كتبت: يسرا شمندي
اتخذت إيران خطوات هامة لحماية طبقة الأوزون والحد من تأثيراتها السلبية على البيئة والصحة العامة، والتزمت بتقليص استخدام الغازات المستنفدة للأوزون والحد من انبعاثات غازات التدفئة التي تسهم في الاحتباس الحراري، وهذه الجهود تأتي في إطار سعي إيران للحفاظ على سلامة بيئتها وتقليل مستويات الأشعة فوق البنفسجية التي تؤثر على صحة المواطنين والبنية الطبيعية.
تحمي طبقة الأوزون سكان الأرض من أشعة الشمس فوق البنفسجية الخطيرة، وهي أول واقٍ شمسي طبيعي في العالم، وقبل بضعة عقود، كانت مركبات الكربون الكلورية فلورية (CFCs) تستخدم على نطاق واسع في إنتاج منتجات مثل مزيلات العرق ومثبتات الشعر ومكيفات الهواء، وكان يُعتقد أن الكلوروفلوروكربون مادة مفيدة حتى أظهرت دراسة قام بها الباحثان مولينا ورونالد أنها تستنفد طبقة الأوزون، وذلك وفاق لما جاء في تقرير لموقع خبر أنلاين بتاريخ 20 سبتمبر 2024.
ويضيف التقرير: “من الجدير بالاهتمام أن أكثر من 191 بلدا قد وقّع على بروتوكول مونتريال، وهو بروتوكول يقيد استخدام مركبات الكربون الكلورية فلورية. لكن بدائل هذه المركبات هي الغازات الدفيئة، التي تشكل تهديدا كبيرا لصحة الكوكب وتساهم في الاحتباس الحراري. وفي عام 2016، تمت إضافة تعديل كيغالي إلى بروتوكول مونتريال لوقف استخدام مركبات الكربون”.
ما هي طبقة الأوزون؟
بخصوص طبقة الأوزون فهي إحدى طبقات الستراتوسفير، وهو الطبقة الثانية من الغلاف الجوي للأرض، والستراتوسفير عبارة عن كتلة من الغازات الواقية المرتبطة بكوكب الأرض، وهي تتكون من طبقات، وكلما ارتفعنا في هذه الطبقات، أصبحت أكثر دفئا، ويرجع دفء طبقات الستراتوسفير العليا إلى وجود طبقة الأوزون التي تمتص أشعة الشمس فوق البنفسجية.
وتبعا لذلك يعد الأوزون غازا صغيرا في الغلاف الجوي للأرض، بمعنى آخر، لا يوجد سوى ثلاثة جزيئات أوزون في كل 10 ملايين جزيء في الهواء. وهذا الغاز الصغير له وظيفة مهمة، فهو يشبه الإسفنج، ويمتص جزءا من أشعة الشمس فوق البنفسجية، والإشعاع الشمسي أمر حيوي للحياة على الأرض، لكن كثيرا من الإشعاع سيكون مميتا، ودور طبقة الأوزون هو الحفاظ على هذا التوازن الهش، ويمكن تسمية طبقة الأوزون بواقي الشمس الطبيعي أو الدرع الواقية للحياة ضد الشمس.
ثقب طبقة الأوزون
وتضيف “خبر أونلاين” في تقريرها، أن “الموضوع الحيوي هنا أن ثقب الأوزون وهو مادة كيميائية تسمى الكلوروفلوروكربون، الذي يحتوي على الكربون والفلور والكلور، تم العثور على جزيئاته في كل مكان من المنتجات البلاستيكية إلى الثلاجات، ونظرا إلى أنها رخيصة وغير سامة ولا تطلق بسهولة، كانت الشركات والمستهلكون على استعداد للاستفادة منها، فعندما يتم إطلاق مركبات الكربون الكلورية فلورية في الغلاف الجوي، فإنها تسقط في طبقة الأوزون مثل فوهة البركان وتثقبها”.
واستنادا إلى ما سبق فإن جزيء الأوزون يتكون من ثلاث ذرات أكسجين، ويتم تصنيعه وتدميره في دورة طبيعية، لكن مركبات الكربون الكلورية فلورية تعطل هذه الدورة، مما يجعل من الصعب على الأوزون إعادة تشكيله، ونتيجة لذلك، تضعف طبقة الأوزون تدريجيا، على الرغم من أنها تشكل نسبة صغيرة جدا من الغلاف الجوي للأرض”.
