبارك الذي هو جزء من 50 ألف شهيد قضوا أو ارتقوا إلى ربهم في هذه المعركة المباركة التي هي معركة الطوفان. هذا الدم المبارك سيكون شرارة لمسير جديد باتجاه كسر هذا العدو الصهيوني وتحقيق ما يريده شعبنا إن شاء الله.
تسنيم: ما هي نتائج التحقيقات التي أعلنتها طهران حول الاغتيال وهل هناك تعاون بين حركة حماس والجهات الإيرانية في هذا التحقيق؟
القدومي: من اللحظة الأولى بدأت دراسة الوضع. هناك فرق فنية وتخصصية. للأمانة. قد لا أكون مطلعًا على شيء تفصيلي لكن القراءة العامة ما بين الأطراف التي أبلغونا بها والتي انتشرت في الإعلام هي البيان الذي صدر عن الحرس الثوري الإيراني. بالتأكيد قد تكون قد بدأت فرق فنية من الطرفين بدراسة هذا الموضوع وكل يوم تتبين حقائق يتم إعلانها في وقتها.
تسنيم: الجميع يسأل عن مستقبل حماس في هذه الفترة في ظل التحديات وما هي الخطوات التالية للحركة للحفاظ على استقرار المقاومة.
القدومي: للأمانة. الحمد لله. الله سبحانه وتعالى أكرمنا بثقافة الشهادة هذه وبأن نكون رأس حربة في الدفاع عن الأمن الجمعي للأمة وعن مقدسات الأمة وقبلتها الأولى. هذه جعلت من حركة حماس فكرة وليس تنظيما سياسيًا أو حزبًا سياسي يريد الدخول في الانتخابات ويسعى لتقسيم النفعية على الإطلاق. هذه الفكرة هي انتصار المقاومة أن تتحول إلى تيار في قلوب الشعوب يعيش معها ويشعر بألمهم. ليس يشعر فقط بل يعمل ليحقق أهدافهم وينتقم لدماء شهدائهم ويسعى لبناء مستقبل منير مستقل كريم لهم. هذه الأمور كلها يراها شعبنا، ونحن كحماس وفصائل المقاومة الفلسطينية اليوم بشكل مشترك نمثل ما يريده الشعب. عندما. تلتف الناس حولنا. هذا الأمر يجعل المقاومة ورجال المقاومة أكثر ثباتًا واطمئنانًا بمعية الله سبحانه وتعالى كون شعبنا معنا، وبالتالي الحمد لله رب العالمين هذا هو وقود الصمود والإيمان. هذا الشعب العظيم الذي ضَحَّى على مدى 10 أشهر، هو بكل أمانة حتى في التاريخ لم تسجل شعبًا تحمل ما تحمله أهل غزة. لكن لا نتألى على الله. لم يكن الله سبحانه وتعالى ليضيع دماء هؤلاء الأطفال والنساء وأنا مؤمن وواثق بنصر الله سبحانه وتعالى.
تسنيم: متى تتوقعون الرد وهل تتوقعون ردًا قاسيًا من جميع أطراف محور المقاومة؟
القدومي: نبدأ من الأخير. القضايا الفنية هذه صعبة ولا أدعي أني أعرف تفاصيلها، ومن الصعب أن تكون معلومة ومعروفة كيفية الرد. هذه المسألة نجاحها في تلاحم وتكاتف الجهود الداخلية في المحور وفي إيران وكذلك الرد على العدو الصهيوني. النقطة الثانية التي يجب أن ينتبه لها الجمهور الكريم هي أننا أمام جريمة خرق قانون دولي بمعنى أن هناك مغامرة صهيونية بعمل عسكري خارج نطاق الحدود وداخل حدود دولة مستقرة وآمنة هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية. في العرف والقانون الدولي يستلزم هذا الأمر الرد. لا يوجد أحد يقول لإيران ألا ترد أو يتوقع أن إيران لن ترد لأن إيران إذا لم ترد يعني ذلك إهانة شديدة ولا تصبح إيران عضوًا في الأسرة الدولية وبالتالي مسألة الرد مسألة حتمية قانونيًا تحدثت عنه وأيضًا المسألة التي يشعر بها الإيراني بنفسه. حيث جاءت على لسان سماحة القائد وجاءت على لسان رئيس الجمهورية.
