ترجمة: شروق السيد
صرح قاسم محب علي، المدير العام السابق لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الإيرانية بأن بشار الأسد لم يكن يمتلك الكثير من الأصدقاء في منطقة الشرق الأوسط، خاصةً في السنوات التي تلت عام 2011، حيث اعتمد بشكل رئيسي على صداقته مع طهران وموسكو.
قال ذلك خلال حوار له 18 ديسمبر/كانون الأول 2024 مع الموقع الإيراني “خبر آنلاين”، وفيما يلي نص الحوار:
شهدنا تدخلاً أمنياً واستخباراتياً مباشراً من تركيا في الأحداث الأخيرة في سوريا، وإيران تعتبر إسرائيل وأمريكا أيضاً من الأطراف الخفية وراء تحولات سوريا، فهل الدول العربية، التي لم تكن على علاقة جيدة مع بشار الأسد، متورطة أيضاً في هذا المشهد؟
نسقت مجموعة من الدول لكي تقع هذه الأحداث في سوريا، دور تركيا كان أكثر مباشرة؛ لأنها كانت تمتلك الأدوات اللازمة، والمجموعات المعارضة التي تواجدت في إدلب كانت منذ البداية تحت رعاية تركيا ودعم مالي من قطر، أما بالنسبة للسعودية والإمارات، فالوضع كان مختلفًا قليلًا؛ إذ كانتا على اتصال بحزب البعث وجيش النظام السوري.
بشكل عام، تم التنسيق بإدارة أمريكية بين عدة أطراف لإنهاء حكم الأسد، وربما كان الروس منسقين معهم أيضًا، حقيقة أنه لم يتم استهداف القوات الروسية وأنهم قاموا بإخراج الأسد من البلاد بدون علم الجيش والحكومة السورية، يشير إلى وجود تنسيق بين الأطراف المختلفة لتشكيل تحولات في سوريا.
الأكراد كانوا منسقين مع الأمريكيين في الشرق ولعبوا دورًا في هذه القضية، من جهة الجنوب، أغلقت المجموعات المرتبطة بالأردن الحدود، بينما كان الشمال تحت السيطرة التركية، ومن الطبيعي أن تكون شبكة الاتصالات السعودية والإماراتية نشطة أيضًا.
كانت هذه المجموعات تسعى لتحقيق تغييرات هادئة في سوريا بدون إراقة دماء كبيرة، مع الحفاظ على الدولة والجيش السوري وتجنب تكرار سيناريو ليبيا، الهدف كان الحفاظ على آلية البيروقراطية السورية والجيش لضمان عدم انهيار النظام بالكامل.
خلال الحرب الأهلية السورية، دعمت دول مثل السعودية والإمارات وقطر جماعات مسلحة معارضة للأسد، فهل سنشهد هذه المرة دعمهم لهيئة تحرير الشام والجولاني في سوريا؟
إذا نظرنا إلى نموذج أفغانستان، سنرى أن قطر وتركيا ساعدتا الأمريكيين في عملية انتقال السلطة إلى طالبان لتقليل تكاليف انسحابهم من أفغانستان، لكن الوضع في سوريا كان مختلفًا قليلًا، في الماضي، كانت تركيا وقطر تتدخلان بشكل مباشر أكثر، وفي الوقت نفسه، كانت دول مثل تركيا والإمارات وقطر والسعودية وحتى مصر تدعم مجموعات مختلفة.
بالنسبة لمصر والسعودية والإمارات، لم تكن علاقاتها جيدة مع جماعة الإخوان المسلمين، بينما الجماعات المدعومة من تركيا وقطر كانت غالبًا ذات توجه إخواني، حاليًا، يبدو أن هناك اختلافات في المشهد.
فالسعودية والإمارات تتواصلان مع حزب البعث وبقايا نظام الأسد، بالإضافة إلى بعض القبائل العربية ذات التوجهات السلفية، في حين أن تركيا وقطر تدعمان مجموعات أخرى مثل هيئة تحرير الشام.
ما اتفقت عليه جميع هذه الدول هو السعي لإسقاط حكم عائلة الأسد، الاجتماع الذي عُقد مؤخرًا في الأردن كان مرتبطًا بالأطراف التي لعبت دورًا في الأحداث السورية.
القضية التي تواجهها سوريا الآن هي إعادة إعمار البلاد، قبل سقوط نظام الأسد، لم يُعد بناء البنية التحتية التي دُمرت خلال سنوات الحرب الأهلية بسبب نقص الموارد المالية وعزوف المستثمرين، فهل الآن، بعد رحيل بشار الأسد، يمكن أن تتدخل الدول العربية للمساعدة في إعادة الإعمار والاستثمار في سوريا؟
يمكن القول إن وجود تركيا وقطر في مستقبل سوريا وفي إعادة إعمارها أمر مؤكد، كما أن السعودية والإمارات، بناءً على مصالحهما، ستشاركان في هذه القضية، ومن المتوقع أن يتدخل الاتحاد الأوروبي أيضًا؛ نظرًا للمخاوف الأمنية والاقتصادية، وحتى لتوازن الدور التركي في سوريا.
الدول الغنية ستشارك في هذه العملية، ولكن الأمر يعتمد على الكيفية التي ستتطور بها الأوضاع في سوريا، هل ستسير العملية بشكل سلمي؟ وهل سيتم تشكيل حكومة شاملة تمثل جميع الأطراف، بما يضمن مصالح الفئات المختلفة مثل العرب السنة، الأكراد، العلويين، الدروز، والمسيحيين؟
الإجابة على هذه الأسئلة ستحدد الدول التي ستشارك في إعادة الإعمار، إذا اتجهت كل مجموعة لتحقيق مصالحها الخاصة، ستكون الظروف مختلفة، في الوقت الحالي، تُدار عملية التحول من قبل قطر وتركيا، وهما من تحددان المسار حاليًا، أما مصير الروس فلا يزال غير واضح، ومن غير المرجح أن تلعب إيران دورًا في تطورات سوريا في الوقت الراهن.