ويشير مصطلح ثقب الأوزون إلى ترقق طبقة الأوزون، خاصةً في القارة القطبية الجنوبية، وفي السبعينيات، أدرك العالم تأثيرات هذا الترقيق، مما أدى إلى اتخاذ إجراءات دولية لحماية طبقة الأوزون والتوقف عن استخدام بعض المواد الكيميائية الضارة، وبعد مرور حوالي نصف قرن، ظهرت مؤشرات على تحسن طبقة الأوزون نتيجة لهذه الجهود.
تأثير طبقة الأوزون في إيران
تقع إيران في خطوط العرض الوسطى لنصف الكرة الشمالي، ويبلغ متوسط الأوزون فوقها حوالي 286 دوبسون (وحدة قياس لتحديد كمية الأوزون)، مع حد أدنى 266 حد أقصى يبلغ 310 دوبسون، ولم ينخفض هذا المتوسط ، بل يتزايد بمعدل 0.09 دوبسون سنويًا، وهذا بناءً على ما جاء في موقع نادي الصحفيين الشباب بتاريخ 17سبتمبر/أيلول 2024″.
وطبقا لما سبق تم قياس ملوثات الهواء السائدة التي تؤثر على صحة الكائنات الحية من خلال ستة مؤشرات رئيسية: الجسيمات الدقيقة (أقل من 10 و2.5 ميكرون)، الأوزون، وأول أكسيد الكربون، وثاني أكسيد النيتروجين، وثاني أكسيد الكبريت، وهذه الملوثات تُستخدم لتقييم جودة الهواء في المناطق الحضرية، لكنها لا تشارك بشكل مباشر في تحلل جزيء الأوزون في طبقة الستراتوسفير.
جهود إيران لمنع زيادة الأشعة فوق البنفسجية
وقعت إيران على عدة اتفاقيات بخصوص هذا الشأن ومنها اتفاقية فيينا وبروتوكول مونتريال وتعديلاتهما المختلفة، بما في ذلك تعديل كيغالي في 2016، الذي يهدف إلى التخلص من الغازات التي تحل محل الغازات المستنفدة للأوزون لأنها تساهم في الاحتباس الحراري، كما خفَّضت إيران وارداتها من مركبات الكربون الهيدروكلورية فلورية بأكثر من 35٪ بحلول عام 2020، ومن المتوقع أن يصل هذا الانخفاض إلى 67.5٪ بحلول عام 2025
وقد صرَّح خبير الأبحاث في مكتب حماية الأوزون في إيران موسوي، بأن “الأوزون في إيران لديه اختلاف ضئيل للغاية”، مشيرا إلى أن الدول الاسكندنافية القريبة من القطب الشمالي هي الأكثر تضررا، وأوضح أن إيران، بسبب موقعها الجغرافي وارتفاعها، تتعرض لأشعة فوق بنفسجية أعلى من الدول ذات الارتفاعات المنخفضة، مما يجعل استنفاد طبقة الأوزون أكثر خطورة.
وأوصى موسوي الناس باتخاذ احتياطات ضد الأشعة فوق البنفسجية، مثل استخدام النظارات الشمسية وواقيات الشمس لحماية البشرة والعينين، مشيرا إلى أن الأشعة فوق البنفسجية يمكن أن تسبب مشاكل صحية مثل إعتام عدسة العين وسرطان الجلد، وتؤثر سلبا على النباتات والبحار وحتى طلاء السيارات.
وبالإشارة إلى تعديل كيغالي، أفاد موسوي بأن 160 دولة صدقت على هذا التعديل الذي يركز على إزالة غازات التدفئة المستخدمة في أنظمة التبريد، وأوضح أن إيران لم تصدق بعد على اتفاقية باريس، لكنها قبلت مبدئيا وستعمل على التصديق عليها قريبا.
وفي النهاية أكَّد موسوي أنه بعد التصديق، ستبدأ إيران في فرض قيود قانونية لإدخال غازات بديلة، ومن المتوقع أن تبدأ العملية التدريجية لإزالة الغازات المدمرة بحلول عام 2027، مع هدف إزالة حوالي 85٪ من هذه الغازات بحلول عام 2047، وأشار موسوي إلى أن إزالة غازات التدفئة يمكن أن تقلل من متوسط درجة الحرارة العالمية بمقدار نصف درجة مئوية، مما يساعد في منع ارتفاع درجات الحرارة العالمية.