قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية، في تقرير لها يوم الأربعاء 3 يوليو/تموز 2024، إنه قبيل جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية المقررة يوم الجمعة المقبل، بين المحافظ سعيد جليلي والإصلاحي مسعود بزشكيان، يتنافس أفراد الطبقة المتوسطة الشابة الجالسون في مقهى إيلي بطهران للتعبير عن رفضهم للعملية السياسية.
تقول فتاتان مراهقتان، “تشربان المشروبات ولا ترتديان الحجاب”، إنهما لا يعرفان حتى أسماء المرشحين، أنجيل من قدامى المحاربين في احتجاجات المرأة والحياة والحرية، التي اندلعت بعد وفاة مهسا أميني (22 عاماً)، في أثناء احتجازها بتهمة عدم ارتداء الحجاب بشكل صحيح، قالت: “نشعر بخيبة أمل شديدة بسبب ما حدث”، أضافت: “كانت هناك وعود كثيرة [بعد الاحتجاجات]، لكن لم يتم الوفاء بأي منها”.
في حين تقول ماريان، المحللة بمجال حقوق المرأة: “بعد مهسا أميني، هناك كثير من الغضب والاستياء. حتى إنني أعرف أشخاصاً متدينين لن يصوتوا. لا يهم إن كان بزشكيان أو جليلي”.
يعترف مهندس نفط ذكر أنه شاهد نهاية المناظرة التلفزيونية التي استمرت ساعتين بين المرشحَين يوم الإثنين، بأنه سيصوت على الأرجح لبزشكيان.
وفي ساحة ولي عصر، توجد صورتان عملاقتان للمرشحَين: جراح القلب بزشكيان البالغ من العمر 70 عاماً، والدبلوماسي السابق جليلي، الذي عارض الاتفاق النووي مع الغرب. وفي المناطق التي تقطنها الطبقة العاملة، لا توجد سوى بضع ملصقات معروضة، ويصف الإيرانيون هذه الانتخابات بأنها الأكثر برودة على الإطلاق.
ولكن الجولة الأولى من التصويت، التي انتهت يوم الجمعة الماضي، حطمت على الأقل بعض الأساطير الإيرانية الراسخة. كانت الأسطورة الأولى هي أن السماح لمرشح إصلاحي بالترشح، وضمان انتخابات أكثر تنافسية، من شأنهما أن يوقفا الانحدار الطويل الأمد في المشاركة. ولكن بدلاً من ذلك، بلغ الإقبال على التصويت أدنى مستوى له على الإطلاق، حيث بلغ 39.9% فقط من إجمالي 61.45 مليون ناخب، وضمن ذلك 1.2 مليون صوت باطل. وكان المرشد الأعلى علي خامنئي قد حث كل الإيرانيين المؤهلين على التصويت.
كذلك فقد كان من المتوقع ألا يتمكن بزشكيان من الفوز في الجولة الأولى إلا إذا بلغت نسبة المشاركة نحو 60%. ولكن بدلاً من ذلك، تصدر بزشكيان استطلاعات الرأي، وحصل على 10.4 مليون صوت، أي أكثر بمليون صوت من جليلي.
ومن المرجح أن تذهب أصوات المرشحين المحافظين الآخرين الذين خرجوا من الجولة الأولى إلى جليلي، لذا فإن الفوز في الانتخابات يظل مهمة شاقة بالنسبة لبزشكيان. فهو في احتياج ماس إلى إقناع أولئك الذين امتنعوا عن التصويت بأنهم لا يستطيعون تحمُّل عدم المبالاة يوم الجمعة، وأن رئاسة جليلي ليست في صالح إيران.
وهو يبذل قصارى جهده في هذا الصدد، حيث يقول: “أعلم أن النساء اليوم لا يرغبن في أن يقرر شخص آخَر زواجهن، وتعليمهن، ومهنهن، وملابسهن، وأسلوب حياتهن. إنهن يرغبن في اتخاذ خياراتهن الخاصة، ومن حقهن الطبيعي اتخاذ القرارات بشأن حياتهن. وأنا أحترم خياراتهن، وسأبذل قصارى جهدي لتوفير منصة لهن ليصبحن أفضل نسخة من أنفسهن”.
كما بذل بزشكيان قصارى جهده لإظهار تفهُّمه لأولئك الذين فقدوا الثقة بالعملية الديمقراطية. وقال: “إن ركيزة المجتمع هي شعبه. وعندما لا يذهب 60% من الناخبين إلى صناديق الاقتراع، فهذه مشكلة، والناس لديهم مشكلة معنا”.
وفي مناظرة تلفزيونية يوم الإثنين، قال إن الساسة في إيران يُنظَر إليهم باعتبارهم طبقة منفصلة. وأضاف: “إذا كنا نريد من الناس أن يتعاونوا، فلا بد أن يصدقوا أنني سأجلس على الطاولة نفسها التي يجلسون عليها، وأن أطفالي وأقاربي سوف يتم توظيفهم بالطريقة نفسها التي يتم بها توظيف أطفالهم وأقاربهم”. وتساءل بزشكيان عن سبب تعرض الطلاب الذين اشتكوا للضرب أو السجن.
وفوق كل ذلك، زعم أن جليلي، بالابتعاد عن الغرب، يقدم وصفة لمزيد من العقوبات، وتراجع سعر الصرف، والقمع. وقال: “نريد أن ننمو في العالم: كلما زاد تفاعلنا، كان بوسعنا أن نعيش حياة أفضل. دعونا نبدأ بجيراننا ثم نتقدم إلى أبعد ما نستطيع”.
واقترح بزشكيان، بدعم من وزير الخارجية السابق جواد ظريف، إعادة فتح المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن مستقبل الاتفاق النووي، وتحدى جليلي باستمرار بوضع خطته للاقتصاد إذا لم يتم رفع العقوبات.
ويحذّر بيمان جعفري، الأستاذ المساعد في جامعة وليام وماري بالولايات المتحدة، من أن جليلي يعرف دائرته الانتخابية جيداً، وأنه “حوَّل تركيزه إلى المناطق الريفية والفقراء في المناطق الحضرية من خلال الوعد بالدعم الاجتماعي، في حين اتهم بعض حلفائه بزشكيان بالتخطيط لزيادة أسعار الغاز. ولا توجد حتى الآن أي إشارة إلى أن التوتر المتزايد بين المرشحَين سوف يُترجم إلى إقبال أعلى بشكل ملحوظ يوم الجمعة”.
وقال إن إقناع الناخبين المتعبين، بضرورة عدم انتخاب جليلي يقع على عاتق بزشكيان. وأضاف: “أمامه بضعة أيام للقيام بذلك، لكن المهمة تظل شاقة”.