كتب: زينب بيه
غادرت لاعبة رفع الأثقال فاطمة كيشافرز، الفندق الذي كانت تقيم به بعثة الفريق الإيراني في مدينة ليون بإسبانيا، وهاتفها المحمول مغلق، جاء ذلك وفقا لتقرير وكالة أنباء “إيرنا” الإيرانية، بناء على إعلان اتحاد رفع الأثقال الإيراني، بتاريخ 25 سبتمبر/أيلول 2024.
ومع مغادرة فاطمة فندق المنتخب الوطني، بدأ المسؤولون المرافقون للوفد الإيراني في البطولة العالمية في إسبانيا بالبحث عنها، كما تم إبلاغ الشرطة الإسبانية، مما يطرح سؤالا مفاده: هل تعرضت لسوء أم قررت الهرب من بلدها واللجوء إلى بلد آخر مثلما فعل قبلها رياضيون إيرانيون آخرون؟
حيث تعتبر ظاهرة لجوء الرياضيين الإيرانيين إلى بلدان أخرى ليست جديدة، كما تجلى خلال بطولة العالم للشباب عام 2022 في اليونان، حيث اختارت يكتا جمالي، لاعبة منتخب رفع الأثقال الإيراني للشباب، عدم العودة إلى وطنها، وقد انضمت لاحقا إلى فريق اللاجئين التابع للجنة الأولمبية الدولية في أولمبياد باريس 2024، وفقا لتقرير موقع “روزياتو” الإيراني بتاريخ 28 سبتمبر/أيلول 2024.
أداء فاطمة في بطولة العالم لرفع الأثقال قبل حادثة اختفائها
قبل وقوع حادثة اختفاء فاطمة كيشافرز، شاركت في بطولة العالم لرفع الأثقال للشباب في إسبانيا، حيث تنافست في فئة 71 كيلوغراما، لكنها لم تتمكن من تحقيق ميدالية، وفقا لوكالة “إيسنا” الإيرانية بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول 2024.
وسجلت فاطمة 93 كيلوغراما في الخطف (رفع الوزن من الأرض إلى فوق الرأس في حركة واحدة سريعة) و117 كيلوغراما في النتر (رفع الوزن من الأرض إلى مستوى الصدر أولا، ثم دفعه فوق الرأس في حركة ثانية)، بمجموع 210 كيلوغرامات، وحصلت على المركز الـ في بطولة العالم للشباب في النتر، بينما أحتلت المركز الـ12 في الخطف.
رئيس اتحاد رفع الأثقال يُعلق على اختفاء فاطمة كيشافرز
رد رئيس الاتحاد الإيراني لرفع الأثقال، سجاد أنوشيرواني، على اختفاء فاطمة كيشافرز في بطولة العالم للشباب، مشيرا إلى أن الحادث وقع يوم الثلاثاء 24 سبتمبر/أيلول. وأوضح أن أعضاء الجهاز الفني كانوا موجودين في صالة المسابقات، وكان من المقرر أن تذهب فاطمة مع الفريق. وأضاف أنها أخبرتهم لاحق بأنها تعاني من صداع وتحتاج إلى الراحة لمدة ساعة قبل التوجه بنفسها إلى صالة المسابقة، نقلا عن تقرير وكالة أنباء “إيرنا” الإيرانية بتاريخ 25 سبتمبر/أيلول 2024.
وأضاف أنوشيرواني: “اتصلوا بي بعد ظهر أمس وأبلغوني أنهم يعتقدون أن فاطمة غادرت الفندق، طلبت منهم متابعة الأمر بسرعة وإبلاغ الشرطة، حيث حضر ممثل الأمن أيضا واتخذ الإجراءات اللازمة”.
وأفاد التقرير بأن أنوشيرواني رد على سؤال حول ما إذا كانت فاطمة تحمل جواز سفرها وما إذا كانت قادرة على أخذ متعلقاتها، قائلا: “كان جواز سفر اللاعبات بحوزة مدرب الفريق الوطني، بينما كان جواز سفر اللاعبين مع مدرب المنتخب الوطني للرجال، وقد وضعت مينا عصفوري، مدربة الفريق النسائي، جوازات السفر في حقيبتها، وعندما ذهبت مينا إلى غرفتها، وجدت حقيبتها مقلوبة ولا يوجد فيها جواز سفر فاطمة، ولم تأخذ فاطمة أمتعتها بالكامل، لكنها أخذت بعض ملابسها. وقمنا بإبلاغ الشرطة وتسجيل شكوى، وكان السفير الإيراني حاضرا في مكان المسابقة وتابع الموضوع”.
وذكر التقرير أيضا رده على سؤال آخر حول كيفية دخول فاطمة إلى غرفة مدربة المنتخب الوطني، حيث قال: “أعتقد أنهما شريكتان في الغرفة نفسها، ولم أكن أصدق أن فاطمة قد فعلت ذلك، إذ شاركت معنا في 5 أو 6 بطولات دون أي مشاكل. ولقد تحدثت مع والدي فاطمة وطلبت منهما إبلاغنا إذا كانت لديهما أي أخبار عنها، لكنهما أبديا جهلهما بالأمر، وقالا إنها لم تتواصل معهما، ونحن نحاول الاتصال بها في كل لحظة، لكن لم نتمكن من الوصول إليها، كما أن هاتفها المحمول مغلق”.