تسنيم: هم قالوا مسّنا العدو بشرفنا. هذه جملة عظيمة جدا.
القدومي: نعم، وخاصة في الثقافة الإيرانية بل في الثقافة الشرقية وليس فقط في الثقافة الإيرانية. الثقافة الشرقية. هذه التعبيرات استخدمها بزشكيان في اتصال مع الدكتور خليل الحية بعدما حدث هذا الجرم البغيض وقال نحن نشعر بهذا الأمر في قلوبنا وداخلنا. لا يوجد مجال سوى. كما أن اللقاءات الخاصة على مستوى المجلس، الدكتور قاليباف أعلن أنه لابد أن نرد وسيكون الرد مختلفا وقاطعا. هذه المسألة بالمفهوم التجريبي العدو الصهيوني لن يتوقف عن جرائمه إذا لم يتم ردعه. نحن قلنا في بداية الحوار إن السبب الأساسي أن هذا المجرم نتنياهو يستمر بالإبادة الجماعية بسبب أنه لم يشعر بالضغط الدبلوماسي من الطرف الأمريكي، ودعينا نقول من الطرف الرسمي سواء كان في المنطقة أو في أي مكان آخر. أنت الآن تضرب في عقر دارك ولن ترد؟ لن ترد فقط بل لن ترد على مستوى الجرم الذي حدث؟!
تسنيم: إن شاء الله سيكون الرد قاسيًا ويليق بالشهيد إسماعيل هنية.
تسنيم: تعمل تل أبيب على ربط الاغتيالات الأخيرة، من اغتيال السيد فؤاد شكر في بيروت، الشهيد هنية في طهران، وأيضًا كما يزعمون اغتيال قائد كتائب القسام محمد الضيف في غزة منذ أيام. وهم بذلك يحاولون رسم نوع من الانتصار السياسي دون أي إنجازات، لماذا هذا الإصرار على هذا الانتصار الوهمي؟
القدومي: هي بالضبط كما تفضلتِ هم لديهم أهداف معلنة. لن نخوض في الأهداف غير المعلنة. نتكلم عن الأهداف المعلنة. لم يستطيعوا تحقيق أي منها ولا حتى بطريقة نسبية. وكل يوم يخرج الناطق باسم جيش الإجرام الصهيوني ببروباغندا وكذبة وسيناريو جديد، سناريو سينمائي جديد: هنا نفق، وهنا فوهة نفق 3 متر. الجنود الذين يقتلون في فوهة هذا النفق وغيره، والفيديوهات التي تنشرها القسام أو السرايا أو بقية الفصائل الفلسطينية، ما هو الجواب عليها؟ لا يوجد جواب عليها. يقولون إنهم اغتالوا الضيف. حسنًا، اغتالوا الضيف. طبعًا كما قال الأخ أبو أسامة في حينها، هم كانوا يقولون قبل 3 أسابيع أو في عملية خان يونس إذا كنتِ تتذكرين. حفظه الله هو وإخوانه. قال أخونا أبو أسامة إن الضيف يسمع الآن أكاذيب الاحتلال. هذه البروباغندا والكذب والنفاق هو ديدن هذا الاحتلال الصهيوني. هدفه الأساسي تقديم رواية لمجتمعه الداخلي والعالم تحفظ صورة هذا الكيان الذي هو عبارة عن نمر من ورق، وبفضل الله سبحانه وتعالى لم يتم تحقيق ذلك ولن نسمح له تحقيق ذلك. المشكلة الأساسية أن الأمريكان يجب أن يفهموها قبل الإسرائيليين والألمان والفرنسيين والبريطانيين الذين وقعوا إعلان حرب مشترك في السابع من أكتوبر ضد الحق والعدالة، أنه لا يفلح معنا الضغط العسكري والقتل، لأننا نعتقد أنه إذا قتلتنا فيجب أن ننتقم من خلال أولادنا وحتى آخر قطرة دم منا. وبالتالي من غير الممكن أن يتم كسر عزيمة هذا الشعب العظيم الذي على مدى قرن من الزمن يقارع الاحتلال، وإسرائيل مثلها مثل دواء له مدة صلاحية. صلاحية تنتهي وستخرج من الخدمة.
