كتبت: رضوى أحمد
دعت أصوات إيرانية إلى إقامة علاقات سياسية مع الحكومة السورية الجديدة التي أعقبت رحيل بشار الأسد في الحكم، والتي يرأسها محمد البشير الذي تم تكليفه برئاسة حكومة مؤقتة، من جانب أحمد الشرع، قائد عمليات ردع العدوان في سوريا.
إذ قال محمد إيراني، الدبلوماسي السابق، والخبير الحالي في مجال القضايا الإقليمية، لصحيفة “خبر آنلاين” الإيرانية الإصلاحية، إنه “يجب أن نغير من سلوكنا في المنطقة؛ لأن البعض لا يثق في أنشطة إيران في المنطقة، وإن إقامة علاقة مع الحكومة السورية الجديدة أمر لا مفر منه، لأنها عضو في هذه المنطقة وهي في جوارنا الثاني، وأي تغيير هناك يمكن أن يكون له تأثير على العراق وعلى إيران؛ لذا يمكننا أن نبني علاقة على مبادئ محددة دولياً”.
وأضاف أنه “لحسن الحظ، لم تتخذ الحكومة الجديدة في سوريا موقفاً قائماً على الانتقام، فكلما ابتعدنا عن المواجهات العسكرية مع هذه الدول كان ذلك أفضل لنا، وعلينا أن نقبل أن الظروف قد تغيرت، وهذا يمكن أن يؤثر على تصميم خططنا وتوجهاتنا الجديدة للعلاقات مع جيراننا والمنطقة”، وذلك في تقرير نشرته يوم الأربعاء 11 ديسمبر/كانون الأول 2024.
الموقف الإيراني
بينما كان أول رد فعل رسمي لإيران عقب سقوط الأسد هو بيان وزارة الخارجية الإيرانية يوم الأحد 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، والذي جاء فيه أن موقف إيران المبدئي يتمثل في احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن تحديد مستقبلها يعود للشعب السوري دون تدخلات أجنبية، ويلزم بدء حوارات وطنية بمشاركة جميع أطياف المجتمع السوري، وتشكيل حكومة موحدة تمثل كل الشعب السوري.
وأوضح البيان أيضاً أن العلاقات بين إيران وسوريا (الأسد) كانت دائماً ودية، ومن المتوقع أن تستمر هذه العلاقات على أساس المصالح المشتركة، وأن إيران لن تتردد في المساعدة في إرساء الأمن والاستقرار في سوريا، ولهذا تقوم إيران بالتشاور مع جميع الأطراف المؤثرة في المنطقة.
ويبدو أن إيران جعلت استمرار العلاقة مع الحكومة الجديدة مرهوناً بأدائها وسلوكها، حيث صرحت وزارة الخارجية الإيرانية في بيانها بأن إيران ستتخذ التوجهات المناسبة مع مراقبة التطورات في سوريا والمنطقة عن كثب، وستأخذ في الاعتبار سلوك وأداء الجهات المسؤولة في سوريا.
وفي هذا الصدد، قال محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني، في تصريحات له خلال جلسة عامة، الخميس 12 ديسمبر/كانون الأول 2024، بحسب وكالة أنباء الجمهورية الإيرانية إيرنا إنه “أياً كان القرار الذي سيتخذه الشعب السوري، فسوف ننظر إلى تصرفات الحكومة التي سيتم تشكيلها في سوريا، وإذا لم يكن منهجهم هو داعش، ولا يسعون إلى الانسجام مع الصهاينة، فإن جهدنا هو توحيد الأمة الإسلامية”.
نبرة إيران تجاه الأسد
بالعودة إلى بداية التغير في النبرة الإيرانية -عقب سقوط الأسد- حول إقامة علاقة مع الفصائل السورية المعارضة لبشار، ففي يوم الاثنين 9 ديسمبر/كانون الأول 2024 نشرت وكالة رويترز للأنباء أن ثلاثة مسؤولين إيرانيين قالوا بأن طهران تسعى إلى إيجاد سبل دبلوماسية للتواصل مع من وصفهم أحد المسؤولين بأنهم “أعضاء في الجماعات الحاكمة الجديدة في سوريا ولهم وجهات نظر أقرب إلى إيران”.
وقالت رويترز: “إن طهران تواصلت مع مجموعتين ضمن القيادة الجديدة، وسيتم تقييم مستوى التفاعلات في الأيام المقبلة بعد اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وهو مؤسسة أمنية عليا”.
إيران والموقف من المعارضة
وبالعودة إلى موقف إيران من الفصائل المعارضة والتي كانت تسيطر على إدلب، وقد شكلت حكومة محلية أطلقت عليها حكومة الإنقاذ، لتدير منطقة إدلب التي قامت بتحريرها من أيدي بشار الأسد، فقد كانت إيران ترفض بالمطلق أي تفاهم مع هذه الحكومة، وكانت تعتبرها تهديداً لسوريا.
فقد سبق أن قال الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، في مؤتمر سابق له بحضور فلاديمير بوتين رئيس روسيا، ورجب أردوغان رئيس تركيا، بوجوب تطهير إدلب من الجماعات المسلحة المنتمية لجبهة النصرة (تحرير الشام) أو تنظيم القاعدة المتمركزة فيها، وكان ذلك بالتزامن مع هجوم قوات النظام السوري الوشيك على محافظة إدلب.
كما زعم روحاني أن عدداً كبيراً من داعش وجبهة النصرة في إدلب، يقومون بأعمال ضد الشعب السوري، ومن ناحية أخرى، قال: “إدلب حساسة، لأن الإرهابيين جعلوا الناس العاديين دروعاً بشرية لهم؛ لمواصلة حياتهم المشينة”.
وأضاف أن “التشاورات حول وقف إطلاق النار وخفض التوتر في إدلب هو أمر مؤقت، ويجب تطهير إدلب من الإرهابيين وإعادتها إلى السيادة الوطنية السورية”، نقلاً عن وكالة أنباء تسنيم الإخبارية الإيرانية المنشور في الجمعة 7 سبتمبر/أيلول 2018.
كذلك فقد سبق أن قال وزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف، في حكومة حسن روحاني، والذي يشغل حالياً منصب نائب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان للشؤون الاستراتيجية، في زيارة سابقة له للعاصمة السورية دمشق في عام 2018، إنه يجب “تطهير” المسلحين بشكل كامل من محافظة إدلب السورية.
حيث تزامن وجود ظريف في سوريا مع استعدادات واسعة النطاق لجيش النظام السوري وحلفائه لبدء عملية استعادة محافظة إدلب من سيطرة المعارضة المسلحة المتمثلة في جماعة تحرير الشام، بحسب تقرير راديوفردا المنشور في 3 سبتمبر/أيلول 2018.
تجدر الإشارة إلى وجود تخوفات من قبل إيران بشأن الفصائل المعارضة المسلحة في سوريا، وترى أن هيئة تحرير الشام هي امتداد لتنظيم القاعدة، ومن ثم لا تريد أن “تتورط” في علاقة سياسية رسمية معها، على الأقل في المرحلة الأولى من المشهد السياسي السوري الحالي.