كتبت – هدير محمود
لقد كان موضوع الطلاق دائماً ومازال مهمًا لصانعي الأفلام الإيرانيين، وقد تم إنتاج أعمال متنوعة في شكل كوميدي وجاد على حد سواء، وتم عرضها على الشاشة. لكن قلة من المخرجين قدموا معالجة تحليلية للأضرار المرتبطة بالطلاق، وقاموا بدراستها بشكل جذري وتقديمها للجمهور، أو حتى تقديم آثار الطلاق على الأطفال في أفلامهم.
وفقًا لما ذكرته وكالة أنباء إيرنا الرسمية يوم الاثنين، 19 أغسطس/آب 2024 في مجال السينما، فإن الحياة المشتركة، رغم ما تحمله من متعة، قد تكون مصحوبة أحيانًا بتحديات تنشأ لأسباب مختلفة. من بين هذه التحديات يمكن الإشارة إلى التوقعات غير الواقعية من بعضهم البعض، والمواقف المتصلبة، عدم الرغبة في التوصل إلى حل وسط، وتقديم التنازلات، وذكر التنبؤات السلبية وقلة الحب والامتنان وما إلى ذلك.
تضاف القضايا الاقتصادية والسياسية والدينية إلى هذه الأسباب، مما يؤدي أحيانًا إلى انسداد الطريق بين الزوجين وتشكيل النزاعات والانفصالات. إذا نظر الجميع بإنصاف، فإن كل من هذه القضايا لها جوانبها الفرعية التي يمكن أن تكون موضوعًا لفيلم سينمائي، أو حتى يمكن عرضها في إطار مسلسل تلفزيوني متعدد الحلقات.
في الوقت الحالي، يعرض فيلم “في أحضان الشجرة” للمخرج بابك خواجه باشا على شاشات السينما. الفيلم يحكي قصة حياة “كيميا” و”فريد”، اللذين يلعب دورهما “مارال بنيآدم” و”جواد قامتي”، واللذين يقرران الانفصال بسبب خلاف بينهما. لكن في خضم هذا الانفصال، يتعرض أولادهما لموقف يتحدى الأسرة. في الواقع، يسعى خواجه باشا لتصوير عواقب هذا الانفصال وأهمية وجود الأسرة والتمسك ببعضها البعض.
ولهذا السبب نلقي نظرة على أهم أفلام السينما الإيرانية، والتي تم إنتاجها مع التركيز على الأسرة والطلاق:
فيلم “هامون” من إخراج داريوش مهرجويي، الذي عُرض في عام 1989، يعرض قصة حب جنونية كلا الطرفين مفتونان ومجنونان بطريقتهما الخاصة، وتتم عملية انفصالهما بطريقة جنونية أيضًا. فيلم يصور ببراعة هذا الحب المجنون من بطولة خسرو شكيبايي وبيتا فهري.
في عام 1991، أخرج مهدى فخيمزاده فيلم “الزوجة”. اختار فخيمزاده في فيلمه قصة رجل وامرأة يطمحان إلى الرئاسة، وفي النهاية تُحقق للمرأة منصب الرئاسة، مما أدى إلى تصاعد التحديات بينهما. مثل مهدى هاشمي وفاطمة معتمد آريا في هذا الفيلم. ورغم أن الفيلم يحمل طابعًا كوميديًا، إلا أنه يحتوي على رسائل جدية نالت استحسانًا من الجمهور والنقاد في وقته.
فيلم “قرمز” من إخراج فريدون جيراني، يتناول الفيلم عنف الأزواج، ويروي قصة امرأة تُدعى “هستي”، التي لديها ابنة تُدعى “طلا” من زوجها المتوفى، وقد تزوجت من شاب ثري يُدعى “ناصر ملك”. يعاني زوجها الجديد من مرض اضطراب الشخصية، ويقوم بضربها بشكل مستمر. بعد استشارة عمها وبناءً على طلب قاضي المحكمة، تقرر هستي ترك عملها بالتمريض، بهدف تهدئة الأوضاع في المنزل. ولكن مشكلاتهم لم تُحل بعد. قدمت هدية تهراني ومحمدرضا فروتن أداءً لامعًا في الفيلم.
فيلم “انفصال نادر عن سيمين” من إخراج أصغر فرهادي يُعد من أشهر الأفلام الإيرانية في موضوع الانفصال وقد نال شهرة عالمية.