رد فعل نائب وزير الرياضة على اختفاء فتاة رفع الأثقال
أكد محمد شروين اسبقيان، نائب وزير البطولة والتطوير الرياضي الاحترافي في وزارة الشباب والرياضة الإيرانية، بشأن اختفاء لاعبة رفع الأثقال في إسبانيا، أن الرياضيين الشباب يتلقون أحيانا عروضا مغرية ويتم خداعهم دون علمهم، لكنه أكد أن أبواب إيران ومجتمع الرياضة دائما مفتوحة لعودتهم، في حديثه مع وكالة “إيسنا” الإيرانية بتاريخ 28 سبتمبر/أيلول 2024.
وأشار اسبقيان إلى ضرورة وعي الرياضيين، إذ يسعى بعض الأشخاص ذوي النوايا السيئة لتغيير مسارهم من خلال وعود خادعة، مستهدفين الرياضيين الشباب لتحقيق أغراضهم.
ونقل تقرير “إيسنا” تصريح اسبقيان بأنه “من الضروري أن ينتبه رؤساء الاتحادات الرياضية ونائبة رئيس الاتحاد النسائي، مریم إیلكا إلى هذا الموضوع، ومنع مثل هذه الحوادث من خلال توعية الرياضيين في الوقت المناسب، ونظرا إلى صغر سن الرياضيين فإنهم يتلقون أحيانا عروضا مغرية تخدعهم دون علمهم، ثم يندمون لاحق”.
وأفاد وزير الرياضة الإيراني بأنه في حال واجه الرياضيون أي مشاكل، فإن الوزارة توفر لهم الوقت الكافي للجلوس والاستماع إلى همومهم، وأكد أن التخطيط لحل قضايا التوظيف والسكن والزواج ومعيشة الرياضيين يشكل أولوية في جدول أعمال وزارة الرياضة. كما دعا الرياضيين، شبابا وبنات، إلى الفخر بقدرات منتخبهم الوطني وقمصانه، مؤكدا أنهم يعيشون في بلد مستقل وقوي، بحسب تصريح اسبقيان لوكالة “إيسنا”.
الأبطال الإيرانيون يهربون إلى الخارج
إضافة إلى التصريحات التي تم الإدلاء بها في هذا الصدد والأدلة على نوايا هذه الرياضية الشابة، يمكننا من خلال دراسة الحوادث السابقة المشابهة أن نستنتج أنها اتبعت الطريقة نفسها التي استخدمها سابقا العديد من الرياضيين الإيرانيين، وضمن ذلك بعض النساء، وفقا لما ذكرته صحيفة “الشرق” الإيرانية في تقرير لها بتاريخ 28 سبتمبر/أيلول 2024.
فقد استخدم محمد جانجخانلو، الدرّاج الإيراني البارز، الأسلوب نفسه عندما شارك كممثل لإيران في بطولة كأس العالم في غلاسكو بأسكتلندا، وبعد انتهاء المنافسة، عاد إلى الفندق، وحزم أمتعته، وغادر دون أن يخبر أحدا، بحسب تقرير الصحيفة.
وأضاف التقرير أنه في السنوات الأخيرة، يمكن تسليط الضوء على حالتين أخريين مماثلتين، حيث تم الإعلان في البداية عن اختفاء الرياضي محمد جانجخانلو، الذي تبين أنه تقدم بطلب اللجوء في بلد آخر، ثم تأتي قصة بطلة رفع الأثقال يكتا جمالی، والتي تبلغ من العمر 17 عاما، حيث سافرت سابقا إلى مدينة هيراكليون في اليونان، للمشاركة في بطولة العالم لرفع الأثقال للشباب، وحصدت الميدالية الفضية في الخطف في فئة 87 كيلوغراما، واحتلت المركز الرابع.
وبعد ذلك، لم نعد نسمع أخبارا عنها، إذ لم تُرَ في صالة المنافسات ولم تحضر لمشاهدة مسابقة رفع الأثقال لزميلتها الإيرانية في هيراكليون. وفي وقت لاحق، أصدر اتحاد رفع الأثقال بيانا أعلن فيه أنها غادرت الفندق ولم تعد. ولاحقا، تم العثور على يكتا في ألمانيا، حيث أعلنت رسميا أنها أصبحت لاجئة في هذا البلد.
وأفاد التقرير بأن الشيء نفسه تكرر سابقا مع بطلة فريق كرة اليد شقایق بابیری في ديسمبر/كانون الأول 2021، حيث سافرت إلى إسبانيا مع المنتخب الوطني لكرة اليد، ثم غادرت فندق المنتخب ولم تعُد. وبعد فترة، أكدت الشرطة المحلية اختفاءها.
وانتشر لاحقا مقطع فيديو لـ شقايق تُصرح فيه أنها لم تُخطف، بل قدمت فقط طلب لجوء إلى أحد البلدان الأوروبية.
أسباب هجرة الرياضيين في إيران
تعاني الرياضة في إيران من عدة مشاكل تدفع الرياضيين إلى الهجرة، تتلخص في ضعف إدارة الرياضات غير كرة القدم، حيث يتم تجاهل الرياضات الأخرى رغم تحقيقها ميداليات في الأولمبياد، إضافة إلي نقص المرافق والبنية التحتية والمعدات الرياضية، كما يعاني الرياضيون من مشاكل اقتصادية ومعيشية تؤثر سلبا على مستقبلهم، وفقا لتقرير موقع “itt” الإيراني بتاريخ 26 يوليو/تموز 2021.
وذكر التقرير أنه من الجانب السياسي، تسعى دول معادية لاستغلال نجاحات الرياضيين الإيرانيين في البطولات العالمية، ويقدمون لهم عروضا مغرية، مما يجعلهم في صراع بين الحفاظ على هويتهم الوطنية وتحسين أوضاعهم المعيشية بقبول جنسيات أجنبية.