تسنيم: سأعود معك إلى التشييع في طهران. بالإضافة إلى مرارة استشهاد الشهيد هنية، من النقاط اللافتة في هذه الحادثة شاهدنا تشييعًا يليق بالشهيدين هنية وأبو شعبان، وشاهدنا مشاركة الشعب الإيراني العزيز في مراسم التشييع وصلاة قائد الثورة الإسلامية على الجثامين، هو حدث يكاد يكون غير مسبوق في مقاومة الأمة الإسلامية. ما رأيك بالحضور الكبير للشعب الإيراني العزيز؟
القدومي: بداية كرامة للشهداء. ثانيًا، مكانة الاستشهاد والتضحية في الثقافة الإيرانية والثقافة الشرقية. ثالثًا، أنا شخصيًا عند المشاركة. الأشخاص العاديون كما ذكرت لك في المقابلة يشعرون بمسؤولية كبيرة تجاه أبو العبد. رابعًا، أنا كنت أتحدث أمس عن هذا الموضوع واستذكر عندما جاء الحاج أبو العبد رحمه الله للمشاركة في مراسم الحاج قاسم رحمه الله. الناس كانوا بالملايين، وصار هناك حاجز بين السيارات والمكان الذي نريد الذهاب إليه، فبدأنا بالمشي ووصلنا للمكان. حان وقت الذهاب. عندما أردنا الذهاب أحضروا باصات خاصة غير سيارات البروتوكول…. الحاج أبو العبد جلس في داخل الباصات الرسمية في اتجاه النافذة. الناس في الشارع في مواقف الباصات كانت تسلم على أبو العبد. أنا كنت أظن أنه في الثقافة الإيرانية ليسوا مهتمين بأمورهم الداخلية بل منشغلون بأكلهم وشربهم. الكل يعرف من هو أبو العبد. كانوا يسلمون عليه في مواقف الباصات العادية، ليسوا مشاركين في التشييع. أنا وجدت أن لهذه الشخصية حضورًا في الشارع الإيراني ويحبونه باختصار شديد وهو أحبهم أيضًا.
تسنيم: هو فعلاً تجاوز حدود فلسطين. يعني تجاوز حدود القضية الفلسطينية
القدومي: هذه المليونية التي خرجت دلالة على أن هذه الأمة عظيمة وراسخة. وقصة التفرقة العرقية والمذهبية هي شيء سطحي يمكن أن تزول. وشخصية أبو العبد وحدت هذه الأمة في حياته ودمه وحدها أيضًا.
تسنيم: نختم معك بسؤال أخير أستاذ خالد. ما هي الرسالة التي ترغب حماس توجيهها للعالم في ظل هذه الأحداث؟
القدومي: نحن شعب لا يمكن أن ينكسر وكل من يراهن على كسر هذا الشعب سينكسر ويموت قبله. وسينتصر شعبنا الفلسطيني بدماء شهدائِه وشهداء أبنائه وشهداء قيادته. المسألة الثانية نحن راسخون في الميدان وفي نفس الوقت نريد حياة آمنة وكريمة لشعبنا الفلسطيني. لن نسمح للكيان الصهيوني أن يكون آمنا ونحن غير آمنين. إذا كان أولادي يستشهدون يجب أن يفهم أن لهذا الأمر ضريبة عالية عنده في مجتمعه. لا يمكن أن يكون هناك بعد اليوم معادلة ظالمة. المسألة الثالثة كل رسالتنا للعالم أن شعبنا الفلسطيني يريد العيش مثل أي شعب في العالم دون حصار وبكرامة ويستطيع ويرى نفسه اليوم في عمان أو القاهرة أو ابنه يدرس في الجامعة لأن أولادنا في غزة لا يمكنهم الحلم بهذه الأمور، هؤلاء ليسوا كما الآخرين. بند 2 في اتفاقية جنيف هو حرية تنقل الأفراد والبضائع. هذا الأمر فأحيانا الأوروبيون الذين نلتقي معهم لا يستوعبون أن تكون في باريس ومحكوم عليك أن تكون محاصرًا. تنقلب الحياة إلى جحيم وأسر صغيرة أو كبيرة. نحن قررنا العيش ولن يقف أحد في طريق هذا القرار وسنمضي حتى النصر وتحرير أرضنا ودحر هذا الاحتلال المجرم.