تروي القصة التي يؤديها بشكل لامع ليلى حاتمي وبيمان معادي، جميع هموم الطبقة الوسطى في المجتمع الإيراني. ترغب سيمين في مغادرة إيران مع زوجها نادر وابنتها ترمه، وقد قامت بكل الترتيبات اللازمة لهذا الأمر. ومع ذلك، يرفض نادر ترك والده المصاب بمرض الزهايمر بمفرده. تسببت هذه الخلافات في أن تطلب سيمين الطلاق من المحكمة، ولكن المحكمة رفضت طلبها بشأن حضانة الطفل، مما اضطرها للعودة إلى منزل والدها.
فيلم “ناهيد” من إخراج آيدا بناهنده هو أحد أفلام السينما الإيرانية التي تتناول الأضرار الناتجة عن الطلاق من منظور نسائي. تلعب الممثلة “سارة بیات” دور ناهيد، التي تجمع بين دور الأم الحنونة والمرأة القوية والابنة المتمردة والعاشقة. بعد طلاقها من زوجها الأول، الذي يؤدي دوره “نويد محمدزاده”، تسعى ناهيد لبناء حياة أفضل لتأمين مستقبل أكثر أمانًا لابنها وتربيته ليصبح “رجلًا حقيقيًا” بدلاً من أن يكون شبيهًا بوالده. تقابل ناهيد رجلاً عصريًا وإنسانًا شريفًا، يلعب دوره “بجمان بازغي”، وتجد نفسها عالقة بين حياتها السابقة وحياتها المستقبلية.
فيلم “جهار شنبه سوري” من إخراج أصغر فرهادي، تحكي القصة عن امرأة تشعر بخيانة زوجها، مما يؤدي إلى بُعد بينهما مما يخلق الطلاق. يحاول الرجل إخفاء علاقته الجديدة، خاصةً وأن المحيطين به يميلون إلى دعم مرتضى ويعتبرون شكوك “مجده” بلا أساس. هديه طهراني، حميد فرخ نجاد وترانه عليدوستي هم ممثلو هذا الفيلم.
فيلم “النظام الذهبي” من إخراج رضا سبحاني، وبطولة مهدي هاشمي ومريلا زارعي، يتناول موضوع المهر بطريقة فكاهية. المهر هو مسألة مهمة في قضايا الطلاق، من**: القضايا الواسعة للمعالجة الاجتماعية والكوميدية في السينما. وفقًا للمهر الذي تم تسجيله عند الزواج، يجب على الزوج دفع كمية من الذهب تعادل مجموع وزنه ووزن زوجته. الآن، بعدما أصبح الرجل يعاني من السمنة الشديدة، يبدأ كل منهما في محاولة تغيير وزنه، حيث يسعى الرجل إلى فقدان الوزن بينما تأكل المرأة قدر الإمكان.
فيلم “ثلج على الألواح” هو أول تجربة إخراجية للسينمائي “بيمان معادي”. يتناول الفيلم مرة أخرى موضوع الخيانة والانفصال. تكتشف امرأة عازفة بيانو أن زوجها على علاقة سرية مع إحدى طالباتها. وهي تشعر بالوحدة الشديدة، تقبل دعوة لحضور حفل موسيقي لابن الجيران الشاب. يصف هذا الفيلم بشكل مثالي كيف يمكن للمرأة، ببراءة ودون قصد، أن تتغير عندما تمر بحالة الطلاق عما كانت عليه بالأمس. مهناز أفشار وحسين باكديل وصابر آبار هم ممثلو هذا الفيلم.
فيلم “تحت سقف دخاني” من إخراج “بوران درخشنده” يقدم نظرة مختلفة على الحياة المشتركة. تعاني شيرين من مشاكل في حياتها العائلية مع ابنها وزوجها، وتحاول إيجاد وسيلة للتواصل معهم دون جدوى، مما يؤدي إلى أزمة. ومحاولاتها للخروج من هذه الأزمة تواجهها تحديات جديدة، حيث تسبب خيانة زوجها لها في معاناتها. في هذا الفيلم، الذي يركز دائمًا على قضايا الأطفال، يتناول المخرج تأثير الطلاق على الأطفال أيضًا. مثل في الفيلم “فرهاد اصلاني” و”مريلا زارعي”.
في نهاية التقرير أفادت وكالة إيرنا الرسمية للأنباء بأن هذه الأعمال ليست الوحيدة التي تناولت موضوع الانفصال وتأثيراته على حياة الأزواج في السينما الإيرانية. هناك العديد من الأعمال المتميزة في هذا المجال، ولكنها ليست كافية. نأمل أن يولي صناع الأفلام المزيد من الاهتمام لهذا الموضوع الاجتماعي المهم، وأن يواصلوا تصوير معاناته ومشاكله بشكل أعمق.